يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    الناظور ضمن خريطة أطول أنبوب غاز في العالم يربط إفريقيا بأوروبا    مواطنون إسبان يشيدون بالمساعدة المقدمة من المغرب إثر انقطاع الكهرباء    البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية بجهة الداخلة    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    اتفاقية تلاقي السغروشني وحموشي    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الدولي الثالث للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين .. الكاتب الأول إدريس لشكر: الجيل الجديد من البرلمانيين الشباب مطالب بحمل مشعل الحرية والكرامة والتضامن في عالم مضطرب    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    مراكش.. إيقاف شخصين وحجز كمية كبيرة من الأقراص المخدرة من نوع "ريفوتريل"    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    بعد 25 سنة.. شركة "FRS" تُعلن رسمياً توقف نشاطها البحري بين طنجة وطريفة    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    وقفات الجمعة ال74.. المغاربة يجددون مطالبهم برفع الحصار وإنهاء "الإبادة" في غزة    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    « بين التاريخ والرواية» كتاب جماعي يرصد مسارات أحمد التوفيق    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    حادثة سير مميتة تنهي حياة سبعيني بالفقيه بن صالح والسائق يفرّ هاربا    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    مقاطعة مديري مؤسسات الريادة للعمليات المصيرية يربك مشروع الوزارة في الإصلاح التربوي    سوريا: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي "تصعيد خطير"    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    نجاح "خامس مهمة نسائية" خارج المحطة الفضائية الدولية    تفاؤل تجاري ينعش أسعار النفط في الأسواق العالمية    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    "الكورفاتشي" تستعد للتنقل إلى مدينة الدار البيضاء لحضور "الكلاسيكو" أمام الوداد    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    الصين تدرس دعوات أمريكية لاستئناف الحوار بشأن الرسوم الجمركية    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    اللاعب المغربي الذي أبهر العالم بأدائه المجنون … !    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كما النهر الذي يجري .. مانويل رجل مهم وضروري

كما النهر الذي يجري / محكيات 1998 ذ 2005 مجموعة نصوص قصيرة ( 101) نشرها باولو كويلهو ما بين 1998 و2005، وهو يفتح لنا من خلالها أبواب عوالمه ككاتب؛ إنها مقطوعات قصيرة جدا من الحياة اليومية ومن نصوص حكاها له آخرون، وأعطاها هو بُعد حكايات فلسفية أو بيداغوجية بالغة الأهمية لمن يرغبون في العيش في تناغم مع العالم المحيط بهم. ونحن نقترح ترجمة لبعض هذه النصوص، اعتمادا على الترجمة الفرنسية التي أجزتها فوانسواز مارشان سوفاغنارغ، ضمن منشورات فلاماريون، باريس، 2006.
ينبغي أن يكون مانويل منشغلا، وإلا اعتقد أن حياته بلا معنى، أنه يضيع وقته، أن المجتمع ليس في حاجة له، أنه لا أحد يحبه، لا أحد يريده.
بالتالي، وبمجرد أن يستيقظ، تكون أمامه مجموعة من المهام التي عليه أن يُنجزها: يتتبع الأخبار المتلفزة ( ربما حدث أمر ما خلال الليل )، يقرأ الجريدة ( ربما حدث أمر ما عشية أمس)، يرجو زوجته أن لا تسمح بتأخر الأطفال عن المدرسة، يستقل سيارة، سيارة أجرة أو حافلة أو ميترو، إلا أنه دائم التركيز، يشاهد الفراغ، ينظر إلى ساعته، يُجري بعض المكالمات الهاتفية بواسطة هاتفه النقال إذا ما أمكن - يعمل بشتى الطرق لكي يرى الناس جميعا أنه رجل مهم، رجل مفيد للعالم.
يصل مانويل إلى العمل، ينكب على الوثائق التي تنتظره. إذا كان موظفا، فهو يفعل كل ما في وسعه لكي يرى رئيسه أنه جاء في الوقت المحدد. إذا كان رب عمل، فإنه يجعل الناس جميعا يشتغلون فورا؛ إذا لم تكن هناك أعمال مهمة في الأفق، فإن مانويل سيعمل على تطويرها، على خلقها، على إعداد مشروع جديد، على تسطير مناهج جديدة للعمل.
