مستشارو جلالة الملك يترأسون اجتماعا لتحيين مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية    بوريطة يعلن قرب عقد اللجنة العليا المغربية السنغالية تمهيدًا للقاء الملك محمد السادس والرئيس فاي    تنصيب عمر حنيش عميداً جديدا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    الفريق الاشتراكي: الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على الصحراء ليس مجرد موقف شكلي بل تتويج لمسار دبلوماسي    أخنوش يستعرض أمام البرلمان الطفرة المهمة في البنية التحتية الجامعية في الصحراء المغربية    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    مئات المغاربة يجوبون شوارع باريس احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    أخنوش: "بفضل جلالة الملك قضية الصحراء خرجت من مرحلة الجمود إلى دينامية التدبير"    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا ما قاله عبد الحق المريني للاتحاد الاشتراكي

قضيتم عقودا متواصلة من الزمن في خدمة القصر? كيف جئتم إلى إدارة التشريفات الملكية؟ «
كنت عام 1965 قد غادرت على التو منصبي ،كرئيس لديوان نائب كاتب الدولة في التعليم التقني وتكوين الأطر، وذلك بعد أن عرف المغرب تشكيل حكومة جديدة ، فعدت إلى استئناف العمل ضمن السلك الأصلي الذي أنتسب إليه كأستاذ ، حيث جرى تعييني بثانوية للاعائشة بالرباط وبموازة مع ذلك كنت أقدم برنامجا في التلفزة المغربية حول تاريخ الجيوش المغربية، معززا بصور وخرائط من الأرشيف، لأنني في هذه الفترة بالذات، كنت منهمكا أيضا في إعداد مادة كتابي «الجيش المغربي عبر التاريخ» ،الذي صدر فيما بعد وكان أن توقفت ضمن إحدى حلقات البرنامج التلفزي المذكور، عند كفاح الجنود المغاربة لنصرة الحلفاء، وخاصة إبان الحرب العالمية الثانية، وأظهرت بما يكفي من التوضيح والإشارات ، أن هؤلاء الجنود لم يذهبوا للقتال إلى جانب جيوش دول استعمارية، وإنما هبوا لنصرة الحرية والتحرر، ولمقاومة المد الزاحف لدكتاتورية النازية والفاشية، ورغبتهما المجنونة في الإستبداد والهيمنة على العالم أجمع ويبدو أن هذه الرسالة التي كانت ذات دلالات قوية من الناحية السياسية ، قد التقطت جيدا ، وتركت شعورا بالإنصاف ، في حق ما قام به الضباط والجنود المغاربة، في معارك الحرب العالمية الثانية ، ضمن جيوش الحلفاء? وهكذا تسارعت التطورات ، حيث أبلغني الأستاذ أحمد بنسودة ،وكان وقتئذ مديرا للإذاعة والتلفزة ، بأن الجنيرال المرحوم مولاي حفيظ العلوي، وكان حينئذ مديرا للتشريفات الملكية والأوسمة، يطلبني باستعجال ، فكان أن ذهبت لمقابلته ، لأفاجأ بعد جلسة تعارف أنه يقترح علي الالتحاق للعمل بإدارة التشريفات الملكية والأوسمة، فكان ذلك هو بداية عملي بالقصر الملكي، ومعه بدأت تجربة جديدة في حياتي ومساري، منحتها الوفاء والإخلاص والثبات وتقدير المسؤولية، ومنحتني هي بدورها من الخبرة والتجربة والمعارف الجديدة، فوق ما كنت أتصور? إنها مدرستي الحقيقية ولله الحمد على كل حال «
وصلتم إلى رئاسة مديرية التشريفات الملكية والأوسمة،بعد أن تقلد هذا المنصب من قبلكم رجال، كان لهم دور في خدمة ملك البلاد عن قرب ،كيف تتحدثون عنهم بهذه المناسبة ؟
