ديون وادخار الأسر المغربية.. قروض ضمان السكن تتجاوز 32 مليار درهم    منخرطون ينتقدون رئيس نادي الوداد    حادثة سير مروعة تخلف قتيلين على الطريق الوطنية الرابطة بين الحسيمة وتطوان    المندوبية السامية للتخطيط: جهة الشمال تسجل أدنى معدل في البطالة بالمغرب    مؤسسة محمد الخضير الحموتي تفضح مؤامرات النظام الجزائري.. وتؤكد: من يعبث بوحدة المغرب ستحرقه نار الانفصال    من قلب الجزائر.. كبير مستشاري ترامب للشؤون الأفريقية يكرّس الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ويدعو لمفاوضات على أساس الحكم الذاتي    الانتخابات التشريعية في خطاب العرش: رؤية ملكية لاستكمال البناء الديمقراطي وترسيخ الثقة    منصة تيك توك تزيل أكثر من مليون فيديو لمغاربة خلال 2025    الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في ليبيا تشيد بالتزام المغرب وتعرب عن تقديرها العميق للمملكة لتيسير الحوار الليبي-الليبي    النقص الحاد في المياه يفاقم مآسي الجوع والنزوح في قطاع غزة    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    أولمبيك آسفي يتعاقد رسميا مع الإيفواري "أبو بكر سيلا"    قضية حكيمي تثير جدلًا حقوقيا وقانونيا.. ونشطاء فرنسيون يطالبون بإنصافه    شخصيات فلسطينية تشيد بالمبادرة الإنسانية التي أطلقها الملك محمد السادس    رابطة الكتبيين بالمغرب تحذر من أساليب تجارية «مضلّلة» وتدعو لحوار وطني حول مستقبل الكتاب المدرسي    قارب "فانتوم" ينفذ ثالث عملية تهريب مهاجرين بين شمال المغرب وإسبانيا خلال أسابيع    توقيف مروجين للمخدرات والقرقوبي بأكادير    اختتام الدورة الثالثة لمهرجان "ولاد المدينة" بالعرائش    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    موجة حرّ قياسية تصل إلى 47 درجة وأمطار رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة هذا الأسبوع    كأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين 2024.. المغرب مرشح قوي تترقبه أعين كل المنافسين على اللقب    بنكيران يدخل على خط مهاجمة الريسوني للتوفيق ويعتبر أنه من غير "اللائق أن ينعت وزارة الأوقاف بتشويه الإسلام"    "فدرالية ناشري الصحف" تدعو الحكومة لمراجعة موقفها من قانون مجلس الصحافة    رد واضح لا غبار عليه من مستشار ترامب مسعد بولوس خاصة أنه موجّه لوسيلة إعلام جزائرية: الصحراء مغربية والحل أساسه الوحيد مبادرة المغرب للحكم الذاتي        كوندوري تلتقي بوفد من المستشارين    المنتخب المغربي للاعبين المحليين يفتتح «الشان» بالفوز على أنغولا    الدار البيضاء تستضيف الدورة الأولى من مهرجان "عيطة دْ بلادي"    باحث يناقش رسالة ماستر حول الحكامة المائية في ضوء التجارب الدولية بكلية الحقوق بالدار البيضاء    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    غامبيا تبحث تعزيز التعاون القضائي مع المغرب    حملة "التعمير والإسكان" تخدم الجالية    إسبانيا تنفي إنزال علمها من جزيرتي الحسيمة    انخفاض أسعار النفط بعد اتفاق "أوبك+" على زيادة الإنتاج    دعوات لاحتجاجات أمام ميناء الدار البيضاء رفضا لاستقبال "سفن الإبادة"    ضربات إسرائيلية تخلف قتلى في غزة    "الجايمة"..أشهر مطعم مغربي في ألميريا يُغلق أبوابه نهائيًا    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    فنادق أوروبا تلاحق "بوكينغ" قضائياً    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    مقاومة الأداء الإلكتروني بالمغرب تعرقل جهود الدولة نحو الشمول المالي    إنتر ميامي يعلن غياب ميسي لأجل غير مسمى    لا أنُوء بغزّة ومِنْهَا النُّشُوء    ارتفاع في أعداد المهاجرين غير النظاميين الوافدين إلى سبتة ومليلية المحتلتين خلال 2025    الدخول المكثف للجالية يدفع الدرهم المغربي للارتفاع أمام الأورو    ترتيب شباك التذاكر في سينما أميركا الشمالية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين        بطولة انجلترا: تشلسي يتعاقد مع الظهير الأيسر الهولندي هاتو    فرنسا ترحل طالبة فلسطينية إلى قطر بعد اتهامها بكتابة منشورات "معادية للسامية"    وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإشعاع النضالي للزعيم علال الفاسي بتطوان
نشر في العلم يوم 15 - 09 - 2010

مداخلة القاها بمقر حزب الاستقلال الأستاذ محمد الحبيب الخراز عضو المجلس الوطني للحزب ، بمناسبة شهر رمضان المعظم ، والاحتفالات بذكرى مرور مائة سنة لميلاد علال الفاسي .
