زيارة عمل تقود حموشي إلى دولة قطر    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    المغرب وفرنسا يوقعان على خارطة طريق للشراكة في مجالي الفلاحة والغابات    الإسلام في فرنسا وتكوين الأئمة .. باريس تبحث الاستفادة من تجربة الرباط    القرض الفلاحي للمغرب والوكالة الفرنسية للتنمية يوقعان اتفاقيتي قرض    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    المغرب وفرنسا يوقعان خارطة طريق للشراكة في مجالي الفلاحة والغابات    تداولات بورصة البيضاء على وقع الانخفاض    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    قضاء الاستئناف يرفع عقوبة رضا الطاوجني    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    طنجة.. توقيف ثلاثة أشخاص بتهمة ترويج مخدر الكوكايين    شخص يهدد بالانتحار بتسلق عمود كهربائي    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الموت يفجع زوج دنيا بطمة السابق    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    الأمل يفرّط في نقطتين ثمينتين أمام المنصورية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تراسل والي جهة بني ملال وتطالب بتشغيل "الممرضين المتعاقدين" وانصافهم    مفاجآت بالجملة تقرب "الكوديم" من اللقب وتنعش آمال أولمبيك خريبكة في العودة إلى دوري الأضواء    صديقي يشدد على ضرورة العمل لمواجهة أزمة المناخ التي تهدد الفلاحة الإفريقية    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    القميص ‬البرتقالي ‬يمرغ ‬كبرياء ‬نظام ‬القوة ‬الضاربة ‬في ‬التراب‬    الاتحاد المصري يستدعي المغربي الشيبي    سلسلة زلازل تضرب تايوان أشدّها بقوة 6,3 درجات    اللي غادي لفرانسا لخميس وماشي لشي غراض مهم يؤجل رحلتو الجوية حتى الجمعة وها علاش    سباق النصر النسوي يطفىء شمعته ال 14 يوم الأحد المقبل وسط أجواء رياضية واحتفالية        فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    الإدراة الامريكية كرسات إعترافها بمغربية الصحرا فتقرير حالة حقوق الإنسان فالعالم لسنة 2023    كوريا الشمالية تطلق عدة صواريخ باليستية قصيرة المدى باتجاه البحر الشرقي    اتفاق "مغاربي" على مكافحة مخاطر الهجرة غير النظامية يستثني المغرب وموريتانيا!    تصنيف "سكاي تراكس" 2024 ديال مطارات العالم.. و تقول مطار مغربي واحد ف الطوب 100    الصين: مصرع 4 أشخاص اثر انهيار مسكن شرق البلد    الموت يفجع طليق دنيا بطمة    بنما.. الاستثمار الأجنبي المباشر يتراجع بأزيد من 30 بالمائة منذ بداية العام    ماذا نعرف عن كتيبة "نيتسح يهودا" العسكرية الإسرائيلية المُهددة بعقوبات أمريكية؟    بطولة إيطاليا-كرة القدم.. "إنتر ميلان" يتوج بلقبه ال20    ادعاء نيويورك كيتهم ترامب بإفساد الانتخابات ديال 2016    ثمة خلل ما.. المعرض المغاربي للكتاب يحتفي بالأديبة الناظورية آمنة برواضي    سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    هل يمكن لفيزياء الكم أن تقضي على الشيخوخة وأمراض السرطان؟        أسامة العزوزي يسجل في مرمى روما    الأمثال العامية بتطوان... (579)    تقوى الآباء تأمين على الأبناء    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    مشاركة متميزة للسينما المغربية في مهرجان موسكو    نصف المواليد الجدد يعانون من فقر الدم والمولدات يقمن بأدوار محورية في حماية صحة الأم والطفل    يوتيوب "يعاقب" سعد لمجرد بسبب متابعته في قضية "الاغتصاب"    السعودية تعلن شروط أداء مناسك الحج لهذا العام    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    الأمثال العامية بتطوان... (577)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بونزي».. أسلوب تنفذه شركات محظورة عالميا للاحتيال وسرقة أموال المغاربة
نشر في المساء يوم 09 - 08 - 2014

حلم امتلاك ثروة مالية كبيرة له تأثير عجيب على نفسية الأشخاص، وقد يعمي البعض ويجعلهم ضحية سهلة لعمليات احتيال. هذا ما قام به مهاجر إيطالي يدعى تشالرز بونزي، أصبح أشهر نصاب في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما تمكن من تنفيذ واحدة من أكبر عمليات النصب والاحتيال التي عرفتها أمريكا خلال عشرينيات القرن الماضي، وهو ما تقوم به في الوقت الحالي بعض الشركات بالمغرب.
تمثلت فكرة بونزي في اقتراض قدر معين من المال من أشخاص وثقوا به، وتقديم وعود بتشغيل ذلك المال مقابل إعادته في ظرف وجيز، فضلا عن نسبة أرباح محددة. وفي اليوم المحدد لإعادة المال وتقديم الربح كان بونزي يعود فعلا حاملا معه ما وعد به. لكن ما كان يجهله هؤلاء الأشخاص هو أن بونزي كان يمارس احتياله من خلال دفع مستحقات الأشخاص الذين وثقوا به من الأموال التي كان يحصل عليها من أشخاص جدد وعدهم بنفس الأمر. واستمر هذا المهاجر في تنفيذ عمليات النصب والاحتيال من دون أن تنبته أي جهة لما يقوم به، حتى اللحظة التي تهاوت فيها المنظومة التي أقامها. العديد من الأشخاص ساروا على خطوات بونزي نفسها من خلال اتباع نموذج التسويق الهرمي، وهذا تحديدا ما تقوم به حاليا بعض الشركات العالمية بالمغرب.
هذه الشركات تعتمد على نموذج غير معتاد في التسويق لا يعتمد على الإشهار، ولا على فتح مقرات وفروع للشركة المعنية، ولا على وجود سلسلة كبيرة من الوسطاء. وللعمل كوكيل لديها لا يتعين سوى القيام بأمرين، أولهما الاشتراك مع تلك الشركات عبر اقتناء منتجاتها وخدماتها للاستعمال الشخصي أو لبيعها لأشخاص آخرين، وثانيهما البحث عن منخرطين جدد لدخول الشركة، يشترط في الغالب ألا يقل عددهم عن شخصين. ومن أجل إقناع فئات عريضة بالانخراط يرسم عملاء تلك الشركات أمام المنخرطين المحتملين أحلاما وردية، ويبسطون أمامهم قصص نجاح لأشخاص عاديين لا يختلفون في أي شيء عنهم (يكون العميل نفسه في أغلب الحالات هو قصة النجاح)، مقابل تقديم تعهد بتحقيق دخل مالي كبير يضمن الاستقلال المادي، وامتلاك السيارة الفاخرة، والسفر إلى أفضل الوجهات السياحية لقضاء العطلة، وكل ذلك في وقت وجيز قد لا يتعدى في أقصى الحالات ثلاث سنوات.
