اعتقال البرلماني الحركي السابق أحمد شدا بعد جلسة تحقيق مطولة أمام القضاء    بإذن من أمير المؤمنين .. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته الربيعية العادية    النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المسطرة الجنائية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الترخيص لأول مقاولة للخدمات الطاقية بالمغرب    حجيرة: أمريكا الوجهة الأولى لصادرات الصناعة التقليدية المغربية    من أجل استعادة حقوقهم.. عمال شركة "سامير" يحتجون الاثنين المقبل بالدار البيضاء    اجتماع الرباط يعزز الزخم الدولي بشأن حل الدولتين    الوداد ينفصل عن المدرب الجنوب إفريقي موكوينا    طائرة خاصة تقل نهضة بركان إلى تنزانيا لملاقاة سيمبا في النهائي    إحالة متهم بالتغرير بقاصرات ومحاولة اغتصاب على النيابة العامة.. أربع ضحايا تتراوح أعمارهن بين 7 و12 سنة    في مجاز الغيم: رحلة عبر مسجد طارق بن زياد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    الدولار يواصل التراجع لليوم الثاني أمام العملات الرئيسية    رئيس الحكومة أمام مجلس المستشارين    الإماراتية ترسل مساعدات لقطاع غزة    ألمانيا تفكك خلية إرهابية متطرفة    واشنطن تُعيد رسم سياستها تجاه سوريا: دعم مشروط ولقاءات رفيعة المستوى تمهد لمرحلة جديدة    تعاون مغربي-أمريكي يجسد الجاهزية العسكرية خلال مناورات الأسد الإفريقي 2025    زيدان: "ماسترات قيلش" لا تمثل التعليم.. وحكومة أخنوش الأعلى مردودية    لقاء دبلوماسي بطابع ودي جمع ولي العهد المغربي آنذاك وسفير الصين سنة 1992    حكيمي ضمن تشكيلة الموسم في أوروبا    هذه تفاصيل إجتماع المجلس الاستشاري مع المكتب الحالي للرجاء بخصوص إنشاء شركة رياضية للنادي    المغرب يعزز التعاون مع بوركينا فاسو في مجال الأمن العسكري    سطات.. "بزناسة" يطلقون الرصاص على الأمن    العثور على جثة امرأة في ثانوية والتحقيق يقود إلى اعتقال الزوج    إنذار رسمي لأرباب المقاهي بالناظور.. الأرصفة يجب أن تفرغ قبل الخميس    إيداع رئيس جماعة بني ملال السابق سجن "عكاشة" رفقة مقاول ومهندس    إصلاح الجامعة ضرورة ملحة    الدفع بالبطاقات البنكية يتفوق على الدفع النقدي في أوروبا    ترامب يعلن بناء الولايات المتحدة درعا صاروخية تحت مسمى "القبة الذهبية"    الاتحاد العام لمقاولات المغرب يطلق علامة "المقاولة الصغرى والمتوسطة المسؤولة"    الأمن المغربي يكشف عن سيارة ذكية تتعرف على الوجوه وتلاحق المبحوث عنهم في الميدان    لقجع لنجوم منتخب الشباب: الجماهير المغربية كانت تنتظر أداءً أكثر إقناعًا واستقرارًا    طقس الأربعاء: أجواء حارة نسبيا بعدد من المناطق    ناصر بوريطة: البعض يزايد باسم فلسطين دون أن يقدّم حتى كيس أرز    المغاربة... أخلاق تُروى وجذور تضرب في عمق التاريخ    سي إن إن: معلومات أمريكية تشير إلى تجهيز إسرائيل لضربة على منشآت نووية إيرانية    إيقاف دراجة نارية قادمة من القصر الكبير ومحجوزات خطيرة بالسد القضائي    وفد من مركز الذاكرة المشتركة يزور الشيخة الشاعرة والمفكرة سعاد الصباح    الوداد يفسخ عقد موكوينا بالتراضي    لقجع يحث "الأشبال" على الجدية    حديث الصمت    بعد مشاركتها في معرض للصناعة التقليدية بإسبانيا.. مغربية ترفض العودة إلى المغرب    نقل إياب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم إلى زنجبار    تلك الرائحة    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    هذا المساء في برنامج "مدارات" : لمحات عن علماء وأدباء وصلحاء منطقة دكالة    نداء إلى القائمين على الشأن الثقافي: لنخصص يوماً وطنياً للمتاحف في المغرب    مسرح رياض السلطان يواصل مسيرة الامتاع الفني يستضيف عوزري وكسيكس والزيراري وكينطانا والسويسي ورفيدة    مستشفى صيني ينجح في زرع قلب اصطناعي مغناطيسي لطفل في السابعة من عمره    تفشي إنفلونزا الطيور .. اليابان تعلق استيراد الدواجن من البرازيل    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلى المؤتمر السابع عشر لحزب الاستقلال... (2)
نشر في أخبارنا يوم 28 - 03 - 2017

