حين يضع مسعد بولس النقاط على حروف قضية الصحراء المغربية في عقر قصر المرادية.    بنما تعلن من جديد: الصحراء مغربية... ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل النهائي    اختلالات في أنظمة التقاعد الأساسية    تداولات إيجابية لبورصة الدار البيضاء    سفير إسرائيل السابق في فرنسا يناشد ماكرون: إذا لم تفرض عقوبات فورية على إسرائيل فسوف تتحول غزة إلى بمقبرة    رئيس أمريكا يشيد ب"هدية" استثمارية    السودان تتعادل مع الكونغو ب"الشان"    ميناء "طنجة المدينة" يسجل زيادة في نشاط المسافرين بنسبة 10 بالمائة    مسؤول أممي يحذر من "تداعيات كارثية" لتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة    المغرب ينتخب نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة للبلدان النامية غير الساحلية    ثلاث مؤسسات تسيطر على القطاع البنكي بنسبة تفوق 60%    38 قتيلا و2848 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    سقوط مميت ينهي حياة شخص بحي إيبيريا بطنجة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الفنيدق: وضع خيمة تقليدية بكورنيش الفنيدق يثير زوبعة من الإنتقادات الحاطة والمسيئة لتقاليدنا العريقة من طنجة إلى الكويرة    سقوط "قايد" و"مقدم" متلبسين بتلقي رشوة من صاحب مقهى    وفاة المدافع الدولي البرتغالي السابق جورجي كوستا عن سن 53 عاما    الأوقاف ترد على الجدل حول إعفاء رئيس المجلس العلمي لفيكيك: "بعض المنتقدين مغرضون وآخرون متسرعون"    الشرطة القضائية بإمزورن توقف مروجاً للمخدرات وتضبط بحوزته كوكايين و"شيرا"            مستشار الرئيس الأمريكي يؤكد للجزائر عبر حوار مع صحيفة جزائرية .. الصحراء مغربية والحل الوحيد هو الحكم الذاتي    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من رئيس جمهورية السلفادور بمناسبة عيد العرش            اليد الممدودة والمغرب الكبير وقضية الحدود!    كونية الرؤية في ديوان «أجراس متوسطية» للشاعر عاطف معاوية    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    نظام تأشيرات جديد: 15 مليون للحصول على ڤيزا أمريكا    تركمنستان.. انتخاب المغرب نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للبلدان النامية غير الساحلية    "مستوطنة على أرض أمازيغية مغربية".. كتاب يصور مليلية مثالا لاستمرار الاستعمار وتأثيره العميق على الناظور    احتياجات الخزينة ستتجاوز 12 مليار درهم خلال غشت    لطيفة رأفت تعلن تأجيل حفلها بأكادير وتعد بلقاء قريب    موجة حرارة تصل إلى 47 درجة من الثلاثاء إلى الجمعة في هاته المناطق    سائقو الطاكسي الصغير يحتجون بطنجة ضد التسعيرة وأوضاع النقل بمطار ابن بطوطة    أمريكا تسلح أوكرانيا بمال اسكندينافيا    زيادة إنتاج نفط "أوبك+" تنعش آمال المغرب في تخفيف فاتورة الطاقة    "ألكسو" تحتفي بتراث القدس وفاس    الإفراج بكفالة مشروطة عن توماس بارتي لاعب أرسنال السابق    "منتخب U20" يستعد لكأس العالم    رضا سليم يعود للجيش الملكى على سبيل الإعارة    المغرب ‬يسير ‬نحو ‬جيل ‬جديد ‬من ‬برامج ‬التنمية ‬المجالية.. ‬نهاية ‬زمن ‬الفوارق ‬وتفاوت ‬السرعات    خواطر تسر الخاطر    الموهبة الكبيرة وزان يوقع عقدًا جديدًا مع أياكس بعد رفض ريال مدريد التعاقد معه    "سورف إكسبو" لركوب الأمواج في دورته الرابعة أكتوبر المقبل    تارودانت… 14 مليون درهم لتأهيل المواقع السياحية بأسكاون وتيسليت    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقائق القراءة في المغرب كما كشفها الملتقى العام حول الثقافة

بالرباط .. مهنيو القطاع الثقافي والفني، وممثلون عن مؤسسات من القطاعين العام والخاص ومنظمات دولية، وفاعلون اقتصاديون، وباحثون وأكاديميون، في مناقشة ووضع استراتيجيات للقطاع الثقافي المغربي والافريقي
على مدى أربعة أيام، احتضنت الرباط في الفترة ما بين 12 و15 نونبر 2014 ، تظاهرتين ثقافيتين كبريين للاحتفاء بالثقافة المغربية وجذورها الإفريقية بمختلف تعبيراتها الإبداعية، وتثمين المنجز الثقافي الوطني في امتداداته الاقتصادية والإنسانية.