وبالنسبة لهذه الشركات الجديدة التي ظهرت بالمغرب في السنوات الأخيرة فإن تحقيق الثروة الكبيرة هدف سهل وفي متناول الجميع، إذ يكفي فقط بيع منتجات الشركة واستقطاب منخرطين جدد لكي تحل جميع مشاكلك المالية. المطلوب للعمل لديها ليس بيع المنتوج لأول زبون تصادفه بالشارع، وإقناعه بضرورة اقتنائه، بل البحث عن كيفية إيصال فكرة هذا النوع الجديد من التسويق إلى أكبر عدد من الأشخاص، من خلال ترويج منتجات وخدمات الشركة المعنية، والعمل على إقناع أكبر عدد من الزبائن الجدد وجلبهم إلى الاشتراك في العمل لدى الشركة. هذا هو الأمر الوحيد المطلوب من كل شخص راغب في تحقيق الثروة في ظرف جد قياسي، شريطة أن يمتلك ذلك الشخص قدرا من الحماس، وشبكة قوية من المعارف، ولا يهم إن كان الأشخاص الذين سيسعى إلى استقطابهم مجرد أصدقاء أو أفراد من العائلة نفسها كالأخ أو الأب أو الأم أو العم. الأشخاص الذين انخرطوا في بيع منتجات الشركة يستطيعون الوصول إلى تحقيق أحلامهم من خلال تلقي عمولات على المبيعات التي يحققونها، فضلا عن عمولات إضافية عن المبيعات التي يحققها الأشخاص الذين استطاعوا إقناعهم بالانخراط. وتقدم تلك الشركات وعودا بتحقيق مكاسب مالية مهمة قد تجعل المنخرط الذي وثق في وعود الشركة يدخل نادي الأغنياء في ظرف جد وجيز قد لا يتعدى ثلاث سنوات.
هذه الوعود تجعل الضحايا غير قادرين على الانتباه لكون أموالهم التي يقدمونها لهذه الشركات يتم توظيفها، كما كان يفعل بونزي، من أجل تقديم العمولات والأرباح للمشتركين الأوائل. وقد جعلت العولمة هذا القطاع يتحول إلى أحد الأنشطة التي تنمو بسرعة مذهلة بكل دول العالم، وهو ما فتح الباب أمام البعض لاستغلال تسويق منتجات وخدمات لا قيمة لها بالمغرب، من أجل التمويه على ممارستها لمخططات التسويق الهرمي أو مخططات بونزي. ويتلخص عمل شركات التسويق الهرمي في إقناع الشخص بشراء سلعة أو منتج، على أن يقوم بعد ذلك بإقناع أشخاص جدد بشراء السلع والمنتجات نفسها ، ليقنع هؤلاء بدورهم مشتركين آخرين أيضا بالشراء وهكذا دواليك، وكلما زادت طبقات المشتركين حصل المنخرط الأول على عمولات أكثر.
ورغم أن البيع الهرمي محظور في المغرب، إلا أن الشركات الجديدة التي تنشأ تتحايل دائما من خلال إخفاء طريقة عملها وتستغل في الغالب التسويق الشبكي، غير المحظور، كغطاء لإخفاء أنشطتها الحقيقية. لكن أمام عدم معرفة المشتركين بعدم قانونية عمل الشركات فإنهم غالبا ما يجدون أنفسهم عالقين وسط دوامة البيع الهرمي ويسعون بدل ذلك لجلب ضحايا جدد حتى يتمكنوا من استرداد استثمارهم الأصلي، مما يصعب عملية اكتشاف هذه الشركات ومتابعتها قضائيا، ومنع سقوط ضحايا جدد في شباكها.
هكذا توظف شركات عالمية مخططات «بونزي» لسرقة أموال المغاربة
تمارس النصب والاحتيال بشكل «قانوني» وتعتمد على التسويق الهرمي
لدى إنجازنا هذا التحقيق تعرفنا على عدة شركات أجنبية تمارس أنشطتها في حرية تامة بعدد من مدن المغرب، وبعيدا عن أي مراقبة قانونية. البحث قادنا إلى التعرف على شركتين تمارسان نشاطهما بشكل واسع بالمغرب. الشركة الأولى تحمل اسم «وورلد جي إم إن» (World GMN) وتقدم نفسها على أنها مختصة في تكنولوجيا الاتصالات والاستثمار في الطاقة الشمسية. أما الشركة الثانية فتحمل اسم «كيونيت» (Qnet)، وتختص هذه الأخيرة في تسويق باقة كبيرة من المنتجات، تضم بعض المستلزمات اليومية كالمواد الغذائية، إلى جانب المنتجات الصحية، فضلا عن تشكيلة من الساعات والمجوهرات «الفاخرة»، ومنتجات للتحكم في الوزن، والتغذية، والعناية الشخصية والمنزلية، ومنتجات الرفاهية وخدمات الاتصال، إضافة إلى توفيرها اشتراكات سنوية لقضاء العطل بالخارج وخدمة للتعلم عن بعد. وتقدم هذه الشركة نفسها على أنها تقدم باقة من المنتجات المبتكرة للرقي بمستوى الحياة، سيما ما تدعي الشركة أنها منتجات الطاقة، كقلادة Amezcua Chi Pendant 2 التي تبيعها الشركة بثمن باهظ، وتقول إنها توفر مجال طاقة هائل يقي من تأثيرات المجالات الكهرومغناطيسية التي تنتج عن المجالات الكهرومغناطيسية الناشئة عن الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف النقالة والأفران الكهربائية والمصابيح وأجهزة التكييف. وحسب شركة «كيونيت» يكفي وضع تلك القلادة حول العنق للشعور بالانتعاش وتجدد الحيوية، ورفع مستويات الطاقة والتناغم في جسمك، وحمايتك من الغبار الإلكتروني.
