الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري "تشانغ آه-6" في 3 ماي    مليلية تودع "أحوري".. الصوت النضالي لحقوق الريفيين بالمدينة المحتلة    اتحاد جدة صيفطو كريم بنزيما لريال مدريد وها علاش    توقعات طقس اليوم الخميس في المغرب    اختفاء رئيس جماعة ينتمي لحزب "الأحرار" بآسفي بعد وضع مذكرة بحث وطنية ضده بسبب "شيكات بدون رصيد"    بالفيديو.. تعطل فرامل جرافة يتسبب في اصطدام مروع بسيارة في إقليم الحسيمة    مصرع شخص بعد سقوطه من الطابق الرابع بطنجة    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    الطبقة العاملة باقليم الحسيمة تخلد ذكرى فاتح ماي    حكيمي بعد خسارة PSG مع دورتموند: لالي كان صعيب وثايقين فريوسنا غانتأهلو للفينال فالروتور    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين مدينتي أكادير والرباط إلى سبع رحلات أسبوعيا    تخلف ورجعية. سلطات إيران استجوبت طاقم وممثلي فيلم "حبة الكرموس المقدس" اللي غادي يشارك ف مهرجان "كان"    الصحراء المغربية .. أكاديميون إسبان يؤكدون على أهمية مخطط الحكم الذاتي    دوري الأبطال.. دورتموند يهزم باريس سان جرمان ويقطع خطوة أولى نحو النهائي    دراسة تربط بين أدوية حرقة المعدة والإصابة بالصداع النصفي    رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتبر نتانياهو "مرتكب إبادة جماعية"    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    أمطار استثنائية تؤدي إلى إغلاق أنفاق وجسور وتعليق الدراسة بعدة مناطق في السعودية    أرباب المقاهي يهاجمون مجلس المنافسة    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية.. وهذه توقعات الخميس    حموشي يستقبل سفير باكستان ويناقشان تطوير التعاون الأمني بين البلدين    أسعار الذهب تتراجع إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    فيديو: عادل تاعرابت يسجل ثنائية ويقود النصر إلى نهائي كأس رئيس الإمارات    من طنجة.. نقابات تدعو لتحصين المكتسبات وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين ظروف العمل    "النقد الدولي": اقتصاد المغرب مستمر في إبداء مرونة في مواجهة الصدمات    طائرة مغربية بطنجة تتعرض لحادث تصادم مع سرب طيور    «باب الحكمة» بتطوان تصدر «حكاية مشاء» للكاتب محمد لغويبي    آثار جانبية مميتة للقاح "أسترازينيكا".. فما هي أعراض الإصابة؟    أشهر عازف كمان بالمغرب.. المايسترو أحمد هبيشة يغادر إلى دار البقاء    السفير محمد لخصاصي، القيادي الاتحادي وقيدوم المناضلين الاتحاديين .. أنوه بالمكتسبات ذات الطابع الاستراتيجي التي يسير حزبنا على هديها    لقجع "مطلوب" في مصر بسبب الشيبي    اختتام الوحدة الثالثة للدورة التكوينية للمدربين لنيل دبلوم "كاف برو"    إسطنبول.. وفد برلماني يؤكد موقف المغرب الراسخ من عدالة القضية الفلسطينية    صحف أمريكية تقاضي "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي" بتهمة انتهاك حقوق الملكية    ميارة يثني على مخرجات الاتفاق الاجتماعي ويرفض اتهام الحكومة ب"شراء النقابات "    الإعلامي حميد سعدني يحل ضيفا على كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك    توافد 3,3 مليون سائح برسم الفصل الأول من سنة 2024        إدارة السجن المحلي بالناظور تنفي مزاعم تسبب التعنيف والإهمال في وفاة سجينين    فوزي الصقلي : المغرب بلد منفتح على العالمية    ارتفاع الحصيلة في قطاع غزة إلى 34568 قتيلا منذ اندلاع الحرب    صفعة جديدة لتونس قيس سعيّد.. عقوبات ثقيلة من الوكالة العالمية للمنشطات على تونس    الحكومة تعلن عن مشروع لصناعة أول طائرة مغربية بالكامل    فاتح ماي فكازا. بركان حاضرة بتونيها عند موخاريق وفلسطين جامعاهم مع نقابة الاموي والريسوني والراضي ما غابوش وضربة اخنوش ما خلاتش العمال يخرجو    وفاة بول أوستر مؤلف "ثلاثية نيويورك" عن 77 عاما    النفط يتراجع ليوم ثالث بضغط من تزايد آمال التوصل لتهدئة في الشرق الأوسط    هل تستطيع فئران التجارب التلاعب بنتائج الاختبارات العلمية؟    جمعية طبية تنبه إلى التهاب قناة الأذن .. الأسباب والحلول    في مواجهة الحتمية الجيوسياسية.. الاتحاد الأوروبي يختار التوسع    المنتخب المغربي يتوج بلقب البطولة العربية لكرة اليد للشباب    الشرطة تعتقل عشرات المحتجين المؤيدين لفلسطين في مداهمة لجامعة كولومبيا بنيويورك    حارة نجيب محفوظ .. معرض أبوظبي للكتاب يحتفي ب"عميد الرواية العربية"    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيدرو بارامو
نشر في المساء يوم 25 - 10 - 2011

بينما كنت أقرأ رواية مائة عام من العزلة لغابرييل غارسيا ماركيز بعد فوزه بجائزة نوبل سنة 1982 -وقد سبقت لي قراءة «خريف البطريرك» من قبل- أثارت انتباهي الباحثة
أماليا (Amalia Iriate)، أستاذة النقد الأدبي في جامعة لوس أندس (Los Andes) كولومبيا، برفقة العزيزة كلير تيويسين (Claire Teeuwissen) العارفة بأدب أمريكا اللاتينية، إلى ضرورة البداية بقراءة بيدرو بارامو لخوان رولفو التي صدرت سنة 1955، المنبع المتدفق لفهم مسارات تشكل الرواية في أمريكا اللاتينية، باعتبارها المنطلق للتخيل العجائبي الذي اكتسح جل الروايات في أغلب بلدانها.