«من المعروف أن هذا المنصب تبوأه الفقيه محمد المعمري منذ فجر الإستقلال وقد عرف أيضا بكونه كان كاتبا وشاعرا? كما كان في نفس الوقت وزيرا للقصور الملكية، ثم السيد أحمد بناني الكاتب والأديب القصصي المشهور، صاحب كتاب «قصص فاس»، والجنرال مولاي عبد الحفيظ العلوي الذي كان -كما أسلفت- مديرا للتشريفات، قبل أن يصبح وزيرا للقصور الملكية والتشريفات والأوسمة وكان إلى جانبه السيد إدريس بنونة في منصب رئيس التشريفات، قبل أن ينتقل للعمل كسفير للمغرب في لبنان وسوريا، رحم الله الجميع وقد مارست مهمة مكلف بالتشريفات الملكية ابتداء من سنة 1992، إلى أن عينني صاحب الجلالة الحسن الثاني رحمه الله مديرا لها سنة 1998. وشرفني صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، عند اعتلائه عرش البلاد ، بأن أسند إلي نفس المنصب «
منذ 43 سنة وأنتم تتجهون إلى مكتبكم بالقصر الملكي مع إشراقة شمس كل يوم جديد ، ماهي مشاعركم تجاه هذا المسار الطويل في خدمة القصر ؟ «
أعتبر هذه المرحلة،هي الفترة الأهم في مراحل حياتي ،فيها تشريف وتكليف ،وقيام بالواجب نحو العرش والوطن، واكتساب تجربة وخبرة لاعهد لي بهما في السابق كما أنها فترة تلمذة وتحصيل في مدرسة الملوك? وأتمنى أن تكون تجربتي هذه قد حالفها التوفيق، خاصة وأنني كنت دائما حريصا على أداء مهامي ، بأمانة ونزاهة وإخلاص، و بقلب طاهر « عملتم لسنوات طويلة قريبا من الملك الراحل الحسن الثاني ، كيف عشتم حدثا تاريخيا كبيرا من حجم المسيرة الخضراء « لقد كانت بداية التحضير للمسيرة الخضراء بالقصر الملكي بفاس وكنت أشعر أن حدثا تاريخيا سيرى النور قريبا ، دون أن يعلم أي أحد كنهه و طبيعته ثم كان الإنتقال إلى مدينة مراكش ، وجاء الخطاب الملكي التاريخي الذي أعلن عن حدث المسيرة الخضراء وبعد ذلك كان التوجه إلى مدينة أكادير وفي الصباح الباكر من يوم السادس من نونبر 1975، اتجهنا مع جلالة الملك المغفور الحسن الثاني رحمه الله إلى مكان ما في أكادير، وكان رحمه الله مرتديا جلبابه الأخضر ، ومن هناك أمر جلالته بواسطة جهاز اللاسلكي ، وزيره الأول وقتئذ أحمد عصمان بأن يفتتح انطلاقة المسيرة الخضراء قائلا :» عصمان باسم الله مجراها ومرساها « وكانت بالفعل لحظة تاريخية ومؤثرة ،اقشعر لها بدني ودمعت عيني وحمدت الله أن أسعدني الحظ، فحضرت لحظة إصدار القرار الملكي بانطلاق هذه الملحمة التاريخية،التي غيرت مجرى الأحداث وأعادت للمغرب صحراءه وبعد هذا كانت العودة إلى مراكش، فتقاطرت على القصر الملكي وفود من رجال الصحافة من مختلف أنحاء العالم ، حيث كان جلالة المغفور له الحسن الثاني يخصص لهم ندوات ، يشرح فيها أهداف هده المسيرة ومقاصدها السلمية النبيلة،وذلك باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية وكم كانت رغبتي شديدة للمشاركة في المسيرة، ولكن لم يقدر لي ذلك بحكم ارتباطاتي اليومية بالعمل الرسمي وأذكر أنني كتبت مقالة عن هذا الحدث العظيم ،نشرته بإحدى الصحف الوطنية اليومية، تحت عنوان «مدرسة المسيرة «كما كنت كتبت مقالا آخر في نفس الموضوع ، تحت عنوان «السيف والقلم في ملحمة الصحراء المغربية « نشرته بمجلة «دعوة الحق» في إحدى المناسبات السنوية المسيرة ? وما زلت إلى الآن أتذكر أن الملك المرحوم الحسن الثاني، كان في إحدى خطبه بمناسبة حلول ذكرى المسيرة الخضراء، قد قال ما مفاده ،أنه يستخلص من المسيرة الخضراء شيئين اثنين ، الأول هو أن المطالبة بالحق أمر واجب وشرعي أما الشيء الثاني فهو أنه كلما اكتست المطالبة طابعا سلميا وروحيا وروحانيا، إلا وكانت أليق وأسلم وأصح وأنجع ? وهذا غيض من فيض، مما أذكره عن حدث عظيم، من حجم المسيرة الخضراء? «
ما فتئتم تعبرون بقلمكم في بعض المناسبات عن وفاء ثابت لذكرى الملك الراحل الحسن الثاني ، ودفاع مستمر عن صورته وتاريخه،علما أنه كانت لكم كتابات عديدة عنه إبان حياته «
