جمعية المحامين الشباب بطنجة تُطالب بالإفراج عن معتقلي احتجاجات "جيل زد"    الأمن الوطني ينفي إشاعة إضرام النار في سيارة شرطة    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية وأمطار غزيرة بعدد من مناطق المملكة    تقرير يتوقع تحقيق الاقتصاد الوطني معدل نمو بنسبة 4,5% سنة 2026    الجزائر على صفيح ساخن: شباب غاضب يتحدى قبضة النظام العسكري    الغضب لا يُقمع: كيف يواجه المغرب احتجاجات جيل Z؟    اجتماع الأغلبية الحكومية.. طمأنة الشارع وتأكيد الانخراط في الإصلاحات الكبرى    بورصة البيضاء تنهي التداولات بالأخضر    متابعة 3 شبان من جيل Z رهن الاعتقال و30 آخرين في حالة سراح مع أداء كفالة    تعاون إسباني مغربي.. حجز أكثر من 11 طنا من مخدر الحشيش في مالقة والجزيرة الخضراء    المغاربة المشاركون في أسطول الصمود العالمي يقتربون من ساحل غزة    ترامب يمهل "حماس" أربعة أيام للرد    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس افتتاح الدورة ال 16 لمعرض الفرس للجديدة    الأغلبية الحكومية برئاسة أخنوش: نتفهّم مطالب المحتجين الاجتماعية    بنعلي: 45% من كهرباء المغرب مصدرها متجدد ونستهدف 52%    "مراسيم الصحة" تقدم بمجلس الحكومة    منظمة التحرير الفلسطينية تراهن على دور المغرب في تنزيل "خطة ترامب"    حول الدورة 18 للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا    تشكيليون عرب يعرضون لوحاتهم بأصيلة    الشعر والتشكيل في أعمال عبد الله بلعباس    حموشي يزور منزل أسرة شهيد الواجب مقدم الشرطة محسن صادق الذي توفي في حادث سير أثناء مزاولة مهامه    السلطات تعلن إيقاف 24 شخصا من جيل "Z" وتحيل 18 منهم على التحقيق بتهم جنائية            اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: رحلة محمد بن عيسى مع التنوير الفكري والتحديث الثقافي    الرجاء والوداد يوقعان على الصحوة على حساب الدفاع الجديدي ونهضة الزمامرة    حين تساءل المؤسسات عن الحصيلة!    تجميد مشروع شعبة الإعلام والاتصال بجامعة ابن طفيل يثير خيبة أمل الطلبة والأساتذة    الإصابات وعدم الجاهزية تؤرق بال الركراكي قبل الإعلان عن قائمة المنتخب لمباراتي البحرين والكونغو    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. النرويج تفوز على نيجيريا وفرنسا تهزم جنوب إفريقيا    "فيفا" يعاقب جنوب إفريقيا ويعتبره خاسراً أمام ليسوتو بسبب إشراك لاعب غير مؤهل    نيكول كيدمان وكيث أوربان يصلان إلى الانفصال    أطباء يحذرون من أخطار بسبب اتساع محيط العنق    مباراة المغرب والبحرين.. بيع أزيد من 42 ألف تذكرة إلى غاية السادسة مساء    إيقاف شخص يحرض على الخروج للشارع من أجل الاحتجاج    بلدية ميلانو تمنح الضوء الأخضر لبيع سان سيرو لميلان وإنتر    رشاوى ‬واختلاسات ‬لمسؤولين ‬جزائريين ‬كبار ‬أمام ‬القضاء ‬الإسباني ‬    القوات العمومية تتدخل لمنع تجمهرات مجهولة المصدر دون تسجيل أي إصابات أو خسائر    الصحراء المغربية.. هلال يرد "دون جدال أو عدائية" على تصريح وزير الخارجية الجزائري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    اتفاق جديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي لتعزيز تسويق منتجات الأقاليم الجنوبية    وكالة "فيتش" تؤكد تصنيف المغرب عند "بي بي+" مع نظرة مستقبلية مستقرة    ممثلة مطورة بالذكاء الاصطناعي تغضب هوليوود    أسعار الذهب تسجل ذروة قياسية جديدة    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    طنجة.. السلطة تُنهي جدل تسعيرة "الطاكسي الصغير" وتُحدد الحد الأدنى في 7 دراهم                    القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    علماء روس يبتكرون أدوية "ذكية" يتحول شكلها داخل الجسم    "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الحالة المغربية" بين الرياضة والسياسة
نشر في العمق المغربي يوم 22 - 12 - 2022

على مدى الشهر الماضي، وطيلة فعاليات بطولة "كأس العالم" لكرة القدم 2022، التي إستضافتها دولة قطر، شاهد الجميع حالة جديدة ليست في كرة القدم فقط، بل على صعيد التفاعل العربي مع إنجازات المنتخب المغربي لكرة القدم في البطولة، حيث أكتسبت وسائل التواصل الإجتماعي العربية باللون الأحمر دعماً للمنتخب الذي حقق إنتصارات كروية لم تكن تدور بخيال أكثر العرب تفاؤلاً.
