مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    هلال: ترامب مهد لقرار مجلس الأمن.. ونأمل زيارته إلى الصحراء المغربية    مغاربة فرنسا يحتفلون بذكرى المسيرة    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    نفاد تذاكر مباراة المغرب وموزمبيق الودية بطنجة قبل أيام من انطلاقها    بعد حكيمي.. إصابة أكرد تربك الركراكي وتضعف جدار الأسود قبل المونديال الإفريقي    الشرع يصل إلى أمريكا في زيارة رسمية    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    توقيف التجمعي يوسف مراد في المطار بشبهة التهريب الدولي للمخدرات    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    مقتل فلسطيني في قصف إسرائيلي    فلوريدا.. الجالية المغربية بالولايات المتحدة تخلد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    طقس الأحد: ضباب وسحب منخفضة بعدة مناطق بالمملكة    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    كوريا الشمالية تتوج ب"مونديال الناشئات"    مدرب مارسيليا: أكرد قد يغيب عن "الكان"    البطولة: النادي المكناسي يرتقي إلى المركز الخامس بانتصاره على اتحاد يعقوب المنصور    نبيل باها: "قادرون على تقديم أداء أفضل من المباراتين السابقتين"    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. البطلة المغربية سمية إيراوي تحرز الميدالية البرونزية في الجيدو وزن أقل من 52 كلغ    بحضور الوالي التازي والوزير زيدان.. حفل تسليم السلط بين المرزوقي والخلفاوي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    شبهة الابتزاز والرشوة توقف مفتش شرطة عن العمل بأولاد تايمة    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    تشريح أسيدون يرجح "فرضية السقوط"    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية تسلم رفات رهينة من غزة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    "صوت الرمل" يكرس مغربية الصحراء ويخلد "خمسينية المسيرة الخضراء"    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    عيد الوحدة والمسيرة الخضراء… حين نادت الصحراء فلبّينا النداء    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    أشرف حكيمي.. بين عين الحسد وضريبة النجاح    انطلاق فعاليات معرض الشارقة للكتاب    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الموطو طاكسي».. دراجات أجرة سرية «تقتات» من أزمة المواصلات
اختناق شوارع الدار البيضاء أنعش نشاطها والدرجات ثلاثية العجلات زاحمتها
نشر في المساء يوم 01 - 06 - 2012

حين توقفت، أمام بوابة سوق بيع الخضر بالجملة في مدينة الدار البيضاء أمام كوكبة الدراجات النارية المرابطة
أمام البوابة الكبيرة في انتظار زبناء مُحتمَلين، تذكرت أحداث الفيلم الأمريكي «حجر بارد»، الذي تدور أحداثه حول مهمة مخبر سري اقتحم عصابة الدراجات النارية، للوقوف على مخططاتها واكتشاف رؤوسها المدبرة، لكن الاختلاف بين مَشاهد الفيلم ومشهد الواقفين أمام «المارشي» كبير جدا، فهؤلاء يسعون إلى الرزق باستعمال دراجات نارية عادية، بينما يعتمد أبطال الفيلم على دراجات من نوع «هارلي دافيدسون» كأداة للجريمة وليس لطلب الرزق..
ركبت «المساء» الدراجة النارية السرية بشكل علني، وطافت بعض أرجاء المدينة، وتوقفتْ في «باحة استراحة» في مقهى مجاور لسوق الجملة، بحثا عن تفاصيل ب«التقسيط» لقطاع غير مهيكل.
أصل الحكاية
يروي عمر أنوقاس، وهو رجل في منتصف الخمسين من العمر، حكايته مع النقل السري عبر الدرجات النارية، ويقول إنه «شرب» المهنة من صديق له بعد أن وجد نفسه عرضة للضياع إثر إفلاس شركة للبطاريات في الدار البيضاء، حينها اقتنى دراجة نارية مُستعمَلة وانضم إلى كوكبة الدراجين في بوابة سوق الجملة: «صدّقني إذا قلت لك إنني لم أكن أملك دراجة نارية حين تعرّضتُ للطرد من إحدى الشركات، لكنْ تبيّن لي أن الاعتصام لن يفيدنا، فاحتياجات أسرتي تخنقني وتحتّم علي مواجهة الموقف.. شجعتني زوجتي على دخول مهنة النقل السري، قالت لي إنها غير متعِبة، فباعت بعض ما كانت تدّخر ل«دْواير الزمان» من حلي، لنستثمر في هذا الدراجة من أجل لقمة عيش، بعد أن تعبت من انتظار وعود النقابيين».