وعاد الفقيه محمد داود إلى تطوان ،بعدما ودع الأستاذ علال الفاسي الذي توجه الى طنجة، ثم عاد الى الجزيرة الخضراء في انتظار أن يعود إلى تطوان ، ولكن القرار الاسباني بالمنع كان نهائيا ، ولما أثر ت رطوبة الهواء بالجزيرة الخضراء على صحة علال الفاسي كتب رسالة إلى الأستاذ داود يوم فاتح شتمبر1933 ورد فيها:"
عزيزي داود: لا يكون الأخ سيدي ج عبد السلام إلا أطلعك على الرسالة التي كتبتها له، ولا أظن إلا أن الجواب عنها في الطريق. أما هذه الرسالة فإني أرجوك أن توجهها إلى الأخ بلافريج لأني لم أذكر عنوانه الذي تركه بفاس والذي أطلب أن توجهه إلي هو وما يحتاج اليه من عناوين الإخوان.
أنا مشتاق إليكم كثيرا ، ومنتظر القرار النهائي قي مصيري، لأن هواء الجزيرة رطب ما أظن أنه يوافقني، وحتى إذا كان الإخوان لا يزالون مماطلين بعد في الأمر، فالذي يظهر أن أذهب إلى الأسكوريال حيث أنعم (على الأقل) بمطالعة الكتب والاستفادة من أسفارها القيمة، فما رأيكم؟
سلامي ورفيقي لكل أصدقائنا المخلصين مع شكري وامتناني لشخصكم المحبوب.
1 شتمبر 1933 محمد علال الفاسي، وبهامش الرسالة التاريخ الهجري 11 جمادى الأولى 52.
وفي كتاب الحركات الاستقلالية في المغرب العربي كتب علال الفاسي عن هذا الحادث قائلا: في اوخر غشت 1933 سافرت لطنجة ثم لتطوان، فأقامت لي الكتلة الوطنية بشمال المغرب حفلة تكريم خطب فيها صديقنا الأستاذ عبد الخالق الطريس، وصديقنا الحاج محمد بنونة وغيرهما من رجال الوطنية، ثم ارتجلت كلمة شرحت فيها الغاية من حركتنا وأنها تحرير البلاد والوصول بها للاستقلال عن طريق التقدم، وبينت لهم أن المرحلة الأولى التي نسير فيها منذ الساعة من جهة الإصلاح الداخلي للشعب هي الاهتمام بتأسيس أمور ثلاثة وتحقيقها، وهي المدرسة والمعمل والصحيفة."