كانت لي مساهمات أدبية نشرتها في مختلف مناسبات ذكرى عيد العرش المجيد? كما ساهمت بمداخلات في الندوات التي نظمت بعد وفاة جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، حول الأعمال الخالدة التي أنجزها لصالح هذا البلد في مختلف المجالات والخير أمام إن شاء الله وأعتقد اعتقادا راسخا بأن جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، باني استقلال المغرب ورائد نمائه وتقدمه، والمواجه لكل التحديات والتهديدات والمؤامرات، التي كانت سترمي بالمغرب وأهله، في متاهات ومهاوي لا يعلم مداها إلا الله، لهو في غنى عن الكتابة حول شخصيته الفذة ومنجزاته العملاقة الساطعة المعالم، كالشمس في واضحة النهار، والصامدة كالجبل الشامخ أمام كل افتراء على التاريخ ، لأن ذلك لن يغير من حقائق التاريخ شيئا وهاهي مسيرة التنمية المستديمة مازالت آخذة طريقها بخطى ثابتة في مغرب الألفية الثالثة، بقيادة جلالة الملك محمد السادس ، الخلف الساهر الأمين ،للسلف الصالح المصلح الباني، في إطار من الإجماع الوطني الراسخ ،حول ثوابت البلاد ومصالحها العليا?
أشرتم في السابق إلى تهديم بعض المعالم المعمارية في مدينة الدارالبيضاء، ولاحظت أنكم كنتم تتحدثون عنها بكثير من الحسرة والأسف ?
« بالفعل فانا أتحسر كثيرا على ذلك ، وخاصة على هدم وتحطيم فندق أنفا سنة 1972 وكما هو معروف فان هذا الفندق شيد سنة 1938 وأصبح معلمة تاريخية بعد أن عقد فيه الحلفاء من 14 إلى 22 يناير 1943 اجتماعهم التاريخي الذي غير مجرى التاريخ الحديث للعالم وقد جمع هذا اللقاء في مأدبة العشاء الرسمية بين الرئيس الأمريكي «»روزفيلت» ، ورئيس الوزراء البريطاني «تشرشل» والجينرال «دوغول» رئيس فرنسا الحرة، والمغفور له محمد الخامس مرفوقا بولي عهده أنداك الأمير مولاي الحسن ولم يتم الانتباه إلى فظاعة ما لحق هذه المعلمة التاريخية من هدم إلا بعد فوات الأوان ? «
درستم بمعهد الدراسات المغربية العليا، قبل أن تحل مكانه كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرب ماهي ذكرياتكم عن هذه المؤسسة العلمية التي أنشأها الفرنسيون على عهد الحماية، ومر منها العديد من أفراد النخبة المغربية؟
لقد تأسس هذا المعهد في الثلاثينات، ودرس به عدد من موظفي المخزن ،من مغاربة وفرنسيين وكانت تلقى فيه دروس حول تاريخ المغرب وجغرافيته، وطقوس مجتمعه، ومختلف فنونه كما كانت تلقن فيه أيضا، دروس في علوم اللغة العربية والترجمة وفي اللهجات الأمازيغية، بل وحتى دروس في الدارجة المغربية ، التي كان الموظفون الفرنسيون ينكبون على تعلمها ودراستها وبالنسبة لي فقد التحقت بمعهد الدراسات المغربية العليا في الخمسينات، حيث تابعت دروسه المسائية في شهادتي البروفي ثم الدبلوم وقد أحرزت على هذه الشهادة الأخيرة سنة 1960 وكان من الأساتذة التي درست عليهم في هذه الفترة، الأستاذ «لويا» في علم الترجمة، الذي سبق لي أن تتلمذت عليه في ثانوية «مولاي يوسف» بالرباط وما زلت أذكر جيدا ، كيف كان يحلو له أن يقرأ علينا، بعض محفوظاته الشعرية العربية بلكنته الفرنسية كما كان من بين أساتذتنا المؤرخ «لوي مييج» ،المختص في تاريخ العلاقات المغربية الأوروبية، على المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية،وله مؤلف في هذا الصدد يقع في عدة أجزاء وكان المستشرق والمؤرخ الكبير «شارل أندري جوليان» ،هو مدير هذا المعهد ولما حصل المغرب على استقلاله، كان الأستاذ محمد الفاسي رحمه الله من مؤسسي أول كلية للآداب والعلوم الإنسانية بالمغرب المستقل، وهي التي عوضت المعهد المذكور?
