"فدرالية اليسار" تطالب بتغيير نمط الاقتراع وتنتقد إشراف الداخلية على الانتخابات وحرمان مغاربة الخارج من التصويت    العزيز: لا إصلاح انتخابي دون إطلاق سراح معتقلي الريف    تحويلات الجالية بالخارج تسجل رقما قياسيا جديدا        دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    حملة أمنية نوعية للدرك الملكي تعزز الأمن بإقليم الفحص أنجرة    صحيفة إسبانية: مشروع النفق بين طنجة وطريفة يحرز تقدماً ملحوظاً    جمعية ساحة الفنانين تطلق مخططها الاستعجالي لإنقاذ مايمكن إنقاذه    طنجة حاضرة بقوة في مهرجان البندقية عبر فيلم Calle Malaga لمريم التوزاني    ميناء العرائش .. تراجع بنسبة 6 في المائة في مفرغات الصيد البحري مع متم يوليوز الماضي    المهراوي يبدأ تجربة جديدة في روسيا    فرنسا تصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد ومسؤولين سابقين لاتهامهم باستهداف صحفيين عام 2012    هدية غير متوقعة من عابر سبيل    تصفيات المونديال.. "تيفو" مرتقب لمجموعة "السبوعة" خلال أول مباراة للمغرب في مركب مولاي عبد الله                جدعون ليفي: الاعتراف بدولة فلسطين يفضح خوف أوروبا من إسرائيل ويمنحها غطاءً لمواصلة الحرب والاستيطان (نص المقال)    عزل رئيسة جماعة بإقليم بنسليمان    ترامب يتهم الصين وكوريا الشمالية وروسيا بالتآمر ضد أمريكا    خصاص خطير في أدوية السكري بمركز اتروكوت يهدد حياة المرضى    توقيفات أمنية بوزان في ظروف خطيرة لمروجين لمخدرات ومؤثرات عقلية وكحول فاسدة        "معطلون" بالناظور يعتصمون أمام مقر العمالة احتجاجا على غياب فرص الشغل    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    تصفيات مونديال 2026.. المنتخب المغربي يواصل تحضيراته بواقع حصتين في اليوم استعدادا لملاقاة النيجر    الدار البيضاء تحتضن الدورة ال23 لمهرجان "البولفار" بمشاركة 37 فرقة موسيقية من المغرب والخارج    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    اسرائيل تطلق قمرا تجسسيا جديدا قالت إنه "رسالة إلى أعدائها"    الألماني غوندوغان يلتحق بغلطة سراي    ماكرون يحذر إسرائيل بخصوص حركة الاعتراف بفلسطين    اخشيشن يتباحث بالرباط مع رئيسة لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس الشيوخ الفرنسي    في سابقة من نوعها بالمغرب والعالم العربي... الاستقلال يعلن عن تأسيس معهد وطني للتطوع    جماعة إيحدادن بالناظور تودع السيدة ثريثماس سقالي فداش إلى مثواها الأخير    كيوسك الأربعاء | إطلاق 694 مشروعا جديدا لتعزيز خدمات الصرف الصحى    الرئيس الصيني: لا سلام عالمي دون اقتلاع جذور الحروب وبناء علاقات متوازنة    الصين تسجل "الصيف الأكثر حراً" منذ بدء رصد البيانات    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر        الولايات المتحدة تعلن تحييد "قارب مخدرات" قادم من فنزويلا            "الإصلاح" تتضامن مع ضحايا الكوارث    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    تكهنات بانفصال لامين يامال عن نيكي نيكول بعد حذف الصور المشتركة    غموض مستقبل حمدالله بعد رغبته في الرحيل عن الشباب السعودي    رئيس النادي القنيطري يرد على "الاتهامات الكاذبة" ويؤكد عزمه الاستقالة بعد الصعود -فيديو-    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    "الحر" يطلق جديده الفني "صرا لي صرا"    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان    اختصاصي في جراحة العظام يكشف فوائد المشي حافي القدمين        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاوية: جدل متواصل حول مسلسل يتناول حياة الخليفة الأموي حتى قبل عرضه
نشر في الأيام 24 يوم 25 - 02 - 2023

