تستعد الحكومة الإسبانية لاعتماد قانون جديد ينهي عقودا من التعتيم على آلاف الوثائق الرسمية التي تعود لما قبل سنة 1982، من بينها ملفات حساسة تتعلق بالانسحاب الإسباني من الصحراء المغربية والمسيرة الخضراء، إضافة إلى وثائق ترصد الاتصالات الدبلوماسية خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي في البلاد. هذه الخطوة غير المسبوقة قد تعيد تشكيل الفهم التاريخي للعلاقات بين إسبانيا والمغرب، وتسلط الضوء على تفاصيل طالما ظلت بعيدة عن متناول الباحثين والرأي العام. بحسب ما أوردته صحيفة "إيل باييس"، فإن حكومة بيدرو سانشيز تسير نحو إلغاء قانون أسرار الدولة المعتمد منذ عام 1968، وتعويضه بتشريع جديد يحدد سقف السرية في 45 عاما كحد أقصى، مع استثناء الوثائق التي قد يشكل كشفها تهديدا للأمن القومي. القرار المنتظر يعد تحولا ديمقراطيا مهما، وسيتيح لعدد من الباحثين والمؤرخين، خاصة في منطقة المغرب العربي، الوصول إلى معلومات دقيقة حول طبيعة المواقف الإسبانية الرسمية خلال مرحلة مفصلية من تاريخ المنطقة. ولا تقتصر أهمية هذا الإجراء على البعد السياسي، بل تمتد أيضا إلى ملفات حقوق الإنسان التي كانت تخضع للسرية، ما يفتح الباب أمام مراجعة الاتفاقيات والتفاهمات التي أبرمت في الظل خلال السبعينيات وبداية الثمانينيات. وفي الوقت الذي يرحب فيه المهتمون بالشأن التاريخي بهذه الخطوة، تظل هناك مخاوف من عراقيل محتملة قد تواجه عملية فرز الوثائق وفهرستها، خاصة في ظل الشكوك القائمة بشأن إتلاف أو تطهير بعض المواد الحساسة في مراحل سابقة. هذا الانفتاح الإسباني على أرشيف الماضي يثير الكثير من الترقب، خصوصا مع تصاعد الاهتمام الإقليمي والدولي بإعادة قراءة تاريخ الصحراء المغربية من زاوية الوثائق الأصلية، بعيدا عن الروايات السياسية المتضاربة، مما يجعل هذه اللحظة فرصة نادرة لإعادة بناء الذاكرة الجماعية انطلاقًا من معطيات موثقة.