إذا كانت مجموعة "ناس الغيوان" أخذت ما يكفي من العناية والتتبع، فإن مجموعات أخرى ظهرت في الفترة نفسها، ونجحت بدورها في إحداث ثورة غنائية حقيقية، والتي كان وراء تأسيسها أسماء فنية لم تأخذ حقها من الاهتمام الإعلامي مثل الأخوين محمد وحميد الباهيري، اللذين كانا وراء تأسيس مجموعات غيوانية مثل "طيور الغربة" و"المشاهب" و"لجواد" و"بنات الغيوان". الحلقة 29 لم يكن قرار توقف مجموعة "بنات الغيوان" سنة 1996 مزاجيا أو اختياريا، كما ذكرنا في حلقات سابقة، وإنما كان بسبب عدة ظروف ذاتية وموضوعية. بعد تفرق السبل بأعضاء المجموعة، مارس محمد الباهيري التجارة، بينما بقي احميدة الباهيري مرتبطا بالموسيقى من خلال تأسيسه مجموعة شعبية، أطلقا عليها اسم "أوركسترا احميدة" للفن الشعبي حتى يضمنا مصدرا للعيش، كما يقول احميدة. وفي سنة 1998 التحق احميدة بمجموعة جيل جيلالة، عازفا على آلة الموندولين، بعد انفصال محمد الدرهم عنها، وبقي مع المجموعة لمدة ناهزت السنتين. كانت تجربة ااحميدة مع جيل جيلالة متميزة، حسب تعبيره، إذ أعادته إلى أجواء الأغنية الغيوانية الملتزمة بخدمة القضايا الاجتماعية والسياسية، كما تعد جيل جيلالة إلى جانب ناس الغيوان من الفرق الغيوانية الرائدة، إذ شاركت في مهرجانات عدة في دول أوروبية وأميركية وآسيوية، وحصدت جوائز منها جائزة مهرجان المسيرة الخضراء عام 1975 والجائزة الأولى في مهرجان طوكيو للأغنية الإفريقية. وأثناء عمله مع المجموعة التي تأسست عام 1972، شارك احميدة في العديد من الحفلات التي أحيتها جيل جيلالة بالعديد من الدول العربية والأوروبية. خلال مسارهما الفني، نسج الأخوان الباهيري علاقات صداقة جيدة مع جل رواد الأغنية الغيوانية، خصوصا أعضاء مجموعة ناس الغيوان (مولاي عبد العزيز الطاهري، والسعدي، بوجميع والعربي باطما وعمر السيد وباكو وعلال يعلى)، وكذلك أعضاء جيل جيلالة (مولاي الطاهر الأصبهاني، ومصطفى يابقيوق، وعبد الكريم قصبجي، وحسن مفتاح...)، وأعضاء مجموعة "تكدة". كما ظلت العلاقة التي جمعتهم مع الراحل الشريف لمراني، رغم مغادرتهما مجموعة لمشاهب، ولم ينكرا فضل لمراني في تلقين ااحميدة خبايا العزف على الآلات الوترية وتمكينه من النوتات والمقامات الموسيقية لأنه كان دارسا وملما بالموسيقى. في بداياتهما مع لمشاهب، كان احميدة يتحين الفرصة للانقضاض على "موندولين" الشريف لتعلم العزف عليه، ما كان يثير غضب الراحل، خصوصا عندما كان يجد خللا في الدوزنة (التساوية طايحة)، ومع ذلك كان الشريف يحرص على تعليم ااحميدة الذي لم يكن سنه يتعدى آنذاك 17 سنة، كلما سنحت له الفرصة.