منذ فترة ليست بالقصيرة، جعل المدعو جيراندو، من المغرب موضوعاً رئيسياً لحملاته الإعلامية والسياسية. لكن اللافت في هذه الحملات ليس محتواها بقدر ما هو تركيزها المبالغ فيه على شخص واحد: المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، السيد عبد اللطيف حموشي. هذا الإصرار يثير تساؤلاً مشروعاً: لماذا يُستهدف حموشي تحديداً، بينما تُتجاهل ملفات الفساد السياسي وسوء التدبير التي تطبع تجارب أخرى كثيرة؟ الجواب يتجلى في الدور المحوري الذي يضطلع به الرجل، فمنذ تعيينه على رأس الأجهزة الأمنية، رسّخ حموشي موقعه كأحد أعمدة الدولة الحديثة، ورمزاً للانضباط والكفاءة والوفاء للوطن ولجلالة الملك حفظه الله. وخلال ولايته، راكم المغرب إنجازات استراتيجية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، ونجح في أن يصبح شريكاً أساسياً وموثوقاً لعدد من القوى الدولية في مجال تبادل المعلومات وتعزيز التعاون الأمني. هذه النجاحات أزعجت خصوم المغرب، إذ حصّنت البلاد من تهديدات معقدة وسلبت المتربصين أوراق ضغط طالما اعتمدوا عليها. وبما أن اختراق المنظومة الأمنية المغربية بات شبه مستحيل، لجأ جيراندو ومن يقف وراءه وهوما معروفين إلى أسلوب آخر: ضرب الرأس الذي يقود هذه المنظومة. فالاستهداف المتكرر لحموشي ليس سوى محاولة لزعزعة الثقة في المؤسسات الأمنية وتشويه صورة المغرب كبلد مستقر وآمن. المفارقة أن جيراندو يتغاضى تماماً عن قضايا الفساد التي تنخر أنظمة أخرى، ويتجاهل مسؤولين يبددون ثروات شعوبهم، ليوجه كامل سهامه نحو رمز أمني مغربي يشكل حاجزاً أمام أجندات خارجية لا تخفي رغبتها في إضعاف المغرب وإرباك مساره التنموي. من هذا المنظور، يتضح أن هذه الحملات لا تعكس حرصاً على قيم الديمقراطية أو الشفافية، بل هي مجرد محاولات يائسة للنيل من صلابة المغرب عبر التشويش على أبرز رجالاته الأمنيين. غير أن الوقائع الميدانية تؤكد العكس: فالأمن المغربي يزداد متانة، ورجاله، وفي مقدمتهم عبد اللطيف حموشي، يواصلون أداء واجبهم الوطني بوفاء واحترافية، غير مبالين بضجيج الحملات الموجهة. في النهاية، فإن استهداف حموشي من طرف جيراندو وأمثاله ليس سوى اعتراف غير مباشر بمكانته كخط دفاع أول عن استقرار المملكة وسيادتها. وكلما تعالت هذه الحملات، ازداد اليقين بأن المغرب يسير بثبات في الاتجاه الصحيح، وأن حصونه الأمنية قادرة على الصمود أمام كل محاولات الإرباك والتشويش.