الملك لماكرون: المغرب حريص على تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع فرنسا    خطة أمنية جديدة لمواجهة تصاعد الاعتداءات في الشوارع المغربية    كيوسك الإثنين | "كان 2025″ و"مونديال 2030".. المغرب يمر إلى السرعة القصوى    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    مونديال الأندية.. الإنجليزي كول بالمر يتوج بجائزة أفضل لاعب        أيت بوكَماز.. حين تصرخ الهضبة السعيدة في وجه التهميش                لو يي شياو تبهر الجمهور بإطلالة تحاكي نساء هويآن في حقبة الجمهورية الصينية: سحر الماضي يلتقي بجمال الحاضر    من أكادير.. انطلاق دينامية شبابية جديدة لترسيخ ثقافة القرب والتواصل السياسي    توقعات الأرصاد الجوية لطقس اليوم الإثنين    فيفا يعلن إجراءات جديدة لحماية صحة اللاعبين وتنظيم فترات الراحة    صاروخ يقتل أطفالا يجلبون الماء في غزة وإسرائيل تعزو السبب لعطل    "السيبة" في أصيلة.. فوضى في الشوارع وغياب للسلطات    طنجة.. مكبرات صوت وDJ في الهواء الطلق تثيران استياء المصلين وسكان كورنيش مالاباطا    تشلسي يصعق باريس سان جيرمان ويتوج بلقب مونديال الأندية الموسع بثلاثية تاريخية    رفاق حكيمي يسقطون بثلاثية أمام تشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية    "كان" السيدات .. تأهل نيجيريا والجزائر    وفاة رئيس نيجيريا السابق محمد بخاري    اليمين المتطرف في بلدة إسبانية يستغل حادثة للعنف لربط الهجرة بالجريمة    بناني والحاجي والمرنيسي يحسمون لقب "بطل المغرب" في الفروسية    أطروحة دكتوراه تكشف محدودية تفاعل المواطنين مع الخدمات الرقمية بالمغرب: فقط 40% راضون    الوزيرة بنعلي تعلن الشروع رسميا في إنجاز مشروع أنبوب الغاز المغرب- نيجيريا        منظمة الصحة العالمية تحذر: تلوث الهواء يهدد أدمغة الأطفال ويعيق نموهم    عودة العيطة إلى مسرح محمد الخامس.. حجيب نجم النسخة الثالثة    لطيفة تطرح الدفعة الأولى من ألبوم "قلبي ارتاح".. أول ألبوم عربي بتقنية "Dolby Atmos"    نشرة إنذارية: موجة حر من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المغرب    الكوكب يراهن على خبرة الطاوسي في رحلة التحدي الكبير    « البسطيلة بالدجاج» تحصد المركز الثالث في مسابقة «تحدي طهاة السفارات» بواشنطن    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية مونتينيغرو بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    متحدية الحصار الإسرائيلي.. سفينة "حنظلة" تنطلق من إيطاليا باتجاه غزة    "فيفا" يُنصف حكيمي: أفضل مدافع في مونديال الأندية بأرقام دفاعية وهجومية مذهلة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يأسف لتطورات اعتصام قصبة تادلة ويحذر من نشر مشاهد صادمة دون ضوابط    الشاعرة نبيلة بيادي تجمع بتطوان الأدباء بالقراء في برنامج "ضوء على القصيدة"    "نوستالجيا 2025": مسرح يحفر في الذاكرة... ويستشرف الغد    بملتقى فكري مفتوح حول «السؤال الثقافي: التحديات والرهانات»، بالمقر المركزي للحزب بالرباط .. الاتحاد الاشتراكي يفتح نقاشاً ثقافياً استعداداً لمؤتمره الثاني عشر    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة    الاتحاد الأوروبي يؤجل "رسوم أمريكا"    انتهاك صارخ لقدسية الأقصى.. مستوطنون يقتحمون قبة الصخرة ويؤدون طقوسًا تلمودية في ذكرى خراب الهيكل    مراكش تنادي إفريقيا: إصلاح التقاعد لضمان كرامة الأجيال المقبلة    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    أقدم مكتبة في دولة المجر تكافح "غزو الخنافس"    يديعوت أحرونوت: موجة هجرة إسرائيلية غير رسمية نحو المغرب في خضم الحرب    تقرير: المغرب ضمن 3 دول أطلقت سياسات جديدة لدعم الزراعة الشمسية خلال 2024    صدور كتاب عن قبيلة "إبقوين" الريفية يفكك الأساطير المؤسسة لقضية "القرصنة" عند الريفيين    أسعار الذهب تتجاوز 3350 دولارا للأوقية في ظل التوترات التجارية العالمية    تقرير دولي يضع المغرب في مرتبة متأخرة من حيث جودة الحياة    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي إيجابي    نحو طب دقيق للتوحد .. اكتشاف أنماط جينية مختلفة يغيّر مسار العلاج    علماء ينجحون في تطوير دواء يؤخر ظهور السكري من النوع الأول لعدة سنوات    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من طهران إلى سانتياغو .. في الحاجة للاستماع للشارع
نشر في العمق المغربي يوم 17 - 11 - 2019

ما يجري في الشارع من طهران إلى سانتياغو… يحمل أسئلة عميقة تحفر في بنيات السلطة المعقدة، وهي على خلاف الموجة الأولى للربيع التي كانت في أغلبيتها أقرب إلى ثورات “الفاست فود”… فإن الموجة الجديدة انطلقت بتحريض من قرارات صغيرة لكنها مستفزة…ولم تنتهي بمطالب شمولية تستهدف معالجة الخلل البنيوي الذي تعانيه السلطة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
– في السودان كان كافيا رفع أسعار الرغيف بثلاثة أضعاف وقرار الأبناك تسقيف ما يمكن أن يسحبه المواطنون من أموال، في اندلاع مظاهرات قادها الطلبة وانتهت بخروج الشعب إلى الشوارع، فانتقلت المطالب من إسقاط الزيادة في تمن الرغيف، إلى إسقاط البشير رأس النظام السوداني.
