بسبب التطبيع.. الريسوني ينتقد "المغرب الرسمي" ويحذر من افتراس إسرائيل للمملكة

بسبب الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي للمغرب، هاجم الفقيه المقاصدي والرئيس الأسبق لحركة التوحيد والإصلاح، أحمد الريسوني، ما سماه "المغرب الرسمي" واعتبر أنه يوجد في مفترق طريقين.

وكتب الريسوني مقالا نشره موقعه الرسمي اليوم الجمعة، قال فيه إن "علاقة المغرب الرسمي مع العدو الصهيوني لم تعد – كما قيل لنا قبل سنة – مجرد اعتراف بدولة الاغتصاب، مقابل اعتراف الرئاسة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه.. ولم تعد – كما قيل أيضا – مجرد "استئناف" للعلاقات الدبلوماسية..".

وأضاف الريسوني "بل هي الآن تنغمس تماما في العشق الحرام مع العدو الصهيوني/إسرائيل، وتفتح له كافة الأبواب: اتفاقيات شاملة، وزيارات متلاحقة، وغزوات صهيونية لا تبقي ولا تذر"، وزاد محذرا "دائما في مثل هذه الحالات فإن القوي يفترس الضعيف، ويجعله في قبضته وفي خدمته، مقابل كسب موهوم وفتات مسموم.. وفي مثل هذه الحالة أيضا يكتشف الناس لاحقا أن ما خفي أعظمُ وأسوأ مما يظهر الآن".

وطرح الرئيس الأسبق لحركة التوحيد والإصلاح عددا من التساؤلات بخصوص الدوافع التي جعلت المغرب يسير في هذا الاتجاه، حيث قال "هل كان المغرب في حالة اختناق وجفاف تضربه على جميع الأصعدة (في التعليم والأمن والجيش والتسلح والمخابرات والاقتصاد والسياحة والسياسة الخارجية...)، وتضطره إلى سلوك هذا المسار الذليل الخطير، تحت الرعاية والوصاية الصهيونية المباشرة؟ هل كان المغرب على حافة الإفلاس؟ هل كان بحاجة إلى من يسعفه وينقذه من السكتة القلبية، ولم يجد غير النجدة الصهيونية، وعلى حساب القدس وفلسطين؟".

وسجل الريسوني أن المغرب من الناحية العسكرية مسيطر "سيطرة تامة على صحرائه منذ ستة وأربعين عاما. وعاما بعد عام يزداد رسوخه وتحكمه في الوضع. ولا تمر سنة أو بضعة أشهر إلا والانفصاليون يلوحون ويهددون بالعودة إلى الحرب، ثم لا يستطيعون شيئا فيلوذون بالصمت.. ونحن نسمع ونردد من عشرات السنين: المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها".

وتابع "كذلك أصبحت المخابرات المغربية رائدة وضاربة.. وأصبحت – كما يقال – هي التي تقدم المساعدات والخدمات الاستباقية للأوروبيين وغيرهم.. وأما التسلح فكل دول العالم تعرض لنا ولغيرنا منتجاتها المتطورة ليل نهار.. فالمغرب لا يعاني من حظر التسلح عليه، ولا من نقص في أصدقائه وحلفائه.. فماذا سيضيف لنا العدو الصهيوني في هذه المجالات وغيرها، سوى الاختراق التوريط والخبال وشراء الذمم وصناعة العملاء؟".

وزاد الريسوني منتقدا "من المعلوم أن الغلط الاستراتيجي الذي وقعت فيه وأدْمنته السياسة المغربية منذ استرجاع الصحراء، هو احتكار هذا الملف وتدبيره في الخفاء والظلام، وعدم إشراك الشعب المغربي بأي شكل من الأشكال في المعركة"، معتبرا أن الاستثناء الوحيد، وهو النجاح الأكبر في هذا الملف، هو إنجاز "المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء. لقد دُعي الشعب فأجاب عن بكرة أبيه، وتمت المسيرة الخضراء، ملكيةً شعبية مظفرة.. وبذلك اضطرت إسبانيا للانسحاب فورا، وتركت الصحراء لأهلها".

واستدرك قائلا: "لكن بعد ذلك دخل تدبير الملف في السرية البعيدة عن الشعب ومشاركته، ودخل تدبير القضية في نهج احتكاري لا نرى إلا نتائجه البئيسة وكلفته الباهظة"، وفق تعبيره.

وأضاف "بدل الإقلاع عن هذه السياسة الظلامية اللاشعبية في تدبير معركتنا الكبرى، وبدل العودة بها إلى المشاورات الموسعة، وإلى المشاركات والمسيرات الشعبية، إذا بنا نُفاجأ بسياسة جديدة غريبة، هي أشد توغلا وإمعانا في إبعاد الإرادة الشعبية والمشاركة الشعبية، سياسة مضادة وصادمة ومستفزة للشعب وعقيدته وقيمه ومبادئه ومكانته التاريخية؛ إنها سياسة الاستنجاد بدولة العدو، دولة الاحتلال والعدوان والإجرام.. "وداوني بالتي كانت هي الداء"".

قبل أن يختم بهذه العبارة "فياحسرة على العباد، وعلى مغرب الأمجاد؛ لقد أصبح يتقزم ويقتفي أثر البحرين والإمارات وبرهان السودان!!"، في إشارة إلى الدولتين الخليجيتين اللتين سبقتا المغرب في توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل.