مجلس النواب يعقد الأربعاء المقبل جلسة عمومية لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    مشاركة مجلس النواب في اجتماع مجموعة العمل البرلمانية رفيعة المستوى للتكنولوجيا والابتكار والتحول الرقمي التابعة للبرلمان العربي    حصيلة نصف الولاية الحكومية: تناقضات وأسئلة عالقة    توقيف الدعم المباشر عن بعض الأسر يستدعي لقجع لاجتماع عاجل بالبرلمان    بركة يغلق باب اللجنة التنفيذية بوجه المتابعين ويعتمد "الكاستينغ" لاختيار البروفيلات    جهة طنجة – تطوان – الحسيمة: المخزون المائي بالسدود يناهز مليار و100 مليون متر مكعب    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    اعتقالات وإصابات في حق طلاب أمريكيين رافضين للعدوان الإسرائيلي بغزة    آبل تعتزم إجراء تكامل بين تطبيقي التقويم و التذكيرات    رغم الهزيمة.. حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لنصف نهائي أبطال أوروبا    تسرب الوقود من سفينة بميناء سبتة كاد يتسبب في كارثة بيئية    حادثة سير خطيرة بمركز جماعة الرواضي باقليم الحسيمة    عاجل: إحالة مسؤول بالاتحاد الاشتراكي على "جرائم الأموال" بالرباط في فضيحة "الوظيفة مقابل المال" بوزارة العدل    إطلاق طلب عروض لمشروع جديد للمكتب الوطني للمطارات    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    اللجنة العلمية لكورونا تخرج عن صمتها بشأن أضرار أسترزينيكا وترمي الكرة بملعب الحكومة    الداخلية تكشف موعد إجراء انتخابات جزئية ببنسليمان وسيدي سليمان        الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ارتفاع أسعار النفط وسط توقعات بإعادة ملء الاحتياطي الأمريكي    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    جوهرة بناني تحتفظ بلقبها: انتصار ملفت في رالي عائشة للغزالات    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين بمنع ارتداء سراويل داخلية تغطي الركبة    قمة "نارية" بين حامل اللقب نهضة بركان ومتزعم البطولة الجيش الملكي في دور السدس عشر    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين أكادير والرباط    السجن لبارون مخدرات مغربي مقيم بشكل غير قانوني بإسبانيا    نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش    حادثة سير تسلب حياة سيدة في مراكش    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    تراجع التضخم في كوريا إلى أقل من 3 في المائة    رونالدو يقود النصر إلى نهائي كأس السعودية لمواجهة غريمه التقليدي الهلال    نائب رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية: زعماء دول عربية قالوا لي اهلكو "حماس" دمروهم لأننا سندفع الثمن    دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب    هل ستعود أسعار الخضر للإشتعال؟    غضب رسمي أردني من "اعتداء" إسرائيليين على قافلتي مساعدات إلى غزة    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    باحث إسرائيلي في الهولوكوست: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة.. وهناك أدلة كافية قبل أن صدور إدانة المحكمة الدولية    الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري "تشانغ آه-6" في 3 ماي    اختفاء رئيس جماعة ينتمي لحزب "الأحرار" بآسفي بعد وضع مذكرة بحث وطنية ضده بسبب "شيكات بدون رصيد"    اتحاد جدة صيفطو كريم بنزيما لريال مدريد وها علاش    مليلية تودع "أحوري".. الصوت النضالي لحقوق الريفيين بالمدينة المحتلة    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    «باب الحكمة» بتطوان تصدر «حكاية مشاء» للكاتب محمد لغويبي    أشهر عازف كمان بالمغرب.. المايسترو أحمد هبيشة يغادر إلى دار البقاء    وفاة بول أوستر مؤلف "ثلاثية نيويورك" عن 77 عاما    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار
عليوة: هذه حقيقة شرائي لعقار من القرض العقاري والسياحي
نشر في المساء يوم 29 - 10 - 2008

«نعم، تقدمت بطلب لشراء عقار من عقارات المؤسسة وفق المساطر الداخلية المعمول بها كأي واحد من العاملين بالسياش. ومجلس الإدارة داخل المؤسسة نظر في الطلب وقرر البيع بعد أن حدد سعرا للعقار»، هذا جوهر ما يرد به خالد عليوة على قضية العقار الفاخر الموجود بوسط الدار البيضاء الذي اتهم بالاستحواذ عليه خارج المسطرة القانونية المنظمة لتفويت الممتلكات التابعة للبنك. ويضيف الرئيس المدير العام ل«cih».عليوة في هذا الحوار أنه لم يخرق القانون، وليست لديه كرئيس مدير عام صلاحيات البت في مثل هذه القرارات التي تهم ممتلكات البنك، وإلا لكان هو الذي يحدد سقف الراتب الذي يتقاضاه في آخر الشهر وامتيازات موازية أخرى.