– في الجزائر شكل قرار ترشيح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وهو رجل مقعد، استفزازا أرعن للشعب الجزائري ولنخبه المختلفة، فخرج الشعب للشارع مطالبا بإسقاط العهدة الخامسة، بل تجاوز ذلك للمطالبة بإسقاط كل أركان النظام الحاكم منذ الاستقلال ممثلا في الدولة العميقة، ورغم سحب ترشيح بوتفليقة وإلغاء الانتخابات الرئاسية، فإن الشارع رفع شعار “يتنحاو كاع”..ويرفع اليوم “مدنية مدنية ماشي عسكرية” احتجاجا على الجينرال قايد صالح الذي يسارع الزمن من أجل وضع رئيس على المقاس في قصر المرادية وهو ما يرفضه الشارع الجزائري من خلال مظاهرات متواصلة منذ فبراير الماضي.
– في العراق خرجت المظاهرات احتجاجا على البطالة وضعف الخدمات العامة خاصة الكهرباء والماء الصالح للشرب في دولة تنام على احتياطي كبير من النفط، لكن سرعان ما تحولت مطالب الشارع إلى مطالب أكبر وأعمق تتعلق بإسقاط النظام الطائفي ومعه النخبة السياسية والحزبية الفاسدة، إذ تشير مصادر مختلفة أن تكلفة الفساد في العراق بلغت أزيد من 450 مليار دولار منذ إسقاط نظام صدام حسين.
– في لبنان عمدت الحكومة إلى وضع رسوم على استخدام تطبيق “الواتساب” في نوع من العمى أو البلادة المحاسباتية التي تنظر إلى الميزانية ومالية الحكومة نظرة تقنية تسقط عنها أية مسؤولية اجتماعية وسياسية، فكانت تلك الرسوم شرارة لثورة أخرجت قرابة نصف الشعب اللبناني إلى الشارع، فتجاوز الشارع مطلب إسقاط الرسوم إلى إسقاط الطائفية والمحاصصة الطائفية التي يستثمر فيها قادة الطوائف لتأبيد سلطانهم وسطوتهم وكحصانة لهم ولأتباعهم المتورطين في قضايا فساد، لذلك توحد اللبنانيون بشكل غير مسبوق وإستثنائي رافعين شعار “كِلُّنْ يَعْني كِلُّنْ”، وهو ما يعني أن سنوات الشحن والاستقطاب الطائفي، وضعها اللبنانيون خلف ظهورهم، بل استطاعوا تحديد خصومهم بدقة وأولهم البنية الطائفية للدولة التي تمثل تحريفا لاتفاق الطائف الذي وضع حدا للحرب الأهلية، وثانيهم النظام المصرفي الذي يمثل صورة واضحة للطابع البنيوي للفساد في لبنان.
– في إيران شكل قرار رفع أسعار البنزين الشرارة التي أخرجت المواطنين إلى شوارع أزيد من سبعين مدينة، صحيح أن المظاهرات إلى اليوم لازالت في إطار المطالب الاجتماعية والتراجع عن الزيادة في أسعار البنزين، لكن الانخراط الواسع في المظاهرات وإضراب تجار بازار طهران الذين كان لهم دور حاسم في إسقاط نظام الشاه سنة 1978، يمكن أن يشكل مؤشرا على أن مطالب الشارع قد لا تقبل بسقف التراجع عن رفع الأسعار، علما أن إيران تعاني منذ سنوات من حصار اقتصادي واسع تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها ومنذ بداية حرب الخليج الأولى في مواجهة العراق، سخرت مواردها لتمويل الجهد العسكري ليس فقط لحماية حدودها، بل لتصدير الثورة و”حماية” الأقليات الشيعية ولخدمة رهاناتها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما أثر ويؤثر في جودة الخدمات العمومية على مدى عقود.
– في تشيلي خلف قرار الحكومة الرفع من الرسوم المفروضة على تذاكر الميترو النقطة التي أفاضت الكأس بالنسبة للشعب الشيلي فخرجت مظاهرات واسعة في سانتياغو لم تتوقف رغم تراجع الحكومة عن تلك الرسوم بل إن الرئيس الشيلي أقر بخطأ في الرؤية الاقتصادية ورغم أنه أعلن عن زيادة في المعاش الأساسي الشامل حوالي 20 في المائة، وتجميد الرسوم على الكهرباء واقتراح قانون يتيح للحكومة تحمل تكاليف العلاج الطبي باهظ الثمن، فإن المظاهرات لم تهدأ بل استمرت موجهة سهامها في مواجهة الرأسمالية المتوحشة التي تعاملت دائما مع أمريكا اللاتينية كحديقة خلفية رعت فيها مختلف صنوف الديكتاتوريات العسكرية، وكذلك المطالبة برحيل رئيس الدولة والحكومة احتجاجا على المنظومة السياسية ككل وضد الفوارق الإجتماعية، ورغم أن الفرقاء السياسيين اتفقوا على عرض دستور جديد على الاستفتاء الشعبي شهر أبريل المقبل، فإن المتظاهرين يرفضون مغادرة الشارع.
كل هذه الانتفاضات الشعبية كانت انطلاقتها عبارة عن شرارة صغيرة لم يكن صانعوها يعتقدون أنها ستقود إلى ما قادت إليه من تحولات نوعية في خطاب ومطالب الشارع، خاصة طرحه لإشكاليات بنيوية عميقة…إنها دروس مجانية لابد من الانتباه إليها بكثير من الوعي والحكمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.