الزيادة في أسعار الخبز يتلمس جيوب المغاربة    المحكمة ترفض السراح المؤقت لبعيوي والناصري ومن معهما على ذمة قضية "إسكوبار الصحراء"    انهيار عمارة سكنية من أربعة طوابق بحي بروكون    بعد تنصيبها من طرف الطالبي العالمي.. لجنة تحكيم جائزة الصحافة البرلمانية تواصل أشغالها    "الأسد الإفريقي 2024".. تمرين لمكافحة أسلحة الدمار الشامل بميناء أكادير العسكري    عقبة واحدة تقف أمام الزمالك المصري للتعاقد مع بنشرقي    "صمت الحكومة وتملص وزارة الصحة" يدفعان الشيغلة الصحية للتظاهر أمام البرلمان    "زيادة البوطة".. الحكومة: نستهدف دعم الفقراء والأغنياء كانوا يستفيدون من 12 مليار درهم    الاعتراف المتجدد بدولة فلسطين    78 رحلة تؤمن قضاء 34 ألف مغربي لمناسك الحج لعام 1445    مرسوم يعزز السياحة الثقافية بالمملكة    "أشبال شيبا" يشاركون في دوري بإنجلترا    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالانخفاض    معطيات رسمية: عدد طلبات دعم السكن يفوق 2900 ملف في جهة طنجة    الجزائر تسلم سلطات المغرب 15 معتقلا    من قلب فرنسا..فصل جديد من صراع الجزائر والمغرب    بايتاس: الدعم الاجتماعي يصون كرامة الفقراء.. و60 بالمائة من الأسر مستفيدة    مصرع عامل بناء بعد سقوطه من أعلى فندق قيد الإنشاء بطنجة (صور)    باريس سان جيرمان يغري حكيمي بحلم مبابي    الملك يوصي الحجاج المغاربة بالاستقامة ويحثهم على تجسيد حضارة المغرب العريقة    هذه هي الأسماء التي تم تعيينها في مناصب عليا    الفوج الأول من الحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    زوبعة إثر تبرئة المتهمين بتبديد أموال البرنامج الاستعجالي    علاج جديد مبتكر قد يعالج الشلل الناتج عن كسر في الرقبة    خطوط جوية جديدة ترفع عدد مستعملي مطار تطوان ل 70 ألف مسافر خلال 4 اشهر    اختلاسات مالية تُطيح بنائب جديد لرئيس جماعة تطوان    مدريد.. الطالبي العلمي يشارك في اجتماع مكتب الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط    بسبب هذه اللقطة.. توقيف المصارع الريفي جمال بن صديق لمدة 6 أشهر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    حكمة العدل الدولية تعتزم إصدار قرارها بشأن وقف إطلاق النار في غزة الجمعة    أساتذة بتطوان يطلبون "إسقاط التطبيع"    دراسة: حقنة الظهر تقلل خطر حدوث مضاعفات أثناء الولادة    التغذية الصحية .. هكذا يمكن الحد من خطر الإصابة بألزهايمر    تيزنيت : جمعية النخبة للمبادرات المغرب تعطي انطلاقة تنفيذ مشروعها "الفضاء الرقمي للمواطن"    النجمة كيت بلانشيت: للنازحين صوتًا ولديهم قصة علينا التركيز عليها    الشاعر والإعلامي المغربي محمد بشكار يطلق ديوانه السادس "امرأة بتوقيت الأبد"    تراجع أسعار النفط للجلسة الرابعة على التوالي.. هل سيستفيد المواطن من الانخفاض        رفع ستار الكعبة المشرفة استعدادا لموسم الحج    الملك يوجه "ضيوف الرحمن" بضرورة تمثيل بأفضل صورة خلال موسم الحج    البنوك المغربية رائدة النمو المالي والاقتصادي في إفريقيا.. موجودة في أكثر من 30 بلدا أفريقيا    نادي وست هام يتعاقد مع المدرب الإسباني لوبيتيغي    سفارة المغرب بموسكو تنفي صحة بلاغ حول الجالية الطلابية بمدينة ساراتوف    جمعية طبية تكشف أسباب حُرقة المعدة وسبل الوقاية والعلاج    بركة يؤكد من بالي أن المغرب مصمم على تعزيز قدرته على التكيف مع التغيرات المناخية    المهرجان الدولي للفيلم "الرباط- كوميدي" في نسخته الخامسة    تدشين مخيم توبقال ويركان البيئي للصمود    نجوم دوليون يخطفون الأنظار بدعمهم لفلسطين في مهرجان كان السينمائي    الوزير الأسبق محمد بنعيسى ضمن أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية الذين استقبلهم السيسي    وزارة الحج والعمرة… إيقاف تصاريح العمرة ومنع دخول مكة لحاملي تأشيرات الزيارة    ابتداء من اليوم.. السعودية تمنع دخول مكة المكرمة أو البقاء فيها    حريق بسوق الخميس في مراكش يخلف خسائر مادية جسيمة    دوري أبطال أوروبا: بودابست تستضيف نهائي 2026    قمع الطلبة الداعمين لغزة يتسبب في إقالة رئيس شرطة جامعة كاليفورنيا    المملكة المتحدة تتوجه لانتخابات عامة مبكرة في يوليو المقبل.. فماذا نعرف عنها؟    مستجدات انتقال المغربي عطية الله إلى الأهلي المصري    هل استقر حمدالله على وجهته المقبلة بعيدا عن السعودية؟    دراسة: المبالغة في تناول الملح تزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة بنسبة 41%    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقامة السورية
نشر في طنجة الأدبية يوم 17 - 06 - 2011

حدثنا مروان الحَمَوي قال: نزلتُ أرضَ بَرْقَة، فشعرتُ بضِيقٍ وحُرْقَة. كيفَ والرجلُ قد سَرْبَخ، وأفكَ ونَفَخ! وجهٌ تَبَرْقَح، وأيْدٍ تَلَطَّخ. وما خَفِيَتْ منه الأُسْروجَة، وحَقُّه القذفُ بالسرْموجَة. قد سلَّط على ذَوِيه هَمَلَ الأفارقة، فعَاثُوا فساداً كأنهُمُ الأزارِقَة. والزَّغْزَغُ الزُّعْرُورُ يُوَعْوِع، والسِّلاحُ لائحٌ يُقَعْقِع. عَضْبُ اللسَانِ فَدْم، مَعْطُوطٌ وَقِحٌ وَغْم. مُنْخَرِقُ السِّرْبَال، ضَرَطَ وبَال.