أشرتم في جوابكم السابق إلى رسالتكم الجامعية ، حول زعيم الموحدين المهدي بن تومرت? مالذي أثاركم في هذه الشخصية التاريخية ،حتى تجعلوها موضوعا لرسالة جامعية في فرنسا ؟
اخترت شخصية المهدي بن تومرت ، لأنه لعب دورا كبيرا في تاريخ المغرب ? فقد كان رجلا يدعو في وقت واحد إلى العدل والتوحيد ، وهو واضع أسس المذهب الموحدي ? ولما انتشرت دعوته طالب بالملك، وبتأسيس دولة هي دولة الموحدين ، فكان في نفس الوقت رجل مذهب ودعوة ، وطالب ملك ودولة? ولذلك كانت شخصيته تستحق الدرس والبحث والتحليل، نظرا للأثر الكبير والمتنوع، الذي تركه على حقبة مهمة من تاريخ المغرب ومحيطه الجغرافي 24/09/2007
أنتم منشغلون على الدوام بالمشاريع التوثيقية، وآخرها ما أنجزتموه في هذا الباب ، في شكل ببليوغرافية مفصلة حول نبغاء المغرب?
لقد كنت ألاحظ دائما أن عددا من البلدان، تتحدث باستمرار عن نبغائها ومبدعيها في جميع الميادين، وتستضيفهم وسائل إعلامها السمعية والبصرية والمقروءة، بينما نحن نكاد نلزم الصمت، ونمر سريعا على إبداعاتهم ? وهكذا ظلت تلازمني عادة قديمة، وهي أن أدون في سجل خاص ، كل ما أعثر عليه من أسماء النبغاء المغاربة، الذين يلمعون في ميادين العلوم والإبتكار والإختراع ، و كذا الآداب والفكر والفنون والرياضة ، أو يكونون قد أحرزوا على جوائز عالمية ، أو تقلدوا مراكز مهمة في منظمة دولية ، نظرا لكفاءتهم وتفوقهم في تخصصاتهم ، أو قدموا خدمات جليلة للإنسانية ، في مجالات الطب والعلوم والتقنيات? وحين تحصل لدي ما تحصل ، قلت مع نفسي لماذا لا أقوم بنشر هذا الدليل ، حتى يتعرف المغاربة على نبغائهم ، ويصبح المعرف بهم قدوة للآخرين ونبراسا لهم في الحياة وهكذا جاءت فكرة دليل نبغاء المغرب، الذي نشرته مؤخرا فهذه نافذة فتحتها ليطل منها المهتمون بعلمائنا ومبدعينا ،على إنجازات هؤلاء النبغاء وإسهاماتهم ، ويساندوا مشاريعهم وجهودهم ? وأنا أعتبر هذا الدليل بمثابة لبنة أخرى في مجال التوثيق ، تنضاف إلى اللبنات الأخرى التي كنت أشرفت على إعدادها في السابق ، من قبيل «دليل المرأة المغربية» في ثلاثة أجزاء ، وكتاب «الحسن الثاني الإنسان والملك «، وكتاب «محمد الخامس: دراسات وشهادات «، و كتاب «مدخل إلى تاريخ المغرب» ، وديوان «الحسنيات» في ثلاثة أجزاء ، وغيرها من الإصدارات على أن هذه المساهمة التوثيقية الجديدة ، هي مجرد أرضية أولية فقط، يمكن أن تتعزز بمساهمات مماثلة، لأنني لا أدعي بأني استطعت تدوين إنجازات كل نبغاء المغرب، سواء منهم المقيمون في الداخل أو الخارج.
