تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    مباحثات تجمع العلمي ونياغ في الرباط    أخنوش: تنمية الصحراء المغربية تجسد السيادة وترسخ الإنصاف المجالي    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    الأحزاب السياسية تشيد بالمقاربة التشاركية للملك محمد السادس من أجل تفصيل وتحيين مبادرة الحكم الذاتي    رفض البوليساريو الانخراط بالمسار السياسي يعمق عزلة الطرح الانفصالي    تنصيب عمر حنيش عميداً جديدا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    أخنوش يستعرض أمام البرلمان الطفرة المهمة في البنية التحتية الجامعية في الصحراء المغربية    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    تلاميذ ثانوية الرواضي يحتجون ضد تدهور الأوضاع داخل المؤسسة والداخلية    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد سنتين على اندلاع الثورات العالم العربي والأوراش الكبرى المفتوحة

عندما ألقى الوزير الأول التركي رجب طيب أردوغان خطابه في افتتاح مؤتمر حزبه, »حزب العدالة والتنمية« يوم 30 شتنبر بأنقرة، كان محمد مرسي الرئيس المصري المنتخب في الصفوف الأمامية ينصت باهتمام. زيارة مرسي لأنقرة لم تمر مرور الكرام. اختيار بكين كأول زيارة رسمية للخارج بعد انتخابه، لم تمر بدورها مرور الكرام. ولا زيارته لطهران بمناسبة قمة دول عدم الانحياز، حيث لم يتردد في انتقاد إيران لدعمها الديكتاتور السوري بشار الأسد.
أردوغان التركي ومرسي المصري: رمزان بارزان للتحول الكبير الذي يهز العالم العربي والإسلامي في القرن 21. فالتسارع المفاجىء الذي فرضته الثورات العربية منذ دجنبر 2010، بدأ يتجسد من خلال بداية ترتيب الأوراق واصطفافات القوى العظمى في لعبة الشرق الأوسط الجديد.
ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الولايات المتحدة في هذا المعطى الجديد؟ وهل فعلا أدى »الربيع العربي« إلى قيام »شتاء إسلامي«، كما تحاول تجسيده الرسوم الكاريكاتورية؟ الأمريكيون الذين صاحبوا بعضاً من هذه التغييرات يرون في بعض الأحيان أنها تنقلب ضدهم، وحادثة بنغازي، التي قتل خلالها السفير الأمريكي وثلاثة من مواطنيه يوم 11 شتنبر أظهرت بوضوح أنهم إذا كانوا دائماً هدفاً، فإن سلطتهم وتحكمهم في الأحداث بدأ يتآكل شيئاً فشيئاً.
بالنسبة للذين رأوا في الانتفاضات التونسية والمصرية تعبيراً عن تطلع للنموذج الديمقراطي والاجتماعي الغربي، فإن الاستفاقة صعبة. ففي هذين البلدين لم تحمل الانتخابات الى السلطة من قاموا بالثورة وأسقطوا الديكتاتورية، بل حملت الأحزاب الاسلامية، النهضة في تونس والإخوان المسلمين في مصر، ومكنت المتطرفين السلفيين من التسلل إلى الواجهة. و«الربيع العربي» كان تعبيراً إعلامياً غربياً. لكن تعبير »الصحوة العربية« يبقى دون شك أكثر ملاءمة. وهذه الصحوة ومطلب الحرية والكرامة الذي حملها، أخذ أشكالا مختلفة حسب البلدان، ولكنه، باستثناء بعض الملكيات في الخليج، لم يستثن أي نظام من هذه الأنظمة.
ويبقى مآل الحرب في سوريا وموقف طهران وتطور الوضع الاقتصادي في مصر، ومصير الاستقرار في ليبيا، ومقاومة المجتمع المدني لضغوط ومطالب السلفيين.. كلها معطيات تبقى مجهولة سيكون لها بالتأكيد تأثير على توجهات هذه الصحوة. هناك تحدي آخر أمام الثوريين، ويتمثل في إعادة ترتيب الأمور وبناء خطاب سياسي متماسك في مواجهة خطاب الإخوان المسلمين.