هاتان الشركتان نجحتا فعليا في استقطاب فئات عريضة من المغاربة للاشتغال لديها، والعمل على تسويق منتجاتها في هذا النوع من التسويق غير المألوف والجديد بالنسبة لفئات كبيرة من المغاربة، وذلك رغم كون إحدى تلك الشركات محظورة في عدد لا يستهان به من دول العالم. كما أن هاتين الشركتين تستغلان وجود شركات أخرى معروفة تشتغل في مجال التسويق الشبكي، تحظى بسمعة طيبة لدى المغاربة.
سبق لضحايا مغاربة لشركة «كيونيت» أن طرقوا باب يومية «المساء» شهر يونيو المنصرم، من أجل كشف الاحتيال الذي تمارسه بالمغرب. أحد هؤلاء أكد لزميلة ب «المساء» بأنها تقوم باصطياد الضحايا الباحثين عن الربح السريع، الذين التحقوا بها وأدوا لها مبالغ مالية مهمة من أجل الحصول على قلادات أو أساور يدوية «تحمي من الأمراض وتجنب خطر بعض الفيروسات القاتلة». التقرير الصحفي ذاته أوضح أن قريب ضحية، توفيت مباشرة بعد عودتها إلى المغرب من ماليزيا، «إثر إصابتها بفيروس غامض»، أكد قائلا: «إن الشركة تغري الزبون، بالإضافة إلى الوقاية والعلاج من الأمراض، بالحصول على أرباح مالية خيالية في حال استقطابه زبائن جدد، وبالتالي تتمكن من تحقيق أرباح خيالية، على حساب الزبائن الذين تستغلهم في الوقت نفسه في إشهار
منتوجاتها».
«الادكاش»
الأمر نفسه المتعلق بتقديم منتجات فريدة من نوعها واستثنائية توظفه الشركة الأولى، «وورلد جي إم إن»، التي يقول القائمون عليها إنها أقوى شركة للتسويق فى العالم، تعمل في مجال الاتصالات والتكنولوجيا. الشركة ذاتها تضيف كذلك أنها تمثل أقوى شركة للاستثمار في الطاقات المتجددة، وتمنح أرباحا يومية وأسبوعية وشهرية وسنوية لعملائها. وتنشط هذه الشركة في قطاعين رئيسيين هما حلول الطاقة البديلة وتكنولوجيا الهاتف النقال، والاتصالات، والإعلانات.
كما تبيع هذه الشركة هاتفا يحمل اسم وعلامة الشركة وكمبيوتر لوحي من الحجم الصغير، تقول إنها من إنتاجها الخاص وتقوم بتطويرها بمصانعها بالصين. وتوفر لعملائها عدة تطبيقات من أجل إجراء المكالمات الهاتفية عبر الإنترنيت «Voip» مقابل اشتراك شهري. إلا أن الخدمة التي تميز هذه الشركة، وتحرص بشكل كبير على تسخيرها بشكل فعال لجلب منخرطين جدد هي خدمة الإعلانات عبر الهاتف تحمل اسم «الادكاش»، وهو برنامج مجاني يتم تشغيله على الهواتف النقالة للمنخرطين بالشركة، وعند تلقي مكالمة أو إجراء اتصال أو بعث أو تلقي رسالة نصية قصيرة يتم عرض إشهار لأحد المنتجات، ويحصل صاحب الهاتف مقابل ذلك على تعويض مالي يصل 5 سنت (100 سنت يساوي دولارا واحدا).
كما تعرض الشركة نفسها على المنخرطين المحتملين المشاركة في مشروع استثماري، تقول إنه ضخم، من خلال اقتناء ألواح شمسية للمشاركة في مشروع «باور كلاودس» (Power clouds). وتتمثل هذه الفرصة الاستثمارية في شراء لوحة شمسية تصل طاقتها إلى 245 واط، وتأجيرها بعد ذلك لمدة تصل إلى 20 سنة، وتعد الشركة بأن يحصل المستثمرون على مداخيل مالية قارة طوال فترة الإيجار بأكملها، بناء على ربح سنوي قيمته 14 في المائة من قيمة الألواح الشمسية.
ما يجعل الشركتين متشابهتان وإن اختلفت المنتجات والخدمات هو النموذج الذي تعتمد عليه في التسويق. فكلتا الشركتين تعتمدان على ما تقولان، إنه نموذج التسويق الشبكي أو التسويق متعدد المستويات، الذي يصعب في حالات عدة التمييز بينه وبين نماذج أخرى من التسويق تجرمها قوانين جل دول العالم، وتعتمد على الطرق نفسها، ويتعلق الأمر تحديدا بالتسويق الهرمي ومخططات «بونزي». لا تشترط الشركتان أن يكون الشخص الجديد الراغب في ترويج منتجاتها خبيرا في التسويق، ولا أن يمتلك محلا تجاريا، بل تكفي معرفته لشخصين على الأقل ممن «يرغبون في كسب المزيد من المال وتحسين حياتهم». بعدها يتعين على المنخرط الجديد الشروع في بناء فريقه الخاص، يضم فريقا على اليمين وفريقا على اليسار. لكن قبل الشروع في بناء الفريق، يتعين على المنخرط اقتناء باقة للاشتراك. شركة «وورلد جي إم إن» توفر 3 أنواع من الاشتراكات، مع الإشارة إلى أن قيمة العمولات التي يتلقاها الوكيل التجاري تختلف حسب نوعية كل اشتراك. الاشتراك الأول يحمل اسم «الأفيليت» بقيمة 39 دولار، ويخول الربح فقط من خلال طريقة وحيدة، وهي الحصول على نسبة من الأرباح مقابل المنتجات التي ينجح الوكيل في بيعها. أما الاشتراك الثاني فهو اشتراك «الماستر» بقيمة 639 دولار، والاشتراك الثالث يحمل اسم «باور ماستر»، وتصل قيمته إلى 1539 دولار. تقترح هذه الشركة عشر طرق للربح، وترتفع قيمة الأرباح بناء على نوعية «الباك» الذي اختاره الممثل التجاري.
بدورها، تقترح شركة «كيونيت» نموذجا مماثلا في تقديم العمولات لوكلائها. وقسمت الشركة طريقة التسجيل والانضمام إليها إلى ثلاث مراحل، الأولى تتمثل في تلقي دعوة من أحد وكلاء الشركة من أجل الانضمام، الذي يمد المشترك الجديد برقم يستطيع من خلاله الولوج ضمن قائمة الانخراط. بعدها يتعين تقديم مبلغ يصل تقريبا إلى 100 درهم كرسوم للتسجيل، وفي المرحلة الأخيرة يتعين شراء أحد منتجات الشركة، على ألا تقل قيمة المشتريات عن حوالي 6000 درهم.