كنتم في منصبكم بالقرب من الملك الراحل الحسن الثاني ،فهل يمكن أن نعرف رأيه فيها أو تعليقه عليها ، حين سلمتموه نسخة منها ، خاصة وأنه عرف بثقافته الموسوعية، واهتمامه الشديد بكل ما يتصل بتاريخ المغرب؟
بعد أن نوقشت هذه الأطروحة، كان من الواجب علي فورا، أن أرفع هذا الأمر إلى علم جلالته رحمه الله ، وذلك من باب التأدب والاحترام ، قبل أن يعلم به في وسائل الإعلام ولما اطلعت جلالته طيب الله ثراه على نسخة من الأطروحة ، وكانت ما تزال مطبوعة على آلة «الستانسيل»، تصفحها رحمه الله ، واستحسن مضمونها ، ثم أمرني بطبعها في المطبعة الملكية ، ولكن ذلك لم يتأت، لأسباب فنية قاهرة، فصدر أمر مولوي جديد بطبعها في مطبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ولقد كان في هذا التأخير، خير كثير كما يقال ، لأنني أضفت إلى الدراسة ، العديد من الفقرات والنصوص، التي لم يتسن لي إدراجها قبل جلسة المناقشة .
بحكم مهامكم الرسمية ، واهتماماتكم الثقافية ، أنتم جايلتم عددا من كبار رجال الدولة والفكر والسياسة ، ويهمنا أن نعرف انطباعاتكم وشهاداتكم حول هذه الشخصيات، في صيغة مركزة تختزل أهم ملمح فيها ، والبداية من الزعيم علال الفاسي ?
هذا بحق عالم موسوعي ، وشاعر هادئ ، وزعيم سياسي ماهر? وعبدالرحيم بوعبيد ؟ من رجال الحركة الوطنية الأفذاذ كان رجلا مخلصا في الدفاع عن مبادئه، وعن مصلحة الوطن العليا محمد بلحسن الوزاني ؟ زعيم وطني كبير ، وكاتب نحرير باللغتين العربية والفرنسية ، وقانوني متضلع عبدالهادي بوطالب عالم مطلع ، وسياسي محنك ، وكاتب بارع الحاج امحمد باحنيني رجل الادب والقلم الرفيع والنثر الفني البديع عبدالله كنون رائد الثقافة المغربية ، وعالم كبير في الدراسات الإسلامية ، وكاتب متألق ، ومؤرخ محقق وفقيه مميز في علوم اللغة العربية محمد المختار السوسي فقيه موسوعي ، ووطني غيور على بلاده ، ومنقب دقيق في تراث وتاريخ المغرب أسدى بكتابه الرئع «المعسول» ، خدمة جليلة لثقافة وتاريخ المغرب ، وهي خدمة لا تقدر قيمتها بثمن ، حيث أصبح كتابه المذكور مرجعا لامحيد عنه، لكل الباحثين في التاريخ الثقافي والحضاري والسياسي للمغرب عباس الجراري عميد الأدب المغربي بدون منازع ، بفضل كتاباته ومؤلفاته وإشرافه على عدد من الأطروحات والرسائل عن الأدب المغربي ، لباحثين من مختلف الأجيال والحساسيات الثقافية والمشارب الفكرية، عرف المغاربة والمشارقة الشيء الكثير عن الثقافة المغربية ، التي كانت في جزء كبير منها، حبيسة الرفوف والمخطوطات محمد الفاسي مثقف موسوعي ، كان له فضل التعريف بالعديد من الفنون المغربية الشعبية ، وكذا بمظاهر الحضارة المغربية ، سواء في الداخل أو الخارج محمد المكي الناصري رجل علم وسياسة ووطنية صادقة خدم العلم وساهم في سياسة بلده ،بتفان وإخلاص ونكران للذات? وقد عاش زاهدا قانعا بما أعطاه الله محمد عزيز الحبابي من كبار فلاسفة المغرب، وأحد الروائيين المميزين ، والكتاب البارعين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.