مساء أمس وفي منتدى الحرية الذي تنظمه الشبيبة الاستقلالية والاتحاد الدولي للشباب الديمقراطي بحضور وازن لشباب يمثلون أزيد من ثلاثين دولة، قال سفير الاتحاد الأوربي في مداخلته حول «تعزيز المسار الديمقراطي في المغرب والإصلاح الدستوري» أن المغرب لا يمثل نموذجا في مسألة البناء الديمقراطي، وقال بأنه من الخطأ تصنيف البلدان إلى نماذج، مفضلا الحديث عن خصوصية مغربية ليست وليدة اليوم بل هي ممتدة في التاريخ منذ اللحظة التي إختار فيها المغرب إعتماد التعددية الحزبية وتحريم الحزب الوحيد، هذا ما جعل المغرب والإتحاد الأوربي يتقاسمان الكثير من القيم والمبادئ بالإضافة إلى نفس الفضاء الجغرافي، وهذا ما يجعل الوضع المتقدم الذي يحضى به المغرب في علاقته مع الإتحاد الأوربي يعتبر تفاعلا أوربيا مع هذه الخصوصية. المغرب اليوم لم يعد وحده في سباق الديمقراطية، بل على المستوى الإقليمي هناك العديد من البلدان أصبحت تصنع يوميا تجربة جديدة تتجاوز كثيرا العرض الذي يقدمه المغرب، بل إن الإهتمام الغربي أصبح مركزا على التجارب الديمقراطية الوليدة في المنطقة، ويمكن القول أن بلادنا على المستوى الماكرو سياسي تبقى الأكثر يقينا من إمكانية التطور والحفاظ على الإستقرار في نفس الوقت، فالإستقرار هو العنصر المرفوع من معادلة التحول الديمقراطي الذي يتم تجريبه اليوم في كل من تونس وليبيا ومصر، وهذه الميزة يجب استثمارها بشكل جيد ليس فقط من خلال تحخربة دوفيل التي أشركت المغرب والأردن ضمن البلدان التي سيتم دعم مسارها الديمقراطي ماليا , ولكن أيضا بتسريع وثيرة التحول والقطع مع التردد لتحصيل فرص أفضل بصورة منفردة، خاصة وأن المنافسة القادمة لن تكون سهلة، ثم أن الإقتصاد السياسي لاوربا لم يعد يسمح في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية , وفي ظل إنهيار إقتصاديات عدد من البلدان، أن يقدم الدعم بشكل واسع لكل بلدان شمال إفريقيا، وهو ما يجعل المنافسة كبيرة جدا. هل الوضع الحالي يجعلنا مرتاحين بالنسبة للمستقبل؟ يبدوأننا إلى حد اليوم في وضع أفضل، ومهما كان من بطئ في عملية الإصلاح الشامل، فإن بلادنا تبقى أفضل من يقوم بذلك بأقل تكلفة، سواء سياسية أو إقتصادية أو إنسانية وهذا يؤكد على أننا لازلنا نملك كل الشروط التي تجعل من الخصوصية المغربية طريقا ثالثا حقيقيا من ضمن كل التجارب الجارية اليوم على المستوى الإقليمي والجهوي. يبقى أن التحدي الاقتصادي والاجتماعي سيكون على رأس ما سيواجه التجربة السياسية الحالية في بلادنا، وعلى هذا المستوى هناك بعد دولي يحد من هامش المبادرة بحكم التعقيدات التي يطرحها الإقتصاد العالمي المعولم , غير أن هشاشة الوضع الاقتصاد الداخلي وضعف مناعته اتجاه الأزمات الدولية وإرتهانه الكلي على مستوى الطاقة للسوق الدولية، ستكون لها إنعكاسات على صيرورة البناء الديمقراطي، وإدراك هذه الحقيقة من طرف جميع الأطراف في الدولة سيساعد بلادنا على إتمام مسار البناء بدون نكسات وبدون إنعكاسات على المستقبل.