وفي هذا الإطار ، عقدت بالمكتبة الوطنية بالرباط من 13 إلى 15 نونبر ، الندوة الدولية الرابعة حول «الاقتصاد الإبداعي بإفريقيا» بمشاركة 40 دولة إفريقية، و12 دولة أوروبية، و10 دول من أمريكا الشمالية واللاتينية، وآسيا.
وسعت هذه التظاهرة، التي نظمتها الجمعية المغربية للثقافة والتنمية بالمغرب وإفريقيا «جذور» (RACINE)، الممثل الوطني للشبكة الثقافية الإفريقية (ARTERIAL NETWORK)، وبدعم من وزارة الثقافة، والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، إلى البحث في السبل الكفيلة بإيجاد صيغ فعالة لاستثمار القدرات الإبداعية في تحقيق التنمية، واستغلال الإمكانيات التي تتيحها الصناعات الإبداعية الإفريقية لتحقيق اشعاع عالمي.
وقد عرفت الندوة الدولية الرابعة، حضور أزيد من 300 شخص من مهنيي القطاع الثقافي والفني، وممثلين عن مؤسسات من القطاعين العام والخاص ومنظمات دولية، وفاعلين اقتصاديين، وباحثين وأكاديميين، لمناقشة ووضع استراتيجيات للنمو المستدام لقطاع ثقافي افريقي حيوي، يكون قادرا على خلق الثروة ومناصب الشغل، ودراسة إمكانية خلق آفاق وفرص اقتصادية جديدة في مجالات الثقافة والفنون والتراث.
و قد سبق انعقاد هذه الندوة الدولية الهامة، يوم 12 نونبر ، تنظيم «الملتقى العام حول الثقافة بالمغرب»، بمبادرة من جمعية «جذور» (RACINE)، وبشراكة مع مركز «ميميتا» للثقافة والتنمية، والسفارة النرويجية بالمغرب، وشركاء آخرين، لعرض توصيات جمعية «جدور» حول السياسة الثقافية بالمغرب، والتي تمخضت عن سنتين من العمل الميداني والبحثي.
كما عرف هذا الملتقى عقد مجموعة من اللقاءات المهنية والجهوية، فضلا عن تقديم خلاصات الدراسات القطاعية بالنسبة ل 18 تخصصا فنيا، ودراسات أخرى تخص الحكامة الثقافية، والتكوين، والتعليم والتربية الفنية، والتنوع الثقافي.
وتوخى المنظمون لهذه التظاهرة الوصول إلى بلورة وتفعيل خطة عمل وطنية للثقافة، وذلك اعتمادا على المقترحات المستوحاة من الدراسات القطاعية والتوصيات التي أفرزتها الملتقيات الموضوعاتية حول السياسة الثقافية بالمغرب مع المهنيين والحرفيين، والمسؤولين المؤسساتيين، وكافة المعنيين بالشأن الثقافي الوطني.
ويعد تنظيم هذه التظاهرات الثقافية من هذا الحجم ، فرصة «لسد الفراغ الحاصل على المستوى الإفريقي ويوضح الرؤية الثقافية والفنية في القارة، ويعزز مشاركة المهنيين ويحفز على حضور أكثر وزنا للمنتوج الإبداعي الإفريقي في المنتديات والمعارض العالمية»، هذا ما سيشكل «فرصة لتقوية إبداع وإنتاج وتصدير المنتوج الثقافي والفني، ومواكبة فنانينا ومبدعينا حتى يلجوا عالم الصناعات الثقافية والإبداعية بمواصفات مهنية» .
وهدف «الملتقى العام حول الثقافة بالمغرب» إلى الجمع بين العناصر التي تم العمل عليها مسبقا لجرد و تشخيص وضعية الفنون والثقافة، من أجل تقديم توصيات لتأسيس سياسة ثقافية بالمغرب، تمكن من المضي قدما نحو طريق التنمية البشرية، الاجتماعية و الاقتصادية.