فقلتُ هلُمَّ إلى أرضِ الشام، أتقي لَفْحَ يومٍ سَامّ. لعَلِّيَ أجِدُ رُشْداً أو هُدى، بَيْدَ أنَّ كَدِّيَ راحَ سُدى. فما وجدتُ غيرَ الرجُلِ السَّرْطَل، مَن خطبَ في الناسِ وبَرْقَل، ورَشا النُّوَّابَ وبَرْطَل. فمَا منهم غير مُنافِق، ومَدَّاحٍ ومُوافِق. فبعضٌ يُصَفِّق، وبعضٌ يُخَرْبِق. ودمُ الناسِ جرَى في دَرْعا، وصِبْيةٌ مَكلومُون وصَرْعى. والأبلَهُ الأخْطَل، كخَيْطَلٍ أو هَيْطَل. تُراهُ جهِلَ أم أنكَر، شعباً قد تَحرَّر؟ إذْ قال خائنٌ مُندَس، وعميلٌ يَتجسَّس. يَطِبُّ العيونَ وفيه رَمَد، والقلبُ من فِعْلِه في كَمَد. أطبيبُ عُيونٍ وسَبَل؟ إنَّ هذا لَعيْنُ الخَبَل! وأخوهُ "الماهرُ" يَسفِك، يُذَبِّحُ الفتيانَ ويَفْتِك. وحَذْوَهم الجُولان، والحربُ في حُوران! فما أصدقَ من قال:
أسدٌ عليَّ وفي الحُروبِ نعامة ؞؞؞ رَبداء تَجفلُ من صَفيرِ الصَّافِرِ
فقلت لمروان: لكنَّ الرئيسَ عَفا، وكلَّ جُرْمٍ نَفَى. قال: تَلْدَغُ العقربُ وتَصِيء، أبشرْ شامِيُّ بعفوٍ نَسِيء! قال صفوت الحلَبي: ذو الأفعالِ القبيحَة، عفا عن الذبيحَة! نَثَرَ القَمِيحَة، وأطلقَ "الشبيحَة"! قلت لمروان: فما تقول في البوطي، وقد أشبهَ السَّيوطي؟ قال: إن الشيخَ يَهْذي، والله يُضِلُّ ويَهْدي. قد صَيَّر الأحرارَ حُثالة، تركوا الصلاةَ ضلالة. وَلَجُوا المساجدَ انتعالا، وانتحلوا الذكرَ انتحالا. ركَنَ البوطي و"حَسُّون"، أَهِلِّي رَيْبَ المَنُون! قلتُ: و"بُثَينةُ" و"المُعَلِّم"؟ قال: بئسَ المُداهِنُ المُسَلِّم.
قلتُ: لكنْ لِمَ حِقْدُ الرئيسِ والنِّقَم؟ قال مروان: شِنْشِنَةٌ أعرِفُها من أَخْزَم، ومَن أشبَهَ أباهُ فمَا ظلَم. ولقد قال أبو ريشة في أبيه:
تركَ الحصونَ إلى العِدى متعثراً ؞؞؞ بفراره وأتى الحِمَى مُستأسِدا
سِكينُه في شدقه ولُعابُه ؞؞؞ يجري على ذكرِ الفريسة مُزْبدا
ما كانَ هولاكو ولا أشباهُه ؞؞؞ بأضلَّ أفئدةً وأقسى أكبُدا
هذي حَماةُ عروسةُ الوادي على ؞؞؞ كِبرْ الحِداد تُحيل طَرفاً أرمدا
قال صفوت الحلبي: صدقتَ وإن خرج فوق أبيه، وما أصدق قولَ شاعرٍ نَبِيه:
ودمشقُ من النُّصَيرية الرَّعناء ؞؞؞ ضجَّت سُهولُها والنُّجود
حافظُ الكُفر صاحبُ الأمرِ فيها ؞؞؞ حيث مروان غيَّبَتْهُ اللُّحود
ثم قال: أيَعرِضُ علينا خِصْلَتَي الضَّبُع؟ عذابٌ أو قومٌ سُجَّدٌ رُكَّع! قال مروان: حربٌ مُجْلِيَة أو سِلْمٌ مُخْزِيَة! اللهمَّ المَنِيَّة ولا الدَّنِيَّة!