لم أكن أعرف بأن الزمن السياسي لا يقاس بالأيام و الشهور و السنين، و لكن يقاس بتعاقب و تسلسل الأحداث و المواقف. و لم أكن أعرف أن سبعة أيام في الزمن السياسي قد تصبح دهرا، و قد تحدد مسار حزب بأكمله. فالكتابة بأمانة و صدق على مؤتمر حزب الاستقلال ، يتطلب أن تكون تشبه راعي البقر " لوكي لوك" في سرعته، هو يطلق رصاصته أسرع من ظله و أنت عليك أن تطلق قلمك أسرع من توالي الأحداث التي تتغير في ثواني و دقائق. و إلا ستعيش أثناء الكتابة زخم المشاعر المتناقضة بين ما كنت تفكر فيه قبل أسبوع أو قبل ساعة أو ساعتين و بين ما تفكر فيه اللحظة و ما قد تفكر فيه غدا. و قد تجتاحك في ظرف وجيز مشاعر متباينة، من التفاؤل إلى التشاؤم و من التشاؤم إلى التفاؤل. و من الأمل إلى القنوط و من القنوط إلى الأمل، و من الحماس إلى الفتور و من الفتور الى الحماس. و ربما هذا ما حصل معي بالضبط. فأصابني بعض الاضطراب. لا أعرف هل سأكتب عن مشاعر الحماس و الفرحة التي عشتها السبت الفارط؟ أم عن مشاعر الخوف و الريبة التي اجتاحتني فجأة هذا السبت بدون سبب واضح؟

فقبل سبعة أيام، في يوم السبت، في مدينة طنجة، مدينة الخبز الحافي، و مدينة أكبر ميناء متوسطي بشمال إفريقا، و المدينة التي دشن فيها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله أكبر مدينة صناعية بشمال إفريقيا، عشت لقاءا سياسيا جدد الأمل الراكد في أعماقي. حيث اجتمعت قيادات استقلالية من جهة الشمال لتدعم ترشيح الأخ نزار بركة للأمانة العامة لحزب الاستقلال.

عندما أخذ الأخ نزار بركة الميكروفون و تحدث، انتابني شعور مبهج بأن المغرب بخير، و بأن المغرب به رجالات قادرون على قيادة تغيير ناعم و شمولي و قادرون على فهم أصل المشاكل التي نتخبط فيها فجعلتنا نعيش في وهم و زيف الصراعات التي أنهكتنا و أدخلتنا في حالة من الإحباط و القنوط، هذه الحالة التي لم يستثنى منها أغنياؤنا و فقراؤنا، رجالات أعمالنا و موظفينا، سياسيينا و فئة العازفين، الشباب و الشيوخ و الأطفال، الفقهاء و أصحاب الحانات ... هذا الاحتقان الاجتماعي الداخلي الذي لمسنا أثره بحالات الانتحار المرتفعة في السنوات الأخيرة. فأخذنا لأول مرة في المغرب نسمع بأطفال ينتحرون و بموظفون و مسئولون ينتحرون و برجال أعمال ينتحرون و بأمهات تنتحرن و بشباب ينتحر و عجزة ينتحرون و فقهاء ينتحرون و أصحاب حانات ينتحرون... يسقطون أرواحهم اتباعا و يخلفون وراءهم أكثر من سؤال بدون جواب.

لهذا، تأثرت كثيرا بخطاب الأخ نزار بركة عندما استعرض مشروعه السياسي بهدوء و بمعطيات دقيقة بعيدا عن منطق الصراع و الشخصنة ، مؤكدا أكثر ما مرة بأن حزب الاستقلال كبير و يجب أن نراه كبيرا و لا ينحصر في أشخاص أو تنظيمات، و لكنه حزب يقدم حلولا لجميع المغاربة على حد سواء دون أن يقصي أي طرف. و عندما أكد الأخ نزار بركة بأنه لا و لن يشخصن و ليست له عداوة مع أحد و بأنه يراهن على أن يدخل حزب الاستقلال إلى المؤتمر قويا و موحدا و بأنه يحترم الأخ حميد شباط كأمين عام و لكن من حق الجميع المشاركة في تقييم المرحلة بإيجابياتها و سلبياتها في نقاش حر . و عندما أكد الأخ نزار بركة بأن التحدي الذي سيواجهه حزب الاستقلال هو في تموقعه بالمشهد السياسي المغربي مستقبلا خاصة أن حزب العدالة و التنمية ألة انتخابية منظمة و له إمكانيات مادية هائلة و يشتغل بانتظام، و حزب الاصالة و المعاصرة له موقعه في الساحة السياسية، و السيد عزيز أخنوش عازم على هيكلة و تقوية حزب الأحرار. و عندما أكد الأخ نزار بركة بأن حزب الاستقلال له الكثير من المؤهلات و الكفاءات التي ستمكنه من احتلال الصدارة مستقبلا، و عندما أكد الأخ نزار بركة بأنه مشاكل الحزب الداخلية و مشاكل المغرب الاجتماعية و الاقتصادية لا يمكن حلها إلا بالانكباب في العمل و عبر توحيد جميع الطاقات و تشجيعها في مشروع واضح و عبر تغليب مصلحة الوطن، أما تبادل الاتهامات و القذف و خطابات التخوين فإنها لا و لن تحل مشاكلنا بل هي جزء من المشكل.