ويقول في فقرة أخرى:" لم يعجب الولاة الاسبانيون أن اتناولهم بالنقد في خطابي، كما تناولت الفرنسيين، ولم يسرهم أن أقف في تطوان لأعلن وحدة الغاية التي يعمل لها وطنيو الشمال ووطنيو الجنوب متآخين متضامنين، ولذلك فقد أصحبوني ثلاثة من رجال البوليس السري الاسبانيين الذين كانوا ملازمين لي ملازمة الظل ، وبعد ثلاثة ايام سافرت صحبة الأخ داود لزيارة قصيرة لمدينة سبتة على أمل العودة لتطوان ومنها لطنجة حيث أرجع لاستئناف دروسي في القرويين، ولكني لما حاولت الرجوع في اليوم نفسه وجدت أمرا لدى رجال الجمارك الذين ابلغوني أن الإقامة العامة الاسبانية منعتني من الدخول لمنطقة حمايتها."
" وهكذا عدنا لسبتة ثم سافرنا إلى الجزيرة الخضراء، ومنها في الباخرة إلى طنجة، وما وصلت إلى هذه المدينة حتى رأيت أحد أصدقائنا الفاسيين يقترب مني ويبلغني رسالة كلفه بحملها من فاس زملائي الوطنيون"
" قرأت الرسالة وإذا بها نبأ يقول: إن الكتلة استطاعت أن تتصل بنص برقية وردت من باريس تأذن في إلقاء القبض على ، ووضعي تحت المراقبة بجهة تختارها الإقامة العامة ، وأن الكتلة اجتمعت ورأت أن اعتقالي سيؤدي لا محالة إلى مظاهرات واصطدامات عنيفة لا ترى من المصلحة وقوعها في الوقت الحاضر ، ولذلك طلب مني السفر إلى باريس ريثما يتغير الموقف ، وفي صباح الغد غادرت طنجة إلى جبل طارق ، ومنها إلى اسبانيا . حيث التحق بي في مدريد صديقنا المرحوم الحاج عبد السلام بنونة واخوه الحاج محمد ، وكونا هناك وفدا قام بعدة اتصالات في الأوساط الاسبانية ، وعقد عدة اجتماعات مع نخبة من المفكرين الاسبانيين ، في نادي ( الأثينيو) بمدريد لشرح الحالة العامة في المغرب ، وتبيين أغلاط السياسة الاسبانية ، ثم رفعت مذكرة للمكتب المغربي في رئاسة الوزارة الاسبانية أحتج فيها على موقف اسبانيا في قضيتي ، وعلى التغطرس الذي أظهره المقيم العام السنيور موليس الذي رد لإخواننا بتطوان برقية احتجاج موجهة إليه ، وقد قررت الحكومة الاسبانية بعد ذلك إعفاء موليس والسماح لي بدخول المنطقة ."
ومن هذا الكلام يتضح أن مؤامرة إبعاد علال الفاسي من تطوان وعدم السماح له بالدخول الي المنطقة الخليفية تم بتواطؤ مع فرنسا لتشديد الخناق على تحركاته ، وإلقاء القبض عليه كما تريد فرنسا من خلال برقيتها إلى المقيم العام الفرنسي..
وبقي علال الفاسي شهورا بمدريد ووطد علاقات متينة مع رجال اسبانيا ومفكريها ، وكان تردده على مكتبة الاسكوريال عاملا آخر في تقوية نسيجه السياسي والأدبي والمعرفي .
وفي شهر دجنبر1933 سافر صحبةالحاج محمد بنونة إلى جنيف ، والتقيا هناك مع الأمير شكيب ارسلان، و بشأن هذه الزيارة كتب الأمير إلى عبد السلام بنونة بتاريخ 6 دجنبر من نفس السنة يقول له فيها :" تفضل بزيارتنا هذه المدة الأستاذ النابغة السيد علال الفاسي وكان لنا بلقائه سرور وأي سرور ورأينا ه فوق ما كنا نسمع عنه وسنمسكه عندنا هذه المدة .
