سقوط شخص من الطابق الرابع لمنزل سكني بطنجة    اليهود المغاربة يطالبون بإعلان رأس السنة العبرية عطلة رسمية وطنية    "حزب الكتاب" يدافع عن آيت بوكماز    تسريب بيانات أفغانية يكشف هويات جواسيس ونخبة من القوات البريطانية    إدانات دولية للهجوم الإسرائيلي على سوريا والشرع: "لسنا ممن يخشى الحرب"    تقرير: الهلال يقنع بونو بتمديد العقد    بعيدا عن قضية الصحراء المغربية .. التعاون يتقوى بين إسبانيا وموريتانيا    وزير الثقافة يعزي في وفاة الفنانين الأمازيغيين صالح الباشا وبناصر أوخويا    رئيس الفيفا ينعي بأسى وفاة أسطورة الكرة المغربية الراحل أحمد فرس    فيلدا: لبؤات الأطلس عازمات على حسم بطاقة التأهل إلى نصف نهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات    ولد الرشيد يستقبل الرئيس السابق لجنوب إفريقيا وزعيم حزب "أومكونتو وي سيزوي" جاكوب زوما    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا للجنة الوطنية لمتابعة ملف التقاعد                    لطيفة رأفت تحضر المحاكمة .. وشاهد يكشف رقص الناصري ليلة الطلاق    حصيلة دامية في السويداء: 500 قتيل    الشغف الموسيقي يصدح من كورنيش ابي رقراق    محمد رضا يطلق "كشكول شعبي" يحتفي بالتراث بروح عصرية مدعومة بالذكاء الاصطناعي    طنجة.. توقيف رجل تنكّر في هيئة امرأة لمحاولة إصدار بطاقة هوية وتسجيل رضيع    مؤسسة الرعاية الاجتماعية مركز الأمل الجديدة تحتفي بتلاميذها المتفوقين    افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية    السلطات السويسرية تدعو مواطنيها إلى أخذ الحيطة من الكلاب الضالة في المغرب    تدشين توسعة مصنع «ستيلانتيس» بالقنيطرة    وداعا أحمد فرس    مؤسسة وسيط المملكة تلقت أزيد من 13 ألف شكاية وتظلم وطلب تسوية ومبادرة تلقائية خلال سنتي 2022 و2023    بيلينغهام يغيب حوالي ثلاثة أشهر عن ريال مدريد بعد جراحة ناجحة في الكتف    الجيش الفرنسي يغادر السنغال مُنهيا وجوده الدائم في غرب إفريقيا    الحكومة تصادق على مشروع قانون إحداث المؤسسة المحمدية لقضاة وموظفي العدل    البلاوي: التحديات الوطنية والدولية تتطلب من فضاء النيابة العامة التأهيل على مستوى الممارسة القضائية    النفط يستعيد توازنه بدعم من انتعاش الاقتصاد الأمريكي    القضاء الفرنسي يأمر بالإفراج عن اللبناني جورج عبدالله بعد 40 عاما في السجن    الأهلي يتعاقد مع اللاعب المغربي أيوب عمراوي ل 3 مواسم    بورصة الدار البيضاء تغلق على وقع الارتفاع        موقع "الأول" يتوج بجائزة الصحافة البرلمانية لسنة 2025    رئيس الحكومة وسؤال السنة المرجعية وصدقية الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية (12)    إقليم زاكورة يستعد لاحتضان الدورة ال4 للملتقى السنوي للجالية المغربية بالخارج    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تزنيت تحتضن ندوة وطنية حول المجوهرات المغربية: تثمين التراث ومواكبة تحديات التحديث والتسويق الدولي    الرجاء يحصّن عرينه بخالد أكبيري علوي    المغرب، بقيادة جلالة الملك، يؤكد مكانته كقوة اقتصادية صاعدة (رئيس البنك الإفريقي للتنمية)    دراسة تكشف أكبر فجوات الأجور في تسع دول غربية متقدمة    من حضن جدّته إلى قميص ميسي .. لامين يامال يبدأ رحلته الذهبية مع برشلونة    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    مسؤول فلسطيني يشيد بالدعم الدائم للمغرب بقيادة جلالة الملك للقضية الفلسطينية    بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    ماذا لو كان للشعب قادة؟؟؟    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النفاق الدولي والإعلام العربي المساند
نشر في أخبارنا يوم 16 - 06 - 2017

