أظهرت بيانات أن المصارف المغربية تمكنت من تعويض الخسائر في السوق المحلية بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع معدلات الفائدة، من خلال الأرباح التي حققتها فروعها في القارة الأفريقية. وذكر بنك المغرب المركزي في تقريره السنوي أمس، أن نتائج فروع الأفريقية للقطاع المصرفي في المغرب، أنقذت البنوك من الخسارة خلال العام الماضي.
ويراهن خبراء اقتصاد على أن القطاع المصرفي المغربي سيتجه تدريجيا نحو التعافي داخليا وسيكون ضمن مصادر النمو الواعدة في أفريقيا نظرا لحجم الطلب المتزايد على جميع أنواع الخدمات المالية للبنوك المغربية.
ورغم تراجع أرباح القطاع في السوق الداخلية بنسبة 6.5 بالمئة جراء تباطؤ النشاط وانخفاض الفوائد وارتفاع كلفة المخاطر، لكن الأرباح ازدادت بنسبة 5.5 بالمئة نتيجة تعويض خسائر بالأرباح المجنية من فروعها في الخارج.
وأظهر تقرير المركزي انخفاض الأرباح من 1.01 مليار دولار في 2014 لتصل إلى 954 مليون دولار في 2015، فضلا عن تراجع الإيراد المصرفي بنسبة 1 بالمئة جراء انحسار موارد أنشطة السوق وانخفاض الفوائد على القروض إلى جانب ارتفاع كلفة المخاطر.
وقال حسن بن حليمة، مدير الرقابة المصرفية في بنك المغرب، في تصريحات صحفية إن “البنوك المغربية عانت من تباطؤ نمو القروض الموجهة للقطاع غير المالي والتي لم يتجاوز مستوى نموها 0.8 بالمئة”.
وأشار إلى أن القروض الموجهة للمقاولات تراجعت للمرة الأولى منذ 15 عاما، وسجلت انخفاضا بنسبة 2 بالمئة، في حين عرفت القروض الموجهة لتمويل الأسر نموا إيجابيا بنسبة 5.6 بالمئة.
وعبر المصرفي المغربي عن قلقه من انخفاض نسبة القروض الموجهة لتمويل الشركات منذ نهاية العام الماضي، وكشف عن إطلاق سلسلة مشاورات مع المجموعة المهنية للبنوك والاتحاد العام لمقاولات المغرب من أجل دراسة الوضعية وتحديد أسباب التراجع لمعالجتها. وأوضح بن حليمة أن الديون متعثرة الأداء الخاص بالبنوك واصلت منحاها التصاعدي، حيث بلغت نسبة نموها 9.2 بالمئة، وبالتالي بلغت نسبة المخاطر نحو 7.4 بالمئة مقابل 6.9 بالمئة، بمقارنة سنوية.
وتقول أوساط اقتصادية أن مقاولات قطاع الصناعة تستحوذ منذ سنة 2013 على أكبر نسبة مسجلة في إجمالي الديون المستعصية عن الأداء لدى البنوك، في حين تشهد نسبة الديون المستعصية لدى الأسر انخفاضا ملحوظا مقارنة بالسنوات السابقة.
وفي ما يتعلق بالتوازنات الاحترازية، حافظت مصارف المغرب على مستويات مرضية تم تحديدها حسب قواعد بازل 3 مع احترام الحد الأدنى الجديد لمعدل السيولة المعمول به منذ يوليو العام الماضي، بحسب بن حليمة.
وكان المركزي قد اتخذ في وقت سابق هذا العام مجموعة من التدابير لتحفيز المصارف على منح القروض للمشاريع والمقاولات لا سيما المشاريع الصغيرة، التي تم إنشاء صندوق خاص لدعمها بمساهمة من المصارف برأسمال يصل إلى نحو 370 مليون دولار.
واستفاد من دعم الصندوق قرابة 268 شركة بقيمة 180 مليون دولار، وحصلت بالموازاة مع ذلك على قروض بشروط تفضيلية من المصارف بحدود 120 مليون دولار، وتمكنت الخطة من إنقاذ الشركات من الإفلاس.
وقال بن حليمة الأسبوع الماضي إن قرابة 20 شركة أخرى لا تزال ملفاتها قيد الدرس من أجل مساعدتها وتحفيزها من قبل البنوك بقروض ميسرة.
واتجهت البنوك المغربية خلال السنوات الأخيرة نحو تشديد شروط تمويل المقاولات، وخاصة منها الفاعلة بالقطاعات الأكثر عرضة لإكراهات الظرفية، وهو ما ساهم في احتواء مخاطر نمو القروض المستعصية عن الأداء.
ويرجع الفضل في تسجيل أرباح للمصارف المغربية في أفريقيا، في جانب كبير منه إلى سياستها التوسعية التي تقوم أساسا على عمليات شراء حصص كبيرة في رؤوس أموال بنوك أفريقية محلية.
ويعتبر “التجاري وفا بنك”، المصرف المغربي الخاص الأول في أفريقيا على صعيد العائدات، حيث بات يجني 25 بالمئة من عائداته خارج المغرب سنويا، بحسب تقديرات لمؤسسات مالية دولية.
وبفضل الثقة التي يحظى بها القطاع المصرفي المغربي، جاء تقييم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للمنظومة المالية المغربية هذا العام إيجابيا، سواء بالنسبة إلى المتانة أو الصلابة للنظام المالي المغربي.
ووافق البنك الأفريقي للتنمية في وقت سابق هذا الشهر على منح قرض لدعم القطاع المالي في المغرب بقيمة 157 مليون دولار، وسيخص تحديدا لبرنامج دعم تعزيز الاستقرار والاندماج المالي في البلاد.
وأكد خبراء أن هذا القرض سيسهم في إيجاد الأرضية اللازمة لتعزيز استقرار القطاع المالي المغربي عبر تعزيز تمويل الاقتصاد لا سيما المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
وتميز العام الماضي بإصدار القانون البنكي الجديد، الذي يعزز بشكل كبير إطار الإشراف المصرفي ويمكّن من بروز خدمات بنكية جديدة وفاعلين جدد وهي المصارف الإسلامية (التشاركية)، وتم التركيز خلال هذه السنة على إعداد النصوص التطبيقية لهذا القانون.