محادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق وحماس تقول إن "الكرة بالكامل في ملعب إسرائيل"    تشاد.. رئيس المجلس العسكري يفوز بالانتخابات الرئاسية    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    طانطان.. البحرية الملكية تقدم المساعدة ل 38 مرشحا للهجرة غير النظامية    المجلس الاقتصادي يوصي بإنشاء نظام معلوماتي وطني لرصد الشباب وتتبع مساراتهم    النادي الثقافي ينظم ورشة في الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية/ عرباوة    هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج برامج تلفزيونية ناجحة في المستقبل؟    بيليغريني يفاجئ الزلزولي بتصريح مثير    في 5 دقائق.. 3 زلازل تضرب دولة جديدة    إحداث منصة رقمية لتلقي طلبات الحصول على "بطاقة شخص في وضعية إعاقة"    اختتام القمة الإفريقية حول الأسمدة وصحة التربة بمشاركة المغرب    أصالة نصري تنفي الشائعات    ندوة دولية حول السيرة النبوية برحاب كلية الآداب ببنمسيك    حكم قاس على يوسف الحيرش بسنة ونصف حبسا نافذا بسبب تدوينات    الصين تطلق قمرا اصطناعيا جديدا    شركات عالمية تتوجه نحو منع "النقاشات السياسية" في العمل    بعد محاولة اغتياله.. زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي    ما الذي قاله مدرب المنتخب المغربي النسوي عن مواجهة الجزائر؟    منتخب فتيات الجزائر يتجنب الإعلام    حموشي يجري مباحثات ثنائية مع عدد من نظرائه الإسبان    تخصيص غلاف مالي بقيمة 98 مليون درهم لتأهيل المباني الآيلة للسقوط بالمدينة العتيقة لطنجة    حراس خواص يشتكون غياب الأجور    "كونفرنس ليغ".. أيوب الكعبي يقود أولمبياكوس إلى اللحاق بفيورنتينا في النهائي    بركان تؤمن بالحظوظ في "كأس الكاف" .. ورئيس الزمالك يؤكد صعوبة المقابلة    سعار عضال.. خيال مخابرات الجزائر في مقال    صدمة أوناحي وحارث القوية في الدوري الأوروبي    هل جامعات المغرب مستعدة لتعليق تعاونها مع إسرائيل كما أعربت جامعات إسبانيا؟    العثماني يلتقي هنية في الدوحة والأخير يطلعه على مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة    موسيقى نساء تطوان بين الماضي والحاضر (1)    المحكمة الإدارية تقضي بأداء وزارة الصحة تعويضا لمتضررة من لقاح كورونا    عبد اللطيف حموشي يجري مباحثات ثنائية مع عدد من نظرائه الإسبان    حيار: إصدار بطاقة "إعاقة" لحظة تاريخية فارقة انتظرتها هذه الفئة منذ 40 سنة    الكعبي هداف دوري المؤتمر الأوروبي    الإيسيسكو تنظم أكثر من 60 نشاطا بجناحها في الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    نصف ولاية حكومة أخنوش.. التوازن الإصلاحي كلمة السرّ في النجاحات المحقّقة    وزارة الحج والعمرة السعودية تشدد في إجراءات دخول أداء المشاعر المقدسة    تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأخضر    بوريطة: الأمن الغذائي، أولوية استراتيجية ضمن السياسة الإفريقية لجلالة الملك    السعودية تختار المغرب باعتباره الدولة العربية الوحيدة في مبادرة "الطريق إلى مكة المكرمة"    بايتاس… عدد الطلبات المتعلقة بالدعم المباشر للسكن تناهز 64 ألف طلب    الحكومة ترد على جدل أسترازينيكا.. اللقاحات في المغرب لا يتم العمل بها إلا بعد الترخيص    الدورة 22 للمهرجان الدولي لسينما التحريك بمكناس    245 ألف ليلة مبيت سياحية بوجهة طنجة        مرضى السكتة الدماغية .. الأسباب والأعراض    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية    تراجع أسعار السيارات الكهربائية لهذا السبب    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    ارتفاع أسعار النفط مدعومة بتقلص مخزونات الخام الأمريكية    المغرب يدخل القطيع المستورد من الخارج الحجر الصحي قبيل عيد الأضحى    بعد اعترافها بآثاره الجانبية المميتة.. هيئة أوروبية تسحب ترخيص لقاح كورونا من أسترازينيكا    جوائز الدورة 13 لمهرجان مكناس للدراما التلفزية    ريال مدريد يضرب بايرن ميونخ 2-1 ويتأهل رسميا لنهائى أبطال أوروبا    ملتقى طلبة المعهد العالي للفن المسرحي يراهن على تنشيط العاصمة الرباط    الحمل والدور الحاسم للأب    الأمثال العامية بتطوان... (593)    المؤرخ برنارد لوغان يكتب: عندما كانت تلمسان مغربية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فريد النعيمي في ذمة الله
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 27 - 08 - 2015

انعى ببالغ الأسى وحرقته لكل الأصدقاء وفاة حبيبنا فريد النعيمي الذي تصارع دون جدوى مع مرضه العضال الذي أصاب كل جوارحه وعطل فيه كل خلية من خلاياه، فحوله إلى ظل بارد ، ولون باهت ، وصوت خافت ، ومخلوق يتحسس الطريق فلا يركبه ، ويحاول مثابتة الوجه الذي يقابله فلا يحصل على قسماته وسمات بشرته ، لأن نور بصره غيبه ظلام سرمدي ومحا إشعاعه ضباب أبدي.