ولقد كان الزعيم علال الفاسي منفتحا على أصدقائه يتبادل معهم الرسائل تلو الأخرى في قضايا وطنية ، ومصيرية ، يستجلي منهم الأخبار ، ويستشيرهم في أمور أخرى ، ويبلغهم هو الآخر بما يجري داخل كتلة العمل الوطني من نقاشات ، وما يتخذ فيها من قرارات ، فكانت رسائل متبادلة بينه وبين الأستاذ داود نشرت في كتاب ،( الرسائل المتبادلة بين علال الفاسي ومحمد داود) و أخرى نشرها الأستاذ علال الفاسي في الحركات الاستقلالية مع مجموعة أخرى من الاخوان ، امثال عبد الخالق الطريس ، والطيب بنونة ، والمهدي بنونة ، ومحمد داود وغير هم كثير في مذكراتهم .
وكانت " جريدة الحياة " التي أسسها الطريس في 5 مرس 1934 فسحة كبيرة لينشر فيها علال الفاسي المزيد من الأفكار ، والنظريات ، والمقالات السياسية ،كان قلم علال الفاسي فيها ، قويا بثقل معرفي، شعري، أدبي، سياسي، فعد من الصحافيين الأوائل في المغرب، منطلقه مدينة تطوان.
ولقد كان الزعيم علال الفاسي منفتحا على أصدقائه يتبادل معهم الرسائل تلو الأخرى في قضايا وطنية، ومصيرية، يستجلي منهم الأخبار، ويستشيرهم في أمور أخرى، ويبلغهم هو الآخر بما يجري داخل كتلة العمل الوطني من نقاشات ، وما يتخذ فيها من قرارات ، فكانت رسائل متبادلة بينه وبين الأستاذ داود نشرت في كتاب ، و أخرى نشرها الأستاذ علال الفاسي في الحركات الاستقلالية مع مجموعة أخرى من الاخوان، وهكذا،
. ورغم نفي علال الفاسي إلى الكابون في سنة 1934، فإنه ظل ملتصقا بتطوان ييتبع أخبار المغرب بواسطتها، وحتى عند تأسيس مكتب المغرب العربي كان ملازما للطريس، والمهدي بنونة ، وامحمد بن عبود ، وغيرهم كثيرا، تقوى كل ذلك بعد حالات النفي من دخول علال الفاسي إلى الجنوب ، وعبد الخالق الطريس إلى الشمال والتي أسفرت عن الحوادث الدامية التي وقعت بتطوان يوم 8 فبراير 1948 وسقط فيه الشهيد عبد اللطيف المدوري وعبد السلام البوفراحي ، في ساحة الشرف ، وجرح فيها الكثير من الضحايا، وتم فيها اعتقال أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاصلاح الوطني.
فكانت طنجة ملجأ لهؤلاء القادة علال الفاسي وعبد الخالق الطريس ، والمكي الناصري، والحسن الوزاني، وفيها تأسست الجبهة القومية المغربية التي وحدت الأحزاب في النهج السياسي المستقبلي لتحرير المغرب سنة 1948. وبعد تأسيس مكتب المغرب العربي وعقد مؤتمره بالقاهرة في 15 فبراير 1947.
