عجزت التلميذة أسماء عن مقاومة سحر الأوراق النقدية التي حصلت عليها من زميلاتها اللواتي اعتادت إمدادهن ب«لمعجون» وحبوب «لقرقوبي»، فقررت عدم الاكتفاء بالعمولة التي تحصل عليها من زعيمها، والتمرد عليه بالاستيلاء على الأرباح بأكملها، ليأتي الانتقام السريع من المروجة عقابا لها على طمعها. تغيرت طباع أسماء بعد أن أصبحت مدمنة على المخدرات، بل وحتى مظهرها، بحيث اختفت من وجهها ملامح البراءة والطفولة، وتحولت من فتاة هادئة إلى أخرى شديدة العصبية، تصدر عنها سلوكات عنيفة في حق زملائها، الأمر الذي كان يدفع بأساتذتها في كثير من الأحيان إلى طردها من القسم كان تعاطي حبوب الهلوسة وبعض أنواع المخدرات، الوسيلة المثلى بالنسبة لأسماء للهروب من مرارة الواقع والحياة التعيسة التي تعيشها داخل بيت الأسرة، نتيجة المعاملة السيئة التي تتعرض لها على يد أب مدمن على المخدرات والكحول، لا يتقن سوى لغة العنف. تمكنت التلميذة من ربط علاقات متينة بعدد من المروجين، حتى أصبحت فيما بعد من الزبناء المفضلين لهم، تستفيد من خدماتهم بشكل منتظم وبأقل الأسعار والتكاليف، إلى أن تحولت بدورها إلى مروجة في قلب الثانوية حيث تدرس، بعد أن نجح المروج الذي تتعامل في إقناعها باستثمار علاقاتها وصداقتها داخل الثانوية في ترويج أنواع من المخدرات في صفوف التلاميذ والتلميذات مقابل الحصول على عمولة تضمن لها اقتناء حاجياتها الخاصة من المخدرات. لم تجد الفتاة أية صعوبة في استدراج صديقاتها نحو شرك الإدمان والحصول منهن على مبالغ مالية مهمة، كان المروج الرئيسي يأخذ من تلك المبالغ حصة الأسد، بينما يجود عليها بأموال قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع. وجدت المروجة الصغيرة نفسها في أحد الأيام عاجزة عن مقاومة سحر الأوراق النقدية التي استلمتها من زميلاتها المستفيدات من خدماتها، فقررت في لحظة ضعف الاستيلاء على الأرباح بأكملها، بعد أن أعماها الطمع، والرغبة في تعويض الحرمان الذي لازمها منذ ولادتها باقتناء كل ما تشتهيه نفسها من ملابس. كانت أسماء تدرك أن المروج سوف يتصل بها في ذلك اليوم لمطالبتها بالمبلغ، ما جعلها تقرر إغلاق هاتفها النقال حتى تتفادى التحدث إليه، وتحرص على الاختفاء عن الأنظار والبقاء في منزل أسرتها لبضعة أيام، اعتقدت أنها ستكون كافية لإنقاذها من المروج. عادت التلميذة إلى مقاعد الدراسة واستأنفت نشاطها بشكل عادي داخل الثانوية بما تبقى في حوزتها من بضاعة، كانت تخفيها داخل منزل أسرتها، فحرصت على بيعها وترويجها بين زملائها والحصول على ثمنها منهم بشكل يومي في مدخل الثانوية، لتعود إلى البيت بمجرد انتهاء مهمتها. أسماء التي كانت واثقة من أنها أفلتت من قبضة المروج، لن تدرك عواقب فعلتها إلا في اليوم الذي سيباغثها فيه أحد الأشخاص بضربة سكين على مستوى الوجه كادت تودي بإحدى عينيها لولا لطف الأقدار، بعد أن انفرد بها بأحد الشوارع الخالية من المارة، ونقل إليها رسالة من المروج تحمل بين طياتها الكثير من التهديد. كانت صدمة الأم قوية بمجرد أن رأت الجرح على وجه ابنتها التي عادت إلى المنزل وهي ترتجف من شدة الخوف، واستبد بها القلق بعد أن أخبرتها أسماء بالسبب الحقيقي وراء تعرضها لذلك الاعتداء، لتقرر الأم المغلوبة على أمرها بعد اكتشاف السر الذي حرصت على إخفائه الإبنة، الاكتفاء بمنع الأخيرة من الخروج بمفردها خوفا من تعرضها للاعتداء ومن أن ينفد «لبزناس» تهديداته.