أضحى المركب الرياضي لمدينة فاس، الذي تم تأهيله وتحديثه مؤخرا، اليوم من بين أبرز المنشآت الرياضية. وقد أُنجز بخبرة مغربية خالصة، مستجيبا لأعلى المعايير الدولية. ويأتي إنجاز هذا المشروع في انسجام تام مع التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ليجسد قدرة المغرب على إنجاز أوراش كبرى بفضل جهود وتفاني أبنائه، المسلحين بكفاءاتهم وذكائهم وخبرة موثوقة راكموها على مر السنين. وأفاد رشيد الأندلسي، أحد المهندسين المعماريين بالمجموعة المكلفة بإعادة تأهيل هذه المنشأة، بأن المركب الرياضي لفاس يعكس التحول السريع للبنية التحتية المغربية. وقال في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء "هذا الملعب، الذي كان في وضع شبه كارثي، تمت إعادة تأهيله بالكامل ليطابق المعايير الدولية". وأوضح أنه إضافة إلى الجانب الرياضي، فإن هذا المشروع يعكس أيضاً "الكفاءة الكبيرة" التي أضحت تتمتع بها اليد العاملة المغربية، مؤكدا أن العامل المغربي رفع مستواه واكتسب خبرة معترفا بها دوليا. من جانبه، شدد فِكري بنعبد الله، مهندس معماري آخر ضمن الفريق، على الطابع المغربي الخالص لهذا الإنجاز، قائلا "من صاحب المشروع إلى التنفيذ النهائي، كل المتدخلين مغاربة". واستعرض المهندس المعماري المنهجية المعمارية للمشروع، مبرزا كيف غذت الخبرة المكتسبة من ترميم معالم أثرية بارزة مثل مسجد القرويين وفندق النجارين، الرؤية المعمارية لهذا المركب. وأضاف قائلا "الفن المعماري لتلك المواقع التراثية شكل مصدرا طبيعيا لتعريف المظهر الرئيسي للمركب، خصوصاً واجهته". ويتميز المركب ببناية تنظيمية صُممت في الواجهة الأمامية، مهمتها استقبال وتوزيع تدفق مختلف الفئات (العموم، المستغلون، اللاعبون، كبار الشخصيات) بشكل منظم، مما يمنع تداخل هذه الفئات الحساسة، وهو أمر بالغ الأهمية في السياقات الرياضية المشحونة بالتوتر. ويُستكمل هذا النهج بتقنيات متطورة، منها 520 كاميرا مراقبة، شاشات عملاقة، نظام صوتي أعيد تجهيزه بالكامل، وإنارة عصرية، ما يضع المركب في مصاف المنشآت ذات المعايير التكنولوجية المتقدمة. وأوضح بنعبد الله أنه "في كل فضاء داخلي أو خارجي، أدخلنا خطوطا تنظيمية مستوحاة من الرصيد المعماري الغني لمدينة فاس، ما خلق حوارا متناغما بين التراث والحداثة". وقد استُعين في المشروع بمكاتب دراسات محلية، وشركات مغربية، ومواد وطنية، في دليل واضح على الاستقلالية التقنية للمملكة. وتابع أن "هذا الإنجاز يُثبت أن الخبرة المغربية قادرة على منافسة أكثر المعايير الدولية صرامة"، مبرزا أن المركب الرياضي لفاس يدخل في دينامية أشمل لتحديث البنيات التحتية الوطنية، على غرار مشاريع السكك الحديدية، والطرق السيارة، والموانئ التي تطلق كل سنة. أما محمد أنس أرغوني، المدير الجهوي للشركة الوطنية لإنجاز وتدبير المنشآت الرياضية (سونارجيس – صاحب المشروع) ومدير المركب الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 35 ألف مقعد، فأشار إلى أن أشغال التأهيل والتنفيذ اكتملت في ظرف 13 شهرا فقط. وقد ساهم في هذا الورش أزيد من 7.000 عامل مغربي، معظمهم من جهة فاس – مكناس، وبلغ مجموع ساعات العمل أكثر من 7 ملايين ساعة. ويتوفر المركب حاليا، وهو جاهز بنسبة 100 في المائة، على تجهيزات عالية الجودة تشمل 12 مقعدا رسميا، و207 مقاعد للشخصيات المهمة ، و800 مقعد لكبار الشخصيات و92 مقصورة ضيافة، و198 مقعدا مخصصا لوسائل الإعلام. كما يحتوي على أربعة مستودعات للفرق وقاعة مؤتمرات، مما يجعله مؤهلا لاستضافة كبرى التظاهرات الرياضية، بما في ذلك المباراتان المقبلتان للمنتخب الوطني يومي 6 و9 يونيو 2025. وأشار الرغوني إلى أن المركب يتميز بقدرته على استقبال مباراتين في اليوم ذاته، بفضل تنظيم لوجستي محكم للفضاءات وتدفقات الجمهور، ما يجعله نموذجا في إدارة الفعاليات الرياضية الكبرى. ويندرج هذا الإنجاز في إطار الاستراتيجية الملكية لتحديث البنيات التحتية الرياضية الوطنية، لاسيما تحضيرا لكأس العالم لكرة القدم 2030 التي سينظمها المغرب إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال. وهكذا، ينضم مركب فاس إلى قائمة الملاعب المرجعية في المغرب، إلى جانب الملعب الكبير للدار البيضاء وغيره من المنشآت التي جرى تأهيلها ضمن هذه الرؤية الطموحة واسعة النطاق. وتتعدى وظيفة المركب الجانب الرياضي، إذ يمثل رافعة اقتصادية هامة للجهة، سيكون لها أثر اقتصادي ملحوظ من خلال تنظيم فعاليات رياضية وثقافية وتجارية. كما يُبرز قدرة المملكة على تعبئة كفاءاتها الوطنية لإنجاز مشاريع رفيعة المستوى، مما يعزز موقع المغرب كوجهة مفضلة لتنظيم كبرى التظاهرات الرياضية القارية والدولية. المصدر: الدار– وم ع