- عينت من قبل الملك محمد السادس على رأس مؤسسة بنكية هي القرض العقاري والسياحي التي كانت عنوانا عريضا لفضائح مالية بالجملة. فماهي حصيلة وجودك على رأس هذه المؤسسة طيلة أربع سنوات؟
< شخصيا، أعتبر أن حصيلتي على رأس مؤسسة القرض العقاري والسياحي جد إيجابية. والكل يعرف الوضع الذي كانت تعيشه هذه المؤسسة قبل مجيئي إليها. فقد كانت تعيش حالة إفلاس حقيقي. وأذكر أن تعييني كان في يوليوز 2004، وبعده بأسبوعين انعقدت جمعية عامة استثنائية للمساهمين في السياش لتقرر في إمكانية استمرارية هذه المؤسسة أو إغلاقها إلى الأبد. أكثر من هذا، فالسياش استهلكت كل رأسمالها آنذاك، وقانون الشركات يقضي بأن كل شركة تفقد ثلثي رأسمالها ستصبح معرضة للإفلاس وبالتالي ينبغي أن تضخ فيها رساميل كي تنطلق من جديد.
- وبماذا تفسر وضعية الإفلاس التي آلت إليها «السياش» آنذاك ؟
< هذه الوضعية ناتجة عن مستحقات الديون الكبيرة والثقيلة التي كانت بذمة عدد من الدائنين وكذلك ناتجة عن تراجع التداول التجاري للسياش في قطاعه الأصلي وهو قطاع العقار. وهنا دعني أعطيك بعض الأرقام، ففي سنة 2004، التي تزامنت مع تعييني، وصلت خسائر السياش إلى 145 مليار سنتيم، وفي نهاية دجنبر 2007 حققنا ربحا يقارب 137 مليار سنتيم. وهذا الربح يتكون من شطرين، الشطر الأول يهم الرواج التجاري الخاص بأنشطة البنك والشطر الثاني يهم الربح المحقق من استرجاع الديون. والجانب المهم في هذه الحصيلة ليس الأرقام لأن الأرقام أصبحت معروفة والسهم في السياش وصل إلى حوالي 500 درهم في بورصة القيم، فيما نزل السهم عند تعييني قبل أربع سنوات إلى 26.60 درهما.
- هناك أسماء وازنة في السلطة والجيش وشخصيات نافذة سبق لها أن استفادت من قروض السياش بدون ضمانات. كيف دبر عليوة هذا الملف لاسترجاع أموال البنك؟
< أستطيع أن أقول لك اليوم إنه لم يعد لدينا أي ملف من هذه الملفات الكبرى التي لم تتم تسويتها. وهذه الملفات التي أشرت إليها في سؤالك كانت تهم بالخصوص القطاع السياحي. وكما يعلم الجميع أن المهمة الوطنية للسياش آنذاك كانت هي تمويل القطاع السياحي بالخصوص، لأن القطاع الخاص في المغرب في أواخر ال60 وبداية ال70 لم تكن عنده إمكانيات تمويل المشاريع السياحية الكبرى كالفنادق. .. ولهذا أعطت الدولة للقرض العقاري والسياحي هذا التوجه في تمويل هذه المشاريع السياحية. مع الأسف، فالمشاريع الكبرى التي مولها البنك وقعت في أواسط ونهاية الثمانينيات، وهكذا تم إنشاء مجموعة من المؤسسات الفندقية، لكن عملية إنشاء هذه المؤسسات الفندقية تزامنت مع حرب الخليج. ولا يخفى عليكم أن هذه الحرب كان لها تأثير مباشر على القطاع السياحي الذي شهد بعض التراجع. فكانت النتيجة أن أصحاب هذه المشاريع السياحية لم تعد لديهم القدرة على الوفاء بالتزاماتهم في رد الديون إلى البنك الممول. لكن حاليا أستطيع أن أقول إننا وصلنا إلى حلول مع جميع المدينين للسياش بدون استثناء سواء كانوا مسؤولين أو مستثمرين عاديين، وهناك من سلكنا معه المسطرة القضائية وهناك من وصلنا معه إلى حل بطرق توافقية.