"سير سير سير" التي تغنت بها الشوارع والمدن العربية على مدى نحو أيام، باتت شعار التقدم للأمام وإحراز الأهداف، في إطار يعكس رغبة عربية جماعية وحاجة ملحة إلى نجاحات ترفع الروح المعنوية للشعوب وترتقي بسقف طموحات الشباب في منطقة تعاني بشكل مزمن من الإحباطات والأخبار السلبية التي لا يحد منها سوى طاقات الأمل والنور التي تشع في بضعة نماذج تنموية عربية ناجحة سواء في الإمارات أو السعودية أو قطر.
مع كل تأثير الأمل الذي تحمله نجاحات بعض العرب فإنه يبقى لكرة القدم سحرها وبريقها، ويبقى للإنتصار فيها بصمات عميقة وكبرى في نفوس الشباب على وجه الخصوص، رغم كل ما يروج له المتطرفون وأنها "مؤامراة غربية" وغير ذلك من سخافات يدحضها حضور رؤساء وكبار مسؤولي الدول الغربية لمباريات منتخباتهم وتشجيع لاعبيهم على الفوز، حتى أن رئيس الولايات المتحدة قطع اجتماعاً كان يحضره، للمشاركة في فوز منتخب بلاده على إيران!.
"الحالة المغربية" التي عشناها جميعاً، هي حالة إيجابية تسهم بشكل هائل في تغيير الصورة النمطية التقليدية السائدة عن العرب والمسلمين، وتدعم الإنطباع الإيجابي الذي خلفته الإستضافة القطرية المميزة للبطولة عالمياً، حيث تردد اسم المغرب كمنتخب قوي لبلد عربي مسلم يناطح أقوى الفرق الكروية العتيدة عالمياً، بل إن فرصه للوصول إلى المباراة النهائية للبطولة كانت قائمة حتى منتصف الشوط الثاني من مباراته مع فرنسا ورغم الهزيمة بهدف، حيث وقف الحظ معانداً لاعبي الفريق ليرسم سقفاً لطموحات واعدة لجيل واعد من اللاعبين الذين باتت أسمائهم معروفة في كل ربوع المنطقة والعالم بإصرارهم الذين لا يلين ومهاراتهم التي تفوق الكثير من المنتخبات العريقة في اللعبة الأشهر عالمياً.