و لقد ولد المشروع في شتنبر 2012 بإرادة مشتركة من الفاعلين الثقافيين و الباحثين، حيث يأتي في إطار كانت فيه وزارة الثقافة المغربية و السلطات العمومية، الوطنية و المحلية، تظهر رغبة واضحة لوضع سياسية ثقافية محددة، من حيث الأهداف المتوخاة تحقيقها.
و من ناحية أخرى، المزيد من الفاعلين الخواص يشغرون المجال الثقافي العام، و المدن تعرف بقدر كبير إقامة نشاطات ثقافية، موسمية كثيفة، تمثل الرواج الفني و الثقافي الذي رغم ذلك، يجد صعوبات للانفتاح، سواءا بسبب عدم وجود البنيات التحتية، أو من ناحية المساحات والفضاءات المخصصة لذلك، و كذا الخصاص من ناحية الموارد البشرية المؤهلة. وفي هذا المجال المركب، تنقص البيانات الموضوعية لتقييم الوضع و تحديد السبل المحتملة للتنمية.
وقد تم إعداد «الملتقى العام حول الثقافة بالمغرب» ، عبر أربع مراحل مستقلة :
-1 عملية جرد وإنجاز قاعدة بيانات التخصصات الفنية على الانترنت من حيث الهياكل المهنية والفنانين وأماكن التكوين، الإبداع و النشر.
و تمت هذه المرحلة من خلال 18 دراسة قطاعية: الكتاب ، النشر و القراء ات العمومية، المسرح (المحترفين والهواة) ، الرقص ، الموسيقى التقليدية، الموسيقى الكلاسيكية والمعاصرة ، فنون السيرك، فنون الشارع ، الإبداعات السمعية البصرية ، السينما ، الفنون التشكيلية ، التصميم ، الموضة ، الفن الفوتوغرافي ، فن العمارة ، التراث ، فن الطبخ، الحرف التقليدية.
2 - تشخيص وتحليل قطاع الفنون والثقافة في المغرب من خلال نهج عرضي يتناول مختلف المواضيع المتعلقة بالثقافة :
التعليم والتكوين، التنوع الثقافي، الحكامة، الصناعات الإبداعية ،إشعاع الثقافة المغربية، تمويل الثقافة، الفنون والمشاريع الحضرية، وضع الفنان و حقوق المؤلف .
3 - لقاءات إقليمية مع الفاعلين الثقافيين و مهنيي الثقافة، الفنانين ومختلف الجماهير، (المهنيون، الهواة، الجمهور المدرسي، الشباب...).
4 - صياغة مقترحات للسياسة الثقافية استنادا إلى نتائج الخطوات الأولى للمراحل الثلاث.
و هذه الأعمال التي أطرت أشغال «الملتقى العام حول الثقافة بالمغرب» ، و من خلالها، تم تقديم مجموعة من المقترحات لجميع الجهات المعنية من وزارات : الثقافة، التربية و التعليم، المالية، السياحة، الصناعة... و كذلك الفنانين، الفاعلين الثقافيين، منظمات المجتمع المدني، وسائل الإعلام.. ، من أجل أن تصبح الثقافة عاملا من عوامل النهوض بالتنمية البشرية، والتماسك الاجتماعي و التنمية الاقتصادية.
و قد كان الهدف من «الملتقى العام حول الثقافة بالمغرب» ، هو إرساء عمل مشترك بين المؤسسات العمومية، والفاعلين الثقافيين و المجتمع المدني.
انطلقت أشغال «الملتقى العام حول الثقافة بالمغرب» ، بكلمة عادل السعداني ، رئيس جمعية «جذور» ، المشرفة على تنظيم الملتقى العام حول الثقافة بالمغرب، والدورة الرابعة لندوة الدولية حول الاقتصاد الإبداعي بإفريقيا، الذي اعتبر أن الرهان الثقافي اليوم يكمن في مدى قدرة الفاعلين والمتدخلين في الشأن الثقافي على الوصول إلى بلورة استراتيجيات عملية لتطوير الصناعة الإبداعية الوطنية وضمان حضور قوي للمنتج الثقافي المحلي في المنتديات العالمية، مشيرا إلى أن بلوغ هذه الأهداف يفرض إعداد أرضية صلبة تقوم على التربية والتكوين وتعميم الممارسة الثقافية وترسيخ ثقافة القرب لتسهيل ولوج الناشئة للفضاءات الإبداعية، وتأهيل الموارد البشرية لتكون قادرة على منافسة العرض الأجنبي.