- ما هو حجم الأموال المسترجعة لفائدة السياش خلال أربع سنوات من وجودك على رأس السياش؟
< عندما عينني جلالة الملك على رأس هذه المؤسسة وجدت أن المؤسسة لها 530 مليار سنتيم من الديون المستحقة ينبغي أن تسترجع من خارجها. ولكن استطعنا في حدود يونيو 2008 أن نسترجع من هذا المبلغ المالي 400 مليار سنتيم، أي أن حجم الديون المستحقة التي لم نسترجعها بعد لا يتعدى 130 مليارا. وهذا عمل استثنائي شاركت فيه جميع الأطر البنكية بهذه المؤسسة وبدون استثناء، لأن المؤسسة كانت في وضعية مفلسة.
- لكن هناك بعض الملفات التي لم يصل فيها خالد عليوة إلى حلول مع أصحابها...
< نعم، هناك ملفان أو 3 ملفات مازالت عالقة.
- هل تذكر لنا أسماء أصحاب هذه الملفات؟
< لا أريد أن أذكر أسماءهم، لأن المهم هو أننا نبحث عن حلول معهم. وقد التجأنا إلى مسطرة القضاء، وفي الوقت نفسه لم نغلق قنوات الحوار معهم، خاصة بعد أن اكتشفنا أن هناك حسن نية ورغبة في تسديد ما بذمتهم من ديون. ونحن من جهتنا نحاول أن نساعدهم من خلال البحث عن مؤسسات تقرضهم أو تقتني منهم قروضهم والهدف بطبيعة الحال هو تسهيل مأموريتهم حتى يتمكنوا من مساعدتنا.
- ما هو أعلى أجر داخل السياش؟
< لا يمكن لي أن أذكره.. ولو سمحت أريد أن أشير إلى مسألة مهمة وهي أن القرض العقاري والسياحي عاش حالة استثناء، وهذا مفهوم لأن المؤسسة عندما تصبح معرضة للإفلاس لا يمكن أن نطبق عليها القوانين العامة بما فيها القانون البنكي الذي يحدد جملة من الضوابط في الشق المالي للمؤسسة. وبنك المغرب منح هذا الاستثناء إلى القرض العقاري والسياحي إلى حدود غشت 2007 ليرى ما إذا كانت هذه المؤسسة قادرة على التجاوب مع مقتضيات القانون البنكي. ومن الإجراءات المتضمنة في مقتضيات القانون البنكي أن الأبناك تخصم 15% من مخزونها المالي وتضعها بصفة إلزامية في بنك المغرب. و15 في المائة بالنسبة إلى مؤسستنا في القرض العقاري والسياحي هي 150 مليار سنتيم التي تؤخذ من سيولتها المالية وتودع لدى بنك المغرب. فقبل غشت 2007، لم يكن بإمكان السياش أن يضع هذا المبلغ المالي المحدد في 150 مليار سنتيم لدى بنك المغرب، الآن المشكل لم يعد مطروحا لأننا نضع 15% من المخزون المالي لمؤسستنا ابتداء من غشت 2007.
- وماهي الضمانات التي تفرضونها اليوم للاستفادة من قروض السياش؟
< الآن هناك عدة وسائل للمراقبة. ونحن كمؤسسة بنكية أصبحنا خاضعين لقانون بنك المغرب، فمسألة القروض لم تعد تهم فقط الوضع الداخلي للمؤسسة البنكية وإنما لا بد من مراعاة ضوابط مصرفية تطبق على جميع الأبناك، ومن هذه الضوابط ما يسمى بالتركيز، أي أن المؤسسة البنكية ملزمة بألا تتجاوز سقفا معينا في القروض التي تمنحها للمتعاملين معها سواء كانوا أشخاصا أو مؤسسات. وهذا السقف يحدده بنك المغرب على حساب الموارد الداخلية للمؤسسة البنكية. فأي طلب قروض يمر تقريبا من 4 مراحل، قبل أن يصل إلى لجنة القروض، وهذه اللجنة تتكون من عدد من المديرين ومنهم المدير المختص بتسيير المخاطر.
