ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقة الأنثروبولوجيتا بالأدب (*)
من البداهة إلى الانبناء
نشر في العلم يوم 27 - 01 - 2013

لاشك أن الأدب مشتل للأفكار والجمال، مشتل للواقع والخيال والأحلام، مشتل لكل أنات وآهات وتطلعات الإنسان في الحياة، يحيا في علائق متواشجة مع كل السلوكات والتصورات والتمثلات والرؤيات للكون والعالم.. من هنا، فهو بالبداهة ملتقى الأنظار وبؤرة الأفكار وتقاطع المقاربات والمناولات... ترتيبا على هذا التصور، لقد كان ضروريا أن تقارب هذه العلاقة الصعبة، بل المركبة والمتراكبة بين الأدب والأنثروبولوجيا، عبر اكتشاف أشكلتها، وإعادة بناء (انبناء) هذه الأشكلة في إشكالية ثانية، حيث تصبح الأسئلة الدالة نظرية وابستمولوجية في المقام الأول، وموضوعاتية في المقام الثاني دون أن يعني أن للترتيب أفضلية وتراتبية، بقدر ما هناك ترتيب منطقي، لكنه جدلي ونسقي يصعب الفصل فيه ما بين الإواليات والموضوعات.
لقد عالج الباحث المتميز عياد ابلال هذه القضية، بروح ثلاثية الأبعاد تنم عن إدراك ومتابعة واطلاع عميق، وهذه الأبعاد هي :
1) البعد الشمولي
يتميز كتاب «أنثروبولوجية الأدب» بكونه شموليا في معالجته ومناولته للمسألة الأنثروبولوجية واشتغالها في السرود العربية قصة ورواية، وهذه الشمولية تنقسم إلى شموليتين اثنتين :
أ) شمولية الانثروبولوجيا: لقد استطاع الباحث، انطلاقا من عقل تركيبي، ونفَسٍ إشكالي، أن يعرض في القسم الأول من الكتاب إلى الأنثروبولوجيا في مختلف المراحل، ومختلف المدارس والاتجاهات من أنثروبولوجيا بنيوية، وأنثروبولوجيا ثقافية وأنثروبولوجيا اجتماعية، وأنثروبولوجيا تأويلية رمزية.
فضلا عن المناهج الأنثروبولوجية المختلفة، ولقد أبان الباحث عن أفق استيعابي لمختلف هذه المدارس الأنثروبولوجية، وتقديمها بحذق وذكاء، بشكل مركّز قد يُغْنيك عن التفاصيل، وهذه عملية صعبة في كتابة توصيل المعرفة وتيْسيرها، من أجل قارئ مفترض، قد يكون متخصصا، كما قد يكون قارئا متطلعا إلى المعرفة، وفي الحالتين معا، فإن كل قارئ يجد ملاذه وضالته سواء في الارتواء المعرفي، أو المزيد من الارتواء...
ب) شمولية التجلي السردي:لم يقتصر الباحث على توصيل المعرفة الأنثروبولوجية، بل تعدى ذلك إلى استشكال هذه المعرفة على مستوى الأدب، والسرد خاصة، من خلال نماذج أدبية، خاصة من المغرب، تمثل تجليا لمختلف المدارس الأنثروبولوجية، سواء المدرسة الأنثروبولوجية الاجتماعية، أو البنوية أو الثقافية.
إن هذه الشمولية تتجلى أيضا في متن عريض وواسع سواء من حيث العدد أو من حيث الكم، أو من حيث الجنس الأدبي، فهو لم يخصص جنسا محددا بل دمج ما بين القصة والرواية، ورغم أن الجنسين يوحدهما السرد، لكن هناك أشياء كثيرة تفرقهما من حيث البناء والمعمار والجمالية والنفس السردي، وهكذا احتوى المتن على 21 عملا سرديا في المجموع العام سواء على صعيد السرد القصصي أو الروائي، أغلب هاته الأعمال لمغاربة(**). إن هذه الشمولية ليست مقحمة في الكتاب، أو شمولية من أجل الزعم والادعاء، بل شمولية مسؤولة، تنم عن اطلاع واسع وعن متابعة وتتبع دقيقين، فضلا عن الصنعة النقدية في المطارحة والتحليل.