في هذا السياق ، أكد عادل السعداني ، الذي يشغل كذلك ، منصب رئيس الشبكة الثقافية الافريقية (ARTERIAL NETWORK) التي تعتبر الجمعية المغربية للثقافة والتنمية بالمغرب وإفريقيا «جذور» (RACINE)، الممثل الوطني للشبكة بالمغرب، أن السمات المشتركة اتجاه الفعل الثقافي داخل الدول الافريقية ، تجعل التعاطي مع الفعل الثقافي يختلف من بلد الى آخر ، وأن العمل على خلق تكتلات تجمع كل الفعاليات الثقافية الافريقية ، سيساهم في خلق قوة ضغط على الحكومات الافريقية من أجل الاهتمام ودعم الفعل الثقافي، وأنه رغم وجود مجموعة من العراقيل التي تعيق تعبئة المثقف والفنان الافريقي .. اعتبر أنه بقدر ما نتمكن من تحقيق التقدم والتطور والانفتاح الثقافي سنساهم في حل العديد من المشاكل والمعيقات التي تعيق العمل الاجتماعي ، التطور الاقتصادي والسياسي كذلك.. وأن المعطيات والتنوع الذي يميزها وكل التجارب الابداعية بالدول الافريقية، أكيد سيكون عاملا في استخلاص الخلاصات لتطوير عمل وآداء الفاعل الثقافي بافريقيا.
في هذا الاطار، قدمت خلاصات «الملتقى العام حول الثقافة بالمغرب» الذي هدف الى الجمع بين العناصر التي تم العمل عليها مسبقا لجرد و تشخيص وضعية الفنون والثقافة، من أجل تقديم توصيات لتأسيس سياسة ثقافية بالمغرب، تمكن من المضي قدما نحو طريق التنمية البشرية، الاجتماعية و الاقتصادية. حيث شارك في برنامج تقديم خلاصات وثيقة العمل التي اختار لها المنظمون عنوان «نحو سياسة تضع الثقافة في قلب التنمية بالمغرب» ، كل من : دنيا بنسليمان ، مديرة جمعية «جذور» ، نزهة جسوس ، باحثة في مجال حقوق الانسان ، سارة سوجار ، فاعلة جمعوية ، ادريس اكسيكس ، المنسق العلمي للملتقى العام حول الثقافة، محمد أمين الصبيحي ، وزير الثقافة، ادريس اخروز ، باحث ومدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية ، أحمد مسعايا ، استاذ جامعي وناقد مسرحي، عادل السعداني ، رئيس جمعية «جذور» ، والمنسق العلمي للملتقى العام حول الثقافة، وريموند بنحايم ، الذي قدم ، في تقديمه للملتقى الاهداف التي تحكمت في أشغال الفريق الذي أشرف على اعداد هذه الوثيقة ، الذي تبنى فيها مقاربة علمية تنطلق من القاعدة من خلال عقد لقاءات مباشرة مع الفاعلين الثقافيين، وفتح النقاش برفقتهم ، من أجل الوصول إلى مقاربة ملموسة تلبي حاجيات المجتمع المغربي ثقافيا، مشيرا أن ما ميز هذا العمل ، هو اعتماده نهج الانصات والاستماع بشكل جماعي وتأمل كل المواضيع التي تجعل من الفعل الثقافي يرتقي الى مستوى الثقافة المواطنة، موضحا أن توصيات الورشات وأشغالها ، يجب أن تكون مشروع حوار مع المسؤولين ، حتى يتسى وضع سياسة ثقافية واضحة الأهداف والآفاق..