- يقال إن علاقتك متوترة بمصطفى البكوري، المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، الذي يملك 51% من الأسهم في السياش؟ ما صحة هذا الكلام؟
< أبدا، هذا الكلام غير صحيح وعلاقتي بالبكوري جيدة ونشتغل في ظروف أحسن.
- وبماذا تفسر هذا الانخفاض الذي شهدته أسهم القرض العقاري والسياحي في البورصة؟
< نعم، هناك بعض الانخفاض. لكن سوق البورصة في المغرب يتأثر بسوق القيم في العالم. وكما هو معروف فالبعد النفسي في البورصة حاضر بقوة، ولا أتحدث هنا عن المؤسسات، لأن كل مؤسسة تدبر حقيبتها المالية بطريقة عقلانية، ويختلف الأمر عندما نتحدث عن شخص مثلا لديه قدر من المال واشترى بعض الأسهم فإن هذا الشخص عندما يتابع على القنوات الفضائية كيف أن البورصة بنيويورك نزلت ب50% وفي اليابان يسمع أن البنك الفلاني أفلس، فشيء طبيعي أن تؤثر هذه الأخبار على نفسيته، فيضطر إلى بيع أسهمه خشية أن تصيبه شظايا الأزمة المالية العالمية. وعندما يصبح العرض أكبر من الطلب تنخفض الأسهم ولكن أستطيع أن أقول إن ما نعيشه في سوق البورصة في المغرب هو أن هناك تصحيحا تقنيا لماذا؟ لأن البورصة في المغرب في وقت سابق ارتفعت ارتفاعا غير منطقي. أذكر أنه في بعض الفترات بلغ هذا الارتفاع 60% في سنة واحدة، وهذه الحمى في البورصة المغربية لم تعد قائمة الآن. فهناك حاليا عقلانية والمرشحون اليوم للبقاء في البورصة ليسوا هم أولئك الذين يدخلون إلى سوق البورصة كما لو أنهم يدخلون إلى «كازينو» للقمار، ويدخلون بهاجس المخاطرة.
- يقال إن أيام خالد عليوة أصبحت معدودة على رأس السياش ما هو تعليقك؟
< (ضاحكا) كلنا أيامنا معدودات وأنا لم أبدأ مشواري المهني كموظف في السياش. لقد كلفني جلالة الملك بمهمة في هذه المؤسسة وبالطبع فهذه المهمة سيأتي أجلها، والإنسان لا يخلد في مهمة ما. قبل أن ألتحق بالسياش كنت وزيرا في حكومتين، وانتهت مهمتي. لكن وظيفتي الأصلية لم تنته وهي أني أستاذ جامعي وأيامي في هذه الوظيفة غير معدودة ويمكن أن أواصل التدريس في الجامعة حتى لو بلغت سن التقاعد. وبالمناسبة فأنا عندما آتي إلى عملي في الصباح أعمل كأني أني باق في المؤسسة مدى الحياة، وعندما أغادر عملي في المساء فإني أضع في الحسبان أني لن أعود ّإلى منصبي في اليوم الموالي. صحيح أن مهمتي في السياش ليست مرتبطة بالمساهمين ولو أن هناك عقدة تربطني بالشركة التي أشتغل فيها لمدة خمس سنوات مرت منها إلى حد الآن سنة ونصف السنة إلا أن مهمتي مرتبطة برغبة جلالة الملك لأنه هو الذي عينني في هذا المنصب.
