الصندوق المغربي للتقاعد يعلن صرف معاشات المتقاعدين الجدد التابعين لقطاع التربية والتعليم    القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    علماء روس يبتكرون أدوية "ذكية" يتحول شكلها داخل الجسم    برامج شيقة تمزج بين الإبداع والتجديد في الموسم التلفزي الجديد لقناة الأولى    الخارجية الأمريكية تبرز مؤهلات المغرب ك'قطب استراتيجي' للأعمال والصناعة    حالة الطقس.. امطار متفرقة مرتقبة بالواجهة المتوسطية            كأس العالم لكرة القدم لأقل من 20 سنة.. الصحافة الشيلية تصف فوز المغرب على إسبانيا بال"مفاجأة الكبرى"    فتح باب الاعتمادات الصحافية لمباراة المنتخب الوطني أمام البحرين    في المؤتمر التأسيسي للمكتب الجهوي للمجموعة الصحية الترابية والوكالات الصحية بجهة طنجة تطوان الحسيمة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    عام أخير لحكومة "أخنوش".. تحديات وتطلعات وأجندة انتخابية (تحليل)        نشرة إنذارية: زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بتساقط للبرد مرتقبة اليوم الاثنين بعدد من مناطق المملكة    حقوقيون يطالبون المغرب بإنقاذ جاليته العالقة في غزة وسط الحرب والمجاعة    المغرب ‬يعيد ‬رسم ‬قواعد ‬التجارة ‬في ‬معابر ‬بني ‬أنصار ‬وتراخال ‬وسط ‬نزيف ‬استثماري ‬إسباني ‬    وكالة ‬تقنين ‬القنب ‬الهندي ‬تمنح ‬4004 ‬ترخيص ‬بزيادة ‬قدرها ‬20 ‬بالمائة    الركراكي يعقدة ندوة صحفية للإعلان عن لائحة الأسود لمباراتي البحرين والكونغو    وجدة تحتفي بالسينما المغاربية والدولية في الدورة 14 للمهرجان الدولي المغاربي للفيلم    المعهد المتخصص في الفندقة و السياحة بالحوزية ضمن المتوجين في الدورة 11 للمعرض الدولي ''كريماي'' للضيافة وفنون الطبخ    العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تستنكر منع احتجاجات "جيل Z" وتدعو إلى حوار جاد مع الشباب    "رويترز": ترامب سيسعى لدفع مقترح سلام بعيد المنال لغزة في محادثات مع نتنياهو    الانخفاض يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    بنسعيد: الراحل سعيد الجديدي أغنى المكتبة الوطنية بإنتاجات أدبية وصحفية قيمة    الذهب يتجاوز عتبة 3800 دولار للأوقية وسط تزايد توقعات خفض الفائدة    الباييس: إسبانيا فرضت رقابة على القواعد الأمريكية على أرضها لمنع نقل شحنات أسلحة إلى إسرائيل            مساءلة وزيرة السياحة حول تعثر مشروع تهيئة مضايق تودغى بعد إلغاء طلب عروض بسبب كلفة الأشغال        "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين    قتيل وجنود محتجزون في احتجاجات بالإكوادور    البرلمان البرتغالي يناقش مقترح الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء        تراجع طفيف لأثمان الإنتاج الصناعي    اقتراع سوريا يستبعد "مؤيدي الأسد"    محمد وهبي: المنتخب المغربي أحسن استغلال نقاط ضعف نظيره الإسباني    الأردن يحرك ملفات الإخوان المسلمين        الصين تهدف تحقيق نمو يزيد عن 5 في المائة في صناعة البتروكيماويات خلال 2025-2026        رؤساء جمعيات آباء وأمهات التلاميذ يتدارسون بالجديدة مشاكل المنظومة التربوية وبنية المؤسسات التعليمية    محمدي يجمع الرواية والسيرة والمخطوط في "رحلة الحج على خطى الجد"    تقرير: "جنوى" الإيطالي مهتم بزياش    إلياس فيفا يتوج في مدينة البيضاء    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    قمع مفرط في احتجاجات جيل Z بالمغرب.. بين انزلاقات فردية ومسؤولية مؤسساتية    التضليل الإلكتروني بمؤامرة جزائرية لخلط الأوراق: مشاهد قديمة تُقدَّم كأحداث راهنة بالمغرب    ‬محاولات ‬الاقتراب ‬من ‬جيل ‬z ‬‮..‬ زورو ‬يقود ‬الربيع ‬الدائم‮!‬    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم    الرباط تختتم الدورة 27 من مهرجان الجاز بمزيج موسيقي فريد            بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روائيون يجيبون عن سؤال: هل يفكر الروائي في تنقيح روايته بعد صدورها؟

كل كتاب يُعاني من نقص ما، وإلا لما استمرت الكتابة بجميع أنواعها، منذ نشأتها وحتى يومنا هذا.
وقال القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني (1135–1200) “إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه، إلا قال في غده: لو غُيّر هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدِّم هذا لكان أفضل، ولو تُرك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر”.