هكذا توزعت المداخلات الثمانية مابين مقاربة الشأن «الثقافي مابين التشريعي والمجتمعي» ،« دور المكتبة في الروابط الاجتماعية»، «النساء والمجال العام» ، «الثقافة والمواطنة»، «مقاربة ومنهجية الملتقى العام حول الثقافة والدروس المستخلصة من البحث».. ، مستحضرة العديد من الأفكار والتفاعلات مع الحقل الثقافي المغربي، معتبرين في نفس الوقت، أن «الملتقى العام حول الثقافة بالمغرب» يعد حدثا ثقافيا هاما ، لأنه مناسبة لمناقشة السياسة الثقافية على ضوء الأبعاد الجديدة التي يعرفها المجال الثقافي عالميا ، وباعتبار أن الثقاقة ليست شأنا اداريا بل تعتبر بمثابة صورة حقيقية عن تطور المجتمع ، وأن التشخيص الموضوعي لحال الثقافة بالمغرب يشير على غنى الثقافة المغربية.
لكن لم تخفي المداخلات الاشارة الى أن هناك عجز مهول يعاني منه القطاع الثقافي بالمغرب ، وأن الدولة لم تستطيع بأن تبسط الحماية القانونية على المواقع الاثرية ، رغم المجهود الاستثنائي الذي تنهجه وزارة الثقافة لتدارك العوائق ، وذلك في ظل العزلة التي تعيشها الوزارة مابين ميزانيات الوزارات الاخرى .. وأن ثمة تباينا واضحا بين غني الرصيد الثقافي والتراثي الوطني والعجز المهول الذي يسجله القطاع على مجمل الأصعدة. وأن هناك نقص حاصل في شبكة البنيات الثقافية للقرب، خصوصا في المجال القروي، وضعف الاعتمادات المرصودة للقطاع في التمويل العمومي.. وأن ثلث الأقاليم لا يتوفر على بنيات ثقافية و90 في المائة من المجالات القروية تفتقر الى نقط قراءة ، كما أن الدولة لا تبسط حمايتها القانونية الا على 430 من مجموع 16 ألف موقع تراثي.
وأن مشروع التنمية الثقافية ، يجب أن يتناول مقاربة تعتبر دور الثقافة كصناعات جديدة ، تضع اقتصاد الثرات في صلب الصيانة ، وأن تضع حقوق المؤلف ، والابداع عنصرا مركزيا في سياستها الثقافية ، مع ضرورة الاهتمام بسلسلة الانتاج و تأهيل هذه الصناعات الثقافية عبر احداث شركة لدعم المقاولات الثقافية مع اعتماد اقتصاد التراث..
في حين اعتبرت مداخلات أخرى ، أن الثقافة وسيلة لانتاج القيم ، نريد من خلالها العمل على ضرورة الرفع من أهمية ومكانة السياسة الثقافية لتكون في خدمة المجتمع والرفع من قيم المواطنة ، التعددية ، التسامح.. وأن الانتاج الثقافي هو مسؤولية مشتركة بين جميع الفاعلين والمسؤولين والسياسيين.. ، مشيرين أن الثقافة عندما تكون رهينة بعض الحواجز الثقافية ، يجعل من أماكن الغموض تتسع ، ويصبح الموروث مقدسا وعائقا.. لهذا لابد من العمل على أن تكون الثقافة مؤشرا يخلق الانسجام المجتمعي ، والانتماء الذي لا يسجن المجتمع في مأزق ما.. ، وأن كل سياسة ثقافية يجب أن تكون عمومية ، ديمقراطية وتشارك في التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
أما المداخلات التي تناولت تفاصيل البحث الميداني الذي صدر في كتيب اختار له المنظمون عنوان «نحو سياسة تضع الثقافة في قلب التنمية بالمغرب» ، والتي تمت عبر أربع مراحل مستقلة :
الأولى : عملية جرد و إنجاز قاعدة بيانات التخصصات الفنية على الانترنت من حيث الهياكل المهنية والفنانين وأماكن التكوين، الإبداع و النشر.
و تمت هذه المرحلة من خلال 18 دراسة قطاعية : الكتاب ، النشر و القراء ات العمومية ، المسرح (المحترفين والهواة) ، الرقص ، الموسيقى التقليدية ، الموسيقى الكلاسيكية والمعاصرة ، فنون السيرك ، فنون الشارع ، الإبداعات السمعية البصرية ، السينما ، الفنون التشكيلية ، التصميم ، الموضة ، الفن الفوتوغرافي ، فن العمارة ، التراث ، فن الطبخ ، الحرف التقليدية.