قدر عمر، المتحدر من أصول سوسية، أن يعيش أبد الدهر تحت رحمة الانتظار، فقد ظل ينتظر وعدا بالعمل في إسبانيا وباع من أجله ما ادّخره في عمله داخل إحدى ضيعات البواكر في ماسة، لكن أحد أقاربه توسط له في شركة للبطاريات سرعان ما أعلنت إفلاسها فأفرغت «شحنة» الحماس من دواخل العمال، لينتقل عمر من انتظار حلول نهاية الشهر إلى انتظار الإفراج عن تعويضات الطرد التعسفي، بينما يعيش الآن حالات ترقب يومي في انتظار زبون قد يأتي وقد لا يأتي.
تختلف أسباب «النزول» في موقف «طاكسي موطور»، من شخص إلى آخر، لكن القاسم المشترك بينهم هو الانتظار والبحث اليومي عن زبائن أوفياء يعشقون التنقل عبر دراجات الأجرة السرية وسط حالة اختناق المكان والزمان.
قطاع غير مهيكل
«الموطو طاكسي» السري أو «الموطور الخطّاف»، كما يطلق عليه العامة، هو من مشتقات النقل السري، وهي وسيلة تنشط عادة في مدينة الدار البيضاء وبنسبة أقل في الرباط ومراكش، لكن هذا القطاع غير المهيكل، وعلى غرار بقية وسائل النقل السرية، لا يتردد في مطالبة وزارة النقل بهيكلته وحجز سطور له في مدونة النقل، خاصة أن الدراجات النارية للنقل السري تؤدي نفسَ الدور الذي تؤديه سيارات النقل السري والعلني.
يقول «كورتي» نصّب نفسه منسقا لموقف الدراجات النارية في الباب الغربي لسوق الجملة في الدار البيضاء، بإجماع «الماطرية»: «لقد بدأت المهنة تعرف نوعا من التراجع، فالناس يخافون من ركوب دراجة نارية مع شخص غير معروف، وصاحب الدراجة النارية، أي الناقل، يخشى من بعض الزبائن فيرفض إركابهم، و«البوليس» يتربصون بنا من كل جانب، لأننا نشتغل في السرية و«النّوارْ»، لا رخصة لا ضمانات، لا اعتراف، لا قانون ولا هُمْ يحزنون، الدولة يجب عليها أن تمنح «الخطّافة» رخصة وتحدد ليهم موقفا وتشترط عليهم دراجات نارية وتقدم لهم تسهيلات كي يعيشوا، فقد لجأ أغلبهم إلى النقل مجبرين».
يبدأ «الموطو طاكسي» عمله في الساعات المبكرة من الصباح. قبل آذان الفجر، يغادر مسكنه صوب «الموقف»، وأحيانا، يكون زبون في انتظاره، فيعرّج عليه ليأخذه إلى سوق الجملة أو إلى أي وجهة أخرى، غالبا ما يتقاضى عشرة دراهم عن كل رحلة. يستهلك نصف المبلغ في تعبئة البنزين. ويمكن لسعر الرحلة أن يرتفع ليلا أو حين يتعلق الأمر بطارئ خارج أوقات العمل، غير المحددة أصلا، لكنّ أغلب الزبناء هم من المتعاملين يوميا مع سوق الجملة للخضر والمترددين عليه.
من لاباطوار إلى سوق الجملة
قبل أن ينقل الدرّاجون نشاطهم إلى سوق سوق الجملة في الدار البيضاء. كان «الخطافة» ينتشرون قرب المجرة البلدية أو ما يعرف ب«لاباطوار»، حيث كان الزبناء من الفلاحين ومربي المواشي ومهنيي الجزارة. يقول عمر: «كان لي زبون أحمله على دراجتي من لاباطوار إلى مقر سكناه في ضواحي مديونة، فالرجل يفضل الآمان ويخشى ركوب سيارة أجرة أو أي وسيلة نقل عمومية أو خصوصية، فعملية البيع تتم سرا والتنقل سرا، طبعا»..