قلتُ: إن العَصا من العُصَيَّة، وهو الوفِيُّ ذو الوصِيَّة. قال مروان: ألَمْ يأتِكَ نبأ حَمَاة وسريحين، يومَ أُبيدَ الشيخُ والجَنين؟ قلت: ما يومُ حليمة بِسِرّ، يا حادِيَ الرُّكْبانِ سِرْ!
قال: وخَبَرُ تلِّ الزعتر، وهنانو وتَدْمُر؟ وكيفَ ينسى المسالمَةُ والأبازيد، وشاميُّون بين سَجينٍ وطَريد؟ قد تفرَّقوا شذَر مَذَر، سواء البدوُ والحَضَر، لِيَنْعَمَ "بشار" و"البعث"، بمِلْكِ اليمين والحَرْث، فيأتي الناسَ أنَّى شاء، ويَتَّخِذَهُم سُخْرِيًّا وإماء. أمَا رأيتَ كيف هَتَك الأفَّاكون الدستور، لِيَحكُمَ ابنُ الرئيس ويَجُور؟ وعمودا شاهِدَةٌ ودير الزور، والقامشلي وبوكمال، واللاذقية والرِّجَال. ولئن كان الغلام دون البلوغ، فلَيُّ القانونِ عيْنُ النُّبوغ. وكلُّ مَن ثارَ من الأحرار، "حريريون" وأغرار، أو "سلفٌ" و"إخوان"، وأتباعُ "بنِ سلطان". وخروجُ الناس مؤامرة، ورَوْمُ الحقِ مُغامرة.
قلت: فما تقول في "نصر الله"؟ قال: كبا وأيْمُ الله. ألاَ شاهَتِ المقاومة، وحلَّتِ المُساومَة. قد صاحَبَ الأطلَسَ العَسَّال، وصافحَ يدَ القتَّال، مَنْ أعدَمَ "الخطيب"، حمزة الحبيب، وحبَسَ "الأتاسي"، وأجَّجَ المآسي، و"الملوحي" و"المالح"، وكلَّ صادقٍ ناصح. أمَّا المُجْلَوْنَ ففي كل بلد، شتاتٌ لا يُحْصِيهم عَدَد. ذَهَبُوا أَيْدِي سَبَا، كبيرُهُم ومَن حَبَا. "فالسباعيُّ" و"العَطَّار"، وإخوانٌ ويسار. عجَبٌ جزاءُ سِنِمَّار، إما رَمضَاء وإما نار!
قلت: لقد رأيتُ الناس، في حِمْص وبَنياس، والحَسكة وإدْلب، والرَّستنَ وحلَب، والدِّير وتلِّ كَلَخ، تُذبَحُ وتُسْلَخ. وليس فيهم غيرُ أعزل، وأكثرهم مُعْوِزٌ ومُعَيَّل. وألْفَيْتُ جِسرَ الشغور، في نزوحٍ وثُبور. فعَلامَ ثارَ الجَيْأل؟ ولا وِتْرَ له ولا ذَحْلَ؟ قال مروان: ومَنْ يَحمِي العصابة، ويسندُ القرابة؟ "مخلوف" و"بخيتان"، وقراصنة وحِيتان! إنَّ هذا التَّفِلَ الوَهِل، الخَبِلَ الثَّمِل، لا دينَ له ولا مِلَّة، ولا قلبَ ولا نِحْلة. ولا يُؤْمَنُ الوَغْد، ولو كان في وِرْد.
قلت: لكنهم يقولون، إنكم شِرذمةٌ قليلون. قال: فجوابُهُم عند السموأل:
إِذا المَرْءُ لم يَدْنَسْ من اللُّؤْمِ عِرْضُهُ ؞؞؞ فكُلُّ رِدَاءٍ يَرْتَدِيهِ جَمِيلُ
تُعَيِّرُنا أنّا قَليلٌ عَديدُنا ؞؞؞ فقلتُ لها إنّ الكرامَ قليلُ
وما قلَّ مَن كانت بقاياه مثلَنَا ؞؞؞ شبابٌ تَسامَى للعُلَى وكُهول
وما ضَرَّنا أنّا قليلٌ وجارُنَا ؞؞؞ عزيزٌ وجارُ الأكثَرينَ ذَليلُ
ثم قال مروان: فلا تَغُرَّنَّكَ كثرةُ الخبيث، فإنما هو أسَدٌ رَثِيث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.