ان ميثاق طنجة هذا زاد في تقوية الصلات بين حزب الاصلاح والوطني وحزب الاستقلال أظهر للخصوم السياسيين في الداخل والخارج هما حزبان متناسقان في الأهداف والغايات، ولم تستطع اسبانيا وفرنسا معا تقويض صرحهما السياسي الوحدوي ، وقد اهتمت جريدة لومند بهذا الالتئام بين الحزبين في أول سابقة سياسية في تاريخ المغرب العربي والإفريقي، فأجرت استجوابا مع عبد الخالق الطريس بتاريخ الاربعاء 20 يناير 1954 ، طرحت فيه سؤالا على الطريس جاء فيه : ( يظهر أن حزبكم يتمتع في المنطقة الاسبانية من المغرب بحرية العمل ، فما هي الوسائل التي تباشرون بها نشاطكم؟ وما هي الفروق الموجودة بين حزبكم و"حزب الاستقلال المغربي ؟ فأجاب الطريس في معرض الشق الثاني من السؤال" : بأن أهدافنا الأساسية واضحة: أولا = عودة صاحب الجلالة محمد الخامس إلى وطنه وعرشه، ثانيا = استقلال المغرب ، ثالثا وحدة المغرب، وهذه الأهداف هي أيضا أهداف " حزب الاستقلال" الذي لا يفرقنا عنه أي خلال جوهري، ومن الحق أن لكل من الحزبين وجهة نظره الخاصة، بخصوص بعض القضايا الثانوية، غير أن هذا الخلاف لا يصح إلا في الأحوال العادية، أما الآن فإن المغرب وحزب الاستقلال يمران بمرحلة صعبة جدا، وهذا هو السبب في كوننا نقدم له عوننا المجرد عن كل تحفظ ، كما نعبر له عن عطفنا الأخوي و"ميثاق طنجة " يلزمنا بذلك التعضيد "
وقد جاء هذا التصريح اثر المهرجان الخطير الذي نظم بملعب سانية الرمل بتطوان بتاريخ الخميس 21 يناير 1954 وبحضور عبد الخالق الطريس وأنصار حزب الإصلاح الوطني وفعاليات أقاليم الشمال ، ترأسه المقيم العام الاسباني الخنرال ضور كرسيا فالينيو والذي أعلن فيه في خطاب مفتوح تضامن اسبانيا مع الملك محمد الخامس ، ومعارضتها للسياسة الفرنسية بشأن نفيه عن وطنه وعرشه ، وتسلم من نائب الصدر الأعظم للخليفة السلطاني عريضة موقعة بإمضاء أربعمائة وثلاثين نسمة من كبار رجال الحكومة الخليفية والقادة والمفكرين والشرفاء والأعيان بإعلان تضامنهم مع الملك الشرعي، وعدم اعترافهم بابن عرفة . فأحدث هذا التصريح حالة الغضب الفرنسي ضد اسبانيا ، وكان هذا اليوم الحد الفاصل في المقاطعة السياسية الفرنسية الاسبانية إلى أن استقل المغرب .
الغرض من هذا أن الدوائر الاستعمارية الفرنسية بالمغرب حاولت بلبلة الرأي العام المغربي والدولي بشأن تضامن اسبانيا مع محمد الخامس ، واستنكارها لتعيين محمد ابن عرفة سلطانا، فنسبت لعلال الفاسي تصريحات أدلى بها لراديو المغرب ، فتصدى لها علال الفاسي بالنفي القاطع من ذلك ما ورد على لسانه من بيان الحقيقة تحت عنوان ( علال الفاسي يكذب مذاييع البهتان بواسطة برقية مستعجلة الى راديو " المغرب " جاء فيها :( نسب لي " راديو المغرب " أنني صرحت تعليقا على مظاهرة تطوان متهما اسبانيا بمحاولة تكسير الوحدة المغربية نهائيا ، وإنني أكذب تكذيبا قطعيا ما نسب إلى وأؤكد أنني لم أصرح بأي تصريح ولم أعلق أي تعليق في هذا المعنى " وقد نشرت جريدة " الأمة " هذا التكذيب في الصفحة الأولى من عدد 134 بتاريخ30 يناير 1954 ، وعلق علال الفاسي فيما بعد على التصريح الإسباني " بأن ما أظهره الاسبانيون في المغرب قد أحدث تقاربا عربيا اسبانيا يقوم على قاعدة متينة من التفاهم المتبادل "
ولما انتقمت فرنسا من حزب الاستقلال بإغلاق مقره وفروعه ، وتعطيل صحفه في أكبر نكبة سياسية، صار الاستقلاليون إما مبعدين او منفيين عن الوطن ، وإما معتقلين في السجون ، أو معدومين ، تحولت جريدة " الأمة " إلى تغطية المحاكمات ، والأعمال الفدائية ، ومن حين لأخر كان علال الفاسي يغطي فيها بعض الأخبار ، والتعليقات ، والتصريحات بوصفه زعيما لحزب الاستقلال .من ذلك البلاغ الذي نشرته جريدة " الأمة " بتاريخ فاتح يونيه 1954 في صفحتها الأولى بما يالي " بلغنا ان السيد محمد الزغاري يجري في المغرب وفي فرنسا ، مخابرات مع الحكومة الفرنسية مدعيا موافقة حزب الاستقلال ، ونحن نعلن بأنه ليس للسيد محمد الزغاري أي حق في إجراء مفاوضة باسم الحزب، كما نعلن معارضتنا التامة لكل مخابرة ترمي إلى جعل السيادة المغربية سيادة مزدوجة" علال الفاسي .