والشيء الأكيد هو أنه لا الولايات المتحدة ولا أوربا تستطيع هذه المرة التأثير في سير الأحداث، ويعترف باراك أوباما أن مصر اليوم »لا هي بالحليف ولا هي بالعدو« للولايات المتحدة، ويتعين إعادة بناء كل شيء في هذا الشرق الأوسط الجديد.
ردود الفعل الرسمية من خلال أعضاء الحكومة المغربية ابتداء من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير خارجيته سعد الدين العثماني، وكذلك وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة وأيضا عبد الله باها. لم يتسن لنا معرفتها، رغم الاتصالات الهاتفية لأكثر من مرة يوم أمس، حيث كانت الهواتف ترن دون أن نجد صدى لمكالماتنا. في حين كان هاتف وزير الخارجية مقفلا وكذلك رقم الخارجية المغربية الثابت. وفي اتصال بالرجل الثاني في الخارجية المغربية يوسف العمراني الذي كان في مهمة ستراسبورغ، صرح لنا أنه لم يطلع بعد على هذا التقرير.
محمد اليازغي القيادي الاتحادي والملم بملف الصحراء، صرح للجريدة تعليقا على تقرير الخارجية الأمريكية بأنه يقلل من أهمية هذا التقرير، على اعتبار أنه يعتمد في صياغته على تقارير المنظمات غير الحكومية، ومنها بالتأكيد تقرير منظمة كيندي التي زارت رئيستها مؤخرا المناطق الجنوبية. إذ شدد على أن هذه المنظمات منحازة في مقاربتها ضد المغرب. وأوضح محمد اليازغي أن المهم أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في اتصاله مع جلالة الملك محمد السادس، أكد على أن مبعوثه الخاص سيظل مؤطرا بما قرره مجلس الأمن، خاصة في قضية المينورسو والتي لن تمتد لتصبح لها علاقة بحقوق الإنسان بالمنطقة. وأضاف أن المغرب عرف تأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو منظمة تتابع حقوق الإنسان بالمنطقة. وعن سؤال إن كان تقرير الخارجية الأمريكية له علاقة بالموقف المغربي من مبعوث الأمم المتحدة روس، ذو الجنسية الامريكية، استبعد اليازغي هذا الربط، وأضاف أن الأساسي هو موقف كاتبة الدولة في الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الذي عبرت عنه والداعم للمقترح المغربي بخصوص ملف الصحراء المغربية. واعتبرته مقترحا ذا مصداقية وواقعية. وسجل اليازغي أن هذه التقارير دائما لم تكن في صالحنا، وليس هذا التقريرالأول من نوعه في هذا الباب.
تضمن تقرير جديد قدمته الخارجية الأمريكية للكونغرس، انتقادات شديدة اللهجة للمغرب بخصوص تسجيل انتهاكات لحقوق الإنسان في منطقة الصحراء المغربية.
واعتبر التقرير، الذي يأتي تنفيذا لقانون تمت المصادقة عليه في وقت سابق من السنة الماضية، أن الوضعية في المنطقة تثير الكثير من القلق. وينص ذلك القانون على ضرورة تقديم الخارجية الأمريكية تقريرا أمام لجنة القروض داخل الكونغرس، توضح فيه مدى احترام الحكومة المغربية لحقوق الإنسان ومستقبل الأقاليم الصحراوية.
ومن خلال هذا القانون، اشترط الكونغرس منح المساعدة المالية العسكرية الأمريكية للمغرب ب"منح منظمات حقوق الإنسان والصحفيين وممثلي الحكومات الأجنبية حق الدخول إلى الصحراء دون قيود".
وحسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، فإن نص التقرير يتحدث عن المناطق الصحراوية باعتبارها "إقليما غير مستقل يطالب المغرب ببسط سيادته عليه، وهو موقف لا يقبله المجتمع الدولي،" مضيفة أن "الاستفتاء لم ينظم والصحراء تبقى بذلك تحت السلطة الإدارية المغربية وذلك رغم أن منظمة الأمم المتحدة لا تعترف بالمغرب كقوة إدارية مسيرة للصحراء ".