وبعد شراء أي منتج من الشركة يصبح المشترك المحتمل عضوا ومندوبا لدى الشركة، ويحصل على عمولة حسب عدد الأشخاص الذين سينجح مندوب الشركة في استقطابهم للعمل ضمن فريقه. وتشترط الشركة بعد ذلك لتفعيل الاشتراك ضرورة إحضار شخصين وإقناعهما بالانخراط في الشركة وشراء منتجاتها، مقابل حصول المنخرط الأول على عمولة تصل إلى 300 درهم عن كل شخص ينجح في إقناعه بالانخراط في العمل مع الشركة.
منتجات مشبوهة
مدون نشيط على مواقع التواصل الاجتماعي، قطع على نفسه العهد بالكشف عن الاحتيال الذي تمارسه هذه الشركات الدولية بالمغرب، وافق على الكشف عن ممارسات هذه الشركات عبر مدنا بمجموعة من الوثائق التي تمكن من جمعها وتثبت تورط تلك الشركات في ممارسات مشبوهة وخارجة عن القانون. هذا الأخير وافق على مدنا بتلك الوثائق مقابل عدم الكشف عن هويته «حتى لا يجلب على نفسه سخط بعض هذه الشركات» على حد تعبيره.
هذا المدون أوضح أن الملفات التي تمكن من تجميعها طوال عدة شهور من البحث تهم عددا من الشركات المتواجدة بعدة مدن مغربية وتمارس أنشطة «التسويق المباشر» أو «التسويق متعدد المستويات، كشركتي «كيونيت» و»وورلد جي إم إن» التي أكد أنها تمارس في واقع الأمر التسويق الهرمي المحظور. «ركزت في الأبحاث التي قمت بها على أنشطة شركة «كيونيت» ليس فحسب بسبب الاحتيال الذي تمارسه على طريقة رجل الأعمال الأمريكي «بيرنارند مادوف»، ولكن بسبب المنتجات المشبوهة التي تسوقها الشركة، وتقدمها على أساس أنها منتجات ل «الطاقة»، بما في ذلك مجموعة منتجات «أميزكوا» التي تضم منتوجات « Chi-pendant» و» Bio-Disc»، والتي تبيعها الشركة بثمن باهظ (يؤدي كل شخص يريد شراء أي منتوج أو خدمة من هذه الشركة في المتوسط 7000 درهم، كثمن للحصول على المنتوج والانخراط في الشركة»، يوضح المدون.
وبخصوص مصادره في الحصول على معلومات حول أنشطة تلك الشركات، أوضح هذا الأخير أنها «في الغالب ما تكون المعلومات التي يقوم بتجميعها من المواقع الرسمية لتلك الشركات، والفروع والمكاتب التي تنضوي تحتها، فضلا عن المعطيات التي يتم الحصول عليها من خلال اختراق المعطيات المتوفرة على حسابات بعض المجموعات على فيسبوك غير المتاحة لجميع المستخدمين. وفي بعض الحالات يمكن الحصول على معطيات حول أنشطة تلك الشركات انطلاقا من المصادر الحكومية الرسمية كالسجلات التجارية أو بعض المواقع الإلكترونية المحايدة»، يقول المدون الذي تحسر على غياب كتب ومراجع علمية كثيرة تمتاز بالجدية تتناول موضوع التسويق متعدد المستويات.
صعوبة أخرى في الكشف عن ألاعيب وحيل هذه الشركات تطرق إليها المدون، وقال إنها تتمثل في «شح في المعطيات والمعلومات التي تنتقد هذه المنظومة، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام هذه الشركات لإغراق الشبكة العنكبوتية بمعطيات ومعلومات مغلوطة من أجل التستر على أنشطة الاحتيال التي تمارسها».
وعن الشركات التي يقول إنها تمارس التسويق الهرمي بالمغرب يقول المدون «استطعت أن أحدد بمدينة الدار البيضاء بعض الشركات التي تمارس الاحتيال عن طريق التسويق الهرمي، وتلك الشركات هي Qnet (المسجلة تحت اسم Iednet بالمحكمة التجارية بالبيضاء)، و SMS Network، إضافة إلى Wor(l)d GMN. وهناك شركة أخرى تتخذ من العاصمة الرباط مقرا لها، وتحمل اسم Paris Mar Bijoux»»، قبل أن يستطرد، «الملاحظ هو أن هذه الشركات تمارس نوعا من التضليل من خلال تقديم معلومات مغلوطة وخاطئة. وتستغل هذه الشركات تلك المعلومات من أجل تقديم نفسها كشركات تمارس البيع المباشر والتسويق عبر العلاقات، وتحاول جاهدة بكل السبل دفع شبهة ممارسة التسويق الهرمي عنها»، يقول المدون. «فبالنسبة لأصحاب تلك الشركات، يكفي فقط بيع بعض المنتجات الحقيقية، حتى لا يقع تصنيفها ضمن خانة الاحتيال. في حين تعتمد تلك الشركات على عمليات الاستقطاب الكثيف لمنخرطين جدد، الذين يتوجب عليهم دفع قدر معين من المال تحدده الشركة قبل الاشتراك معها».
القانون المغربي، ومثل سائر قوانين دول العالم، يجرم عمليات التسويق الهرمي. ويحظر، في هذا الصدد، القانون رقم 31.08 الذي يحدد تدابير حماية المستهلك، والصادر بالجريدة الرسمية 7 أبريل 2011، كل أشكال البيع أو تقديم الخدمات بشكل هرمي. وتنص المادة 53 منه على التالي: « يمنع ما يلي: أولا، البيع بالشكل الهرمي أو بأية طريقة أخرى مماثلة يتعلق خاصة بعرض منتوجات أو سلع أو خدمات على المستهلك، مع إغرائه بالحصول على المنتوجات أو السلع أو الخدمات المذكورة بالمجان أو بسعر يقل عن قيمتها الحقيقية وبتعليق البيع على توظيف سندات أو تذاكر للغير أو على جمع اشتراكات أو تقييدات؛ ثانيا، اقتراح قيام مستهلك بجمع اشتراكات أو تقييد نفسه في قائمة مع إغرائه بالحصول على مكاسب مالية ناتجة عن تزايد هندسي لعدد الأشخاص المشتركين أو المقيدين».
هذا الوضوح في النص القانوني المغربي يتم التحايل عليه من خلال ادعاء شركات التسويق الهرمي أنها تمارس التسويق الشبكي أو التسويق متعدد المستويات.