- لنرجع الآن إلى قضية «العقار من النوع الممتاز» الذي قيل إن خالد عليوة فوته لنفسه خارج المسطرة القانونية المنظمة لتفويت ممتلكات السياش، ما هو ردك؟
< في ردي على هذا الموضوع الذي أريد له أن يكون قضية ولو أن الأمر ليس كذلك، أجد نفسي موزعا بين الرغبة في الضحك والرغبة في ضرورة تنوير الرأي العام. وأعترف أني ابتسمت عندما اطلعت على الخبر في إحدى الجرائد. لماذا؟ لأن الذي ينشر خبرا من هذا النوع ينبغي أن يضبط جميع جوانب الموضوع الذي يقاربه. أولا القرض العقاري والسياحي ليست مؤسسة عمومية بل هي شركة مجهولة الاسم ويحكمها قانون الشركات ومتداولة في سوق البورصة وتؤدي الضرائب. لكن لدينا قوانين داخلية في المؤسسة ولدينا هيئات مسيرة ومساطر تنظيم تدبير الممتلكات الخاصة بالمؤسسة. وأنا أنفي نفيا قاطعا أن أكون خالفت المساطر المعتمدة من قبل المؤسسة أو وظفت نفوذي كرئيس مدير عام للاستفادة من هذا العقار موضوع هذه الضجة التافهة والكل يعرف أنه حتى لو كانت الشركة في ملكيتي شخصيا، فإن الرئيس لا يمكن أن يقرر في القضايا التي تهمه هو بصفة مباشرة، فأنا لا أملك هذه السلطة، وإلا لكنت حددت لنفسي أجرا غير الأجر الذي أتقاضاه حاليا وحددت لنفسي أيضا امتيازات أخرى كحجم التعويضات التي ينبغي أن أتوصل بها. ثم لماذا سأكتفي بشقة، بل سأبحث للاستفادة من مئات الممتلكات التي يتوفر عليها البنك، ولو كانت لدي سلطة القرار في البنك لماذا لا أستحوذ على الأراضي التابعة للمؤسسة وأعيد بيعها في المزاد العلني وحتى بدون مزاد علني، أنا مجرد من أي صلاحيات حتى لو رغبت في الحصول على امتيازات لأن القانون لا يسمح لي.
- وكيف كانت تتم عملية تفويت ممتلكات البنك عند تعيينك بهذه المؤسسة؟
< قبل مجيئي كان بيع ممتلكات السياش يتم عبر التراضي سواء مع العموم أو داخل المؤسسة. نحن عندنا الآن مسطرتان تنظمان عملية بيع ممتلكات البنك. وأتحدث هنا عن العقارات الصغرى لأن البنك تمتلك عقارات، وهذه العقارات مفتوحة في وجه العاملين داخل المؤسسة بدون استثناء من أجل الاستفادة من هذه العقارات بعد أن يتقدموا بطلبات لدى المؤسسة. وهذا أمر معمول به في جميع المؤسسات البنكية وغير البنكية، بل حتى في مؤسسات الدولة يتقدمون بطلب من أجل اقتناء عقارات تابعة للبنك ثم يفوت هذا العقار لصاحب الطلب بعد أن يحدد البنك قيمة العقار لئلا تكون هناك خسارة حسابية يتكبدها البنك. فمثلا إذا اشترى البنك عقارا ب100 مليون سنتيم فلا ينبغي أن يفوته ب70 مليونا، وإن كان من حق البنك أن يفوت عقارا لشخص بشروط تفضيلية وبثمن أقل من السوق، في إطار تحفيزه وتوفير شروط أحسن من أجل أداء مهمته في ظروف جيدة.
- هذه مسطرة كما قلت خاصة بالعاملين داخل السياش وماذا عن المسطرة المنظمة لتفويت ممتلكات البنك بالنسبة إلى العموم؟
< بالنسبة إلى المسطرة الخاصة بالعموم، فإن المؤسسة عندما تريد أن تبيع فندقا فإنها تلجأ إلى المزاد العلني عبر نشر طلب عروض ويشارك الجميع في المزاد وفق المقاييس المنظمة له ونفس الشيء بالنسبة إلى المسطرة الداخلية للمؤسسة، حيث يكون هناك موثق وأجهزة مراقبة. أكثر من هذا يتوصل مجلس المراقبة سنويا ببيانات عن أنشطة البنك، سواء كانت متعلقة ببيع عقارات أو مساهمات أو أي نوع من الممتلكات ومجلس المراقبة هو الذي ترجع له المصادقة النهائية في بيع أي عقار أو ملك أو مساهمة. والبنك يضع بين يديه كل البيانات حول الأثمنة والتاريخ والمكان وطلبات العروض الخاصة بهذه التفويتات وحجم الربح والخسارة. إذن هناك مسطرة دقيقة معتمدة في أي عملية بيع ولا يمكن لأي شخص مهما كانت صلاحياته يخرقها، وما نشر في هذه القضية بالنسبة إلي يبقى تافها لأنه تم إغفال هذا التساؤل: هل يمكن في القرض العقاري والسياحي للرئيس أن يقرر في قضية ما بدون علم ومصادقة مجلس الرقابة؟ ومجلس الرقابة هو أعلى سلطة ويمتلك صلاحيات تفوق المجلس المديري الذي يترأسه شخص خالد عليوة.
