حزب الاستقلال يكتسح الانتخابات الجزئية بإقليم الحسيمة    نشطاء حقوقيون ينتفضون ضد "تعديلات تقييدية" على المسطرة الجنائية    السكوري: انطباع خاطئ يربط الذكاء الاصطناعي بالقضاء على الوظائف    الحكومة تفلت من الإسقاط في فرنسا    غبار كثيف يرافق هبوط طائرة بوينغ 747 بمطار الحسيمة ومصدر يوضح    الريال يتخطى اليوفي بمونديال الأندية    الولايات المتحدة.. إيلون ماسك يتعهد بتأسيس حزب سياسي جديد    المغرب يُعزز موقعه كشريك موثوق في مكافحة الاستغلال الجنسي داخل عمليات الأمم المتحدة    إيرادات قطاع السياحة تتجاوز 45,1 مليار درهم مع نهاية ماي الماضي    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية .. على الجميع التأقلم مع موجات الحر    ميتا تعلن إحداث مختبر للذكاء الفائق    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية بمناسبة العيد الوطني لبلاده    المغرب والسعودية عازمان على توطيد التعاون الاقتصادي    السغروشني: الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارا تقنيا بل ضرورة سيادية للمغرب    تأكيد الحكم بالسجن خمس سنوات بحق الكاتب الجزائري بوعلام صنصال    تيك توك تطلق "أكاديمية العائلة" لتمكين الأسر المغربية رقميا وتعزيز السلامة الرقمية    عبد اللطيف حموشي يستقبل رئيس جهاز الاستخبارات الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة    إحباط تهريب أزيد من 3 أطنان من الشيرا وتوقيف 3 مشتبه فيهم بشبكة دولية للمخدرات    بودريقة ينتظر حكم المحكمة في قضايا التزوير والنصب    تقرير يكشف حصيلة المنتخب الوطني في ربع قرن: إنجازات لافتة في القاعة والنسوية.. و"صفر لقب" للكبار    شيرين عبد الوهاب تتعثر فوق مسرح "موازين" وغادة عبد الرازق تصفق للظلّ    الكشف عن الأغنية الرسمية لكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    تقارير تفتيش تكشف تلاعبات مالية في شراكات "وهمية" بين جماعات ترابية وجمعيات يترأسها أقارب وزوجات المنتخبين    السيطرة على حريق غابة آيت إصحى بنواحي أزيلال بعد تدخل طائرتي "كنادير"    شيرين تهدد باللجوء الى القضاء بعد جدل موازين    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    غوارديولا: بونو وراء إقصاء "السيتي"    الحسيمة.. صرخات استغاثة لم تنقذ مصطافا.. رجل ستيني يغرق بكالا بونيطا    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    بعد انخفاضات محتشمة... أسعار المحروقات تعود للارتفاع من جديد بالمغرب    "أونروا": 500 قتيل و4000 جريح أثناء محاولتهم الحصول على الطعام بغزة    توقيف شخص ببركان بشبهة الاتجار غير المشروع في المخدرات    الهلال السعودي يواصل الحلم بقيادة ياسين بونو.. مباراة ملحمية وبصمة مغربية حاسمة    أكادير تحتضن أول مركز حضاري لإيواء الكلاب والقطط الضالة: المغرب يجسّد التزامه بالرفق بالحيوان    العصبة تحدد موعد فترة الانتقالات الصيفية وتاريخ إجراء قرعة البطولة الاحترافية    أخنوش: نراهن على تكوين 100 ألف شاب في المجال الرقمي وخلق 240 ألف فرصة شغل بحلول 2030    فتح بحث قضائي في ملابسات تورط أحد أفراد القوات المساعدة في قضية تحرش وابتزاز مادي    النَّوْ: بِرِيدْنَكْ    أتلف 6 هكتارات.. إخماد حريق في واحة نخيل بإقليم "اشتوكة أيت باها"    مونديال الأندية .. بونو يصنع المجد للهلال السعودي في ليلة إقصاء "السيتي"    آسفي... كأس الفرح وصرخة المدينة المنسية    وقت الظهيرة في الصيف ليس للعب .. نصائح لحماية الأطفال    حرارة الصيف قد تُفسد الأدوية وتحوّلها إلى خطر صامت على الصحة    مونديال الأندية.. مبابي "يملك حظوظا