ضربة "حفظ ماء الوجه" تنقذ إيران    العراق يعلن إعادة فتح مجاله الجوي    دراسة تكشف ارتفاع معدلات الإصابة بالتهاب المفاصل حول العالم    مجلس بنك المغرب يبقي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير ويتوقع تسارع النمو في 2025 إلى 4.6%    استمرار حملات الإغاثة المغربية لفائدة العائلات الفلسطينية الأكثر احتياجا في قطاع غزة    مدرب المنتخب النسوي يكشف معايير اختيار لائحة كأس إفريقيا    المغرب ينافس إسبانيا والبرازيل على استضافة مونديال الأندية 2029    قبيل حفله بموازين.. راغب علامة في لقاء ودي مع السفير اللبناني ورجال أعمال    الموت يُغيّب الممثلة أمينة بركات    في برنامج مدارات بالإذاعةالوطنية : وقفات مع شعراء الزوايا في المغرب    هيئات مدنية وحقوقية تطالب بفتح تحقيق في مالية وتدبير وكالة الجنوب    تعزية في وفاة الرمضاني صلاح شقيق رئيس نادي فتح الناظور    قطر توجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الهجوم الإيراني ضد قاعدة العديد    وزيرة الطاقة تكشف في البرلمان مشاريع الناظور لضمان الأمن الطاقي للمغرب    بركة يكشف للبرلمان: 7.9 مليار درهم لربط ميناء الناظور    أشرف حكيمي يتوج بجائزة أفضل لاعب في مباراة باريس سان جيرمان وسياتل ساوندرز الأمريكي    "مرحبا 2025" تنطلق من الحسيمة.. استقبال حافل لأولى رحلات الجالية من إسبانيا    إحباط تهريب دولي ضخم بالمغرب.. 3 أطنان من المخدرات كانت على وشك الإبحار    الناظور.. السجن والغرامة في حق المتهم الذي كذب بشأن مصير مروان المقدم        المغرب وتركيا يتفقان على شراكة تجارية جديدة تعيد التوازن للميزان التجاري        انعقاد مجلس الحكومة بعد غد الخميس لتدارس مجموعة من مشاريع القوانين        الرشيدي يجتمع بوفد من البنك الدولي ويستعرض المنجزات الاجتماعية وجهود النهوض بالأشخاص في وضعية إعاقة    زغنون: في غضون شهرين ستتحول قناة 2m إلى شركة تابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    نادر السيد يهاجم أشرف داري: "إنه أقل بكتير جدًا من مستوى نادي الأهلي"    ترامب يطالب إسرائيل بعدم إلقاء المزيد من القنابل على إيران    الهولوغرام يُعيد أنغام عبد الحليم حافظ إلى الحياة في مهرجان موازين    في مهرجان موازين.. هكذا استخفت نانسي عجرم بقميص المنتخب!    لفتيت مطلوب في البرلمان بسبب تصاعد ظاهرة "السياقة الاستعراضية" بالشواطئ المغربية    إسرائيل تعلن رصد إطلاق صواريخ إيرانية بعد إعلان وقف إطلاق النار وطهران تنفي    مصر تعلن استئناف حركة الطيران بشكل تدريجي بينها والكويت وقطر والسعودية والإمارات    الوداد يطمئن أنصاره عن الحالة الصحية لبنهاشم وهيفتي    بوغبا يترقب فرصة ثمينة في 2026    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    ترامب يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار شامل بين إسرائيل وإيران    كأس العالم للأندية .. الأهلي خارج المنافسة وإنتر ميامي يصطدم بباريس    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولاتها على وقع الأخضر    ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها    وفد من مؤسسة دار الصانع في مهمة استكشافية إلى أستراليا لتعزيز صادرات الصناعة التقليدية المغربية على الصعيد الدولي    رمسيس بولعيون يكتب... البرلماني أبرشان... عاد إليكم من جديد.. تشاطاراا، برويطة، اسعادات الوزاااار    توقعات حالة الطقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    "بي واي دي" الصينية تسرّع خطواتها نحو الريادة العالمية في تصدير المركبات الكهربائية    بركة: انقطاعات مياه الشرب محدودة .. وعملية التحلية غير مضرة بالصحة    الهلال السعودي يتواصل مع النصيري    الحسيمة تترقب زيارة ملكية خلال الأيام المقبلة    "تالويكاند" في دورته الرابعة.. تظاهرة فنيّة تحتفي بتراث أكادير وذاكرتها    هذه تدابير مفيدة لتبريد المنزل بفعالية في الصيف    موازين 2025.. الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تمتع جمهورها بسهرة متميزة على منصة النهضة    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمصان الصفراء.
نشر في أكادير 24 يوم 14 - 12 - 2018

حركة القمصان الصفراء التي اجتاحت فرنسا نهاية شهر نونبر 2018، احتجاجا على عزم الحكومة الزيادة في الضرائب على المحروقات، انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دون تأطير من النقابات والأحزاب، بمعنى أنها تأكيد على دخول جماهير الهامش إلى منطقة صنع القرار كما يقول عبدالله الغذامي، حيث أكد أن ثقافة الصورة حدت من سلطة النخبة وأسقطت الرموز: « إننا اليوم أمام غالبية شعبية كانت في السابق لا تملك وسيلة للتعبير عن ذاتها (…) وهي الآن وضعت يدها على الوسيلة التي تعبر بها عن نفسها وهذا كسر العقدة المألوفة حيث كانت الثقافة والمعرفة من خصائص النخب دون الجماهير ». هذه التغيرات أدت إلى ظهور رأي عام غير محكوم بزعامة أو قيادة معينة وهو عبارة عن أصوات ظلت لعقود مغيبة في الهامش، واليوم صار بإمكانها المطالبة بالاعتراف بفضلها وإرضائها واحترامها والتشاور معها، فهذه الجماهير صورة عن الجمهور المعارض الذي يحس أنه مهمش وأقل تمثيلا كما يؤكد ستيف كولمان، وقد وجدت اليوم ذاتها في وسائل التواصل الاجتماعي وبالتالي تمكنت من وسيلة تمكين ووجود.