2) بعد التوأمة
لاشك أن هذا البعد مرتبط إلى حد كبير بالبعد السابق، فالباحث لم يذهب مذهب الكتابة التقليدية التي تعتمد الفصل ثم الوصل، ومن ثم تسقط في الترديد والتكرار من جهة، وتبتعد عن الكتابة التحليلية والتركيبية من جهة ثانية، ينتقل «عياد ابلال» في هذا الكتاب من صفتين؛ من صفة الباحث الأركيولوجي العميق، إلى صفة الناقد المتتبع للمشهد الأدبي المغربي والعربي، فهو من خلال هذه الكاريزما المزدوجة يوظف هاتين الصفتين في معمار الكتابة ولذا تجده انثربولوجيا وفي ذات الوقت ناقدا، يمارس جمالية الذهاب والإياب من حقلين قد يبدوان متفاصلين على الصعيد الأكاديمي، لكن، استطاع بفضل هذه الكاريزما، أن يُجسّر بينهما ويجعلهما متواصلين لا متفاصلين كما يبدو في الحس المشترك، وفي العرف الأكاديمي اعتبارا إلى «أن التخصصات أكاديمية لا معرفية» ما بين تخصصين متمايزين.. وهكذا يجري الباحث والناقد ابلال، عملية توأمة ناجحة بينهما، قطعت الطريق، عن كل تمثلات الفصل والهوة، لقد نجح فعلا في سد الفجوات «وردم» الهوات «.
3) بعد التأسيس
أستطيع أن أزعم بأن الكتاب مقدمة/ مقدمات، نحو تأسيس قراءة جديدة للأدب المغربي والعربي، غير مسبوقة في سوق النقد والبحث، أقصد النقد الأنثروبولوجي للأدب، أو القراءة أو المقاربة الأنثروبولوجية للسرد المغربي والعربي. صحيح أن الأنثروبولوجيا لها كثير من الوشائج مع السوسيولوجيا، وصحيح كذلك أن هناك سوسيولوجيا للأدب، كما أن هناك سوسيولوجيا للنقد.. لكن ليس هناك أنثروبولوجيا للأدب، فالحقل الأدبي والثقافي، غير متعود على مثل هذه المناولات، التي لاشك أنها ستفتح قارة جديدة في الحقل النقدي العربي. ولربما ما كان ممكنا الاهتداء إليها، وما كان ممكنا أن يضع فيها الباحث حجرا لولا التكوين المزدوج؛ التكوين السوسيولوجي والتكوين الأدبي، فضلا عن الممارسة الإبداعية للأدب، كل هذه العوامل جعلت ابلال مؤهلا لأن يخوض مغامرة التأليف في هذا الموضوع العذري.. علما بأن الدراسات السوسيولوجية للأدب، كانت دائما من داخل الحقل الأدبي، فالذي عرف بسوسيولوجيا الأدب في المغرب والعالم العربي، هم الأدباء قبل السوسيولوجيين، أو علماء الإنسان، وهذا أمر لفتْتُ الانتباه إليه في أكثر من موضع من كتاباتي، ومن حسن الصدف، أن يكون ابلال مزدوج التكوين، فضلا عن هاجس الإبداع، الذي أهله حقا لكي يخوض في هذا المسار البحثي والنقدي المزاوج بشكل نموذجي بين الأنثروبولوجيا والأدب في إطار تأسيس تقعيد منهج جديد هو المنهج الأنثروبولوجي في الأدب بصفة عامة والسرد بصفة مخصوصة، حيث فتح قارة خصبة، نتمنى لها الحضور والإخصاب والغنى في مشهدنا الأدبي المعاصر.
هوامش:
* - عياد ابلال : انثروبولوجية الأدب (دراسة انثروبولوجية للسرد العربي)، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة- مصر، 2010، 414 ص، من القطع الكبير.
** - المغاربة هم : ليلى أبوزيد، فاتحة اعرور، جمال بوطيب، أحمد بوزفور، مصطفى الجباري، زهرة زيراوي، محمد زفزاف، حاضي الحمياني، مليكة مستظرف، محمد الفشتالي، ربيعة ريحان، محمد اشويكة، أحمد التوفيق، بينما العرب هم : صنع الله إبراهيم، سلطان عزة، الوسيني الأعرج، عبد الرحمن مجيد الربيعي، أحلام مستغانمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.