بني ملال.. توقيف شرطيين للاشتباه في تورطهما في قضية رشوة وابتزاز    دول الساحل تشيد بالمبادرة الأطلسية    "مازي" يتراجع في بورصة الدار البيضاء    نيويورك: الحكومة الأمريكية تعلن أنها تشجع الاستثمارات الأمريكية في أقاليم الصحراء المغربية    ‪التهراوي يتفقد قطاع الصحة بتطوان‬    الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر    زيدان يدعو إلى دعم المقاولات السياحية الصغرى وتطوير منتجات خضراء تنافسية    إتلاف 270 لترا من زيت الزيتون المغشوشة بمارتيل حفاظا على سلامة المستهلكين    وزير الدفاع الإيطالي يعلن إرسال سفينة حربية ثانية لمرافقة أسطول الصمود العالمي    700 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة وفقا لجيش الاحتلال    انطلاق المرحلة الأولى لبيع تذاكر "كان المغرب 2025"    ميكرونيزيا تؤكد أن الصحراء كانت على الدوام جزءا لا يتجزأ من تراب المغرب    وزير الخارجية الكيني: المبادرة المغربية للحكم الذاتي "تمهد الطريق" نحو تسوية قضية الصحراء        مئوية بي بي كينغ… صوت الجموع الخاص    البيضاء على وشك ثورة في مجال النقل بعد قطارات القرب    بعد أشهر من الجدل.. البواري يقرر السماح بذبح إناث الأغنام والماعز باستثناء الحوامل    بني صميم تحتضن الجمع العام لنادي ألعاب القوى بحضور سعيد عويطة    تراجع تزويج القاصرات ب65%.. ائتلاف يطالب بالإلغاء الكلي ويحذر من استمرار "زواج الفاتحة"    خشية الاعتقال.. طائرة نتانياهو تتجنب أجواء دول أوروبية في رحلتها الى الولايات المتحدة    حكيمي يكسر صمته: "تهمة الاغتصاب أقوى شيء حدث لي.. لقد شوهوا صورتي واسمي"    ساركوزي يعلن استئناف الحكم بسجنه    "محطات الوقود" تقاطع بنعلي وتتهم الوزارة بالتغاضي عن العشوائية    أشرف حكيمي ينفي تهمة الاغتصاب "الكاذبة" ويؤكد أنه "مرتاح البال"    بيان حقيقة: ولاية أمن مراكش تنفي مزاعم منسوبة لعناصر الأمن الوطني بمطار مراكش المنارة تم نقلها على لسان مواطنة أجنبية    تنديد بفض وقفة احتجاجية لساكنة "كيش لوداية" بالقوة ومطالب بسراح الموقوفين وإنصاف المتضررين    اعتداء بشع يثير التضامن مع إيمان ويفتح نقاش حماية النساء من العنف        "جبهة دعم فلسطين" تحشد لمسيرة 5 أكتوبر بالرباط وتجدد المطالبة بسراح مناهضي التطبيع    عبد اللطيف حموشي يجري زيارة عمل إلى الإمارات العربية المتحدة    مونديال ال(شيلي 2025) لأقل من 20 سنة .."أشبال الأطلس" يطمحون لتحقيق إنجاز عالمي جديد لكرة القدم المغربية    طقس الخميس.. زخات رعدية فوق الريف وانخفاض في درجات الحرارة شمال المملكة    مونتريال.. المغرب وروسيا يبحثان سبل تعزيز الربط بين البلدين في مجال النقل    الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، مناسبة لإبراز رؤية المغرب (أخنوش)    الرئيس الصيني يشارك في احتفالات الذكرى السبعين لتأسيس منطقة شينجيانغ    الجامعة تكشف عن تعيينات حكام الجولة الثالثة من البطولة الاحترافية    حموشي يجري زيارة عمل إلى الإمارات العربية المتحدة    بطولة فرنسا.. توقيف مدرب مرسيليا دي تزيربي مباراة واحدة        نيويورك.. أخنوش يتباحث مع رئيسة المفوضية الأوروبية    إطلاق اتفاقية متعددة الأطراف بالرباط لمكافحة المنشطات في المجال الرياضي    إصابة نحو 50 إسرائيلياً في هجوم بطائرة بمسيّرة يمنيّة على إيلات    "لامورا..الحب في زمن الحرب" للمخرج الراحل محمد اسماعيل يدخل سباق القاعات السينمائية    عمر عزيمان يتوج بالجائزة الدولية "ذاكرة من أجل الديمقراطية والسلم"    قراءة في مسرحية «عيشه ومش عيشه»: «الوجود الإنساني لا يفهم إلا في ضوء تناقضاته»    سناء العلوي… من تكريم وزان إلى لجنة تحكيم سلا    مؤسسة الدوحة للأفلام تسلط الضوء على الأصوات الفلسطينية في مهرجان الدوحة السينمائي    6 روايات عن العائلة إلى المرحلة النهائية من جائزة "بوكر"    منظمة الصحة العالمية: لا علاقة مؤكدة بين الباراسيتامول والتوحد    دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية        المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن قرنفل