إن عدم وجود قادة وزعماء لهذه الحركة يؤكد ما ذهب إليه الغذامي حين قال: « لأول مرة في تاريخ البشرية نجد أنفسنا عاجزين عن رؤية أو تسمية قادة حقيقيين يقودون الناس ويؤثرون عليهم ،ومع ذلك نجد الناس يتأثرون بشكل جماعي وبتوقيت واحد (…) مما يعني أننا أمام تغيير لا يمكن أن نقول إنه فوضوي بل انتظامي ومحكم وشمولي ».
ثقافة الاحتجاج وإن أججتها ثقافة الصورة التي هي ثقافة المهمشين وثقافة الرفض، تجد لها في فرنسا إرثا طويلا من الاحتجاج بدءا بالثورة الفرنسية 1798 وثورة الطلبة 1967 ، كما تجد لها إرثا ثقيلا من التنظير السياسي والثقافي بدءا بمونتيسكيو وروسو وانتهاء بسارتر وكامي وبورديو الذي ولو وضعنا هذه الحركة في ظل فكره، لتأكدنا أنها مطالب احتجاجية اجتماعية طبقية وأنها نتيجة عادية للتحكم في وسائل الإنتاج، ورد فعل طبيعي على الاستبعاد الليبرالي ورفض لأنماط إعادة الإنتاج .بمعنى أنها استمرار لصراع طبقي بين الهامش والمركز، وهو ما ذهبت إليه عالمة الاجتماع الفرنسية مونيك بانسون شارلو في فيديو منتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، حين قالت: » إن الفرنسيين يساندون حركة السترات الصفراء لأنها تكونت على أساس طبقي، إنهم من الطبقات الفقيرة التي همشتها الدولة (…). السترات الصفراء فكرة جيدة طالما الفرنسيين يملكون سترات صفراء في سياراتهم، إنهم ليسوا في الضواحي، بل قرب الاليزيه. الشعب الفرنسي في حاجة الى ديمقراطية تشاركية وعدالة اجتماعية تلغي الفوارق الطبقية وتجعل وسائل الانتاج التي تملكها الشركات الخاصة في يد الجميع ».
صحيح ما قامت حركة القمصان الصفر من تخريب وتدمير وحرق للممتلكات العمومية، يؤكد أنها لم تكن حركة استثنائية، وبالتالي لم تخرج عن الحركات الجماهيرية عبر التاريخ، مما يجعلها تدخل ضمن جماهير غوستاف لوبون، الذي قال إن الجماهير دائما جماهير نفسية، نزقة، لاعقلانية ولا واعية وأحيانا مجرمة وهمجية، وذلك لأنها تخضع لنفس المحرضات وتقع تحت نفس التأثيرات وتوحد بينهما نفس الانفعالات، وهوما يطلق عليه لوبون الجماهير الخاضعة لقانون الوحدة العقلية او التي تمتلك وحدة ذهنية.‬‬‬‬‬‬‬‬ والتي تسير وفق الوهم ووفق غرائزها الثورية. لكن ما يشفع لها أنها نجحت في تحقيق مطالبها حيث اضطرت الحكومة إلى التراجع عن فرض الضرائب، كما اضطر الرئيس الفرنسي إلى الاعتذار للشعب وإعلان الزيادة في الأجور وإعلان حالة طوارئ اقتصادية في البلاد. وهي نتائج قد لا ترضي المحتجين الدين يطالبون باستقالة الرئيس.
لكن ماذا لو وضعنا هذه الحركة افتراضيا في عالمنا العربي ؟ كيف كانت ستوصف. علما أنه رشحت أنباء عن اعتقال حقوقي مصري لارتدائه قميصا أصفر، ومنع محلات البيع من ترويجها. فلو وقعت في ليبيا القدافي مثلا لاتهمهم القائد بالجرذان وتساءل: من أنتم؟ ولو وقعت في اليمن السعيد لقال لهم الرئيس السابق قولته الشهيرة: فاتكم القطار. ولو وقعت في سوريا لأخرج الرئيس الذبابات واعتبرهم إرهابيون من النصرة وداعش. ولو ظهروا في تركيا لسجنوا جميعا بدعوى انتمائهم لجماعة غولن.
لكن لو ظهر أصحاب السترات الصفراء في المغرب لاجتمعت الأحزاب ووقعت بيانا تتهمهم بالانفصال، ثم يخرج من يتهمهم بالتنسيق مع الخارج وخاصة حزب الله، في حين سيصفهم رئيس الحكومة السابق بالمداويخ والطبالة والغياطة، على أن يتكلف حامي الدين بوصفهم بعبدة الشيطان كما وصف الأساتذة المتدربين، أما لشكر فسيعتبر أن الضرائب لصالهم مثل الساعة الإضافية ،في حين سيرد السلفيون بأن هذه فتنة والفتنة أشد من القتل. وذلك كله في انتظار أن تأتي فتوى من أكادير تعلن أن احتجاجات أصحاب السترة الصفراء يفسدون على المواطنين لذة ووقت الجماع ….


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.