منذ سنوات، لم أسمع خطابا سياسيا يتضمن مشروعا و أفكارا نعمل من أجلها جميعا. كما أنني كنت مقتنعة تماما بأن الصراعات و التصادمات و الخلافات هي مضيعة للطاقات و أن المغاربة في النهاية متشابهون و يعانون جميعهم من نفس المشاكل مهما اختلفت مواقعهم في الظاهر، و بأن المغاربة ليسوا أعداء لبعضهم البعض و آن الأوان لخطاب يوحد الطاقات و يدعو إلى العمل و تشجيع بعضنا البعض من أجل بناء مجتمع و مغرب قوي بدل سياسة التحطيم و الإقصاء و " زرب علي نزرب عليك".

و قد يكون هذا هو منطلق الاختلاف مع الأخ الأمين العام حميد شباط. فلا أحد ينكر بأن الأخ حميد شباط مناضل صبور و قوي، و أنه جاب المغرب طولا و عرضا من أجل تنظيم حزب الاستقلال، و بأنه و إن كان لم يحصل على نتائج ايجابية فلا أحد يستطيع أن يطعن في روحه الاستقلالية و في تضحياته من أجل الحزب. و لكنه اشتغل بمنطق تصادمي صرف، فخلق عداوات و ولاءات و جماعات و تكتلات في قلب الحزب، فعاش مناضلو الحزب في تصادم دائم مع بعضهم البعض، فانتقلوا من منطق التعاون إلى منطق الإقصاء و الصراع. كما خلق عداءات و تصادمات مع مختلف الأحزاب مما جعل حزب الاستقلال و لأول مرة يسقط في سجال عقيم مع محيطه مما أفقده هيبته و رزانته التي كان معروفا بها. و لهذا من الطبيعي أن يقول لسان حال الاستقلاليين للأخ الأمين العام حميد شباط: " بركة".

خطاب الأخ نزار بركة لم يلق الترحيب من القيادات الاستقلالية فقط، بل حتى من القواعد. و يظهر ذلك جليا من اللقاء الذي نظمه غده الأحد بمدينة تطوان بحي التقنية، في منزل أحد المناضلين الاستقلاليين أبناء العائلة الاستقلالية، و الذي حضره أكثر من ستين مناضل و مناضلة. إذ تجاوب الجميع مع خطاب الأخ نزار بركة و هم يرددون بأنهم اشتاقوا لخطاب سياسي هادئ و عقلاني يعكس روح حزب الاستقلال و فكر علال الفاسي.

لحظتها، شعرت بالتفاؤل، و بأن حزب الاستقلال سيأخذ مساره الصحيح، و بأن الممارسة السياسية سيصبح لها معنى، و بأن حزب الاستقلال سباق لإعطاء الدروس و النموذج حول فن التدبير السياسي للمراحل لمختلف الفرقاء السياسيين. و بأن مختلف الاستقلاليين سيفكرون في سمعة حزبهم و قوة حزبهم و في وحدتهم و سينخرطون في حملات انتخابية تهم البرامج و المشاريع و ما نريده من حزب الاستقلال و كيف نراه بدل الانكباب في شتم و تقزيم و إضعاف الآخر. و لكني اصطدمت بحرب البلاغات و البلاغات المضادة التي أصدرتها القيادات الاستقلالية فيما بينها، و بالكم الهائل من المقالات الصحفية السلبية على صفحات الجرائد و هي تتنبأ بانفجار البيت الداخلي لحزب الاستقلال، و بالحرب الفايسبوكية بين المناضلين على صفحاتهم و في أغلبها تفتقد لأبجديات الحوار و الاحترام المتبادل، فشعرت بالقنوط، و بدا لي بأن مشروع الأخ نزار بركة لم يلتقط من طرف الكثيرين، و بأن الحلم الاستقلالي مازال بعيدا و بأن الطريق إلى المؤتمر ما زال شاقا، و لكن و مع ذلك، لي الثقة في أبناء المدرسة الاستقلالية و أراهن على فطنة المناضل الاستقلالي و غيرته على حزبه. و غدا لنا لقاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.