النقابات رهينة للأجندة السياسية للأحزاب
نشر في المساء يوم 17 - 02 - 2009

لايرى الأستاذ حسن قرنفل أن اقتطاع أيام الإضراب أمر مستهجن لسبب بسيط يتمثل في تحول الإضراب في قطاع الوظيفة العمومية بالخصوص إلى يوم راحة وتخلص من أعباء المهام والمسؤوليات الملقاة على العاملين في هذا القطاع، مما جعل الإضراب يتحول من حق مشروع لانتزاع الحقوق إلى ممارسة تفتقد المصداقية. وزاد الطين بلة أن المعارك النقابية تخاض أو لا تخاض في الكثير من الأحيان بتحريض أو كبح من الفاعل السياسي لتحقيق أهداف سياسية لاتتماشى بالضرورة مع الأهداف النقابية المعلنة
- شكل قرار الحكومة الأخير بالاقتطاع من أجور المضربين تطورا ملفتا في العمل النقابي بالبلاد.. ما هي الدلالات السياسية لهذا التطور ودلالاته على ما يفترض أن يكون حقا دستوريا للشغيلة؟
< في اعتقادي، ليست هناك أية مفاجأة بخصوص إعلان الحكومة اقتطاع أجور الموظفين المضربين لأن الإضراب أصبح يستخدم من طرف كثير من النقابات ذات التمثيلية وغيرها بشكل مبالغ فيه. والواقع أن الطريقة التي تخاض بها الإضرابات في المغرب في قطاع الوظيفة العمومية تنزع عنها الكثير من المصداقية وتحول الإضراب إلى يوم عطلة يستفيد منه عدد كبير من الموظفين دون أن يكون لمعظمهم أي علم بالأسباب الحقيقية للإضراب. لكن وكيفما كان الحال، فإن الإضراب حق نقابي انتزعه العمال بعد صراعات كبرى وليس هنالك من يدعو إلى التنازل عن ذلك الحق، غير أن الإضراب هو أساسا عمل نضالي يقتضي تضحيات، والعمال في كل بقاع العالم واعون بذلك ولا يترددون في التضحية بأجورهم مقابل الدفاع عن حقوقهم. وفي كثير من الدول الصناعية الكبرى تدعو النقابات إلى خوض الإضرابات ويتم اقتطاع أجور أيام الإضراب وتقوم النقابات بدفع جزء كبير من الأجور التي تقتطع من المأجورين حتى يتمكنوا من الانخراط في الإضرابات بكل طمأنينة. وهذا ما يحصل مثلا في ألمانيا وما يحصل مع بعض النقابات في الولايات المتحدة. إضافة إلى ذلك، فإن القطاع الخاص يقتطع أجور المضربين دون أن يعترض المأجورون على ذلك، والمركزيات النقابية المغربية أمامها خياران: إما أن تطالب بعدم اقتطاع أجور المضربين في القطاعين العام أو الخاص على السواء، أو تقبل بمبدأ اقتطاع أجور المضربين في الوظيفة العمومية لكي لا يكون هنالك تمييز في التعامل بين القطاع الخاص والقطاع العام,
- هل ارتفاع حدة التوتر الذي يشهده العمل النقابي في الوقت الحاضر مرتبط، كما يقول البعض، بالأجندة الانتخابية للأحزاب المغربية، حيث تحاول كل نقابة إبراز نفسها في صورة النقابة المرتبطة بهموم الجماهير؟
< أكيد أن السنوات الانتخابية تعرف تصعيدا في المطالب الاجتماعية وتشهد الدعوة إلى عدة إضرابات ووقفات احتجاجية، وهذا ما يحصل في العالم أجمع من طرف النقابات المرتبطة بالأحزاب اليسارية خصوصا حين تكون هذه الأخيرة في المعارضة. إلا أن التصعيد الاجتماعي الذي يشهده المغرب في الفترة الحالية تلعب فيه دورا أساسيا مركزيات نقابية مقربة من أحزاب مشاركة في الحكومة، والنموذج هو الفيدرالية الديمقراطية للشغل التي ترتبط بشكل وثيق بحزب الاتحاد الاشتراكي. وقد سجلت الانتخابات التشريعية ل2007 تراجعا مهما لحزب الاتحاد الاشتراكي، وهو التراجع الذي أثر كثيرا على التوازنات الداخلية، وكاد يعصف به. ويبدو أن الحزب قد تمكن نسبيا من حل بعض الخلافات بين قيادييه نظير مراجعة استراتيجية الحزب وأخذ مسافة عن الحكومة بالرغم من المشاركة فيها، لأن الحزب يعتقد أنه الوحيد الذي عوقب على أداء الحكومتين السابقتين، خلافا لباقي الأحزاب الأخرى التي لم تنخرط في عملية الدفاع عن حصيلة الحكومتين السابقتين.