كبيرة" في المشاركة أمام يوفنتوس (ألونسو)    السنغال تعيد تموضعها الإقليمي وتراهن على المغرب لبناء توازنات جديدة في غرب إفريقيا    اتحاد طنجة يجدد عقود ركائزه الأساسية تحضيراً للموسم القادم    إصلاح نظام الصرف يندرج في إطار الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني    طقس حار في العديد من مناطق المملكة اليوم الثلاثاء    إبداع بروكسل يفك الحصار عن غزة    أكثر من 900 قتيل في إيران خلال الحرب مع إسرائيل    الصويرة تحتضن مؤتمر المدن الإبداعية 2026    15 عملا مغربيا يتألق ضمن 18 مرشحا في نهائيات جائزة كتارا للرواية العربية    الخطوط الملكية المغربية توسع شبكتها الدولية بإطلاق أربع وجهات جديدة    الصحة العالمية تحذر: الهواتف ووسائل التواصل تعزز مشاعر الوحدة        ضجة الاستدلال على الاستبدال    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مذكرة التعديل الحكومي" اللوبيات و الرهانات
نشر في أخبارنا يوم 10 - 01 - 2013

اذا لم يكن "التعديل الحكومي" حاجة حكومية في الوقت الراهن ، فانه لن يكون الا رغبة شخصية لحميد شباط ، و خدمة سياسية للوبيات الفساد و مافيات الاستبداد التي تحركه، وتريد أن تعرقل به من داخل الحكومة، بعض الاصلاحات التي قد تهددها مصالحها في السنوات المقبلة. سنتناول بالتحليل السياق السياسي و الاجتماعي الذي أتى فيها هذا المطلب "الشباطي"، كما سنكشف عن رهانات تلك اللوبيات و المافيات على حميد شباط ، وعن الرهانات الشخصية و الحزبية لهذا الأخير من خلال مناوشة الحكومة و حزب العدالة والتنمية.
فإصرار شباط على التعديل الحكومي، و تهجمه على حزب العدالة و التنمية، و اتهامه بالسعي الى "تمصير" أو "مصرنة " المغرب، لا يمكن فصله عن التحرك في مختلف الاتجاهات للوبيات الاقتصادية و المافيات السياسية التي استفادت من الوضع السابق ، والتي أحست بقرب التغيير في العديد من محميات الريع (الضريبية و النقابية - الرخص ..) . فبعد أن تمكنت الحكومة خلال سنة كاملة من تشخيص ميداني للوضع، و بعد أن وضعت ترسانة من الاجراءات و التشريعات، التي ستشكل الأرضية القانونية و المسطرية للتغيير في مختلف دواليب الادارة ، حيث تعشعشت لعقود من الزمن الأدرع الادارية لتلك اللوبيات و المافيات، و لم يبقى للحكومة الا المرور الى التنفيذ و الانجاز في السنوات المقبلة من الولاية الحكومية، حيث ستكون هذه السنة 2013 حاسمة في هذا الأمر، و اذا كانت هذه اللوبيات و المافيات تسعى دائما الى الحفاظ على الوضع بكل الوسائل و الطرق، وبعدما أحست بقرب خطر الاصلاحات الى مواقع محمياتها و منافعها الريعية، فإنها قد شرعت في تحريك أذرعها السياسية ( بعض الأحزاب) و النقابية و و الاعلامية( القنوات - الجرائد - مواقع الكترونية) و الأمنية ( أجهزة القمع لوزارة الداخلية)، حيث سيلاحظ المتتبع المنصف و المراقب النزيه كيف تتوالى الضربات السياسية والاعلامية على الحكومة من كل الاتجاهات، وبدون مبررات موضوعية مقنعة . لقد كانت هذه اللوبيات و المافيات خلال سنة 2013 تراهن على أدرعها الاعلامية فقط للنيل من البيجيدي قصد اضعافه و انحسار شعبيته، الا أنها فوجئت بالنتائج الاكتساحية التي يحققها في الانتخابات الجزئية، و هذا ما دفعها بها الى الانتقال الى تحريك دراعها الأمني ( القمع غير المبرر للمعطلين و الصحفيين و الحقوقيين ) قصد تشويه صورة البيجيدي، ومنع أنشطة البيجيدي نفسه، كل هذه الوسائل لم تمكن هذه اللوبيات و المافيات من تحقيق هدفها، و لذلك انتقلت الى المرحلة الثالثة و هي الاستنجاد بأدرعها النقابية و السياسية لعل و عسى أن تساهم في لجم البيجيدي و محاصرته، و بعدما لم يستطيع "حياحة" حزب البام انجاز تلك المهمة القذرة الموكولة اليهم في المشهد السياسي ، تم الدفع بصعود حميد شباط الى الأمانة العامة لحزب الاستقلال و ادريس لشكر الى الكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي بدعم من هذه اللوبيات و المافيات ، حسب ما صرح به منافسهم على الزعامة الحزبية ، على اعتبار أن هذه الأحزاب ذات جذور شعبية و نضالية وتاريخية، و في هذا السياق كذلك تم تحريك الأدرع النقابية لهذه اللوبيات و المافيات ، كما كان الأمر في المسيرة المعلومة بالدار البيضاء و غيرها من المسيرات التي دعت اليها كل من نقابات (الفدش و الكدش و المدش)، ثم مناوراتها ضد قانون المالية في مجلس المستشارين، حيث لا غرابة عندما نجد نقابات كانت عبر تاريخها تدعو الى فرض الضرائب على أصحاب المداخيل الكبرى ، تنقلب ب 180 درجة لتكون ضد ذلك، محاولة تغطية الذين يتجاوز دخلهم 25 ألف درهم بغطاء الطبقة المتوسطة. مما جلها تفقد البقية الباقية من رصيدها الجماهيري في الشارع، خاصة بعد الاضرابات الطويلة و غير المبررة في قطاع العدل، والتي اتضح في الأخير أنها ليست سوى وسيلة لمساومة وزير العدل على ملف خالد عليوة و عبد الحنين بنعلو، الا أن اصرار وزير العدل و رئيس الحكومة على الاقتطاع من أجور المضربين في قطاع العدل كشف عن هشاشة و ضعف رهان لوبيات الفساد و مافيات الاستبداد على هذه الأدرع النقابية، كما أتبث عدم جدوائية مواجهة الحكومة من خارجها. و انتقلت هذه اللوبيات و المافيات الآن الى مرحلة أخرى في مواجهة الحكومة ، وهذه المرة من داخلها ، بعد ما فشلت المحاولات السابقة من خارجها. فحميد شباط بقبعتيه السياسية والنقابية هو التجسيد الفعلي لمناورات لوبيات الفساد و مافيات الاستبداد داخل أجهزة الدولة و خارجها. و لذلك كان من المتوقع منه أن يرفع كغيره (من نقابيين وسياسيين داخل الحكومة و خارجها) عقيرتهم، و يعلوا صوتهم في الأيام و الشهور المقبلة، بل من المنتظر أن تشتد حملاتهم الاعلامية أكثر من السابق، خاصة عند اقتراب تنزيل اصلاح صندوق المقاصة، حيث سيقدم الدعم مباشرة لفقراء المغرب، فهذا الاجراء يشكل خطرا على لوبيات الفساد و مافيات الاستبداد من جهتين، أولا : هذا الصندوق حاليا تستفيد هذه اللوبيات من ثمانين بالمائة من اعتماداته، واصلاحه يعني فقدانها لمحمية كبيرة من محميات الريع، ثانيا: توزيع الدعم مباشرة على الأسر الفقيرة سيزيد من شعبية العدالة والتنمية. فإنجاز هذا الورش لوحده كافي ليجعل المشهد السياسي يهتزه بقوة، حيث سيحسب للبيجيدي، مما سيؤهله لمسح طاولة الانتخابات الجماعية المقبلة، و هذا ما جعل بعض أحزاب الاغلبية الحكومية تتحدث عن انفراد بعض وزراء البيجيدي ببعض القرارات الحكومية، و هي في الحقيقة لا تريد لهذا الاصلاح أن يتحقق على يد العدالة والتنمية. و هذا ما جعل شباط لا يتوانى في مهاجمة الحكومة و حزب العدالة والتنمية، وفي نفس الوقت يعلن تشبته بالأغلبية الحكومية، فحميد شباط لا يستطيع الانسحاب من الحكومة، أولا لأنه ليس سيد نفسه في اتخاذ ذلك القرار، ثانيا لان خسارته ستكون أفدح و وضعه سيستفحل اذا انسحب منها، لان هناك أحزاب تنتظر بلهفة الدخول للحكومة، أما إسقاط الحكومة فلن يكون الا في صالح البيجيدي، و سيقويه أكثر مما هو عليه الآن، خاصة بعد أن بشر و وعد الاسر الفقيرة بالدعم المالي المباشر، وبالتالي فكل محاولة لمنعه من ذلك لا يمكن أن تفهم من الطبقة الفقيرة الا بكونها ضدها. و لهذا فشباط اذا لم يستطع عرقلة اصلاح صندوق المقاصة، كما تريد اللوبيات التي تقف وراءه، فانه سيسعى على الأقل الى نيل جزء من شرف المشاركة في حكومة لأول مرة تقدم دعما ماليا مباشرا للفقراء.