وهذا ما اكتشفته في أثناء قراءتي لها، ومقارنتها بأحداث رواية مائة عام من العزلة التي كتبت سنة 1965، إذ كانت أجواء المكسيك، وسيرة عائلة بوينديا في قرية خيالية تسمى ماكوندو تحيل، بشكل من الأشكال، على ما يشبه قرية كومالا لخوان رولفو.
أذكر أني ما إن انتهيت من قراءة رواية بيدرو بارامو، وكان ذلك في نهاية خريف سنة 1982، حتى قر عزمي على ترجمتها إلى اللغة العربية دون تردد، لما وجدت فيها من ثراء التخيل والوقائع المثيرة؛ إلا أني لم أهتم بنشرها آنذاك لظروف شخصية تزامنت وعودتي إلى أرض الوطن في بحر سنة 1983، حيث أودعت ما ترجمته في علبة كرتونية، بالإضافة إلى نصوص أدبية إبداعية.
كنت من حين إلى آخر أذكر الصديق محمد صالحي، الأستاذ المتخصص في أدب أمريكا اللاتينية، بنص بيدرو بارامو وأهميته، على أمل أن أعيد النظر في ما ترجمته على ضوء النص الأصلي بالإسبانية ومقارنته بالترجمة الفرنسية التي اعتمدتها، إلا أن مشاغل الدرس الأكاديمي وقضايا النضال السياسي وما كان يجمعنا من هموم حال دون ذلك.
وعندما وجدت نص بيدرو بارامو قد قام بترجمته صالح علماني، سررت بذلك، ولم أصر أفكر في أمره؛ إلا أني حينما استرجعت محتويات العلبة الكرتونية في صيف 2010 في فرنسا وأعدت قراءة ما ترجمته، وجدت تباينا بين الترجمتين، الأمر الذي أعتبره عاديا، إذ إن كل ترجمة ما هي إلا قراءة جديدة للنص، هذا بالإضافة إلى محفز آخر، إذ وجدت ترجمة ثانية جديدة باللغة الفرنسية غير التي اعتمدتها سنة 1982، وهذا ما شجعني أكثر على إعادة قراءة الترجمة كلية في ضوء النصين الفرنسيين معا، واستعادة مرحلة اهتمامي بالترجمة وبآداب أمريكا اللاتينية. وهذا ما أقدمه إلى القارئ العربي؛ مؤكدا، في نهاية المطاف، أن كل ترجمة ما هي إلا قراءة جديدة للنص.
إننا أمام رواية ذات نكهة خاصة، واصفة للحياة الفلاحية في المكسيك بكل تصوراتها وخيالاتها، ولأنها تعد نموذجا حيا ونابضا، استطاعت أن تلهم عددا كبيرا من كتاب الرواية، الأمر الذي لا ينكره أحد منهم في أمريكا اللاتينية؛ لما تزخر به من أحداث ووقائع، صيغت بأسلوب أخاذ تتجاذبه الواقعية والغرائبية، ذي حبكة فنية جذابة، تحقق شهية القراءة والمتعة الأدبية؛ وهذا ما تؤكده كل الدراسات النقدية والأكاديمية التي كتبت حول رواية بيدرو بارامو، وقد أضحت صرحا أدبيا للإبداع الروائي في أمريكا اللاتينية، لمكانتها التأسيسية، ولا غرو أن تعد من بين النصوص الكلاسيكية في القرن العشرين؛ نص كلاسيكي معاصر يوازي نصوص كافكا وفولكنير، نص مثير بعجائبيته وجماله النادر في جولاته المدهشة، حيث يقود رولفو بطله الرئيسي إلى البحث عن أبيه بين تلال كومالا وخرائبها، باحثا عن قدره، منقبا بين ظلالها في متاهات لا متناهية، غارقا في خبايا الذاكرة والنسيان، وتداخل الماضي بالحاضر بين الأحياء والأموات.


عبد الغني أبو العزم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.