قبل فترة أعلنت مجموعة قنوات "أم بي سي" السعودية عرض مسلسل تاريخي يتحدث عن شخصية معاوية بن أبي سفيانفي شهر رمضان القادم. وما إن عرضت القناة السعودية إعلانا مقتضباعن المسلسل، حتى انبرى كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى تقييمه وانقسموا ما بين مؤيد ومعارض للعمل الفني حتى قبل عرضه. لا يكاد الجدل حول المسلسل يخفت قليلاً حتى يعود للواجهة عبر تغريدات لساسة ورجال دين تدعو القائمين على القناة إلى التراجع عن عرضه لأنه قد "يجرح مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها". هذه التصريحات جاءت في بيان كان قد نشره قبل أيام رجل الدين العراقي، مقتدى الصدر، الذي اعتبر "بث مثل هذه المسلسلات مخالفا للسياسات الجديدة المعتدلة التي انتهجتها السعودية" على حد قوله. وبعد مرور ما يقرب من أسبوع على بيانه الأول، عاد الصدر ليؤكد اعتراضه على بث المسلسل. وشدّد الصدر في بيان جديد نشره على حسابه الموثق في موقع تويتر، على تمسكه بوحدة الصف الإسلامي قائلا إن: "الجميع يعرف نبذه للطائفية إلا أن ذلك لا يعني القبول بالمساواة بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان أو التقريب بينهما بمسلسل درامي يزيف التاريخ ويحيد عن الحقائق" حسب قوله. وأشار الصدر إلى أن "التاريخ مثبت عند كل الطوائف الإسلامية" بخصوص الدور الذي لعبه معاوية في فترة حرجة من تاريخ الإسلام. وهي الفترة المعروفة ب"الفتنة الكبرى" التي تلت مقتل عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين.
وفي بيان آخر، ندد الصدر بمحاولة قناة " الشعائر العراقية" إنتاج فيلم بعنوان " شجاعة أبو لؤلؤة" الذي يجسد شخصية قاتل عمر بن الخطاب، ردا على مسلسل معاوية. وأضاف قائلا: إن كلا المسلسلين باطل ومثير للفتنة، فمعاوية لا يمثل السنة ولا أبو لؤلؤة يمثل الشيعة، داعيا إلى منع عرض المسلسلين".
لم تمر ساعات حتى أعلنت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية منع بث مسلسل "معاوية" وفيلم "أبو لؤلؤة" مضيفة بأن " قناتي " "MBC العراق" و"الشعائر" استجابتا لهذا التوجيه، بعدم بث أي أعمال فنية تتناول موضوعات تاريخية جدلية." إلا أن ذلك لم ينه حالة الجدل حول المعايير التي يجب اتباعها في تجسيد الشخصيات التاريخية الجدلية وطالب البعض بضرورة سحب مسلسل " معاوية" من كل منصات وقنوات أم بي بي سي.
مرحلة حساسة من تاريخ الإسلام
ولا يُعرف الكثير من التفاصيل عن المسلسل التاريخي أو المدى الذي سيذهب إليه في تناول أحداث وشخصية يحيط بها الكثير من الجدل وتختلف فيها الآراء. ويتوقع أن يروي المسلسل المحطات التي مر بها معاوية في طريقه نحو كرسي الحكم، إضافة لخلافه مع رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب، وفق ما ذكره برنامج "إي تي بالعربي". من الصعب أيضا تلخيص أحداث "الفتنة الكبرى" ، فالحدث أعقد من أن يتم إيجازه في بضعة سطور دون القيام بدراسة شاملة لتاريخ العقل السياسي العربي أو التطرق للأسباب الظاهرة والخفية لذلك الحدث. وكثيرة هي الكتب التي سردت أحداث الفتنة الكبرى أو حاولت تحليلآثارها التي لا تزالحاضرة وتتحكم في قراءات البعض للتراث. ومن بين تلك الكتب كتابان إحدهما للمفكر التونسي هشام جعيط بعنوان الفتنة" جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر" والآخر للمفكر المغربي محمد عابد الجابري بعنوان كتاب "العقل السياسي العربي". كما توقف عميد الأدب العربي طه حسين عند أحداث الفتنة الكبرى فأصدر مؤلفين حاول من خلالهما تقديم قراءته لما حدث تحت عنوان " عثمان وعليّ وبنوه". تلك الكتب التي يرى المدافعون عنها بأنها قدمت قراءة علمية منهجية لأحداث الفتنة الكبرى، فيما يرى آخرون أنها عرضت رؤية أيديولوجية لأصحابها. وكلما حاول عمل فكري أو فني التطرق لتلك الحقبة من تاريخ الإسلام، تجدد الجدل بين فريقين يتبنى كل منهما رؤية سياسية ودينية مختلفة عن الآخر. وقد تكرر الجدل ذاته عقب الإعلان عن مسلسل "معاوية". إذ تعد شخصية معاوية أحد أهم الشخصيات الجدلية في تاريخ السجالات الإسلامية. ورغم أن هناك أعمالا عديدة جسدت سير شخصيات لا تحظى باتفاق المذهبين، مثل مسلسل "عمر بن الخطاب"، إلا أن شخصية "معاوية" تعد محل خلاف حتى بين بعض أئمة السنة باعتباره أول" من بدل نظام الخلافة الإسلامي، فحوله إلى نظام وراثي".