- إذن أنت تعتبر ما نشر حول قضية استفادتك من عقار تابع للبنك خارج المسطرة القانونية هو واقعة غير صحيحة...
< نعم، هو كذلك. بل أعتبر أن ما نشر في حقي هو من باب القذف والمس ليس بشخص خالد عليوة فقط وإنما بمؤسسة السياش. وأنا لدي قراءة لهذه النازلة، وأريد أن أفهم عبر طرح هذا التساؤل: ما هو الهدف من نشر هذه القضية التي لا تستند على أي أساس في شقها القانوني. وفي هذا السياق أؤكد أني أحتفظ بكل حقوقي كمواطن في اللجوء إلى القضاء، وإن كنت شخصيا أكره ذلك، بل لم يسبق لي في حياتي أن لجأت إلى القضاء ضد أي صحافي، رغم أني تضررت أكثر من مرة مما نشر في حقي. وجرت عادتي أن أترك الإنسان غير المسؤول فيما يكتب عني إلى عنصر الزمن الذي سيكشفه فيما بعد. وأنا لست هنا المعني بالدفاع عن نفسي في هذه القضية، فالمعني هو المؤسسة التي أترأسها، وهي المخول لها أن تقول هل هناك خرق قانوني أم لا؟ حتى لا يقال إني شهدت على نفسي. وأنا أتصور أنه لو كان ما نشر حقيقيا لقامت القيامة وأنا في تواصل مستمر مع المساهمين ولدينا اجتماعات منتظمة والكل يعرف أن القضية مجرد ضجة في واد. وأن المستهدف في القضية ليس هو شخص خالد عليوة، وإنما المستهدف هو المؤسسة والمس بمكتسباتها، لأن هناك أطماعا من طرف البعض تتجه صوب القرض العقاري والسياحي الذي أصبح اليوم مؤسسة معافاة وقائمة الذات. وهدف هذه الأطماع هو إضعاف هذه المؤسسة، خاصة أن لدي دورا في حماية هذه المؤسسة من الأطماع التي تتهددها، وأنا على رأس هذه المؤسسة وأعرف ماذا أقول.
- هل يمكن أن توضح لنا أكثر...
< أنت تعلم عندما تكون هناك أزمة فلا بد أن يطفو بالضرورة على السطح تجار وقناصو الأزمات. بمعنى أن ما يقع في هذا الموضوع لم يكن وليد الصدفة، بل هناك خلفيات تهدف إلى المس بالمؤسسة وبكل مكتسباتنا وبكل الأعمال التي أنجزناها، لغرض في نفس يعقوب. ولابد أن أذكر في هذه القضية أن أطر المؤسسة طلبوا مني أن يتكفلوا بالرد على ما نشر، لكني رفضت لأن المؤسسة لديها أجهزتها المسؤولة والمؤهلة للرد. وقد طلبوا هذا الأمر لأنهم أصبحوا مهددين في سمعتهم، وهذا واحد من الأهداف التي كان يسعى إليها أصحاب الأطماع وهو أن يظهروا أن القرض العقاري والسياحي مازالت تسير وتدار إلى الآن في عهد خالد عليوة بنفس الأساليب التي قادت إلى إفلاسها في وقت سابق وقادت بعض مسؤوليها إلى المحاكم. وشخصيا لو كانت لدي الرغبة في الاستحواذ على عقار لماذا لم أسكن في الفيلا الوظيفية التابعة للبنك ولو ليلة واحدة رغم أن هذا حق من حقوقي.
- وما هو مصير هذه الفيلا الوظيفية الآن؟
- عرضتها للبيع قبل أسابيع، وتم بيعها وبسعر جد مهم.
