في الآونة الأخيرة و ربما في العقد الأخير لتواجد الجالية المغربية في إيطاليا،تطور مصطلح عجيب،من مصطلح يؤشر على جغرافية محددة،إلى مصطلح له حمولة فكرية و أخلاقية بالدرجة الأولى،بل يتعدى ذلك إلى دلالات تنحوا نحو السلبية و الدونية ، لكن هذا المصطلح بالضرورة لا تنطبق علية نفس القاعدة في جل اللغات، بيد أنه و للأسف،تسري عليه هذه القاعدة في اللغة الإيطالية أو بالأحرى في الذهنية ذاتها. ماروكينو مغربي باللغة العربية، إنه مصطلح أصبح البعض و للأسف،يخجل من الإدلاء به عندما يسأل عن موطنه فيحبذ الإجابة بجملة أو بتعبير آخر، و طبعا فلذلك أسبابه و ونتائجه الواضحة ، و إذا جاز لنا تحليل هذه الكلمة المجردة،فإنها لا تعدو أن تكون جزءا من نظام صوتي يدل على غرض معين،و هو التأشير على الجغرافيا و فقط،إلا أنه أستطاع أن يتجاوز هذا الدور ليدل على أشياء أخرى،و هنا يطرح السؤال التالي: إلى أي مدى تتماهى الدلالة أو المعنى مع المبنى؟ومن المسؤول عن إيجاد هذا التماهي؟ سؤال بسيط ، لكنه يحمل الفرد مسؤولية تصرفاته و انعكاساتها على اللغة التي يستعملها بلسان مختلف،فاللغة الايطالية لغة تتماشى دلالاتها مع مبانيها،وربما تتجاوز في ذلك اللغة العربية رغم قوة أداءها و صلابة معجمها ، فالمغربي في اللغة العربية و ضمن النسق اللغوي الذي انبثقت منه الكلمة،يعني الانتماء إلى الموطن،و البقعة التي تتواجد ضمن قارة من القارات الخمس،أما في اللغة الإيطالية فهي حمولة أخلاقية عكستها تصرفات و سلوكيات ذلك الفرد الذي ينتمي إلى تلك البقعة،و لا غرو إن استدللت على ذلك ببعض استقصاءات الرأي التي أجريتها مع عدد من الزملاء الإيطاليين،و الذين أصررت عليهم بعدم المنافقة،و الإدلاء بآرائهم حول هذا المصطلح كمصطلح،فطرحت السؤال التالي .: مالذي يتبادر إلى ذهنك عند سماعك للفظة ماروكينو ؟ كانت جل الأجوبة طبعا منافية لما كنت أتوقعه إذ جاءت متناسقة مع الذهنية التي يعتقد بها الحاملون لهذا المصطلح،و المنتمون لتلك البقعة،و لن يصدم الكثير لأن المتوقع متوقع،و توقع الأشياء يخفف من و قع التأنيب،ان و جد تأنيب فعلا. فالمروكيني يعني بالضرورة الفوضى،بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني،و هو مرادف لعدم الانضباط للقوانين المنظمة للدولة. المروكيني مثير للمتاعب أينما وجد و حل،و لا يأبه لسمعته و لا لسمعة احد. المروكيني عرق نادر من ناحية تفكيره و تصرفاته، و أناني بطبعه الخالص . المروكيني مصدر رعب و خشونة و هو حالة تأخر و تبربر . هذه هي الحقيقة التي أعلم تمام العلم أنها عكست من خلال أصناف و عينات معدودة من المجتمع المغربي،الذي لم يستطع تفادي هذه الأحكام بحكم قلة حيلته وقصر يده ، و ما يؤرق فعلا،هو ظاهرة التعميم التي قد تلاحظ من طرف العامة و الخاصة،حيث أن الأحكام التي تطرح لا تستهدف عينة بعينها،بل تبعثر سلفا لتلتصق بالعرق المغربي الذي يصنف على أنه العنصر الأجنبي المتصدرلإثارة الرعب و المشاكل. و من هذا المنطلق فإني سأتفادى أن أقع في نفس الخطأ،لأقول أن ما سلف كان عينة قليلة من الإيطاليين الذين أخدت آرائهم،و هذا بالضرورة اختلاف وجهات النظر،و بعمق أيضا ،فمن العيب أن نعمم و ندرج الجميع في خانة واحدة و نحن الذين تربينا على القاعدة الإسلامية التي تقول بأن الاختلاف رحمة،و هنا سأدرج بعضا من هذه العينات التي تتفق على أن لفظة ماروكينو تعني الثقافة العالية،وقوة الروابط الأسرية،و تعدد الثقافات و التقاليد و التعدد اللغوي،و كذا جمالية البيئة و المجال،إضافة إلى السحر الأفريقي الذي يطغى على المغرب في نظر بعض المستقصاة آرائهم،دون أن ننسى اعتقادهم الصحيح بمدى تشبث المغاربة بدينهم الإسلامي الحنيف. قد يتساءل البعض عن جدوى هذا المقال إذا كانت اللفظة تعني هاتين الدلالتين المختلفتين كليا و هو سؤال مقبول ، لكن الداعي لهذه الإحاطة المتواضعة هو التنبيه برجاحة الكفة الأولى عن الثانية و ترسخ هذه الفكرة في ضل تزايد مشاكسات الجالية المغربية المحبة للفوضى،خاصة من الشباب الذين استغلوا الضائقة الاقتصادية،لممارسة تجاوزات تخل بالصورة الحقيقية للمجتمع المغربي الصغير داخل البيئة الإيطالية. إن اللفظة هذه تثير بعض الاستغراب فعلا و الكثير لا ينتبه لما تحمله خلف طياتها لدى العنصر غير المغربي،وقد تتجاوز ذلك لتحشر ضمن منظور عام،مفاده أن جل ما يقوم به الأجنبي العربي سواء كان تونسيا أو جزائريا أو مصريا، ينسب للمغربي و كأن هذا الجنس يزر وزر أقرانه من الجاليات المختلفة ، لا،بل و قد يصير أن تنسب للمغربي كذلك أوزار الجاليات غير العربية و هي مفارقة من المفارقات التي حفزتني،أنا شخصيا،على الخوض في هذا الماء العكر . بعد هذه الإحاطة البسيطة و التي اضن أنني ألممت فيها بالظاهرة و حاولت أن أستكشف العالم الدلالي للكلمة في هذه اللغة المختلفة و أرصد بعض الأمثلة على ذلك، فإني أود التأكيد على تحيدي الكامل،درءا للمغالطات و التشكيكات التي تنتزع من الفرد اعتزازه بوطنيته و انتماءه اللغوي و العرقي. وإنه لو أجري بحث تفصيلي اخص من هذا الذي قدمته،لوجدنا أن المشكلة أعمق مما نتصور و في غاية الحساسية في العقل الباطني للمواطن المغربي ، لذا فالواجب علينا أن نحس و نعي دلالة التمثيل و ما تعنيه هذه الكلمة من معنى في لغتنا القوية،لنصل إلى الهدف الأوحد و الأسمى،ألا و هو المغربي الذي تتطابق مباني أسمه و انتمائه،مع دلالات ومعاني ثقافته الحقيقية ...