علاقتي بفريد علاقة سنوات طويلة لا يأخذ منه النسيان صدقها، وإخلاصها، ووفاءها. تعارفنا في مكتب الاتحاد الاشتراكي بالحي اللاتيني في نهاية عام 1967، لما قررت- وأنا الشاب الطموح- أن أتابع دراستي بجامعة السوربون ? قسم اللسانيات . كنت أظن أنه طالب من طلاب المغرب المسجلين في المعاهد العليا والكليات المتخصصة ، وأنه جاد في التكوين والدراسة والبحث . غير أنني اكتشفت فيما بعد أنه لم يحظ بأي تكوين تعليمي يذكر، وأن تحفزه النادر وإرادته في اقتحام ابواب المعرفة هما اللذان دفعاه إلى محو أميته بواسطة تعلم الفرنسية عبر دروس ليلية ، وسماع ، ومشافهات يومية فرضتها عليه أعمال مختلفة تداولها لاكتساب رزقه، وحفظ ماء وجهه ، مدفوعا بغلوة شبابه ومتذكرا ما قاساه من حرمان في قريته السوسية ، وتعذيب على يد بعض رجال المقاومة . لقد وجد في باريس مدينة النور والعلم ما لم يجده في مسقط رأسه : بعثا جديدا وحرية في الهواء المستنشق ، والتعبير عن كل ما تتمخض به الذات المسجونة . ومن حظه كذلك أنه التقى بزوجته (شوك ) التي كانت له الحصن الحصين ، والقلب الأمين إلى أن التحق إلفها بالرفيق الأعلى ، وفي نفس الوقت عاصر وصادق في الستينيات جيلا مباركا من النخبة المغربية : المهدي بن بركة ، عبد الرحمان اليوسفي ، عبد الله العروي، علال سيناصر ، حرية سيناصر ، فتح الله والعلو ،لحبيب المالكي ، إدريس بنعلي ، محمد برادة ، محمد خير الدين ، محمد باهي، وشخصيات أخرى علمية وطبية يطول ذكرها . أما من المستشرقين فقد كان صديقا حميما لجاك بيرك وماكسيم رودانسون .إن هذا الوسط النخبوي هو الذي كان مرآة لفريد النعيمي ، ومقياسا لما يجب امتلاكه واعتناقه في أقرب وقت، وإلا ضيع الشجرة والثمرة . وما كان منه والحالة هذه إلا أن التحق بالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا حيث لم تكن البكالوريا مطلوبة للتسجيل قبل التخصص في تاريخ المغرب ، وكيف لا وهو قد أصبح يصول ويجول في اللغة الفرنسية بفضل ذكاء نادر ، وإرادة تدفعه كالماء الهادر للتمكن من أسباب العلم، وأدوات البحث، وأساليب المحاججة في شتى المواضيع التي كانت شائعة ومتداولة لدى النخبة المغربية، فيما يتعلق بالمغرب السياسي والاقتصادي والحريات العامة . إن وضعيته الجديدة المكتسبة - كباحث - بعرق جبينه هي التي أعادت له الاعتبار، ونفضت عن اسمه كل غبار، واصبح لامعا في اجتماعات الطلبة بدار المغرب ، والندوات المنعقدة هنا وهناك ، والمؤتمرات المنظمة حول شخصيات تاريخية مغربية ، وحول مواضيع وقضايا تخص الحريات والمواطنة في المغرب الحديث. ولم يتوان في الدفاع عن كل ما يجعل من المغرب بلدا ديموقراطيا متكاملا في تاريخه وجغرافيته وأجهزته الاقتصادية والتشريعية، ومحترما من قبل الدول المشهورة بحرياتها وبالعيش الرغيد.
إن حب فريد النعيمي للمغرب هو الذي جعل منه ? زيادة على اهتمامات أخرى ? جماعة كتب حول المغرب قديما وحديثا بحيث أن مكتبته المشهورة لدى أصدقائه الجامعيين فاقت الآلاف من الكتب الفرنسية النادرة التي اقتناها كالذهب من كتبيين متخصصين على مدى سنوات طويلة . ونحمد الله على أن معظم هذه الكتب القيمة قد أهداها صاحبها لمؤسسة مغربية ثقافية ، لما علم أن مرضه لا علاج له ، وأن أجمل ما يهدى للمغرب هو العلم المنفتح والحرية الدائمة .
رحم الله فقيدنا وألهم زوجته وذويه واصدقاءه الصبر والسلوان
* أستاذ جامعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.