وظلت اخبار علال الفاسي لصيقة بالصحافة الوطنية بتطوان خاصة الحرية والريف ثم الأمة. تنشر نشاطه بالقاهرة ، ولبنان ، وسوريا ، و نشاطه بطنجة ، وتنقلاته عبر فرنسا ، واسبانيا التي ظل مرتبطا بها،.
وكان حدث ادماج حزب الاصلاح في حزب الاستقلال تاريخيا، توج بصدور بلاغ مشترك بمدينة طنجة بتاريخ الاحد 5 شعبان 1375 18 مارس 1956 ورد فيه :" بعد المذاكرات التي جرت في المدة الأخيرة بين اللجنة المركزية لحزب الإصلاح الوطني وبين اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال،والتي استعرضت فيها التطورات التي طرأت على سير القضية المغربية اتفق الكل على ضرورة توحيد جهود جميع المواطنين لجعل الاستقلال المعترف به حقيقة واقعية وتوطيد دعائم الوحدة الترابية للبلاد في ظل صاحب الجلالة سيدي محمد الخامس نصره الله ، وبناء على ذلك وعلى ما بين الحزبين من تاريخ مشترك في الكفاح الوطني وبعد استشارة المسؤولين في الحزبين قرر أن يندمجا في بعضهما ويصبحا حزبا واحدا يحمل اسم " حزب الاستقلال". وفي الخطاب التاريخي الذي القاه علال الفاسي بملعب " مارشان " بطنجة يوم18 مارس 1956في عشرات الألوف من المواطنين والمواطنات أشار إلى هذا الإدماج بقوله " ( لذلك وحبا في تحقيق ، وحدة العقيدة الوطنية فإنني أزف إليكم أيها الاخوان بالنبأ العظيم إلى ما توصل إليه رجالكم العاملون وهو توحيد جزب الإصلاح وحزب الاستقلال ، وإنه ليسعدني وأخي الزعيم الكبير الأستاذ عبد الخالق الطريس الموجود معنا أن أوافيكم بجزء بسيط من التاريخ الذي لا تجهلونه وهو أن حزب الإصلاح وحزب الاستقلال ما كانا في يوم واحد ، مختلفين ولكنهما كانا دائما في صعيد واحد ، وفي مبادئ واحدة ، ، ولقد بدأت الحركة الوطنية يوم بدأت باسم كتلة العمل الوطني. وكانت تضم كتلة العمل الوطني جميع الرجال الذين أسسوا حزب الإصلاح ، وجميع الرجال الذين أسسوا حزب الاستقلال ، ولكن ظروفا أجنبية خارجة عن إرادتنا جعلتنا نقبل أن يعمل كل واحد منا في استقلال نوعي إلى أن تأتى الوقت الذي نرجع فيه إلي الحقيقة الوطنية وهي التوحيد."
