قبرت في جرادة تحت الفحم أرواح،فانتفضت المدينة واجتاح أهلها غضبا شوارعها يصدحون بشعار سبقههم به أهل الريف،تعالت الأصوات مرة أخرى تطالب بالكرامة والعدالة الاجتماعية في منطقة استفحل فيه الفقر استفحالا وانعدمت فيه فرص العيش الكريم انعداما،تغيرت بوصلة العسكرة من الحسيمة شرقا لتطوق المدينة خوفا من حراك اخر كذاك الذي أرق الدولة شهورا ،برز شبح زفزافي جديد في جرادة التي تعرف بشباب أغلبه من حاملي الشواهد المتخرجين من جامعة محمد الاول بوجدة ولعل من مر من هناك يعرف طلبة جرادة الذين اشتهروا بنضالاتهم ضمن فصيل القاعديين قبل أن يجدوا انفسهم عاطلين بين أزقة جرادة مما يوحي بزفازفة أخرين بتراكم نضالي أقوى.شكلت لجنة وزارية لتقصي حقائق تدعي الدولة جهلها كلما اندلعت شرارة غضب في ربع من ربوع وطننا البئيس،ستستمر الاحتجاجات في هذه المدينة الصامدة، لكن من سيعتقل هذه المرة؟وبأي تهمة سيدان رافعو الشعارات السلمية؟لن نستغرب اذا ما سمعنا بتوريطهم في تهمة التآمر لخدمة أجندات سياسية خارجية؟ولن نتعجب في إقالة مسؤول إقليمي أو جهوي وتقديمه كبش فداء لإخراس أفواه المحتجين.! سياسة مقيتة تلك التي تتبعها الدولة في معالجة أي غضب شعبي،أما آن الأوان لك يا دولتنا لتنهجي تنمية بشرية حقيقية برفع التهميش عن الأمصار المنسية بدل التطيبل لمبادرة ظاهرها تنمية بشرية وباطنها ضحك على الذقون بتوزيع العربات و تدشين ملاعب القرب...طحن فكري فانبعث منه زفزافي اعتقل،ودفن شباب جرادة تحت فحم أشعل نار الإباء في شوارعها،ومازلت سياسة العسكرة والاعتقالات و ذر الرماد على العيون بإنشاء لجان تتقصى حقيقة لا يجهلها الا المسؤولون في هذا الوطن،فحقيقتنا واضحة وضوح الشمس في يوم خال من المزن،كيف لا تكون واضحة ؟و مغربنا يصرف مليارات الدراهم على إفريقيا وكأن بلادنا بلغت من الازدهار مبلغا انعدم فيه الفقر والبطالة بين فئاته،أليست كلفة المعيشة المرتفعة مقارنة بالدخل الفردي للمواطن المغربي حقيقة لا تحتاج لتقص؟أ تحتاج صرخة الجياع و أنين اليتيم و اكتئاب العاطل في وطن يتمتع فيه البرلماني والوزير بالريع إلى بحث معمق لتقصي الحقيقة؟إنها حقيقة وطن ينزف ألما على شعب يمخر جسده البؤس واليأس من واقعه المعيش في أرض انشغل حماتها بالسفرات والقصور الباذخات،لك الله يا وطنا لم تعثر فيه بغلة وإنما قتلت فيه أنفس فمتى يسأل المسؤولون عنها أنفسهم قبل ان يظنوا أن الله سيسألهم...