الحالة المغربية هي حالة ستبقى وليست محطة عابرة في تاريخ الرياضة بمنطقتنا العربية، والأمر هنا لا يتوقف على كرة القدم، فقد كسر اللاعبون المغاربة حجز الطموح، وارتقوا بالأحلام، التي لم يعد لها بعد الآن سقف، حيث لا مستحيل و لا حدود لو توافرت إرادة الفوز والإنتصار، وهذه هي الروح التي نحتاجها في منطقتنا سواء في الرياضة أو غيرها كي تخرج دولنا من كبوتها ويشعر الشباب بالأمل في المستقبل، وهذه هي القوة المضادة للإحباط واليأس الذي يراهن عليها المتطرفون والإرهابيون في تجنيد عناصر جديدة لصفوفهم، وهي المصل الذي يمكن أن ينفخ في منطقتنا روحاً جديدة ونظرة مغايرة للمستقبل.
كرة القدم بشكل خاص والرياضة بشكل عام هي حالة مضادة ولقاح يكافح التطرف والتشدد، وقد نجح المنتخب المغربي في وضع كرة القدم العربية في موقع المنافسة العالمية، وهذا أمر جيد للغاية، ونتوقع أن يتم إستثمار هذا الإنجاز، ليس على مستوى المملكة المغربية فقط، بل أيضاً على مستوى بقية دول المنطقة.
يقول البعض إنه لا يجب تسييس الرياضة، ولكن الواقع يقول إنها مسيسة بالفعل لأنها تتعلق بحياتنا وسعادتنا ومشاعرنا، وكل ذلك يقع في قلب السياسة، فقرارات تشكيل الفرق وأخبار الإنتصارات وإحراز الأهداف تفوق في تأثيرها أحياناً بل في معظم الأحيان مفعول القرارات السياسية، ذات الصلة الوثيقة بحياة الناس، لأن الأهداف تمنح الجميع جرعات فورية من السعادة الجماعية تفوق أي قرارات أخرى قد يكون لها هدف مماثل لتحقيق السعادة، وهذه إحدى عجائب كرة القدم ومفاعيلها السحرية التي جعلت منها ساحرة القلوب والعقول!
الحالة المغربية التي تحولت إلى حالة عربية بل حالة عالمية، تبقى حالة إستثنائية في تفردها وتأثيراتها وليس في تكرارها مستقبلاً، فالبعض يقول إن منتخب المغرب قد وحد العرب وجمعهم بنجاح يفوق أي حدث سياسي، فقد حقق ما فشلت فيه القمم العربية والمؤتمرات التي عقدت بالمئات وتزينت بالشعارات، ووسائل الإعلام التي أنفقت عليها المليارات، كل ذلك فعلته أهداف وانتصارات كروية جمعت العرب من المشرق للمغرب، واللافت أن كل ما يتردد عن الحساسيات العربية قد تلاشى، وذابت الخلافات السياسية التي صوتت الشعوب بإنكارها ونفي أي صلة لها بها.
نجح لاعبو المغرب أيضاً في غرس مفاهيم وصور نمطية إنسانية رائعة في نفوس الجميع، ولاسيما الشباب، حيث ستبقى صور أشرف حكيمي وسفيان بوفال مع والدتهما رمزاً إنسانيا رائعاً لوفاء الابن، وقيمة الأمومة، ونشراً لثقافة تحتاجها الأجيال الجديدة وسط طوفان من الغث والسمين من المحتوى الإعلامي والترويجي والثقافي الذي يحاصر الجميع.
الحالة المغربية دعمت في حقيقة الأمر الإنطباعات والصور النمطية الجديدة، التي تلقاها العالم أجمع، شرقاً وغرباً، حول العرب والمسلمين، ولاسيما النساء، فنساء العرب ليسوا نساء "القاعدة" و"داعش" بل هم جزء من واقع مجتمعي تابعه العالم أجمع في ملاعب قطر وشوارعها وفي كافة المدن العربية التي خرجت احتفالاً بفوز المنتخب المغربي، وكأنه فوزاً لمنتخباتهم في إحساس ربما لاتجد له نظيراً سوى بين العرب، الذي تجمعهم في حقيقة الأمر مشاعر وروابط تحدثت الأدبيات السياسية عنها كثيراً ولكننا لم نراها سوى في وقائع تاريخية نادرة منها ما كشفت عنه "الحالة المغربية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.