ثانيا : تشخيص وتحليل قطاع الفنون والثقافة في المغرب من خلال نهج عرضي يتناول مختلف المواضيع المتعلقة بالثقافة : التعليم والتكوين، التنوع الثقافي، الحكامة، الصناعات الإبداعية ،إشعاع الثقافة المغربية، تمويل الثقافة، الفنون والمشاريع الحضرية، وضع الفنان وحقوق المؤلف .
ثالثا : لقاءات إقليمية مع الفاعلين الثقافيين و مهنيي الثقافة، الفنانين و مختلف الجماهير، (المهنيون، الهواة، الجمهور المدرسي، الشباب...).
رابعا : صياغة مقترحات للسياسة الثقافية استنادا إلى نتائج الخطوات الأولى للمراحل الثلاث.
حيث أشار المتدخلون ، أن كل المقاربات التي تعاملت مع الثقافة كانت سطحية ، لهذا كان لابد من اعتماد منهجية تبحث في الكيفية التي بها يمكن اعادة الطاقة للمجتمع المغربي من خلال الابداع.. لهذا تم نهج مجموعة من الاختيارات العملية والعلمية لمقاربة الشأن الثقافي بالمغرب.
في هذا السياق ، تم اطلاع المشاركون في أشغال الملتقى العام عن مضمون خريطة ثقافية قابلة للتطوير والتنقيح ، تقدم جردا عاما حول نتائج البحث الذي تم نشرها على موقع www.artmap.ma ، حيث يمكن الاضطلاع على تفاصيل الخريطة التي تقدم بنك معلومات مسجلة والذي سيبقى مفتوحا لكل التعديلات ..
وقد أشارت في هذا الصدد ، دنيا بنسليمان ، مديرة جمعية «جذور» ، بأن هذا العمل قابل للتحسين حتى يكون أقرب للواقع ، وأن الخريطة تقدم البنيات الثقافية المتعددة ، و تساعد على تحديد المكان، وتوضح بالملموس الفجوات التي تعرفها الخريطة الثقافية بالمغرب.
وثيقة «نحو سياسة تضع الثقافة في قلب التنمية بالمغرب»
خلصت وثيقة «نحو سياسة تضع الثقافة في قلب التنمية بالمغرب» ، إلى أن حركية الإنتاج والتأليف في المغرب تظل ضعيفة مقارنة بعدد السكان، حيث لا تتجاوز الإصدارات 1000 كتاب في السنة بكل اللغات، في الوقت الذي تنتج إيران 30 ألف كتاب سنويا وفرنسا 60 ألف كتاب في السنة.
وحسب الوثيقة المقدمة في «الملتقى العام حول الثقافة بالمغرب» ، فإن ضعف المبيعات يكشف عن حلقة مفرغة تدفع نحو بطء نشاط الكتابة والتأليف وتقليص السحب (حوالي ألف نسخة)، حيث إن سحب 1500 نسخة من كتاب واحد في المغرب يتطلب ما بين ثلاث وأربع سنوات ليتم بيعه، مقابل شهرين فقط في لبنان.
الوثيقة سجلت من بين خلاصاتها ، كذلك، أنه ليس هناك ناشر في المغرب، وبيّنت أنه لا أحد في المغرب يقوم بدور الربط بين الناشر والكتبي من أجل التحضير لطرح الكتب في السوق وتحسين طريقة عرضها من خلال توعية الكتبي، إذ ثمة فقط بعض شركات التوزيع لكنها لا تقوم بأي عمل في مجال النشر.
وفي موضوع المكتبات بيّنت الوثيقة أن هناك أقل من 750 مكتبة موزعة بشكل غير متكافئ على مجموع التراب المغربي بمعدل مكتبة لكل 42 ألف و600 فرد تقريبا، وحوالي 15 منها فقط هي التي تقوم بعملها بشكل مهني ولها القدرة على تقديم الاستشارة وتنظيم اللقاءات، وتتوفر على نظام معلوماتي وتقدم محتوى على الأنترنت. لهذا لا تتوفر الدار البيضاء مثلا سوى على 190 مكتبة بمعدل مكتبة واحدة لكل 21 الف فرد من ساكنة المدينة وهو معدل ضعيف جدا بالنسبة لمدينة تضم أزيد من 4 ملايين نسمة.