وأعتقد أن الفيدرالية الديمقراطية للشغل تخوض هذه الإضرابات من أجل استعادة بعض المصداقية والظهور بمظهر النقابة المدافعة عن الطبقات الدنيا والمتوسطة، وتأمل أن يستفيد من ذلك الاتحاد الاشتراكي الذي ينسق زعماؤها مع قادته في الانتخابات الجماعية المقبلة. أما الاتحاد الوطني للشغل فيحاول أن يسير على نهج خطى الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في الثمانينيات والتسعينيات حين كانت هذه المركزية تخوض الإضرابات لدعم الموقف النضالي والتفاوضي لحزب الاتحاد الاشتراكي، إذ لا يخفى على المتتبعين للشأن السياسي في البلاد أن الاتحاد الوطني يحاول أن يلعب نفس الدور لفائدة حزب العدالة والتنمية.
هل هناك من آثار سلبية لتسييس العمل النقابي في البلاد، خاصة وأن عددا كبيرا من المستخدمين والأجراء فقدوا ثقتهم في هذه المؤسسات التي لعبت دورا كبيرا على طول تاريخ المغرب؟
< العمل النقابي في المغرب ارتبط منذ نشأته بالمعارك السياسية، حيث ظهرت النقابات في خضم المعركة من أجل تحرير البلاد، وبعد الاستقلال استمرت النقابات في خدمة الأهداف السياسية للأحزاب السياسية، وكان الابتعاد عن الأجندة السياسية للأحزاب أحد الأسباب التي أدت إلى ابتعاد الاتحاد المغربي للشغل عما أصبح يسمى فيما بعد بحزب الاتحاد الاشتراكي. واليوم بعد أكثر من خمسين سنة من الاستقلال مازال العمل النقابي مرتبطا بالأحزاب السياسية، وبالمقابل وباستثناء الاتحاد المغربي للشغل، فإن كل النقابات التي ظهرت فيما بعد وأعلنت استقلاليتها عن الأحزاب لم تتمكن من فرض وجودها بقوة بفعل تذبذب مواقفها وظرفية مطالبها.
- ما هو تشخيصكم للنقابات المغربية الآن، حيث تعيش أغلبيتها مشاكل داخلية كبيرة، بسبب هشاشة الآلية التنظيمية الداخلية وارتكاز العمل على التكتلات والتحالف والمصالح بعيدا عن الأهداف التقليدية والمعلنة للعمل النقابي.. وما وقع مؤخرا لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب ومعركة شباط والأندلسي خير دليل على ذلك.. ما هي أسباب تلك الهشاشة وما هو السبيل إلى الخروج منها؟
< مما لا شك فيه أن النقابات في المغرب تعاني من عدة مشاكل تنظيمية ذات أسباب متعددة؛ منها، على الخصوص، ضعف الانخراط النقابي، حيث إن نسبة المأجورين المنضمين إلى النقابات تعد من أضعف النسب في العالم، علما بأن كل النقابات لا تكشف عن الأرقام الحقيقية لعدد أعضائها، بالرغم من كونها تتعامل بكثير من التساهل مع منخرطيها ولا تطالبهم بضرورة أداء واجبات الانخراط. كما أن الاقتران بالأحزاب السياسية يجعلها لا تتحكم في أجندتها وتبقى في معظم الأحيان خاضعة وملتزمة بما تقرره القيادة السياسية للحزب التابعة له. وهذا ما يعكسه بشكل جلي ما حصل في المؤتمر الأخير للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، حيث إن عدم رضى قيادة حزب الاستقلال عن بنجلون الأندلسي هو الذي عجل بعملية سقوطه. أما عن السبيل إلى الخروج من هذه الوضعية، فإننا لا يمكن أن نجازف بالتحول إلى موجهين للنقابات وزعمائها، فأهل مكة أدرى بشعابها، إلا أن هذا لا يمنع من القول بأنه على النقابات المغربية أن تستفيد بشكل كبير من تجارب الأمم الأخرى في العمل النقابي وتسترشد بالنماذج الأكثر نجاحا وفعالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.