مع التطورات المتسارعة الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية وما ترسمه من تحولات اقتصادية، حتى على مستوى نقاط تصدير واستيراد النفط، تم إنشاء نقطة جديدة لتداول النفط في العالم بسواحل مدينة سبتةالمحتلة، إذ تقوم روسيا فيه بمبادلة ناقلات النفط الخام الروسي، وهو أسلوب يسمح لروسيا بخفض تكاليف الشحن والالتفاف على القيود والعقوبات الغربية، وتسهيل الإمدادات للعملاء الباقين للنفط الروسي. وفي تحليل نشرته وكالة الأنباء بلومبرغ للأنباء، أكدت على لسان خبراء الاقتصاد، أن موسكو تسعى من وراء المركز الجديد لتجارة النفط في سواحل سبتةالمحتلة، إلى استمرار تدفق النفط الروسي للأسواق العالمية بكميات كبيرة، تقترب من مستويات ما قبل فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية على قطاع النفط الروسي.
وأضافت أن روسيا شرعت في استخدام المياه القريبة من المدينةالمحتلة، كقاعدة لنقل الخام من ناقلات كبيرة إلى ناقلات أخرى أصغر بشكل متقطع، ثم أصبحت تستخدمها على نطاق واسع مع الحرب في أوكرانيا.
ووفق ما نشرته الوكالة، فروسيا لا تُعتبر في هذه الحالة منتهكة لقواعد القانون الدولي، على اعتبار أن الناقلات تنتظر على بعد 12 كليومتر بحري من الشاطئ، أي أنها تقف خارج المياه الإقليمية للميناء، رغم أنها تبدو في بعض الأحيان داخل المياه الإقليمية، مشيرة إلى أن موسكو متمسكة بالقانون الدولي، من خلال الإبقاء على منارات الناقلات مضاءة أثناء عمليات المبادلة. لكن النشاط محفوف بالمخاطر.
من ناحيتها تحرص السلطات المحتلة للمدينة على تسيير الدوريات البحرية بالقرب من المنطقة، لضمان عدم ارتكاب أي مخالفات. وهناك سبب يمنع روسيا من استخدام نقاط مبادلة الشحنات بين الناقلات الأخرى ومنها سكاو في الدنمارك وساوث وولد في إنكلترا، وهو أن السلطات المحلية هناك لا ترحب بمثل هذه المناورات.
ويكشف التحليل المنشور أن هناك أسباب ثلاثة تدفع روسيا إلى استخدام مياه سبتة لتجارة نفطها، أولها، أنه رغم إنفاق روسيا مئات الملايين من الدولارات لبناء أسطول من الناقلات الصغيرة أفاراماكسيس غير محددة الملكية، فإن روسيا لا تمتلك الكثير من الناقلات القادرة على اختراق الثلوج، وهي من أغلى أنواع الناقلات، لذلك فإن إرسال هذه الناقلات من روسيا إلى الصين أو الهند مباشرة، يعني استنفاد كل قدرات الشحن لديها بسرعة بسبب طول زمن هذه الرحلة، في حين أن الناقلة الصغيرة لا تحتاج لأكثر من 10 أيام حتى تصل إلى سبتة، مقابل 50 يوما لتصل إلى الصين.
والدافع الثاني مرتبط ب" تقليل النفقات بشدة"، حيث نقل النفط إلى آسيا باستخدام الناقلات العملاقة أقل تكلفة من نقلها باستخدام الناقلات الصغيرة. ونظرا لوجود عدد كبير من الناقلات الكبيرة في السوق، فإنها أرخص حاليا. وتبلغ تكلفة إيجار الناقلة العملاقة أقل من 20 ألف دولار يوميا في حين يبلغ إيجار الناقلة الصغيرة 55 ألف دولار يوميا.
بالإضافة إلى سبتةالمحتلة هي المكان المناسب، لوجودها داخل البحر المتوسط بعيدة عن الرياح القوية والأمواج العالية في شمال المحيط الأطلسي. كما أنها قريبة من مضيق جبل طارق حيث تستطيع الناقلات العملاقة بعد تحميلها بالنفط العودة السريعة إلى المياه المفتوحة في المحيط الأطلسي للوصول إلى آسيا.