وشدد تقرير هيلاري كلنتون، حسب ذات المصادر، على أن "الوضع العام لحقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية يثير مخاوف شديدة في ما يخص مثلا الحد من حرية التعبير، والاجتماع واللجوء إلى الحبس التعسفي والتجاوزات الجسدية والكلامية ضد المعتقلين خلال توقيفهم وسجنهم".
وبالتالي، فإن "المنظمات غير المعتمدة لا يمكنها الاستفادة من الأموال العمومية ولا قبول المساهمات المالية، وأنها تواجه صعوبات للحصول على ترخيص من أجل تنظيم اجتماعات عامة" حسب التقرير الذي تطرق الى حالة الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان.
وتضمن التقرير أيضا إشارة إلى الزيارة التي قام بها شهر غشت الماضي وفد من المركز الأمريكي روبيرت كيندي للعدالة وحقوق الإنسان، وهي الزيارة التي كانت قد أثارت تحفظ المغرب بسبب الانتقائية الممنهجة التي تم اعتمادها في اختيار المنظمات التي استمع إليها أفراد المنظمة. ورغم ذلك، فإن التقرير الذي توصل به الكونغرس أشار إلى أن وفد المركز تناول في تقريره "الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان المرتكبة في منطقة الصحراء ".
وبخصوص حقوق الافراد في التعبير عن آرائهم حول الصحراء الغربية، سجل التقرير الأمريكي أن المغرب يعتبر أن مطالب استقلال الصحراء الغربية تشكل "مساسا خطيرا بالأمن".
وتشير الملاحظات التي أوردها تقرير كتابة الدولة في الخارجية الأمريكية إلى أنه "ثمة قيود متواصلة سيما بالنسبة لحقوق الاجتماع السلمي والمنشورات التي تدعو إلى الاستقلال أو إلى استفتاء يدمج الاستقلال كخيار".
ونقل التقرير أن "القانون في المغرب يمنع منعا باتا كل المظاهرات الكبرى حول حقوق الإنسان أو أي تظاهرة سلمية لصالح استقلال الأراضي الصحراوية"، مضيفا أن "الأشخاص الموقوفين جراء احتجاجهم على دمج الصحراء الغربية في المملكة المغربية، لم يستفيدوا بعد من محاكمة علنية منصفة". كما أن " توزيع منشورات تدعو الى استقلال الأقاليم الصحراوية أو إلى إجراء استفتاء قد يتضمن هذا التصور، ممنوع"، حسب كتابة الدولة التي أكدت أن الحكومة المغربية "ترفض أيضا الدخول إلى بعض مواقع شبكة الإنترنت كتلك التي تدعو إلى استقلال" الأقاليم الصحراوية.
وحسب التقرير دائما فإن "أغلبية وسائل الإعلام وأصحاب المدونات الإلكترونية يمارسون الرقابة الذاتية حول هذه المسألة" في حين أن "أصحاب المدونات الإلكترونية الذين يشكون في أنهم مراقبون من طرف السلطات المغربية يضطرون لإخفاء هويتهم".
وانتقد تقرير كتابة الدولة في الخارجية الأمريكية الحكومة المغربية بسبب "تطبيقها إجراءات صارمة تحد بشدة من قدرة المنظمات غير الحكومية والمناضلين من أجل حقوق الإنسان على الالتقاء بالصحفيين"، مضيفة أن الصحفيين الأجانب يجب أن يتحصلوا على الترخيص الرسمي المسبق من وزارة الاتصال المغربية قبل الالتقاء بالمنظمات غير الحكومية التي تعارض الطرح المغربي بخصوص قضية الصحراء.
وفي ما يتعلق بإنشاء المجلس الوطني لحقوق الانسان من طرف المغرب في سنة 2011 في إطار الإصلاحات السياسية، أشار التقرير إلى أن "المسؤولين الأمريكيين دعوا المغرب مثلما وعد بذلك إلى نشر التقرير الخاص بسنة 2011 حول حقوق الإنسان، بما في ذلك تقرير خاص حول وضعية حقوق الإنسان بالصحراء ".
كما أوضحت كتابة الدولة أن "المغرب يرفض حضورا دائما لمكتب المندوب السامي للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان أو آلية حقوق الإنسان في إطار المينورسو".
ويأتي هذا التقرير بعد إصدار مؤسسة روبرت كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان بيانا مستهل شهر شتنبر الماضي، يقدم ملاحظات أولية حول زيارة وفد منها للأقاليم الصحراوية ومخيمات تندوف. وهو البيان الذي نددت فيه ب "الانتهاكات المغربية الجسيمة لحقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية، وبالوضعية الصعبة التي يعيشها اللاجئون الصحراويون منذ أربع عقود بمخيمات تندوف"، ودعت إلى تشكيل آلية دائمة لمراقبة حقوق الانسان.
وقد أثار هذا التقرير المصغر انتقادات واسعة من طرف الحكومة المغربية، وأصدرت بدورها بيانا بيان يصف التقرير بالانحياز لجبهة البوليساريو، واتهمته بالانتقائية وعدم الحياد، وتعهدت بالرد عليه.
ومن بين ما جاء في تقرير المنظمة الأمريكية أن الوفد الحقوقي سجل ملاحظات حول التواجد الكثيف لقوات الأمن وانتهاكات للحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية، وحرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات. وبشكل عام، لاحظ الوفد سياسة الترهيب والعنف الذي تمارسه الدولة ضد منتقدي النظام الذي ينتهك سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، والذي يوفر إمكانية الإفلات من العقاب لمرتكبي الانتهاكات. كما لاحظ الوفد أن المدافعين عن حقوق الإنسان مستهدفون بشكل خاص.
وذكر البيان أن وفد المؤسسة خضع للمراقبة من طرف الأمن السري، كما منع فعليا من مراقبة هجوم على متظاهرين سلميين، بل تعرض أفراده للشتم، وتعرض لحملة تضليل على نطاق واسع تهدف إلى تقويض مصداقيته.
وأورد البيان على لسان رئيسة مركز روبرت كينيدي "أن اضطهاد منتقدي الحكومة المغربية من الصحراويين لا يليق بالمملكة المغربية، التي حققت مكاسب مثيرة للإعجاب في ضمان حقوق الإنسان لشعبها على مدى العقد الماضي."
أما في مخيمات اللاجئين، فقد ذكر البيان أن الوفد سجل ملاحظات بخصوص مستويات العيش المتدنية. وذكر أنه "ربما تكون مستويات المعيشة الأساسية كافية في مخيمات اللاجئين كجزء من حل مؤقت، ولكن بعد ما يقرب من أربعة عقود فإن هذه المعايير لم تعد مقبولة وتؤثر بشكل خطير على حياة وأحلام، وتطلعات أكثر من 100.000 شخص".
كما نقل البيان على لسان سانتياغو كانتون، مدير الشراكات بمركز روبرت كينيدي قوله إن المركز "يلتزم بمواصلة الحوار مع الحكومة المغربية من أجل معالجة حالة حقوق الإنسان في الصحراء الخاضعة للمغرب"، مؤكدا أنه "يجب أن يتم بشكل فوري تشكيل آلية دولية دائمة من طرف المجتمع الدولي لحماية حقوق الإنسان للصحراويين».
منذ الفوز الإنتخابي للإسلاميين في تونس ومصر، ومنذ بدأت الثورة السورية تسقط في الحرب الأهلية، ومنذ أيضا مقتل السفير الأمريكي بليبيا من قبل جماعة للقاعدة ببنغازي يوم 11 شتنبر الماضي، أصبحت العبارة أكثر شيوعا في تعاليق الفرنسيين: "الربيع العربي" انزلق صوب "ربيع إسلامي"، وأن المدى الديمقراطي لسنة 2011، قد انتهى إلى الفوضى والقمع. رغم ذلك، فإن الصيرورة المنطلقة منذ دجنبر 2010 من قبل ساكنة سيدي بوزيد بتونس، لا يحتمل لا انجداب الإعجاب ولا سوداوية التشاؤم. فنادرا ما يتوافق الزمن الإعلامي مع الصيرورة الإنتخابية ومع التحولات العميقة (للمجتمع).