جدل سابق لأوانه أم في محله؟
وبالعودة للجدل الدائر حول المسلسل عبر المنصات الرقمية، ستصادفك أسئلة من قبيل " ما الجدوى من إنتاج مسلسل يتناول "سيرة معاوية ابن أبي سفيان"؟ من المعلقين من يتفق مع الصدر في مطالبته بعدم عرض المسلسل. ومنهم من يرى أن المسلسل المرتقب لن "يكون حياديا بل سينحاز لوجهة نظر دينية وسياسية" على حساب أخرى ترى في معاوية " سببا في اندلاع الفتنة الكبرى ورمزا للميكيافيلية السياسية".
في حين، ينظر آخرون للخليفة الأموي الأول باعتباره "مرجعا وصحابيا أسهم في نشر الإسلام".
ومن المؤيدين لتصريحات الصدر من يصف العمل ب "الفتنوي" متوقعا أنه سيزيد من الخلافات بين المسلمين بتطرقه إلى حقبة حرجة من التاريخ الإسلامي. في المقابل، انتقد البعض الآخر ما اعتبروه محاولات لإقحام العمل في لعبة المحاور والاستقطاب. إذ ثمة من يرى أن الحملة على المسلسل أهدافها سياسية و تقوم على خطاب "شعبوي" هدفه الإلهاء. كما يستغرب مغردون تسابق البعض على انتقاد العمل الفني حتى قبل مشاهدته.
ويصف بعضهم تلك الانتقادات بالمهزلة قائلين إنه من المبكر جدا الحكم على المسلسل.
الدراما ومعايير تجسيد الشخصيات التاريخية
يرى فريق من المعلقين أن شخصية معاوية لا تستحق أن تعرض ضمن عمل أدبي أو فني. لكن فريقاً آخر يصف المسلسل بأنه مجرد عمل درامي يندرج ضمن خانة الفانتازيا التاريخية. وبحسب البعض فإن "نشأة معاوية وشخصيته المركبة والأحداث التي عاصرها ، تتوفر على عدة عناصر درامية قد تثير خيال أي كاتب أو تدفع أي فنان لتجسيدها"، وفق تعبيرهم. لذا فهم يدعون لتقييمه من منظور فني بحت. كما يأمل آخرون بأن يسهم تجسيد الشخصيات الجدلية في الدراما في إعمال العقل عبر نزع القداسة عنها ودفع المتلقي للبحث بعقلانية في تفاصيل الحدث التاريخي، بعيدا عن الأساطير والتأويلات الدينية المتباينة. وثمة أيضا من دعا إلى مواجهة التاريخ والإقرار بأن " كل حقبة في التاريخ الإسلامي كانت حقبة صراع على السلطة و بأن "الصحابة كانوا أشخاصا عاديين لهم طموحات سياسية ومصالح شخصية" .
بينمايرى آخرون أن كافة أعمال السير الذاتية العربية وقعت في فخ التقديس وركزت على الجانب الإيجابي في الشخصية، بل أن بعض صناع الدراما التاريخية استعملوا جرعات إضافية من الخيال كي يقوموا بإسقاطات سياسية تخدم مصلحة جهة معينة. من هذا المنطلق، يصر البعض على ضرورة إيقاف المسلسل مجادلين بأن الخوض في تاريخ الشخصيات المؤثرة في تاريخ الإسلام المبكر من شأنه أن "يغذي الخلافات المذهبيةوينشر مغالطات تاريخية"، على حد تعبيرهم . في حين يسخر آخرون من الجدل والخلاف حول مسألة تعود إلى مئات السنين معربين عن حماسهم لمشاهدة العمل وتقييمه بشكل بناء.
ومن الواضح أن الشركة المنتجة للمسلسل ستكون الرابح الأكبر من ذلك الجدل المتواصل. ويبدو أن القائمين على العمل تعمدوا التزام الصمت إزاء تلك الانتقادات متبعين مبدأ "الانتقادات والدعايةالسلبية هي دعاية جيدة لجذب المشاهدين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.