تشهد السياحة الصينية في المغرب مؤشرات قوية على التعافي، مقتربة من مستويات ما قبل جائحة "كوفيد-19″، وفق تقرير لإذاعة فرنسا الدولية. وتتوقع السلطات المغربية أن يصل عدد السياح الصينيين خلال العام الجاري إلى نحو 140 ألف زائر، وهو ما يعكس استعادة تدريجية للحركية السياحية التي تراجعت بشكل كبير منذ 2020 بسبب القيود الصحية العالمية والإغلاقات المرتبطة بالجائحة. وأشار التقرير إلى أن المغرب اعتمد على مدار السنوات الماضية سياسات محفزة لجذب السياح الصينيين، أبرزها رفع شرط التأشيرة عن مواطني الصين منذ عام 2016، وهو الإجراء الذي ساهم بشكل ملحوظ في ارتفاع أعداد الزوار الآسيويين. كما تسعى المملكة إلى تعزيز الربط الجوي مع الصين، من خلال إطلاق خط مباشر بين شنغهاي والدار البيضاء ابتداء من أكتوبر المقبل، بمعدل ثلاث رحلات أسبوعيا، بهدف تسهيل السفر وزيادة حركة السياحة والاستثمار بين البلدين. وتبرز مدينة شفشاون شمال المغرب، المعروفة بسحر أزقتها الزرقاء وطبيعتها الخلابة، كأهم الوجهات لجذب السياح الصينيين، إذ أصبحت جزءا أساسيا من برامج السفر القادمة من شرق آسيا، ما أكسبها لقب "اللؤلؤة الزرقاء". وقد شهدت المدينة، خلال السنوات الماضية، تطورا ملحوظا في بنيتها السياحية، حيث ازدهرت المطاعم التي تقدم المأكولات الصينية، إلى جانب توسع فنادق ووكالات السفر لتلبية توقعات الزائر الصيني، بما يعكس حرص الفاعلين المحليين على استغلال الفرص الاقتصادية التي توفرها هذه السوق الواعدة. وبحسب إحصاءات وزارة السياحة المغربية، فقد بلغ عدد السياح الصينيين الذين زاروا المغرب في عام 2019 نحو 180 ألف سائح، قبل أن تتوقف الحركة بشكل شبه كامل خلال 2020 و2021. ومع إعادة فتح الحدود ورفع القيود، سجلت السنوات الأخيرة عودة تدريجية، مما يعزز التوقعات بارتفاع هذه الأرقام في 2025 لتقترب من مستويات ما قبل الجائحة. ويؤكد خبراء السياحة أن الطلب الصيني لا يقتصر على زيارة المدن التاريخية والوجهات الطبيعية فحسب، بل يشمل تجربة الثقافة المغربية والفنون التقليدية، بما فيها الأسواق التقليدية والمهرجانات المحلية. كما تلعب التسهيلات الحكومية والخدمات السياحية الموجهة للزوار الصينيين، مثل توفير دلائل سياحية مترجمة ومنصات حجز رقمية باللغة الصينية، دورا محوريا في تعزيز الانطباع الإيجابي وزيادة مدة الإقامة والمصروف السياحي لكل زائر. وعلى مستوى الفاعلين المحليين، تعتبر السياحة الصينية فرصة استراتيجية لتعزيز الاقتصاد المحلي، ودعم الصناعات اليدوية، والحرف التقليدية، وتطوير البنية التحتية للمدن السياحية، بما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتحقيق عائدات إضافية للمجتمع المحلي. و مع استمرار هذا الانتعاش، يبدو المغرب عازما على تعزيز مكانته كوجهة رئيسية للسياحة الصينية في إفريقيا، من خلال مزيج من السياسات الحكومية الذكية، وتطوير الربط الجوي، وتقديم تجربة سياحية متكاملة تلبي تطلعات الزائرين من الشرق الأقصى، مما يسهم في تعزيز التبادل الثقافي والاقتصادي بين البلدين على المدى الطويل.