ولهذا السبب أبدى كثير من الشعراء رغبتهم في تنقيح قصائدهم، ومجموعاتهم القديمة؛ حذفا وزيادة. ومنهم من قام بذلك فعلا.
لكن الرواية تختلف في ذلك، فهل يجوز تنقيح رواية، ليس تصحيحا فحسب، بعد صدورها وقراءتها من القراء؟
الرواية ابنة زمنها
فكرة التنقيح يصرح الروائي السوري فواز حداد لم تراوده البتة، ربما لأنه “لا يجوز – برأيي- التدخل في الرواية بعد النشر. لقد كُتبت ومرة واحدة، في زمن كان الوقت ملكا لي. أنظر إليها كفرصة أتيحت لي مرة واحدة. بعدها بات على الرواية التواجد والاستمرار وحدها من دون مساعدة أو مساندة من الكاتب”. وأضاف حداد أنه كلما أعاد طباعة رواية من رواياته، لا يُقصر في تصويب الأخطاء المطبعية والإملائية والنحوية، الناجمة عن السهو، و”ربما بعض التشذيب وتصحيحات ضئيلة جدا، ولا أسمح بأكثر”.
يرى صاحب رواية “صورة الروائي” أن الرواية في أحد وجوهها ابنة زمانها، أي لها علاقة بالزمن الذي كتبت فيه، “أي أن نفس القصة لو كتبت بعد سنوات لكتبت بشكل مختلف، لذلك يُنصح بألا يبتعد الكاتب عما يكتبه، والمستحسن البقاء على اتصال به، ويتجنب الانقطاعات الطويلة عنه”.
ويستطرد صاحب رواية “السوريون الأعداء” أنه قد ينصرف الظن إلى أنها مخاوف لا أساس لها، ويجد أن هذه المخاوف لا تقتصر على الزمن بقدر ما تتعداه إلى “المعمار الروائي؛ فالتدخل فيها سيحدث خللا في بنائها، إذ يستحيل استعادة زمن الكتابة، والحالة التي كتبت فيها، أي استعادة “أنا الكاتب الروائي” في الزمن الذي كتبت خلاله الرواية. لا أقصد أن الرواية ذهب زمانها، وإنما على الرواية وحدها أن تتجاوز زمنها، وتعبر العصر، وربما أكثر من عصر”.
ويرى حداد أنه من النادر أن يخاطر كاتب بهذا الفعل، وإن حدث، فتصبح غالبا رواية أخرى، تشبه ما سبقتها لكنها ليست هي. ولم نقرأ عن رواية أعاد روائي طباعتها مع عبارة مألوفة “مزيدة ومنقحة”.
ويعتبر الروائي فواز حداد أن النص الروائي “يُعتبر منجزا في حال صدوره في كتاب، والقول صحيح إنه ينفصل عن كاتبه، إلى حد القول إنه يصبح للرواية منطقها، وأيضا ملك لعالم الرواية”.
النص يبحث عن ثقوبه ليكتمل بها
من جانبه، الروائي المصري وحيد الطويلة يرى أنه “لا نص كاملا إلا داخل دائرته. النص يبحث في الأساس عن ثقوبه، عن اكتماله بها. نشير إلى ثقوب ما وآراء مختلفة، لكنه الاختلاف أو الثقوب التي تسمح باكتمال النص”.
وبهذا المعنى يجد أن أي كاتب حقيقي لن يرضى عن نصه؛ “أحيانا يقول لي صديق جملة يتمنى لو كانت بشكل مغاير، فأكملها له، فيقول بدهشة: هل تحفظ روايتك؟!”
يوضح صاحب رواية “حذاء فلليني” فكرته “نحن نقول كلاما كبيرا وكثيرا على القارئ الذي يملأ فراغات النص. الذي نترك له مساحة يمتلك من خلالها النص. وإن كان هذا القارئ أحيانا لا يُقدّر هذا، ويحاسبنا حساب الملكين على هدايانا له”.
يشعر الطويلة بأنه يكتب كل رواية بلغة أو “أكتب كل رواية بلغتها”، لذا تبدو رواياته للبعض كأن مَن كتبها ليس الكاتب نفسه.
ويستطرد أنه كتب رواية “ألعاب الهوى” بلغة من “نسيج أرضها، برائحة شخوصها. قال لي (الروائي) بهاء طاهر أن العامية الموجودة في صفحة واحدة كانت تكفي الرواية كلها. لم أحزن لأن (الشاعر) عبد المنعم رمضان، الحاذق والقارئ النهم للروايات، قال إن النص لم يكن له غير هذا القالب”.