تمة أمر مفحم، وليس عيبا أن نعيد التذكير به: لقد انطلقت الثورات العربية لتدوم. "لسنا سوى في السنة الثانية للثورات"، يؤكد جون بيير فيليو، الأستاذ بمدرسة العلوم السياسية وصاحب كتاب "الثورة العربية. عشرة دروس حول النهوض الديمقراطي" (فايار 2011). "لابد من زمن، قبل أن أن تبرز نظم ثابتة. لقد خرجت هذه المجتمعات من رهاب كبير تسببت فيه خمسة عقود من الديكتاتورية". فسواء في تونس، مصر، أو ليبيا (اليمن تجتاز مرحلة كمون وسوريا في حرب أهلية)، فإن الأسئلة التي تطرح هي أسئلة كينونية (كيف يمكن مصالحة الدين مع التعدد، والإسلام مع الديمقراطية. حقوق الإنسان مع احترام المقدس)، لكنها جد عملية أيضا (هل لابد من دستور قبل الإنتخابات أم بعدها).
من أمريكا اللاتينية حتى أروبا الشرقية، تمة نماذج متعددة للمقارنة. لكن ولا واحد منها يمكن تطبيقه حرفيا. "فعكس دول أروبا الشرقية، فإن التغيير العربي لم يأت من فوق بل من القاع"، يؤكد فيليو. "بينما التحولات الأمريكو لاتينية، ليست نتيجة ثورات، بل نتيجة صيرورة إدماج العسكر في اللعبة الديمقراطية. وفي الحالة العربية فإن المجتمعات تعيد تشكلها من القاع، وحدها. وأمام هذه الحركية، فنحن عاجزون، لأن أدوات اشتغالنا أصبحت متجاوزة". فمن أجل أن يكون انتقال ديمقراطي كاملا، فإن 3 نقط لابد أن تعالج وتحلل: الإصلاحات السياسية المرتبطة بالدستور وبالإنتخابات. ترسيخ عدالة انتقالية وإصلاح وسائل الأمن. ثم أخيرا فسح المجال أمام بروز مجتمع مدني تساعد في توسيع هوامش الديمقراطية. بالتالي، بشكل سريع، ومباشرة بعد الإطاحة بالديكتاتوريات، طرحت مسألة إلحاحية مراجعة الدستور، بغاية حماية وتعزيز الفعل المجتمعي وقطع الطريق أمام أي مرشح للإستبداد من جديد. في ليبيا، مثلا، فإن تبني نص دستوري كان مطلبا أساسيا للثوار، الذين ملوا من أسلوب نظام القدافي.
لكن كيف يمكن البداية من الصفر دون غياب للسلطة؟ هل يجب تنظيم انتخابات قبل الدستور، أو انتخاب مجلس متوافق عليه مكلف بتحرير نص الدستور؟. مصر اختارت السبيل الأول، فيما تونس الثاني، مع إخفاقات لهذا وذاك. الطريقة المصرية، المختارة من قبل الجيش، التي غايتها وضع نظام سلطة قوي يستطيع وضع حد لصيرورة الثورة، هو الذي قاد الإخوان المسلمين إلى السلطة. لكن هؤلاء أيضا حاملوا مشروع مجتمعي (متوافق مع الإسلام)، الذين لهم طموح في فرضه على النص الدستوري. لقد عدنا إذن إلى نقطة البداية: لابد من دستور حتى تكون قواعد اللعب واضحة بصفة نهائية بين المدنيين والعسكريين، بين الدينيين واللائكيين، بين المسلمين وغير المسلمين. "إن إعادة الصيرورة إلى الوراء، قد ضيع على مصر سنة ونصف كاملة" يقول جون بيير فيليو، الذي يؤكد في الآن نفسه على أن ذلك أضعف الجيش خلال هذه الفترة.
في تونس، تم اختيار طريق التغيير الراديكالي منذ مارس 2011. فالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاحات السياسية والإنتقال الديمقراطي، التي ترأسها بنعاشور، قد وضعت آلية سمحت بانتخاب مجلس تأسيسي في أكتوبر 2011، الذي عنه صدرت الحكومة الحالية. وتحديد سنة لتحرير دستور جديد لن تحترم طبعا، مما قد يدخل البلاد في مجال توتر كبير. "لقد منحت لحظة الإنتقال هذه لحزب النهضة الإسلامي فرصة تعزيز مواقعه"، يقول فيليو. وهو يرى في ذلك تخوفا من الإسلاميين أن يفقدوا بريقهم في الإنتخابات العامة القادمة.