في 7 ابريل 1956 حمل الملك الرحل المجاهد محمد الخامس بشرى استقلال المغرب بعد عودته الأخيرة من مدريد، فكانت تطوان بهذه الحظوة الكبيرة عاصمة للمغرب يزف منها أكبر حدث في تاريخ العالم العربي والاسلامي، حدث الاستقلال، برهنت فيه عن فرحتها العارمة بالاستقبال المنقطع النظير الذي خصص لمالكها، ولوفائها بعرشه، وجهاد المغرب كله لتحقيق النصر، والوحدة ،والحرية. وتشاء الأقدار أن تكون تطوان في لحظة وجود ملكها المحبوب محمد الخامس بين أحضانها، يحل علال الفاسي ضيفا على تطوان في عهد الاستقلال يوم الأربعاء 28 شعبان عام 1375 الموافق ل 12 ابريل 1956 فخصصت له جماهير المدينة أكبر استقبال للأبطال اذ خرج سكانها بكاملهم تستقبله ، حتى رفعت سيارته على الأكتاف اعترافا بنضاله وجهاده الوطني، وعد هذا اليوم يوم وحدة وطنية عارمة جمعت قادة شمال المغرب بجنوبه ،وفي مقدمتهم محمد الخامس وأنجاله الكرام ، وأعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ، احمد بلافريج ، وعمر بن عبد الجليل ، ومحمد غازي ، وابوبكر القادري ، والمهدي بن بركة ، ومحمد بوستة ،مدير جريدة " الاستقلال " ورئيس تحرير العلم قاسم الزهيري ، وغيرهم .وأقام بها أياما من شهر رمضان الأبرك ، حدث فيها في مساجد تطوان ، وحاضر بنادي الحزب ، واتصل في جولة عبر المدينة بمختلف شرائحها ، يتواصل معهم بالتحية والسلام ، وظل شهر رمضان من كل سنة، سنة حميدة لعلال الفاسي يحضر فيها الى تطوان ، عالما ، وخطيبا ، ومحدثا، ومشرفا على كل نشاط حزبي وشبابي ، وتشهد هذه القاعة التي نجتمع فيها اليوم مئات الأحداث السياسية التي مرت فيها ، من اجتماعات حزبية وطنية ، وندوات علمية ، وفكرية ، وأدبية، ولقاءات مستمرة ، ومتواصلة لأعضاء الحزب وخلاياه تغطي الأنشطة السياسية والفكرية ، والرياضية ، والدينية ، والموسيقية التي تنظم بمناسبة هذا الشهر الفاضل ، و في الشأن الديني واظب علال الفاسي على إلقاء درس ديني بمسجد سيدي عبد الله الحاج ، او المسجد الأعظم ، في قضايا العصر وارتباطها بالإسلام ، وفي فرع الحزب كان يحاضر عن المستجدات ، والأبعاد السياسية المغربية ، محللا ، ومنتقدا ، وموجها ، ومطرا للشباب ، وارتباطه في هذا مع الأطر الاستقلالية كان خاصا ، وملحوظا ، فقد وزع العشرات والعشرات من الجوائز الهامة ، في الشطرنج ، في الرياضة ، في الأدب ، مما يطول ذكره أيضا .
لم يغب علال الفاسي عن تطوان ، وكم يكون سعيدا للحضور كلما ترأس نشاطا ، او اجتماعا
حياته هنا ظلت من نعومة شبابه إلى وفاته رحمه الله .
هي إشارات فقط لمحطات نضالية طويلة، كان علال الفاسي بطلا من أبطالها ، وطنيا ، ومربيا ، وسياسيا ، وعالما ، وزعيما . وقد حظيت تطوان بالزعامات السياسية ، فيها عبد السلام بنونة ، وعبد الخالق الطريس ، وعلال الفاسي ، والمكي الناصري ، والأمير شكيب ارسلان وغيرهم ، مما يجسد المكانة العالية لهذه المدينة المجاهدة .التي ارتبطت بهم ، وارتبطوا بها وأولهم علال الفاسي .رحمه الله رحمة المؤمنين الصادقين ، والشهداء الأبرار .
والسلام عليكم ورحمة الله .
تطوان في خامس عشر رمضان 1431
26 غشت 2010-08-26
محمد الحبيب الخراز
عضو المجلس الوطني للحزب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.