وفيما يتعلق بالمكتبات العمومية والوسائطيات فإن النسبة الحالية التي تؤكدها الوثيقة هي مكتبة واحدة لكل 106 آلاف شخص تقريبا، فيما تضم مكتبات المطالعة في المغرب حوالي 3 ملايين كتاب وهو رقم بعيد جدا عن النسبة التي وضعتها منظمة اليونيسكو التي تنص على توفير كتاب لكل فرد. وانطلاقا من هذه المعطيات فإن هناك غيابا للثقة بين مختلف حلقات السلسلة في قطاع التأليف والنشر والتوزيع.
الوثيقة التي قدمت مسحا حول القراءة بالمغرب وقطاع النشر والتأليف والتصور العام للثقافة والموسيقى وفنون الشارع، خلصت إلى أن هاجس الصورة الخارجية لا يزال غالبا على هاجس التنمية، وأن الثقافة في المغرب لم تتخذ بعد باعتبارها نشاطا اقتصاديا قائما بذاته، بالإضافة إلى أن دينامية الفاعلين في الشأن الثقافي لم تجد استجابة مؤسسة كافية، وأن الوعي بالثقافة كخدمة عمومية وتناقل المعارف وتعبئة الجماهير عبر المدرسة ووسائل الاعلام العمومية أمور مازالت ضعيفة.
الندوة الدولية حول «الاقتصاد الابداعي بافريقيا»
الندوة الدولية الرابعة حول «الاقتصاد الابداعي بافريقيا» التي عقدت بالمكتبة الوطنية بالرباط من 13 إلى 15 نونبر ، بمشاركة 40 دولة إفريقية، و12 دولة أوروبية، و10 دول من أمريكا الشمالية واللاتينية، وآسيا.
فقدت تناولت مجموعة من المحاور والتجارب الابداعية والثقافية ، حيث تمحور النقاش والمقاربة حول الكيفية التي تكمن في مدى قدرة الفاعلين والمتدخلين في الشأن الثقافي الافريقي على الوصول إلى بلورة استراتيجيات عملية لتطوير الصناعة الإبداعية الوطنية وضمان حضور قوي للمنتج الثقافي المحلي في المنتديات العالمية، مع العمل على بلوغ هذه الأهداف وإعداد أرضية صلبة مشتركة تقوم على التربية والتكوين وتعميم الممارسة الثقافية وترسيخ ثقافة القرب لتسهيل ولوج الناشئة للفضاءات الإبداعية، وتأهيل الموارد البشرية لتكون قادرة على منافسة العرض الأجنبي.
تفاصيل هذه الندوة، التي أدار أشغالها عادل السعداني ، رئيس الشبكة الثقافية الافريقية (ARTERIAL NETWORK) ، التي تعتبر الجمعية المغربية للثقافة والتنمية بالمغرب وإفريقيا «جذور» (RACINE)، الممثل الوطني للشبكة بالمغرب، أشار في تقديمه لمحاورها ، أن الغرض من الندوة ، هو البحث عن السبل الكفيلة بتفعيل الاثر الاقتصادي على الجانب الثقافي ، من خلال تطوير الصناعات الابداعية وسد الفراغ الحاصل افريقيا، الشيء الذي سيساهم في تعزيز مشاركة المهنيين وتقوية النسيج الثقافي الافريقي ، ودعم التظاهرات الثقافية الحقيقية والمهيكلة ، وخلق التوازن مابين الشمال والجنوب الافريقي.
وأن صيغة التعريف بالصناعة الثقافية والابداعية الافريقية، يجب أن يكون منطلقه مؤسس على منطلقات علمية وعملية هدفها المساهمة في حركية الاقتصاد الابداعي، وذلك من أجل الحصول والبحث على الجودة والانتشار عالميا.
وأن تواجد أربعون دولة افريقية ، ممثلة في أشغال الندوة الدولية الرابعة حول «الاقتصاد الابداعي بافريقيا» ، يعد مؤشرا ايجابيا ، سيضع أمام المشاركين العديد من التحديات تستدعي في بعض الاحيان أن ننهج صيغة التفاوض لكي «نحقق الاهداف المنتظرة» ، لأن الهدف الأساسي الذي «نسعى إليه من خلال هذه الندوة ، هو هدم الهوة وتقليص المساحة مابين الشمال والجنوب الافريقي ، لأن الثقافة هي وسيلة للتواصل والتقارب وتبادل التجارب».