يذهب مانويل لتناول الغذاء، إلا أنه لا يذهب وحده. إذا كان رب عمل، فهو يجلس مع أصدقائه، يناقش الاستراتيجيات الجديدة، يذكر المنافسين بسوء، يحتفظ دائما بورقة سرية، يشتكي ( بنوع من الاعتزاز) من كثافة الشغل. إذا كان مانويل موظفا، فإنه يجلس أيضا مع أصدقائه، يشتكي من رئيسه، يقول بأنه يعمل ساعات إضافية كثيرة، يصرخ بيأس ( وباعتزاز كبير) أن العديد من الأمور في الشركة تتوقف عليه.
يعمل مانويل- سواء كان رب عمل أو مستخدما - بعد الظهر دائما. ينظر إلى ساعته بين الفينة والأخرى، سيحين وقت العودة إلى البيت بعد قليل. لكن، يظل هناك عنصر جزئي ينبغي إيجاد حل له هنا، وثيقة ينبغي توقيعها هناك. إنه رجل مستقيم، يقدم كل ما في وسعه لكي يبرر راتبه ويستجيب لتوقعات الآخرين، لأحلام والديه اللذين بذلا مجهودات كبيرة لاكسابه التربية الضرورية.
أخيرا، يعود إلى بيته. يستحم، يرتدي ملابس مريحة أكثر ثم يتجه لتناول العشاء مع أسرته. يتحرى عن فروض أبنائه، عن أنشطة زوجته. يتحدث، بين الوقت والآخر، عن عمله، فقط لكي يكون قدوة , ليس من عادته أن يحمل معه انشغالاته إلى البيت. بعد انتهاء العشاء، يغادر الأطفال الذين يهزؤون كثيرا من النماذج، من الفروض أو أشياء أخرى من هذا القبيل , المائدة مباشرة ويجلسون أمام الحاسوب. يجلس مانويل، بدوره، أمام جهاز طفولته القديم، المسمى تلفزة. يتابع الأخبار من جديد ( ربما حدث أمر ما بعد الظهر).
يتجه دائما إلى النوم وكتاب ثقافي على الطاولة قرب السرير. فسواء كان رب عمل أو مستخدما، يعرف مانويل أن المنافسة شرسة وأن غير المؤهل يخاطر بفقدان عمله، وسيكون عليه مواجهة أسوأ اللعنات: يظل غير منشغل. يتحدث قليلا مع زوجته , إنه، في النهاية، رجل طيب، مجتهد، يعتني بأسرته ومستعد للدفاع عنها في كل الظروف. يأتي النوم بسرعة، ينام مانويل لعلمه أنه سيكون مشغولا جدا نهار الغد وأن عليه استرجاع طاقته.
حلم مانويل هذه الليلة. سأله ملاك: لماذا تفعل كل هذا؟ يرد مانويل بأنه رجل مسؤول.
يواصل الملاك: هل بإمكانك أن تكون قادرا، ولو لربع ساعة خلال يومك، على التوقف قليلا، على النظر إلى العالم، النظر إلى نفسك، أن لا تفعل شيئا فقط؟ . يقول مانويل بأنه يعشق ذلك، إلا أنه ليس لديه الوقت. إنك تسخر مني، يقول الملاك. كل الناس لديهم الوقت، ما ينقص هو الشجاعة. إن العمل نعمة إذا كان ذلك يساعدنا على التفكير فيما نحن بصدد القيام به، إلا أنه يتحول إلى نقمة حين لا تكون له أية جدوى سوى أنه يجنبنا التفكير في معنى حياتنا ?.
استيقظ مانويل في عمق الليل، يتصبب منه عرق بارد. الشجاعة؟ كيف ذلك، ألا يمتلك الرجل الذي يضحي لأجل أقاربه القدرة على التوقف ربع ساعة؟
من الأفضل أن يعود إلى النوم، ليس ذلك سوى حلم، هذه الأسئلة لا تفضي إلى شيء، وسيكون غدا منشغلا جدا، جدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.