انطلقت، أمس الأربعاء، بالدارالبيضاء، أشغال ندوة دولية، حول موضوع "التسطير في الزخرفة الهندسية العربية"، تستمر فعالياتها إلى غاية يوم غد الجمعة. (ماب) وقال أحمد التوفيق، وزير الشؤون الإسلامية، في افتتاح هذا الملتقى، إن عمارة مسجد الحسن الثاني كانت منعطفا حاسما في إحياء موروث الصناعة التقليدية بالمغرب بنفس أصيل ومتجدد. وأضاف أن "معلمة مسجد الحسن الثاني، أراد بها بانيه، المغفور له صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، إبراز روعة وأصالة الفن المعماري التقليدي، وهو ما أصبح مفخرة لكل المغاربة، واعترافا بالعبقرية المغربية، وتجسيدا لنبوغها". وأفاد التوفيق أن هذه المعلمة تعد قلادة فخر وضعت على جيد المغرب، وحظيت بحرص ملكي موصول من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي أنشأ بها المكتبة الوسائطية وأكاديمية الفنون التقليدية، في انتظار خلق مرصد وأرشيف للصناعة التقليدية، تكريسا لأسس هذا الموروث وصيانة لأصالته. واعتبر الوزير أن هذا الملتقى الدولي يجسد سعي هذه الأكاديمية التي لم يمر عام على تأسيسها، على القيام بدورها كاملا في هذا الإطار. من جانبه، أبرز عبد الصمد قيوح، وزير الصناعة التقليدية، أن هذا الملتقى الدولي يعرف مشاركة خبراء من الولاياتالمتحدةالأمريكية، والدانمارك، وفرنسا، ويشكل أرضية خصبة لتبادل التجارب والآراء في مجال الفنون المرتبطة ب"التسطير". وأوضح قيوح أن أكاديمية الفنون التقليدية تمثل أداة فاعلة للحفاظ على الأصالة والإسهام في تنوع وغنى التراث المغربي. وأضاف الوزير أن هذه المؤسسة تهدف إلى تخريج جيل جديد من الحرفيين يتوفر على تكوين عال في مجال الصناعة التقليدية في مختلف الشعب، وخلق قنوات مؤسساتية لنقل المهارات والخبرات٬ والمساهمة في تنشيط حقل البحث العلمي عبر إنجاز البحوث والدراسات المتخصصة٬ والتحفيز على الإبداع والابتكار في مجال الفنون التقليدية٬ مع الحفاظ على عراقة وتفرد الفن المغربي الأصيل. كما نوه بدور "معلمي" الحرف التقليدية باعتبارهم صلة وصلة وقنطرة لنقل هذا الموروث إلى الأجيال المقبلة. ونوه بكل الساهرين على سير أكاديمية الفنون التقليدية، وعلى رأسهم مؤسسة مسجد الحسن الثاني. من جانبه أوضح مدير الأكاديمية، خليل مؤلف، أن الندوة٬ التي تعرف مشاركة نخبة من الأساتذة الباحثين والمهندسين المعماريين والفنانين المختصين من فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية والدانمارك، إلى جانب باحثين ومعلمين صناع مغاربة٬ ستنكب على دراسة موضوعات تستعرض واقع الفنون التقليدية عبر العالم والفنون المغربية بالخصوص٬ مع محاولة إبراز خصوصياتها العلمية والفنية والثقافية٬ وكذا الترابطات والتلاقحات القائمة بين العلوم الإنسانية والفنون الإسلامية. ويتضمن برنامج الندوة مجموعة من المحاضرات التي ستتناول على الخصوص "الهندسة الهادئة"، و"مساهمة تقنيات تحليل الصورة الرقمية في الهندسة المغربية الأندلسية"، و"توصيف الفن الإسلامي" و"التطبيقات المعمارية باعتماد البعد الثالث"، و"تجارب في الهندسة المعمارية الحديثة"٬ إضافة إلى ورشات ينشطها كبار المعلمين الصناع٬ ومعارض للصناعة التقليدية والكتاب٬ ولقاءات مباشرة بين طلبة الأكاديمية ومختلف المشاركين في فعاليات الندوة. وتسعى أكاديمية الفنون التقليدية، عبر تنظيم هذه الندوة الدولية، إلى تشجيع قراءات علمية جديدة لفنون المغرب التقليدية، وترسيخ الفهم النظري والمعرفي العميق لأصولها ومنابعها وفلسفتها. وينفرد فن "التسطير" المغربي بمميزات تجعله يحظى باهتمام عالمي من قبل باحثين من الغرب على وجه الخصوص، من أجل الكشف عن أسراره والغوص في مكوناته، ويحظى هذا الموضوع باهتمام عدد كبير من العلماء والفنانين، خصوصا بعد اكتشاف ارتباطات مدهشة بين الهندسة الإسلامية، ونظريات حديثة في علوم الرياضيات. ويتميز أسلوب التسطير، الذي يعد من بين أساليب الزخرفة العربية، بقيمة جمالية خاصة، اكتسبها من صرامة القواعد الهندسية والرياضية، التي تخلق تصاميمه المتداولة منذ عهود.