مطلوب تدخل دولي لتحميل الجزائر مسؤولية تسليح مليشيا موسومة بالارهاب.. في تقرير موثق نشره موقع ساحل أنتلجنس الفرنسي قبل أيام، اعتبر الموقع التحليلي المتخصص في شؤون الساحل أن جبهة البوليساريو الانفصالية بإعلانها خلال شهر دجنبر الجاري عن تكثيف عملياتها العسكرية ضد مواقع عسكرية مغربية فإنها تتجاوز عتبة سياسية ذات عواقب وخيمة تتجلى في المواجهة الارادية المباشرة مع العقيدة الأمنية الأمريكية للرئيس دونالد ترامب، حيث يُرجّح اعتبار أي عمل مسلح مستمر ضد حليف استراتيجي للولايات المتحدة عملاً إرهابياً. هذا التوصيف يتزامن مع انتظار استكمال المساطر الادارية والاجرائية الجارية على صعيد الكونغريس الأمريكي لاعتماد مشروع قانون، يهدف إلى تصنيف جبهة "البوليساريو" منظمة إرهابية. المشروع، قدمه الجمهوري جو ويلسون والديمقراطي جيمي بانيتا في البداية، وشهد انضمام ثلاثة نواب جمهوريين جدد كموقعين مشتركين هم ماريو دياز-بالارت، وراندي فاين، وجيفرسون شرويف، مما يعزز من قوته السياسية ويفتح الباب أمام تصويت سريع محتمل. المسطرة التشريعية التي يتم تسريعها من طرف واضعي مشروع القرار تندرج في سياق تصاعد التوترات حول النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، حيث يتهم المشروع "البوليساريو" بممارسات مسلحة عنيفة وارتباطات مشبوهة، مما يعرضها عمليا لعقوبات أمريكية تطال أي كيان يدعمها . بالنسبة للجزائر الحاضنة منذ نصف قرن للمشروع الانفصالي المسلح في صحراء لحمادة تبدو الورطة القانونية والسياسية مضاعفة .. الجبهة الانفصالية تتبنى عبر بيانات عسكرية يومية -منذ ما لايقل عن خمس سنوات تتزامن مع إعلانها رسميا التنصل من اتفاق وقف اطلاق النار – عمليات قصف عسكري لأهداف عسكرية مغربية حسب مزاعم البوليساريو. بمنطق الأرقام قيادة البوليساريو تعترف بأنها قصفت مواقع مغربية يوميا منذ 1900 يوم. وعلى افتراض أنها أطلقت في كل عملية خمسة صواريخ غراد روسية وهو السلاح الرئيسي الذي تستخدمه في عملياتها منذ منتصف عقد السبعينات من القرن الماضي, تكون عناصر الميليشيا قد أطلقت ما لايقل عن 10 آلاف صاروخ. بتوظيف هذه الترسانة. يفترض أن الجبهة الانفصالية استنفذت قبل عقدين على الأقل ما تحصلت عليه من ليبيا القذافي من أسلحة وأيضا من ايران وأنها توظف على الأقل منذ تنصلها من اتفاق وقف النار قبل خمس سنوات السلاح الذي تتسلمه من الجزائر لكي تستطيع أن تحافظ على هذه الوتيرة القتالية التي تتباهى بها يوميا عبر البلاغات الحربية البليدة. بأسلوب التباهي اليومي وبلاغات "الأقصاف المركزة" تتجسد وتتكرس مسؤولية الجزائر الدولة المحتضنة للجماعة الانفصالية القانونية الموثقة عن تسليح الجماعات المسلحة في تضارب متعمد مع قواعد القانون الدولي. تتحمل الجزائر مسؤولية قانونية عن دعمها للجماعة المسلحة غير الحكومية المدعوة بالبوليساريو خاصة أنا هذا الدعم أدى إلى ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، كما وثقت بعثة المينورسو الأممية قبل سنة ونصف بضاحية مدينة السمارة المغربية . الميليشيات المسلحة للبوليساريو الموسومة بالارهاب في أكثر من تقرير دولي محايد , تقصف أهدافها في الغالب من التراب الجزائري. شهر فبراير من السنة الجارية نبه المغرب في جنيف، خلال مؤتمر نزع السلاح، إلى التحديات الأمنية التي تواجهها إفريقيا، وحذر من انتشار الأسلحة الخفيفة والأسلحة الصغيرة، التي تقوي الجماعات الإرهابية والانفصالية وتهدد استقرار القارة. الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأممالمتحدة في جنيف، عمر زنيبر تدخل بالمنبر الأممي قائلا أنه لا يمكن تجاهل التحديات الأمنية التي تواجه قارتنا إفريقيا، وعلى رأسها انتشار الأسلحة الخفيفة والصغيرة مما يغذي الصراعات المستمرة، ويقوي الجماعات الإرهابية والانفصالية ويهدد استقرار القارة. الدبلوماسي المغربي شدد على أن المغرب يدعو إلى تعاون دولي وإقليمي ودون إقليمي لمنع تحويل هذه الأسلحة إلى جهات فاعلة ليست لديها صفة الدولة، وإلى التنفيذ الفعال للالتزامات الدولية في هذا المجال. في حالة البوليساريو كجماعة مسلحة لا تمتلك صفة تمثيلية في المنتظم الدولي، استمرارها في تهديد الأمن والاستقرار الإقليمي يضعها تحت طائلة التصنيف في قائمة الجماعات الإرهابية المسلحة. بالنسبة للجزائر التي تدعي الحياد الكاذب و التمويهي في ملف الصحراء ولكنها لا تنكر دعمها وتسليحها لميليشيات البوليساريو يبدو وضعها أكثر تعقيدا تجاه مأزقٍ تُغذّيه منذ و تغرق في تفاصيله وعواقبه منذ عقود. النظام الجزائري مع تطورات المشهد الاقليمي والدولي أمام ثلاث خيارات أحلاها مر: إما أن تختار النأي بنفسها علنًا بإدانة العنف رسميًا، وقطع التمويل، ومحاولة طرد أو تحييد العناصر المسلحة في مخيمات تندوف (مما سيؤدي إلى توترات لوجستية وسياسية كبيرة) أو أن تُبقي على دعمها السري وتُخاطر بالارتباط بكيانٍ مُصنّفٍ إرهابيًا، ما يُعرّضها للعقوبات والعزلة الدبلوماسية والضغط على علاقاتها مع واشنطن وشركاء آخرين. ثالث السيناريوهات وأخطرها هو مواجهة عسكرية أو حملة تطهير داخلية ضد الجماعات داخل أراضيها، قد تتطور إلى نزاع مسلح أو أزمة إنسانية ستفرض تدخلا دوليا ووساطة أممية جديدة تطلبها الجزائر مرغمة لعرقلة وتفادي تدخل أمريكي سيعصف لا محالة بأجندات وخطط قصر المرادية.