فكرة تنظيم الندوة الدولية هذه السنة، بالرباط ( 2014 المغرب) ، والتي سبق أن احتضنتها كل من : كيب طاون (2013 جنوب افريقيا) ، دكار(2012 السينغال) ، نيروبي ( 2011 كينيا ) ، جاءت لتعزيز نتائج الخلاصات التي تمخضت عن الدورات السابقة التي أسفرت عن تحديد السبل في تحديد منهجية للعمل مابين كل الفاعلين الثقافيين والمهنيين في المجال ، لهذا سيكون هدفنا من خلال دورة الرباط، أن نبحث
في الأرقام الخاصة التي تقدم مكانة ووضعية الشأن الثقافة بافريقيا ، حيث نستنتج بأننا أمام واقع للصناعة الابداعية الافريقية ضعيف جدا بالمقارنة بماهو عليه بباقي الصناعات الابداعية بالعالم. لهذا من الضروري أن نكون حاسمين في الشأن الثقافي ، وتحديد التصور الذي يجب أن نتعاطي به مع الشأن الابداعي الافريقي ، لأننا «لانريد أن نقضي على مواردنا الثقافية كما قضينا علي مواردنا الطبيعية .. وكذلك لأننا نمتلك التقنيات والمهن والكفاءات الثقافية» . وأنه بدون الثقافة قد يطول الانتقال الديمقراطي افريقيا ، لهذا لابد من جعل الثقافة في مكانة ذات أهمية ، من خلال دفع بالمسؤولين بالدول الافريقية الى اعتماد الارادة الوطنية للتعاطي من الشأن الثقافي .
هكذا تم عرض مجموعة من التحارب الابداعية لكل من : نيجيريا في مجال السينما، التصميم بالمغرب، والموسيقى بالسينغال ، وديزاين بجنوب افريقيا ، التصوير الفوتوغرافي، الموضة ، الفن التشكيلي ... ، وتقديم أوراق خاصة بصيغ وبرامج وتجارب مجموعة من المهرجانات والمنظمات والمؤسسات الثقافي الدولية..
كما تم اعتماد ضمن أشغال الندوة الدولية الرابعة حول «الاقتصاد الابداعي بافريقيا» ، طريقة الورشات ، وذلك قصد مناقشات العديد من القضايا الخاصة بالفعل الابداعي ، وماهي المقترحات العملية التي يمكن اعتمادها ضمن استراتيجية العمل الشبكة الثقافية الافريقية (ARTERIAL NETWORK) وفروعها المتواجدة بأرعين دولة افريقية منها المغرب.
ومن بين الافكار التي تقاسمها المشاركون في الورشات ، نسجل هناك أنظمة حكومية بافريقيا لاعلاقة لها بالثقافة ، في المقابل هناك أصوات افريقية شبابية جديدة مؤهلة لتطوير العمل الثقافي الافريقي.
أما فيما يخص الصحافة التي تهتم بالشأن الثقافي ، فسجلت المداخلات ، أن هذه الصحافة تظل محدودة الانتشار وتكتفي بالانتشار داخل حدودها الترابية ، حيث هناك غياب تام للتعاطي مع الشأن الثقافي في افريقيا ، كما سجل المشاركون على أن هناك غياب تام للاعتراف بالصحافة الثقافية داخل المؤسسات الاعلامية الافريقية ، وأن الكتابة والتعريف بالمشاريع الثقافية منعدمة في البلدان التي يغيب فيها الاستقرار السياسي ، كما انتبه المشاركون أن المعلومات الثقافية الخاصة بما يقع في اروبا وامريكا تظل هي الحاضرة في المنابر الاعلامية الافريقية ، في مقابل الغياب التام لما يقع بافريقيا.. ، مع التأكيد على ضرورة اعتماد مفهوم الاعتراف بثقافة الآخر من أجل التواصل وتبادل الخبرات والتجارب ، حيث لح المشاركون على أن القضية الثقافية بافريقيا هي فوق كل الاقتصاديات وتنوعاتها.. ، وأن المعطيات والتنوع الذي يميزها وكل التجارب الابداعية بالدول الافريقية، أكيد سيكون عاملا في استخلاص الخلاصات لتطوير عمل وآداء الفاعل الثقافي بافريقيا.
الصور هي للباحثين والأكاديميين والجمعويين
الذين شاركوا في الملتقى والندوة الدولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.