- ماهو سقف هذا السعر؟
< ليس هناك داع إلى ذكره. وأقول إني لو أردت أن أستحوذ على هذه الفيلا لفعلت، فأسكن فيها في المرحلة الأولى وفيما بعد سأطالب باقتنائها، وهي فيلا فاخرة، و«غادي نكون ديك الساعة درتها كبيرة» كما يقال. وهناك تساؤل خالجني وأنا أقرأ ما نشر: لماذا نشر ما نشر الآن علما أن القضية معروضة أمام المحاكم منذ سنوات؟ وماهي الرزنامة السياسية القادمة؟ وماذا يروج في الساحة من أخبار حول رحيل هذا وبقاء ذاك؟ أما لماذا طرحت هذه الأسئلة فلأني تعلمت في الأفلام البوليسية أن الوصول إلى القاتل يمر بالضرورة عبر التساؤل عن المستفيد من عميلة القتل؟
- ومن المستفيد في نظرك من قتل خالد عليوة؟
< لا أقصد هنا شخص خالد عليوة لأن التساؤل هو حول المستفيد من قتل مؤسسة القرض العقاري والسياحي، ليقال إن المؤسسة عادت الآن إلى ما كانت عليه في السابق، وأنه ليس هناك أي تغيير وبالتالي الضرب بعرض الحائط كل ما حققته من منجزات. وأنا أتساءل: هل يمكن أن نتخيل أن مؤسسة تشتغل بطرق غير مضبوطة وغير شفافة وغير قانونية وغير صارمة وفي الوقت نفسه تنتقل من حالة الإفلاس إلى الوضع الذي هي عليه الآن؟ أبدا، لا يمكن ذلك على الإطلاق. وهل تعرفون كم يكلف الأطر البنكية من جهد لاسترجاع الأموال الموجودة خارج المؤسسة؟ وبدون مبالغة، أنا أقول إني لو كنت على رأس مؤسسة تجارية خاصة في بلد آخر لأصبحت واحدا من أثرياء هذا البلد بحكم التعويضات التي ستصرف لي نظرا لأني أنقذت مؤسسة مالية من الإفلاس بمعية فريق من الأطر البنكية في هذه المؤسسة. وأنا إلى حد الآن لم أتقاض أي تعويض مقابل هذه الإنجازات التي حققناها في هذه المؤسسة.
- الذي فهمت من خلال كلامك هو أنك تقدمت بطلب كأي واحد من العاملين قصد الاستفادة من هذا العقار الموجود في ملكية السياش
< نعم، هذا ما حصل بالضبط. تقدمت بطلب لشراء عقار من عقارات المؤسسة وفق المساطر الداخلية المعمول بها كأي واحد من العاملين بالسياش. ومجلس الإدارة داخل المؤسسة نظر في الطلب وقرر البيع بعد أن حدد سعرا للعقار.
- لكن هذا السعر هو أقل بكثير من قيمة العقار الأصلية؟
< دعني أقول لك إن أي مؤسسة من المؤسسات لديها أملاك فلها الحق في أن تفوته إلى من تشاء من العاملين فيها وفق مسطرة معتمدة داخليا، وأنا أذهب أبعد من ذلك لأقول: لنفرض أن مجلس المؤسسة في السياش قرر أن يفوت هذا العقار إلى شخص خالد عليوة مجانا فهذا يدخل في صلاحياته. لكن شخصيا كنت حريصا في هذه القضية أن تكون قيمة بيع هذا العقار غير القيمة التي اشتري بها حتى لا تكون هناك خسارة للبنك.
- هل يمكن القول إن المشوار السياسي لخالد عليوة انتهى عند أبواب القرض العقاري والسياحي بعد أن عين رئيسا مديرا عاما لهذه المؤسسة؟
< أنا بدأت مشواري السياسي مبكرا، أي في سن المراهقة ومهما ادعيت الآن أني لم تعد لي صلة بالسياسة وشؤونها، فإن الناس لن يأخذوا كلامي على محمل الجد. فكيف يمكن لي أن أبتعد عن السياسة؟ هذا غير ممكن. وحتى وأنا في هذا الموقع، فإني أمارس السياسة من زاوية أخرى وأتابع ما يحدث في الحزب الذي أنتمي إليه، الاتحاد الاشتراكي، بطريقة أخرى، فأنا لم أنته سياسيا لأني عينت على رأس السياش، وأعد قراء «المساء» أني سأتحدث إليهم عبر صفحات هذه الجريدة حول ما يخالجني من أفكار وآراء حول الوضع السياسي بالبلاد وحول الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وحول الشوط الثاني من المؤتمر الثامن لحزب الاتحاد الاشتراكي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.