وأنتَ تتابعُ الأحداثَ المتسارعةَ التي تُميز عالمَ اليوم، تنتابكَ حالةٌ من الجنونِ والغثيانِ لهولِ المُتناقضات فيها، فتتمنّى لَوْ لَم يتم اكتشافُ التلفازِ في يومٍ من الأيام، أو أنَّ اختراعَ الراديو لمْ يرَ النور قطّ، بلْ وتُحنُّ لأيّامِ الزمن الجميلِ حينَ كان الاتصالُ بالشبكة العنكبوتية مقطوعاً، وعلى إثْرهِ كان حبلُ الود والإنسانية موصولاً بين الناس، بلْ وأصبحتْ أيادينا ترتعدُ وهي تتأهّبُ لالتقاط الريمونتكنترول، أو لضبط تردّد موجةِ إذاعةٍ ما، رُبما لأنها تعلمُ أنّ الضغط الدّموي على موعدٍ مع صعود صاروخي لا محالة مع أول محاولةٍ للبحث في القنوات الفضائية عن شيءٍ يستحقُّ المشاهدة، وسرعانَ ما تَصفعكَ أنباءٌ بالخط العريضِ أقلُّ ما يُقال عنها أنها استفزازيةٌ إلى أبعدِ مَدى ...الرئيسُ الفرنسيُّ ماكرون يُهدّد بالتدخلِ في سوريا واستعمالِ القوةِ ضدَّ نِظامِ الأسدِ في حال اسْتخدمَ هذا الأخير السلاحَ الكيماوي ! .. صباحُ الخير يا ماكرون، ربما لم تستفقْ بعدُ من صدمةِ كُرسيِّ الرئاسة، هل تعلمُ أنَّ الكيماوي حصدَ المئاتِ من الأبرياءِ السوريين مراتٍ عِدّة، والموتُ لا ينتظر قدومَكم المبارك إلى سوريا حتى ينشرَ جناحيهِ على كل من هبّ ودبّ هناك، فالكيماوي قام بالواجب وأكثر حين كُنتَ تقضي ليالي السمر مع عَشيقتكَ بريجيت على ضفة نهرِ السين، وتتجولُ برُفقتها في شوارعِ باريس المُضيئة، وسرعانَ ما يقفزُ مُؤشّرُ الضغطِ الدمويّ إلى 15 مُعكرا مِزاجك، فتحاولُ الانتقالَ إلى قناةٍ أخرى لعلّكَ تجدُ ضالّتك، غير أن الصدمةَ هي كل ما ينتظركَ مع أولِ خبرٍ ينفجرُ في وجهكَ كالصاعقة، الولاياتُ المتحدةُ الأمريكية تستعدُّ لتسليمِ إيران أول دُفعةٍ من طائراتِ البوينغ العملاقة!! ففي الوقتِ الذي تُحذّرُ فيه أمريكا إيران من مَغبّةِ تطوير السلاح النووي وتعزيز قدراتها العسكرية والملاحية، ووقّعتْ مؤخرا صفقاتٍ بالملايير من أجل ضمان استقرارِ المنطقةِ من أخطارها، ها هي تبيعُ لطهران وبكل عفوية وبراءة سرباً من طائرات البوينغ المتقدمة... فيرتفعُ مستوى الضغط الدموي إلى 16 وتزدادُ سرعة ضربات القلب، وتجدُ نفسكَ باحثاً عن زر الخلاصِ بكل إصرارٍ لتُنقذ نفسك من صُداعٍ مُدوي يكادُ يُكسرُ رأسك، ولا داعي للتمادي في البحث فلنْ تجدَ غير تناقضاتٍ صارخةٍ قد تُؤدي بكَ إلى السّكتةِ الدماغية لا سمحَ الله، بعد أن يرتفعَ مؤشرُ الضغط إلى أعلى مُستوياته.

خليطٌ من النفاق لا أول له ولا آخر، فقَدَ لباسَ العيبِ فَغدا أمراً عادياً تُحاكُ خيوطهُ على مرأى ومسمعٍ من الجميع، نفاقٌ أصبحَ من الصعب جدا فصلُ مُكوناته ومُعالجته بعد أن صارَ كتلةً واحدةً متراصةً تحاولُ فرضَ صورةِ المصداقية والنيّة الحسنة تُجاه

العالم شاءَ من شاء وأبى من أبى، يُحاولون إِرغامَ المواطنِ المستسلمِ الفاقدِ للأمل والمقبور في مشاكله وتعاسته على فهمِ متغيراتٍ وسيناريوهاتٍ دوليةٍ معقدة هو في غنى عنها، لا تستوعبُها سوى أذهانُهم ولا تتجسّدُ سوى في مُخيلاتهم هُم دون سِواهم، ولا ضيْرَ من تغيير الخطاب وانقلابٍ بزاويةِ 360 درجة إذا كانت المصلحةُ في ذلك قائمةٌ ومضمونة، وقد يخاطبون العالم مستميتينَ في الدفاع عن موقفٍ أو توجهٍ ثم يصبحون في الغدِ على وجهٍ آخر تماما بدون حياءٍ ولا حشمة، مستفيدين من أبواق إعلامية تُكِنُّ فروضَ الطاعة والانصياع لإملاءاتهم غير آبهة بمعايير المهنية والمسؤولية.