ألاعيب كيونيت
في أحد النشرات الدعائية لشركة «كيونيت» تدعي هذه الأخيرة أن ملايين العملاء والممثلين المستقلين يستمتعون في أكثر من 100 بلد بمنتجاتها بكل الرضا، وهو ما يتعارض مع التقديم الرسمي على الموقع الإلكتروني للشركة، الذي يقول «يقع مقر شركة QNET الرئيسي في هونج كونج، كما أنها ممثلة بأكثر من 25 مكتبا ووكالة حول العالم، وأكثر من 50 موردا، هذا أيضا إلى جانب دعم شركات محلية وشركات مرخصة حول العالم».
هذه الشركة شكلت طيلة السنوات الأخيرة محط الكثير من الشبهات، ويرتبط اسمها بممارسة الاحتيال في عدد كبير من دول العالم، خصوصا فيما يتعلق بطبيعة المنتجات التي تعمل على تسويقها. فعلى سبيل المثال، تسوق الشركة ما تقول إنه مجموعة من الساعات والمجوهرات «الفاخرة» التي تحمل علامة «Bernhard H. Mayer»، التي تقول عنها «كيونيت» إنها علامة سويسرية مرموقة ظهرت منذ سنة 1871 في مدينة فورزهايم، مدينة الذهب الألمانية. غير أن البحث داخل المنتديات التي تندد بممارسة شركة «كيونيت» للاحتيال، يقود إلى اكتشاف كون هذه العلامة غير مدرجة ضمن العلامات السويسرية المرموقة لصناعة الساعات والمجوهرات، وبأن الأمر مجرد احتيال من شركة «كيونيت» التي تقوم بجلب تلك الساعات من الهند والصين، وهو ما يفيد بأن الشركة تقوم بتسويق سلع رخيصة وسيئة وتبيعها بمبالغ مالية كبيرة من أجل تسديد عمولات المنخرطين.
أما بخصوص مدى مصداقية ممارسة «كيونيت» لعملية التسويق الشبكي، فقد قامت كل الدول التي منعت وحظرت أنشطة هذه الشركة بالتأكيد على أنها تمارس عملية النصب المعروفة بالتسويق الهرمي. كما ذكرت العديد من الصحف العالمية والتقارير الصحفية المصورة والمنظمات الرسمية أن هذه الشركة تتبع النظام الهرمي في التسويق، كمنظمة البيع المباشر في إندونسيا، فضلا عن ذلك نشرت عدة صحف عالمية أخبار إغلاق مقرات الشركة وتجريمها، ونقلت للقارئ عمليات القبض على القائمين عليها بعد توجيه تهمة الاحتيال إليهم في العديد من الدول منها: الهند، وسيريلانكا، ونيبال، والفلبين، وإندونيسيا، ورواندا، وأفغانستان، وتركيا، وبوتان، وإيران، وسوريا. وبمصر، خرجت العديد من الأصوات للتنديد بممارسات هذه الشركة المشبوهة، مرفوقة بدعوات لإغلاق مقراتها واعتقال أصحابها، ووقف نزيف تهريب العملة الأجنبية إلى الخارج.
معلومات متضاربة
بدورها، تحيط العديد من الأمور المريبة بشركة «وورلد جي إم إن»، لصاحبها الإيطالي فابيو غالدي، حيث تقدم الشركة نفسها على أنها مسجلة ببورصات بعدة دول في العالم كنيويورك، ولندن، ولديها مكاتب بكل من إيرلندا، وروسيا، والصين، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وسنغافورة. أثناء البحث عن مدى حقيقة هذه الادعاءات وجدنا كما هائلا من المعلومات المتضاربة والمتناقضة أحيانا، فتارة تقدم المنشورات الرسمية للشركة على أنها مدرجة ببورصة لندن وتارة ببورصة نيويورك. الأمر نفسه ينطبق على مكتب الشركة بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تقدم ثلاثة عناوين مختلفة للمكتب نفسه، اثنان منها بمدينة نيويورك، والعنوان الثالث بولاية فلوريدا.
ولدى تعميق البحث وجدنا أن شركة «وورلد جي إم إن» مسجلة ببريطانيا تحت اسم «Mobile Network plc»، وبأنها متخصصة في الاتصالات وأنشطة شركات أخرى غير محددة، دون تحديد إن كانت تلك الأنشطة هي التسويق متعدد المستويات. كما سبق للشركة أن غيرت اسمها في مناسبتين، الأولى شهر أبريل من سنة 2013، والثانية في شهر شتنبر من السنة نفسها. كما تدعي الشركة نفسها أنها تلتزم بأعلى المعايير الأخلاقية. وكدليل على ذلك تقول الشركة إنها أصبحت في 22 يناير «لا تذكر السنة» عضوا في اتحاد سنغافورة للشركات «Singapore Business Federation»، إلا أن عملية التأكد من مدى حقيقة هذه العضوية ضمن قائمة الشركات ذات العضوية بهذا الاتحاد تؤدي إلى اكتشاف وجود شركة أخرى تنتمي لهذه المجموعة. هذه الشركة تحمل اسم «World Global Network» مسجلة تحت رقم 0051240.
الدليل الآخر الذي تعتمد عليه هذه الشركة في التأكيد على التزامها بأعلى المعايير الأخلاقية يتمثل في ادعائها العضوية بالجمعية الأمريكية للبيع المباشر «DSA». ولدى البحث في مدى صحة هذا الأمر، يتضح أن «وورلد جي إم إن» مازالت تنتظر موافقة الجمعية الأمريكية على انخراطها، وهو ما يمنح الشركة صفة «Pending Member» أو عضوية قيد الدراسة والمراجعة، غير أن عدم حصول هذه الشركة على العضوية ضمن هذه الجمعية المرموقة لم يمنعها من الادعاء بكونها «تراقب وتشارك كل بنود مدونة قواعد الأخلاقيات الخاصة بجمعية البيع المباشر (DSA)، في جميع نشراتها التسويقية. كما أن الشركة نفسها تدعي العضوية بهذه الجمعية من خلال التحايل على المشتركين العرب من خلال استغلال عدم فهم بعضهم لمعنى عبارة «Pending Member»، والتحايل من خلال خلط بين هذه العبارة وصفة العضوية الكاملة.
أكثر من ذلك، لدى تعميق البحث يتضح أن شركة «وورلد جي إم إن» قدمت طلب الانضمام لهذه الجمعية بصفتها شركة متخصصة في تقديم خدمات الاتصالات، وهو ما يتنافى مع النشاط الحقيقي للشركة، المتعلق أساسا بالتسويق الشبكي، حسب ما تدعي، وهو المجال الذي تنشط به الشركات ذات العضوية ضمن الجمعية الأمريكية للبيع المباشر.