لكنْ، مع مرور الوقت، تم إغلاق المجزرة البلدية وتم نقلها من منطقة «لافاييت» إلى منطقة «سيدي عثمان»، غيرَ بعيد عن سوق بيع الخضر الجملة، والآن تعددت مواقف الدراجين، الذين يشتغلون أيضا في أسواق بيع الغنم وفي كل التظاهرات التي تستقطب الجماهير، حتى ملاعب كرة القدم، لكن الحملات الأمنية، من جهة، وظهور ما يعرف بالدراجة ثلاثية العجلات أعاد «الخطافة» الدراجين إلى بوابة سوق الخضر.
يتحدث عبد اللطيف الوراري، صاحب محلبة في الدار البيضاء، عن علاقته بوسيلة النقل هاته، قائلا: «أفضّل التنقل في الدار البيضاء عبر دراجة نارية، أملك دراجة من الحجم الكبير، لكنني ألجأ إلى الركوب مع هؤلاء «الخطافة» لأعفي نفسي من تعب التحرك في شوارع الدار البيضاء، التي لا تطاق، ومع مرور الوقت، أصبح اتصال هاتفي ب«خطاف» يعفيني من التنقل إلى السوق، فهو ينوب عني في كثير من الأمور».
الدراجات ثلاثية العجلات.. الخصم الجديد
يطلق عليه البيضاويون لقب «الموطور الشينوي»، وهو عبارة عن دراجة نارية ثلاثية العجلات، أصبحت تغزو الدار البيضاء وتحتل مكان الريادة في أسواق الجملة والتقسيط، رغم أنها أنجزت لنقل البضائع، قبل أن تتحول إلى نقل الآدميين، فضلا على الدواجن. ورغم أن القوانين لا تسمح بتحويل هذه الدراجات إلى وسيلة نقل للركاب، فإن أصحابها غالبا ما يستغلون أزمة النقل، خاصة في بعض التظاهرات الرياضية والفنية، ل«تكديس» المواطنين والمواطنات ونقلهم إلى الوجهة التي يقصدونها، وغالبا ما يستعين أصحاب هذه الدراجات بأحد أبنائهم لجمع المحصول المالي من الركاب كي يحصر اهتمامه على القيادة، على الأقل انسجاما مع مبدأ القيادة المأثور «ممنوع الكلام مع السائق».. ورغم الانتشار الواسع للنقل السري للأشخاص على متن «موطورْ الشينوا»، فإن أصحاب هذه الدراجات اقتحموا مجالات مواقف أخرى كانت محصورة على الدراجين السريين، مما سبب في وقوع خلافات بين الطرفين، بل إن كثيرا من هؤلاء «الخطافة»، وأمام الاجتياح الصيني، غيروا من مسارهم المهني وارتموا في حضن «التريبورطور»، ففيه منافع كثيرة ولا يفرّق بين البشر والبضائع، علما أن ثمن «الدّوكير» لا يزيد على 10 آلاف درهم.. وقد أغرقت كثير من الجمعيات السوق بهذا النوع من الدرجات، التي اعتبرتها برامج المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية آلية لمحاربة الهشاشة وخلق موارد للرزق. كما أن مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء قد لجأت إلى «الدوكير»، حيث وزعت الكثير من هذه الدراجة على سجناء أنهوا فترة العقوبة وعادوا إلى الحياة العامة على متن هذا النوع من الدراجات، في محاولة لإعادة الإدماج.. «أصبح أغلب السجناء الذين استفادوا من هذه الدراجات النارية يتعاملون مع الناس وكأنهم خارج القانون ولا يترددون في خلق جو من الهلع في صفوف «الخطّافة» والزبناء، إنهم يحاولون الاندماج من جديد، لكنْ بعقلية السجن، أي باستعمال القوة والتباهي ب«التخرج» من مؤسسة عقابية، وحين تحاول الوقوف في وجه أحدهم ه يردد عبارته الشهيرة والله حْتّى نرجعْ على قْبلك للحبسْ»!..