وحين يصلُ بك الحالُ أخيرا لدرجةِ الإسْتسلام، وترتخي عضلاتُ جسمكَ من تفاهة الكلام، لا ترى أمامكَ سوى عقاقيرا ضدَّ صُداع الرأس النصفي وكوبِ ماء، تتناول حبّةً على وجه السرعة آملا أن يزورَ جَفنَك النّومُ لعلّكَ تُحلقُ بأحْلامكَ في عالمٍ آخر لا يعترفُ بالنّفاق.

في خِضّم حياةِ المعاناةِ المنتشرةِ على وجهِ البسيطة، تَجدُ الخطابات السياسية الدولية لا تَمُتُّ بصلة للواقعِ المُعاش، فكما يُقال منْ يدُهُ في الماء البارد لا يُحس بما يُحس به من تتقلّبُ يدُه في لهيب النيران، هُم منشغلون بالحياة والمناخ وحرارة كوكب الأرض، يُنظمون بشأنه المؤتمرات الراقية تستضيفها دول العالم الثالث، فيرقصونَ و يمرحون ويأكلونَ في الخفاء حتى التُّخمة، ولا يكترثونَ للحرارةِ الحقيقية التي تُخلفُها فوّاهاتُ المدافع والقنابل في الحروب المشتعلةِ بسببهم.

عالمٌ منافقٌ صنعهُ مجموعةٌ من المنافقين، يقولون ما لا يفعلون ويُظهرون عَكسَ ما تُبطنُ قلوبُهم ونواياهُم، لا يُحبّون الخير للبشرية ولا يسعون لتحقيقه كما يزعمون، إذ لا تُحرّكُ فيهم شعرةً واحدةً مجزرةٌ ارتُكبتْ في سوريا، أو مذبحةٌ على أرض فلسطين، أو إبادةٌ جماعية في بورما، أو طمسٌ للتاريخ والجغرافيا في العراق، أو انتفاضةُ حقٍّ وحرية في مكان ما من العالم، والغريبُ في الأمر أن مَنابرَنا الإعلامية ومواقفَنا الرسمية تُجاريهم في نِفاقهم هذا ولا توقفهم عند حدّهم حتى يعلموا على الأقل أننا لسْنا مُغفّلين بالقَدر الذي يَظنون. ألأنّنا لا نملكُ الجرأة على ذلك؟ مُتحكَّمٌ فينا عن بُعد؟ أم لأن وضعَنا أضعف ما يكون حتى نلعبَ دورَ الشجاع المغوارِ والمُنتفضِ المقدامِ فنتوارى خائفينَ أذلاّءَ خشيةَ أن نُسْحقَ من خريطة العالم كبعوضة، و منهم من يرى أن المكانة التي يستحقها كل شعبٍ تنبُعُ أولا من محيطه الذي يعيشُ فيه، أيْ من

حاكميه، ثم تنعكسُ إيجاباً على العالم الآخر فارضةً الاحترامَ والتقدير، غيرَ أنَّ ذلك لا ينطبقُ علينا تماماً ورُبّما هذا ما يزيدُ من تحقيرِ العالم لنَا.

ووسطَ هذا المناخ المُتقلّب نفاقاً ومراوغة، صارَ من الصّعب جدّا أن تمنحَ ثقتَك للمنابر الإعلامية المنتشرة بكثرة على الساحة، اللهم لبعض الذين كانوا سبّاقين إلى فضح وتعرية الواقع الحقيقي للمجتمعات العربية كما لم نكن نعرفه من قبل، لكنها للأسف حوربتْ بشراسة وتحارب اليوم بضراوة ولا تلقى من أولئك الذين لا يحبون أن تُذكر سيرتهم السيئة وتاريخهم المظلم القُبولَ والترحاب، وأمام هذا المزيج المُحيّر من نفاقٍ عالمي واضحٍ وتطبيلٍ إعلاميٍ فاضح، ما عليكَ إلا أن تتعاملَ مع الأحداثِ بمنطقٍ واحد: لا أرى.. لا أفهمْ.. ولا أريدُ أن أفهمْ !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.