كما أن البحث عن طبيعة الأنشطة التي تتخصص فيها شركة «وورلد جي إم إن» تشير إلى كون «وارلد جي إم إن» متخصصة في التكنولوجيا والاتصالات فقط. وعكس ادعاء الشركة بأنها تقوم بالاستثمار في الطاقات المتجددة، فهي لا تقوم بذلك إلا من خلال عقد شراكة يربطها بشركة أخرى تحمل اسم «باور كلاود»، المختصة فعليا في الاستثمار في الألواح الشمسية، والتي واجهت هي الأخرى صعوبات كبيرة في تسويق فكرة الاستثمار في الألواح الشمسية، وتحيط شبهات كثيرة حولها، سيما مدى مصداقية العائدات المالية بالنسبة للمستثمرين.
بحث دائم
توجد الكثير من المواقع الإلكترونية التي تسعى جاهدة إلى كشف ألاعيب وحيل الشركات التي تستغل التسويق الشبكي كذريعة من أجل ممارسة التسويق الهرمي. أحد تلك المواقع قدم تقييما شاملا لأنشطة شركة «وورلد جي إم إن» وخلص إلى كون هذه الشركة تمارس التسويق الهرمي، وتستغل سلسلة المنتجات والخدمات التي تقدمها للمشتركين لإخفاء ذلك.
وحسب موقع « behindmlm.com» فإن المنتجات والخدمات التي تعمل شركة «وورلد جي إم إن» على تسويقها لا تطرح أي مشاكل في الشق المتعلق بالبيع بالتجزئة. هذا بالنسبة للمنتجات، أما بالنسبة للاشتراك وجلب منخرطين جدد فهنا تطرح علامات استفهام كبرى، حسب القائمين على الموقع. «من الصعب جدا نفي قيام الشركة بممارسة الاحتيال الهرمي فيما يتعلق ببحثها الدائم عن منخرطين جدد»، يوضح تقرير الموقع الإلكتروني، المتاح باللغة الإنجليزية فقط. التقرير ذاته يضيف أن «العمولات التي يتلقاها الأشخاص مقابل جلب منخرطين جدد تندرج فعليا ضمن مخططات التسويق الهرمي. بعد إتمام عملية الاشتراك، يحدد المبلغ الذي قدمته كمقابل من أجل الاشتراك حجم العمولات التي أستطيع تحقيقها من خلال القيام بتوظيف أشخاص جدد، وكلما زاد حجم الأموال التي يستثمرها المنخرطون الجدد الذين أنجح في استقطابهم، فذلك سيؤدي مباشرة إلى توصلي بعمولات أكبر».
وبخصوص تطبيق «ادكاش»، أبرز الموقع نفسه أن هذا التطبيق مرتبط أساسا بالإشهار، ويظل الأمر المحير المحيط بهذا التطبيق هو الكيفية التي ستستطيع الشركة من خلالها الالتزام بتنفيذ وعودها بتقديم دولار واحد في كل شهر من خلال قيام المشترك باستخدام التطبيق على هاتفه. وحسب التقرير لا يمكن بأي حال ضمان تنفيذ هذا الوعد لأن عالم الإشهار غير قار ويمكن أن يتغير في أي لحظة.
أما بخصوص الاستثمار في الطاقات البديلة عبر اقتناء الألواح الشمسية وتأجيرها، أوضح موقع « behindmlm.com» بأن الكثير من الشكوك تحوم حول استغلال الشركة للألواح الشمسية في تنفيذ مخطط التسويق الهرمي. بداية أوضح تقرير الموقع بأن الاستثمار في هذه الألواح متاح فقط عند اقتناء باك «ماستر» أو باك «ماستر باور». كما أوضح أن شركة «وورلد جي إم إن» تحصل على 240 دولار سنويا مقابل القيام بتأجير الألواح التي اقتناها المنخرطون، علما أن الشركة تؤدي عمولات متفاوتة تختلف حسب المستوى الذي استطاع المنخرط الوصول إليه في الهرم، وتهم تلك العمولات، تقديم مقابل مادي مباشر عن كل شخص يتم استقطابه يقوم بالاستثمار بدوره في الألواح، ومقابل مادي غير مباشر ناجم عن الأرباح السنوية.
هذا الأمر بالتحديد، يجعل الاستثمار في الألواح الشمسية مخططا للتسويق الهرمي. وعن هذا الأمر يقول تقرير الموقع: «يشير هذا الأمر بوضوح تام إلى عملية القيام بتوزيع أموال المنخرطين الجدد على المنخرطين الأقدم الذين تمكنوا من استقطابهم، مع تقسيم ما تبقى على المشتركين القدامى في أعلى سلسلة الهرم الذين قاموا باقتناء الألواح الشمسية».
تحكي «سعاد.ب»، طالبة جامعية تقيم بمدينة الرباط، كيف حاولت إنهاء اشتراكها بعدما وقعت في شباك هذه الشركات العابرة للقارات. هذه الطالبة التي أكدت لنا أثناء إنجاز التحقيق بأنها تبحث عن مشتري للألواح الشمسية التي اقتنتها نددت بشكل صريح بما تقوم به الشركة قائلة: «»وورلد ج إم إن» هي شركة متخصصة في بيع الأوهام والأحلام لكي تصبح مليونيرا في أسبوع، أو في شهر على أبعد تقدير، وإن تعذر عليك ذلك ستصبح مليونيرا في سنة»، قبل أن تضيف، «فعلا نظام شركة وورلد سيء جدا جدا. نظام فريق اليمين واليسار والربح على الجهة الضعيفة. هذه خطة حقيرة من الشركة لكي تربح على ظهور المستضعفين. ثم بالنسبة للاستثمار تعطيك 14 دولارا في الشهر على استثمار قيمته 1839 دولارا».
أما الأسباب الحقيقية التي دفعت هذه الطالبة لمغادرة الشركة، فتتمثل حسبها في نموذج التسويق الذي تمارسه هذه الشركة «حرام بدليل جميع العلماء»، في إشارة منها إلى التسويق الهرمي، و»ثانيا، لأن ربحك ينبني على خسارة الآخرين، يعني القاعدة تخسر لتربح القمة». كما عرضت علينا زيارة موقع «يوتيوب» وإدخال جملة «حكم التسويق الشبكي»، من أجل الاطلاع أكثر.