وليس هذا النوع من الدرجات النارية وليدَ مبادرات اجتماعية لمحاربة الإقصاء، بل إن مدينة الدار البيضاء عرفت «التريبورطور» منذ عقود، كوسيلة لنقل للبضائع، خاصة توزيع الجرائد وسلع أخرى، لكنْ أن تنتقل إلى نقل البشر، بعد تسييج مقطورة الدراجة، أمر شكّل منعطفا جديدا في عالم النقل السري، لاسيما أن ارتفاع كلفة التأمين إلى 2000 درهم لم يمنع من أداء المبلغ، ولو بالتقسيط، بعد أن انجذب التجار في درب عمر ودرب السلطان لهذه الوسيلة غير المكلفة، رغم ما تحفظه سجلات شرطة المرور في الدار البيضاء، خصوصا من حوادث دامية بعد انقلاب هذه الدراجات أثناء نقل الأشخاص، لاسيما حادث الطريق السيار خلال إحدى مباريات كرة القدم في مركب محمد الخامس.
مولْ الكوتشي جمع كلشي.. الفقر يرشي..
ليست «الشينوية» هي الخصم الرئيسي للخطافة الدراجين، بل هناك وسائل أخرى، خاصة «الكوتشيات» على مستوى منطقة سيدي عثمان، حيث يوجد سوق الجملة للخضر، وأيضا في الشارع المحاذي للمجزرة البلدية في الهراويين أو سوق الجملة للأسماك.. هنا، في هذه المنطقة، يعتبر «الكوتشي» الوسيلة الأكثر استخداما من طرف الساكنة والمهنيين، نظرا إلى أن سعر النقل غير مرهق للميزانية ويبيح السفر في وسلة نقل مختلفة تماما عن بقية آليات نقل العباد..
«في ضواحي الهراويين هناك شخص يملك لوحده شركة سرية ل«الكوتشيات»، وهو يغرق السوق بهذه الوسيلة التي توجد في مراكش لأسباب سياحية وفي سيدي عثمان لأسباب إنسانية»، يقول مستشار جماعي فضّل عدم الكشف عن نفسه، وأضاف أن السلطة تعرف «الشركة» التي تؤوي عشرات الكوتشيات».
الفرق الواسع بين أسعار «الدوكير» و«الكوتشي» و«الموطور»، تضع الزبون أمام هامش اختيار واسع، فسعر التنقل في الوسيلة الصينية يتراوح ما بين 10 و15 درهما، حسب ما برفقة الزبون من بضاعة، والوسيلة الثانية بدرهمين، والموطور بعشرة دراهم في الغالب، حسب المسار الطرقي والظرفية، فسعر الفترة المسائية مختلف عن سعر الفترة النهارية.
لكن الشيوخ والأطفال والنساء لا ينتمون إلى فصيلة زبناء «الموطو طاكسي»، لاعتبارات عديدة تتداخل فيها التقاليد مع أمور أخرى، رغم أن النقل السري يقتصر، بصفة عامة، على العنصر الذكوري، الذي يستطيع التأقلم مع طوارئ ومخاطر المغامرة.
«طاكسي موطو» في فرنسا..
في فرنسا، وفي كثير من الدول الأوربية، يمكنك أن تتصل فور وصولك إلى مطار «رواسيي» أو «أورلي» أو إلى أيٍّ من محطات القطار في «مونبارناس» أو المحطة الشمالية والجنوبية، بوكالة في عين المكان لخدمة «طاكسي موطو»، الذي يدلل الصعاب ويحمل الزبون في ظروف محفوفة بالسلامة إلى المكان المقصود، لأن السلطات الفرنسية تعترف بهذا الصنف من النقل وتعتبره خدمة عمومية ينظمها القانون، بل إن شركات النقل عبر الدراجات قد حجزت لوكالاتها مواقع على الأنترنت، تعرض من خلالها خدماتها بالجودة المطلوبة وتحدد السعر الذي لا يقل على 50 أورو كسعر للرحلة، مع التأكيد على نوعية الدراجة النارية ووسائل السلامة والأمن، وقس على ذلك من الشروط التي تساهم في الترويج لهذا القطاع المهيكيل والمُسيَّج بقوانين رادعة وحامية للطرفين.
«الموطو طاكسي».. الريع الاقتصادي
أجمع المشتغلون في هذا القطاع على أن تنظيم هذه الخدمة قد يُعرّضها للمتاجرة ويُحوّلها إلى ريع اقتصادي جديد، بعد أن اقتصر الريع على مأذونيات النقل العمومي، من حافلات وسيارات أجرة وشاحنات نقل السلع.. وقال كثير من «الدراجين» السريين إنهم يفضلون بقاء هذا القطاع في صيغته الحالية، كي لا «ينقضّ» عليه سماسرة الريع الاقتصادي في مجال وسائل النقل.