أما من حيث رهانات شباط الحزبية والشخصية ، فخرجاته الاعلامية ، لا يسعى منها الا لمفاوضة العدالة والتنمية و مساومتها بشأن الانتخابات الجماعية المقبلة و خاصة في قلعته بمدينة فاس، فقيادات حزب الاستقلال تعودت على مفاوضة باقي الأحزاب و وزارة الداخلية حول المواقع التي تترشح بها في الانتخابات حتى تضمن لها الفوز بها. و اذا كانت انتخابات 25 نونبر 2011 ، قد كشفت بالأرقام أن سيطرة شباط على مدينة فاس أصبحت من المحال ، حيث اكتسحها البيجيدي بقوة كما، باقي معاقل حزب الاستقلال في العديد من المدن الأخرى، فمن المفروض عليه البحث عن حل مع البيجيدي استعدادا للاستحقاقات المقبلة، لذلك لجأ الى هذه المناوشات الاعلامية للحكومة لعل و عسى أن يجلس مسؤولو البيجيدي معه ليفاوضهم و ليساومهم حول بعض المواقع الانتخابية التي أصبح فيها مهددا من طرفهم، خاصة قلعته الانتخابية فاس . مع العلم أن النجاح في الانتخابات الجماعية هو رديف أساسي للنجاح في الانتخابات التشريعية، ثم ان أية هزيمة لشباط في الانتخابات الجماعية بمعقله بفاس سيكون بداية لنهايته الحزبية و النقابية التي يريدها أن تكون مديدة و طويلة ، لان كل مجده النقابي و كل رأسماله السياسي كان مؤسسا على سيطرته على مدينة فاس انتخابيا، وبالتالي ففقدانها يعني فقدانه باقي قلاعه النقابية والحزبية، و ما أكثر المتربصين به داخل حزب الاستقلال و الذين ينتظرون بلهفة لحظة انهياره ، فالبيجيدي يملك ورقة انتخابية كبيرة بفاس تسطيع مساعدة منافسي شباط داخل حزب الاستقلال على هزمه. فبإمكان العدالة و التنمية أن يبرهن خلال الانتخابات الجماعية المقبلة أن شباط ليس سوى نمر من ورق و تمثال من الرمال.
ثم ان هذه الخرجات الاعلامية لشباط ضد الحكومة و العدالة والتنمية، الى جانب ما سبق، ليس سوى تصدير للأزمة من داخل حزب الاستقلال الى الحكومة، و تعكس طبيعة التجاذبات الفئوية و الصراعات المصلحية و التمزقات الداخلية في حزب الاستقلال بين العديد من الأطراف و اللوبيات ، حيث كلما تمكن طرف من فرض هيمنته على الحزب الا و يدفع بأفراده الى الاستوزار ، و لهذا يسعى شباط الى استبدال وزراء عباس الفاسي بوزراءه. و هذا يعاني منه غالبية أحزاب التي تفتقد الى الديموقراطية الداخلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.