«محمد.ح» من مدينة القنيطرة، ضحية آخر سابق للشركة نفسها، اختار الحديث بنبرة واثقة، موضحا أن الأشخاص الذين استطاعوا تحقيق مكاسب مالية كبيرة من الشركة هم أولئك الذين انخرطوا قبل ثلاث سنوات في العمل لديها. «إذا بغيتي دير لاباس خاصك تكون دخلتي في 2011 ما شي تال دابا..دابا الناس عاقو»، يقول بنبرة متفائلة.
هذا الأخير أكد لنا أن تجربته مع «وورلد جي إم إن»، لم تجعله يتوقف عن ممارسة التسويق الشبكي، بعدما اختار الانضمام لشركة عالمية أخرى، رفض الكشف عن اسمها، تمارس هذا النشاط التجاري بالمغرب. «هي منظومة تقوم على بنية مزدوجة « système binaire » وتستفيد منها فقط أقلية من الأشخاص»، في إشارة من هذا الأخير إلى مساوئ التسويق الهرمي، الذي يستفيد منه أصحاب الشركة وشبكة المنخرطين الأقدم، الذين نجحوا في البقاء في مستويات عالية من الهرم. وعن طبيعة أنشطة «وورلد جي إم إن»، أكد محمد انطلاقا من تجربته الشخصية أنه توجد «فعلا عملية نصب، ولكنها لا تتم بين الأشخاص بل تمارسها الشركة، بصفتها المستفيد الوحيد من عملية النصب».
«شركة وورلد ظهرت في العام 2011 وشرعت في ممارسة أنشطتها برأسمال ضعيف، واستطاعت من خلال الانخراطات تحقيق أرباح كثيرة. التجربة التي اكتسبتها من خلال الاشتغال مع هذه الشركة والأرباح التي تمكنت من تحقيقها من خلال الاشتغال معها تجعلني أعرف جيدا طريقة اشتغالها، وأنصح بتجنب الاشتغال معها»، يوضح محمد قبل أن يضيف: «من يتحمل المسؤولية ليس تلك الشركات، فهي لم تجبر أي أحد على الانخراط في أنشطتها. يتعين على التفكير مليا قبل الانخراط».
الاحتيال الهرمي
يعتبر مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي مخططات «بونزي» والتسويق الهرمي من بين «مخططات الاحتيال الشائعة»، ووضع شرحا مقتضبا لهذه الطرق في الاحتيال على صفحة تحذيرية خاصة تعرض بعضا من الحيل الأكثر شيوعا التي يحقق مكتب التحقيقات الفدرالي فيها، فضلا عن بعض النصائح للمساعدة في عدم الوقوع ضحية لأعمال النصب والاحتيال.
ووضع المكتب الأمريكي مخططات «بونزي» والتسويق الهرمي من بين أشكال الاحتيال المرتبطة بالفرص الاستثمارية، ويحذر من كون الأشخاص والشركات التي تعتمد على مخططات «بونزي» تعد الضحايا بعائدات مالية جد كبيرة أو أرباح غير متاحة من خلال الاستثمارات المالية المعتادة.
ولدى البحث عن الطرق التي تلجأ إليها شركات عالمية لممارسة الاحتيال الهرمي بعيدا عن المتابعة القضائية، وجدنا أنها تهم في الغالب بيع منتجات أو خدمات لا يمكن أن تلاقي النجاح في ظل ظروف التسويق المعتادة، وتقديم تعويضات مالية للأشخاص من خلال جلب منخرطين جدد عبر إقناعهم بشراء منتجات غير موجودة أو عديمة القيمة. وحسب مواقع إلكترونية سعت إلى توضيح ممارسات هذه الشركة، فإن الأشخاص الذين يسهرون على تنفيذ التسويق الهرمي يقدمون ما يقومون به على أساس أن شركتهم تشتغل وفق التسويق متعدد المستويات، الذي يمنح الفرصة لتحقيق مكاسب مالية كبيرة بدون وجود أي مخاطر لفقدان الرأسمال.
احتيال أصحاب التسويق الهرمي في الخلط بين هذا النوع من التحايل مع التسويق متعدد المستويات ينبع من التشابه الكبير بينهما. فالشركات التي تستغل التسويق متعدد المستويات لترويج منتجاتها تعتمد كذلك على مبدأ قريب من التسويق الهرمي، وهو السبب الرئيس الذي يخلق الكثير من الخلط والتشويش، غير أن ذلك لا يلغي وجود اختلافين جوهريين بينهما.
الاختلاف الأول هو أن المشتركين في التسويق متعدد المستويات في وسعهم من الناحية النظرية، وبغض النظر عن المستوى الذي تمكنوا من الوصول إليه، تحقيق دخل مادي من خلال بيع منتجات وخدمات الشركة التي يشتغلون لفائدتها من دون اللجوء إلى جلب مشتركين جدد. أما الاختلاف الثاني فهو أن الأعضاء ضمن بنية التسويق متعدد المستويات في وسعهم تحقيق ربح مادي يفوق الربح الذي يحققه الأشخاص الذين نجحوا بإقناعهم بفكرة الانضمام...
أما بالنسبة لمخططات التسويق الهرمي فيتعين على كل منخرط جديد أن يؤدي إما رسوما للتسجيل كعميل لدى الشريك أو اقتناء منتجات الشركة، التي يتم في الغالب تقديمها كباقة شاملة. بعدها يطلب من المنخرط الجديد القيام بإقناع أصدقائه ومعارفه وأفراد عائلته بضرورة الانخراط في هذا الشكل المستجد من التسويق و»الواعد». وإذا نجح المنخرط الجديد في القيام بذلك، يحصل على عمولة مالية انطلاقا من الأموال التي أداها الأشخاص الذين نجح في استقطابهم. يأتي الدور بعد ذلك على هؤلاء المنخرطين من أجل البحث عن منخرطين آخرين من أجل استمرار وجود الهرم.
تحظر قوانين كل دول العالم عمليات التسويق الهرمي بما أنها لا تحقق أي مداخيل مالية ولا تعطي أي ضمانات لإعادة الأموال لأصحابها في حالة الإفلاس، ولأنه لا يتم استثمار الأموال التي يؤديها المنخرطون في تطوير أي منتجات، بما أنه يتم ببساطة تقديم الأموال المحصلة من الانخراطات الجديدة كعمولات للأشخاص ضمن السلسلة العليا من الهرم. كما أن بنية الهرم تجعل فئة قليلة من المحتالين في أعلى الهرم يجننون معظم الأرباح، فيما يفقد الأشخاص في أسفل قاعدة الهرم كل أموالهم بما أنهم جاءوا متأخرين.