من النقل السري إلى النشل العلني..
يتداول المترددون على المجزرة البلدية حكاية شاب كان يستعمل دراجة نارية في نقل الزبناء، قبل أن يستغل يوما ثقة زبون جاء إلى المجزرة من أجل بيع عجل، وحين كان يركب معه في الدراجة متوجها صوب محطة الحافلات، انزوى في زقاق قليل الحركة وأشهر في وجه الزبون سكينا كان كافيا لنزع المبلغ من الزبون، الذي وجّه شكاية انتهت باعتقال الجاني، الذي صرّح لدى الشرطة بأن لجوءه إلى النشل كان بسبب «كساد» المهنة.
أجي نتعاونو
ما يزال أحد «الخطافة» ينتظر ردا من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، بعد أن وجّه طلبا يدعو فيه طاقم برنامج «أجي نتعاونو» إلى مساعدته على تجاوز ضائقته المالية، بعد عجزه عن تسديد أقساط شراء الدراجة النارية التي اقتناها قبل خمسة أشهر، وقال أحد أصدقائه إنه يستغل وجوده في سوق الخضر للاستفادة من الخضر، على الأقل، لإطعام أفراد أسرته.
الشينوا يغزون الدار البيضاء
حسب الإحصائيات المتوفرة، فإن عدد الدراجات النارية من صنف «الدوكير» التي تجوب شوارع المملكة، يزيد على 120 ألف دراجة ثلاثية العجلات، وإن المغرب يستورد سنويا 25 ألف دراجة من هذا الصنف، القادم من الشرق الأقصى. ويرى أصحاب هذه الدرجات أن الصينيين المتواجدين في المغرب لا يستعملون هذه الوسيلة، في ما يشبه المفارقة..
خطاف يتعرض للخطف!
في صباح يوم ممطر من سنة 2004، عُثِر على خْطّاف دراج سري قرب سوق بيع الدجاج بالجملة في الحي المحمدي، وتبيّنَ، بعد البحث، أن الجاني أجهز على سائق الدراجة، حين وصلا إلى مكان خالٍ، وقام، على الفور، بسرقة الدراجة، بينما ما يزال المجنيُّ عليه يعاني من إعاقة مزمنة.



على جناح الندامة..
لأن النقل مُصنَّف في خانة النقل السري، فهو محظور ويُمارَس في غياب قوانين منظمة. يكفي أن تعاين فرقة من الدراجين أمام بوابة سوق الجملة وهم في حالة تأهب قصوى، لتكتشف حجم التخوف الذي يميز عملهم اليومي، وحين تقترب منهم دورية للأمن، ينتشرون في كل اتجاه، خوفا من المساءلة، وغالبا ما يتركون محركات دراجاتهم في حالة اشتغال، تحسبا لأي طارئ مُحتمَل..
أغلب الزبناء يركبون مع الدراجين بحثا عن نقل فردي وسريع بأقل تكلفة، لكنهم لا يعيرون اهتماما لشروط اشتغال هذه الفئة ولا تهمّهم الحالة الميكانيكية للدراجات وما إذا كانت تتوفر على كل الضمانات، بل إن أغلب الزبناء يركبون دون استعمال خوذات واقية مما قد يُعرّضهم للإصابة في أي لحظة، لكن في المقابل يُوفّر التنقل عبر هذه الوسيلة الكثير من الوقت والجهد والمال أحيانا. ويرى «بّا عمر»، كما يناديه رفاقه، أن «أشغال الترامواي قد جعلت التنقل إلى وسط المدينة عبر سيارة أجرة أو سيارة خاصة أمرا عسيرا، لهذا يُفضّل الزبناء اللجوء إلى الدرجات النارية التي يسْهُل عليها التحرك في مدينة كالدار البيضاء». السبب الذي يجعل الزبون يلجأ إلى هذه الوسيلة هو الرغبة في الوصول بأقصى سرعة إلى المكان المقصود، إذ يعتقد أن الدراجة النارية هي الوسيلة القادرة على تفادي الازدحام وعلى التنقل بسهولة، لهذا يتقبلون مخاطر النقل السري بكل تبعاته، قبل أن تدخل على الخط الدراجات ثلاثية العجلات.



حسن البصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.