في ليبيا، احترم الجدول الزمني، رغم تراكمات المشاكل الأمنية الواضحة، بسبب جماعات المسلحين. فالمجلس الوطني الإنتقالي، برئاسة مصطفى عبد الجليل، قد سلم السلطة كما وعد بذلك لمجلس منتخب يترأسه محمد المقريف، يشكل فيه الإسلاميون أقلية. وبقية المسلسل تبدو صعبة، تتمثل في وضع حكومة قوية تعيد الأمن (تجميع سلاح الجماعات)، وأيضا تحقيق المصالحة الوطنية، مع الجواب عن التحديات المركزية التي تطرح على البلد (الشريعة أم لا، فيدرالية أم سلطة مركزية... إلخ).
ففي كل واحد من هذه البلاد الثلاثة، استحوذ النقاش حول الهوية الدينية على السؤال الدستوري، وضمنه مصير الأقليات، ووضعية المرأة وقانون الأحوال الشخصية. ورغم محاولات استعراض القوة للجماعات السلفية الصغيرة، المنظمة، فإنه لابد من تسجيل أنه في تونس كما في مصر، فإن الأحزاب الإسلامية قد تبنت موقف الدولة المدنية وتخلو (مؤقتا) عن فكرة تطبيق الشريعة. مثلما أن المسألة الفدرالية في ليبيا تعتبر طابو كبير. وأكيد أن التأخر قد سجل في مجال العدالة الانتقالية وإصلاح أجهزة الأمن. ففي مصر كما في تونس، فإن عائلات شهداء الثورة، تطالب دوما بالإنصاف. فيما المحاكمات المتسرعة لمحاكمة الديكتاتوريين (المؤبد لبنعلي)، لم تحقق انتظارات الرأي العام. فيما محاكمة وتطهير أجهزة الأمن، منتظرة دوما، بسبب أن المؤسسات الجديدة هي في حاجة إليها لضمان الأمن ولتعزيز مشروعيتهم.
في مصر كما في تونس، تم الاكتفاء ببعض قرارات العزل. فمؤسسة أمن الدولة في مصر التي تغير اسمها ب "الأمن الوطني"، بقيت تشتغل في الظل. وسواء عن صواب أو خطأ، فإن عناصر الثوار يرون ظلها في ما وراء الأحداث المفتعلة هنا وهناك. وعودة العنف سواء على ميدان التحرير، أو المأساة التي وقعت في ملعب بورسعيد لكرة القدم (مقتل 74 مشجعا). كما أن بعض الأحداث الدامية في تونس تثير الشك والسؤال. والفضيحة التي تفجرت حول اغتصاب امرأة من قبل عناصر أمن تلخص الصعوبات في تغيير الأساليب القديمة، حتى ووزارة الداخلية تدار من قبل معتقل سياسي سابق. وأخيرا، في ليبيا، فإن ظروف اعتقال سيف الإسلام نجل العقيد القدافي، لا تترجم أسباب المحاكمة العادلة.
إن العطش الجارف للفعل والمشاركة السياسية، هو الذي يغذي الحيوية التي تميز المجتمع المدني، مما يعتبر عنصر اطمئنان. فجمعيات التعاون، والأحزاب، والنقابات تولد كل يوم. فيما البنيات القبلية في ليبيا تتصالح مع السياسة. وإلى جوار وسائل الإعلام الرسمية للدولة، التي كانت تابعة للنظام القديم، تورق صحافة حرة. وجون بيير فيليو متفائل: " إن المشهد السياسي في مرحلة متقدمة للتشكل وغلبة الإسلاميين ليست مضمونة تماما. فبين انتخابات يناير 2012 والدور الأول للإنتخابات الرئاسية في ماي، فقد الإخوان المسلمون في مصر نصف أصواتهم. والمثير أنه في سوريا، حيث النظام السياسي شمولي بشكل عنيف، قد تنظم المجتمع بشكل مستقل". تمة ملامح أمل في انتقال تعلن عن نفسها، هي طويلة وصعبة.
عن يومية «لوموند»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.