شكل موضوع "الإشكالات الإنسانية والأمنية للهجرة غير النظامية واللجوء في منطقة المتوسط"، محور أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم السياسية والقانون العام، في إطار مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، تقدم بها الباحث أبولاه البشير أمام لجنة علمية برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش. مكونة من الدكتور محمد زكرياء أبو الذهب أستاذ بكلية الحقوق بالرباط رئيسا، والدكتور إدريس لكريني أستاذ بكلية الحقوق بمراكش مشرفا، والدكتور محمد البزاز أستاذ بكلية الحقوق بمكناس عضوا ومقررا، والدكتورمحمد الحاجي الدريسي أستاذ بكلية الحقوق بمراكش عضوا ومقررا، والدكتور عبد الفتاح بالعمشي أستاذ بكلية الحقوق بمراكش عضوا ومقررا. وحاولت الأطروحة، التي تم قبولها بميزة مشرف جدا، تقديم رؤية تحليلية لواقع ظاهرة الهجرة غير النظامية واللجوء في منطقة المتوسط بتسليط الضوء على حجم إنعكاساتها الإنسانية المأساوية والكارثية على المهاجرين غير النظاميين واللاجئين، وأبعادها السياسية والقانونية والاقتصادية، وكذا تداعياتها الأمنية على دول المنشأ والمقصد والعبور لحد إعتبارها تهديدا عابرا للحدود الدولية. وأشارت الأطروحة إلى أن سياسة "أمننة الهجرة واللجوء في المتوسط" والاستمرار في إغلاق الحدود في وجه المهاجرين المظلومين اقتصاديا واللاجئين من المضطهدين والمهمشين اجتماعيا مناف للمواثيق الدولية، فالهجرة واللجوء هي حقوق طبيعية لكل إنسان، فلا يجوز البتة رد لاجئ فار من الاضطهاد على أعقابه، غير أن الطبيعة المختلطة للهجرة الحالية زادت من تعقيدها من الناحية القانونية، وهذا المعطى يتم استغلاله من طرف الدول المستقبلة لصياغة سياسات تكرس المعاناة الإنسانية للمهاجرين واللاجئين العابرين للمتوسط عن طريق عسكرة الحدود، وتصدير التعامل مع هؤلاء للمستضعفين إلى دول العبور من جنوب المتوسط إنسجاما مع الاتفاقيات البينية الموقعة في هذا الإطار، والتي تثير جملة من الإشكالات القانونية. و في هذا الإطار، فصل الباحث في أسس وركائز السياسة المغربية للهجرة واللجوء، كمبادرة إسثنائية تكرس للتعاون جنوب –جنوب، وكسبيل لتجاوز الاكراهات التي يواجهها المهاجرون واللاجئون فوق أراضيه، وكبديل أيضا للهجرة جنوب- شمال، ليعطي بذلك نموذجا يحتذى به في دول الجنوب، إذ لم يسبق لأي دولة جنوبية أن قامت بمثل هذه المبادرة، فأعطى المغرب بذلك لسياسته الهجروية بعدا حقوقيا وإنسانيا قائما على الاندماج والاستيعاب وذلك بإتخاذ إجراءات مواكبة لضمان حقوق المهاجرين واللاجئين في الصحة والتعليم والشغل،غير أن هذا الطابع المتميز للسياسة الهجروية المغربية لا ينفي البتة وجود إشكالات، تحتم على صانعي القرار بالمملكة المغربية، ملائمة الإطار التشريعي والقانوني المتعلق بالهجرة واللجوء وتحيينه لضمان إلتقائيته مع المعايير الدولية ذات الصلة، وإزالة كل القيود القانونية التي تُعيق تمتع المهاجرين واللاجئين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، والحرص على إدماج الحاجيات التنموية للمهاجرين واللاجئين بشكل منهجي على المستوي المحلي والترابي، وتحسيس المنتخبين المحليين والإدارة الترابية بمسألة الهجرة واللجوء، وإرساء آليات لتوجيه المهاجرين واللاجئين، وتيسير إستقبالهم، وإدماجهم في المجتمع المغربي وفق مقاربة تشاركية تعتمد إشراك المجتمع المدني والإعلام وكذا المؤسسات الدينية، وإعادة النظر في اتفاقيات المغرب الأرومتوسطية، لأنها لا تتطابق في جوهرها مع القانون الدولي لحقوق الإنسان. وخلص الباحث إلى أن إبعاد المهاجرين غير النظاميين واللاجئين ليس حلا لأزمة الهجرة غير النظامية واللجوء في المتوسط بل لابد من بلورة حلولا تكون أكثر واقعية وأكثر جرأة، وتضع في إعتبارها حماية حقوق المهاجرين واللاجئين كبشر وأصحاب حقوق أولا، وثانيا ضرورة معالجة الظاهرة في إطار شمولي قائم على "الحوكمة"، ويأخد بعين الإعتبار الترابط بين حاجيات الأمن والإستقرار في إرتباط وطيد مع التنمية، والتي قوامها توزيع الثروات و الخيرات على أساس عادل و منصف، كما أن الحد من سيولة هجرة الشباب في حوض المتوسط، يحتاج لسياسات ناظمة لترجمة حق الشباب في التنمية في بلدانهم الأصلية، مما سيمكن هذه الأخيرة من الإستثمار في هذا الرأسمال اللامادي، وسيعيد بناء جدار الثقة بينها و بين شبابها.