تواصل المحكمة الابتدائية الزجرية بمدينة برشيد النظر في ملف الطفلة "غيثة"، ضحية حادث دهس مأساوي بشاطئ سيدي رحال، في واقعة هزت الرأي العام وأثارت جدلاً قانونياً واسعاً حول توصيف الفعل المرتكب والطرف المسؤول عنه. وشهدت جلسة الإثنين مرافعات مكثفة لدفاع الطرفين، إذ طالب الأستاذ الصوفي، دفاع الضحية، بتصويب المسطرة والمتابعة القانونية، عبر ملتمس لإعادة التكييف، معتبراً أن متابعة المتهم بموجب المادتين 433 و434 من القانون الجنائي، المتعلقة بالجروح غير العمدية، تفتقر للدقة ولا تعكس فداحة الفعل المرتكب. وأكد الصوفي أن الطفلة لم تكن في شارع عمومي بل في شاطئ رملي محمي بموجبوالمادة 52 من القانون 12-81 المتعلق بالساحل، مشيراً إلى أن الواقعة لم تكن مجرد حادث عرضي، بل تتعلق ب"فعل جرمي عمدي خطير" يجب أن يكيف وفق المادتين 408 و409 المرتبطتين بالضرب والجرح العمديين، معتبراً أن صعود المتهم إلى الشاطئ بسيارة رباعية الدفع ودهس الطفلة يكشف عن قصد جنائي وليس مجرد إهمال. واعتبر الدفاع أن عدم توفر المتهم على رخصة ملائمة (EB) لجر المقطورة (جيتسكي) يزيد من حجم المسؤولية، مضيفاً أن قانون السير، خاصة في المادتين 167 و168، ينص على معاقبة السائق الذي يثبت تقصيره أو عدم تبصره إذا تسبب في إصابات تفوق مدتها ثلاثين يوماً، مع إمكانية الحكم بسحب رخصة السياقة. وأبرز الدفاع الحالة الصحية المتدهورة للطفلة، مشيراً إلى إصابتها بكسور على مستوى الجمجمة، وتلف دماغي، وتبول لا إرادي، ما تطلب تدخلاً جراحياً دقيقاً، ملتمساً إجراء خبرة طبية قضائية لتحديد ما إذا كانت الطفلة تعاني من عاهة مستديمة، مع المطالبة بتعويضات مدنية جزافية إذا ثبتت المسؤولية. كما دعا الدفاع المحكمة إلى إصدار حكم رادع "يشف الغليل"، ويؤكد على حماية الطفولة وعدم التساهل مع الاستهتار بأرواح الأبرياء. وفي المقابل، دافع الأستاذ الإدريسي، محامي المتهم، عن براءة موكله، معتبراً أن الحادث لم يكن نتيجة جنحة جنائية، بل قضاء وقدر، مؤكداً أن المتهم لم يفر من مكان الحادث، بل حمل الطفلة إلى المصحة بطلب من أسرتها وسلم نفسه طواعية، نافياً وجود أي تغيير لمعالم الجريمة أو نية مبيتة. وأفاد بأن المتهم يتوفر على رخصة سياقة قانونية وأن وسيلة النقل مؤمنة بالكامل، مشيراً إلى أن المسؤولية تقع على الجماعة الترابية التي لم تضع أي إشارات أو علامات تمنع دخول العربات إلى الشاطئ. وشدد دفاع المتهم على ضرورة تمتيع موكله بظروف التخفيف، كونه شاباً مقبلاً على الحياة، ملتمساً استبعاد المادة 433 من الملف، والاكتفاء بعقوبة مالية بدلاً من الحبس. هذا، وقد قررت المحكمة حجز الملف للمداولة على أن يتم النطق بالحكم في نهاية الجلسة، في انتظار كلمة العدالة في قضية حركت الضمائر وأعادت النقاش حول السلامة في الفضاءات العمومية.