في هذه الرواية تمنى الطويلة فقط لو أنه خفّف ليس من العامية الدالة الجارحة، بل “أن أخفّف من عامية شمال مصر، التي قد تبدو غير مفهومة حتى للمصريين، فما بالك بالعالم العربي. وإن كنت أقطع بأنها عامية كلها ذات أصل فصيح. فقد كتبتُ في إحدى الصفحات أن فلانا “أرشل” وهو لفظ يعني أنه شديد الشؤم. وقررّتُ في طبعة جديدة أن أحذفها. وحين كنت أراجع هوامش المقريزي وجدت اللفظ حاضرا بقوة عند المماليك”. لكن في طبعة جديدة سوف “أغير هذه الألفاظ فقط”.
يعترف الطويلة بأنه كان مهووسا بتحويل الشفاهي إلى كتابي، إلى “شكل أبعد أو مختلف عما فعله خيري شلبي، الذي ترك اللغة بشكلها الشفاهي، وليس فقط بحمولتها”، مضيفا أن كل كاتب، بعد أن ينهي نصه وينشره، يتمنى لو أنه كتبه بشكل أفضل.
يتفهم وحيد الطويلة، القارئ ” لأنه مدلل، وطماع لا بحب التجريب قدر ما يحب الحكاية. يحب أن يستمتع دون أن يفكر أو ينتبه. “ستقول لي أفعل ما تحب. نعم أنا أفعل ما أحب. وكنت أعرف أنني سأواجه هذا، لكنني فعلت ما أحب. وما أقوله الآن ليس معناه أن النص لو عاد لي سأغيّره. لكنها شهوة الحصول على منتهى الإعجاب”.
“فكرتُ أن أغير عنوان رواية “باب الليل” إلى “بنات الأحد” أو “هل تحب الفانتا”، لكنني تجنّبت ذلك، وارتحت لقراري؛ خاصة أن عنوان “باب الليل” أعجب كثيرين.
وهكذا يجد الطويلة أنه “لولا أن رواية (ليس للكولونيل من يكاتبه) نجحت نجاحا كبيرا لربما فكر ماركيز نفسه أن يُعيد كتابتها”.
يختتم الطويلة كلامه بأنه يكتب مسودة وحيدة يُنقحها طوال الوقت، و”ليست لدي القدرة على إعادة كتابتها. ولكنني أكذب عليك وعليّ، فأنا أتمنى أن أعيد كتابة (ألعاب الهوى) مرة أخرى”.
نؤذي نصنا، حين نعدّل فيه
الروائيّة السورية مها حسن تعترف أنهه أتيحت لها الرغبة في إعادة العمل على كتاب لها سبق نشره، من خلال تجربتها عند إعادة طباعة روايتين لها، أي أن الفرصة صارت متاحة أمامها.ففي روايتها “اللامتناهي”، وهي روايتها الأولى الصادرة عام 1995 في سوريا، صرحت “لم أغيّر في الطبعة الثانية، الصادرة العام الفائت سوى الإهداء، ولأسباب شخصية”. أما النصّ فقد ظل تماما كما هو؛ بمعنى أنها تحررت من فكرة “الكمال”.
وتستطرد مها حسن بأنها رغبت في أن يعود نصّها السابق إلى الحياة، كما كان تماما في صيغته الأولى، وذلك حرصا منها على أن “أحتفظ دائما بالشكل الأول الذي خرج به النص، لأنه – رغم عثراته- أو رغم الرغبة في تعديله، أشعر بأننا نؤذي نصّنا، حين نعدّل فيه”.
تشبه الروائية مها حسن الرغبة في تنقيح عمل روائي بعمليات التجميل التي يلجأ إليها الناس اليوم، بينما ترى أن هناك جماليات، حتى في أخطاء الصيغة الأولى، وتحب الاحتفاظ بها.
أما في روايتها الثانية “حبل سري” الصادرة أيضا في طبعة جديدة، بعد تسع سنوات من طبعتها الأولى، فقد قامت بالاتفاق مع الناشر “على حذف بعض المقاطع التي شعرت بأنها تثقل على النص، لكنني لم أضف، ولم أعدل”. ورغم هذا انتابها شعور أنها “جمّلت” نصّها الأول، وإحساس “ببعض الخيانة للشكل السابق”.
تعتقد مها حسن أن هاجس الكمال يسيطر على أغلب الكتّاب، ولهذا صارت اليوم أكثر حرصا على التأني في النشر، حتى لا تدخل في هذه تجربة الرغبة أو التفكير بالتدخل في النص لاحقا أو تعديله.
وتختتم حسن كلامها بأن هذا الخوف يبقى قائما؛ “إننا لم نقل ما نرغبه كما نريد، أو قلنا ما لا نريد، ونخرج غالبا غير راضين عن أنفسنا، وهذا الإحساس -بالنسبة لي- لا أستطيع تجاوزه في جميع رواياتي، وفي الوقت نفسه، لا أسمح لنفسي -بعد نشر العمل- بمحاولة التبديل، وإن كانت الرغبة موجودة دائما في الرأس، تشبه تماما رغبة امتلاك قوام خال من العيوب، وهذا ضرب من المحال، لأنه ببساطة لا كمال للإنسان، كما لا كمال للنص، ولا اكتمال”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.