شهدت السواحل الجنوبية للمملكة المغربية، أمس الخميس، عملية إنقاذ إنسانية مميزة، بعدما تمكنت السلطات البحرية من إنقاذ 57 مهاجرا غير نظامي كانوا عالقين في عرض البحر قبالة سواحل طانطان لمدة ثلاثة أيام متواصلة، في ظروف صعبة تميزت بسوء الأحوال الجوية ونقص المياه والمؤن. وبحسب المعطيات المتوفرة، فإن القارب الذي كان يقل المهاجرين انطلق نحو جزر الكناري في محاولة للهجرة غير الشرعية، غير أن عطلا مفاجئا أصاب محركه فتوقفت الرحلة في منتصف البحر، ليجد الركاب أنفسهم في مواجهة الأمواج دون وسيلة تواصل أو نجدة. وبعد مرور أكثر من 72 ساعة، تمكن بعض المواطنين من رصد القارب وإبلاغ السلطات المحلية التي استنفرت مختلف أجهزتها. و الاستجابة كانت سريعة، إذ تحركت وحدات من البحرية الملكية والدرك الملكي البحري، وشرعت في عمليات تمشيط واسعة استمرت لساعات إلى أن تم تحديد موقع القارب بدقة صباح الجمعة عند الإحداثيات 11°14′19.46″ N و23.78′35.28″ W، لتنطلق عملية إنقاذ محكمة تكللت بالنجاح. وأسفرت العملية عن إنقاذ جميع الركاب وعددهم 57 شخصا، من بينهم 29 مغربيا (بينهم امرأتان) و27 مهاجرا من إفريقيا جنوب الصحراء (بينهم خمس نساء) ومهاجر مصري واحد. وقد تم نقلهم إلى الميناء العسكري بطانطان لتلقي الإسعافات الأولية والعناية الطبية اللازمة، بعدما ظهرت على بعضهم علامات الإجهاد والجفاف. وأكدت مصادر بحرية أن التدخل السريع والاحترافي حال دون وقوع مأساة إنسانية جديدة، مشيرة إلى أن العملية تعكس يقظة السلطات المغربية واستعدادها الدائم لحماية الأرواح البشرية بغض النظر عن جنسياتهم أو ظروفهم. وأثارت العملية تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تداول تسجيل صوتي لأحد المهاجرين كان يوجه نداء استغاثة مؤثرا لوالدته من عرض البحر، يناشدها التدخل لإنقاذهم بعد تعطل القارب، ما زاد من تعاطف الرأي العام وتسريع الاستجابة. ولاقت جهود الإنقاذ إشادة كبيرة من سكان المنطقة، الذين رأوا في تدخل البحرية الملكية تجسيدا للبعد الإنساني في تعامل المغرب مع قضايا الهجرة غير النظامية، خاصة في ظل تزايد محاولات العبور نحو جزر الكناري خلال الفترة الأخيرة. وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من التدخلات التي تنفذها المملكة في إطار استراتيجيتها الشاملة لمكافحة شبكات تهريب البشر، وتعزيز الجهود الرامية إلى إنقاذ الأرواح وحماية المهاجرين من المخاطر التي تهددهم في عرض البحر.