«فاضل م» موظف في القطاع الخاص وبحكم إجادته للغة الإنجليزية وعلاقته بعدد من أصدقائه الذين استطاعوا تحقيق مداخيل مالية مهمة من خلال التسويق الشبكي، ظل دائما يفكر في الانخراط في إحدى شركات التسويق الشبكي. «أعرف صديقا لي يحقق الآن مدخولا شهريا كبير جدا بعدما اختار منذ سنة 2007 الانخراط في التسويق الشبكي مع شركة متخصصة في مستخلصات الصبار. منذ ذلك الحين وأنا تراودني فكرة الاستثمار في هذا النموذج من التسويق، بالنظر للنجاح الكبير الذي حققه صديقي». يقول فاضل. «شاءت الصدف أن ألتقي بزميل في الدراسة شهر مارس الماضي. عرض علي هذا الأخير الاشتراك في فرصة استثمارية جد واعدة، وقال لي بالحرف هل تعتقد أن أجرتك الشهرية ستكفيك طول حياتك. انضم معنا لهذه الشركة». الشركة التي يتحدث عنها فاضل هي «وورلد جي إم إن». بعد اقتناع هذا الأخير بالمزايا الكثيرة التي يتيحها الاستثمار في الشركة، أكد لنا هذا الأخير أن ما أثار انتباهه هو السعر المرتفع للهاتف والكمبيوتر اللوحي الذي تبيعه الشركة. «بعد أيام على لقائي مع زميل الدراسة، ظل سعر الهاتف والتابليت المرتفع جدا يشغل بالي ما دفعني للقيام بالبحث على الشبكة العنكبوتية عن هوية هذه الشركة وطبيعة الأنشطة التي تقوم بها. البحث قادني إلى التعرف عن قرب على مصطلحات جديدة ك «التسويق الشبكي» و»التسويق المتعدد المستويات». إلا أنني عثرت كذلك على مصطلح «التسويق الهرمي»، ووجدت كما هائلا من التحذيرات بشأن طرق الاحتيال عن طريق التسويق الهرمي. وبعد تعمق في البحث عثرت على شهادات أشخاص يحذرون من التعامل مع شركة «وورلد» لأنها تمارس التسويق الهرمي، وبالتالي توقفت عند هذا الحد، وقررت عدم تسليم مالي الخاص لهم على طبق من ذهب وبرضاي التام».
هذا الحذر هو الذي يعوز الأشخاص الذين تسعى هذه الشركات العالمية لاستقطابهم، مستغلة في ذلك ما تتيحه العولمة والتواصل من إمكانيات للإطاحة بالمغاربة في فخ النصب والاحتيال. وبالعودة إلى التحذيرات التي أطلقها ضحايا هذه الشركات والمواقع المختصة، والنشطاء، ينصح هؤلاء بتجنب السقوط ضحية للطمع لأنه في اللحظة التي تنسف فيها أسس البينة الهرمية بسبب عدم القدرة على جلب منخرطين جدد، سيكون مصير الأشخاص المتواجدين بقاعدة الهرم هو فقدان جميع أموالهم، لأن سلسلة المنخرطين الجدد الذين كان يعول عليهم في تقديم العمولات للمنخرطين الأقدم قد اختفت.
بونزي.. الأب الروحي للمحتالين الشبكيين
«مشروع لا يكلف سوى 639 دولار، ويحقق لك دخلا سنويا يصل إلى ربع مليون دولار»، «هدفنا أن نصنع تغييرا شاملا للأفضل في حياتنا وحياتك وحياة الآلاف من حولنا وحولكم»، «غير من نمط حياتك صحيا..وماديا..ومعنويا..وثقافيا.. الفرصة لتبدأ معنا مشروعك الخاص. وعملك المستقل»... هذه عينة فقط من الشعارات الرنانة والحالمة التي قد تسقط في شباكها آلاف المغاربة، الباحثين عن الثروة التي تعمي أبصارهم عن اكتشاف عملية نصب واحتيال تحبك شباكها بإحكام للإيقاع بهم. عمليات النصب والاحتيال هذه تشبه ما قام به أشهر نصاب في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، المهاجر الإيطالي شارلز بونزي، عندما قام بابتكار ما أصبح يعرف ب «السلسلة الهرمية».
وتمثلت حيلة «بونزي» في الحصول على أموال الآخرين بكامل رضاهم عبر إيهامهم بأنه سيشغل تلك الأموال لمدة زمنية معينة، وسيعيدها لهم بعد ذلك بالإضافة إلى ربح مادي مقابل استغلال تلك الأموال. بيد أن الأمر الذي ظل بونزي يخفيه عن ضحاياه هو أن الأموال والأرباح التي كان يسددها للمنخرطين القدامى في مشروعه الاستثماري كانت تأتي من أموال المنخرطين الجدد.
وكانت الحاجة هي التي جعلت بونزي يهتدي إلى اكتشاف فكرته الجهنمية. فخلال العشرينات من القرن الماضي، كان كل مهاجر يرغب في بعث رسائل إلى أهله بالوطن الأم، يقوم كذلك بشراء قسيمة للطوابع البريدية لتمكين الشخص الذي سيستقبل الرسالة من إرسال رد عليها. ولأن هذا الأمر كان شائعا جدا في تلك الفترة، فقد استغل بونزي ذلك لتحقيق ثروة هائلة في وقت جد وجيز، وذلك من دون أن يلفت في البداية أي شكوك.
كانت الفرصة الاستثمارية التي خطرت ببال المهاجر الإيطالي جد معقولة وجد عملية؛ ولم يكن يتعين عليه سوى الحصول على قسيمة الرد على الرسائل من مناطق أخرى غير الولايات المتحدة الأمريكية، تبيع تلك القسيمات بسعر أرخص بكثير، والعمل على بيعها بعد ذلك بالولايات المتحدة الأمريكية بالسعر المتداول بالأسواق، وجني الأرباح انطلاقا من الفرق الشاسع بين سعر شرائها من الخارج وسعر بيعها بأمريكا.
وبالنظر لحاجته للموارد المالية الكافية لاقتناء تلك القسيمات فقد اعتمد بونزي على حيلة تعلمها من مالك بنك اشتغل به. كان صاحب البنك يعد بتقديم أرباح بنسب كبيرة للأشخاص الذين يدخرون أموالهم لديه. إلا أن صاحب هذا البنك كان يقوم بتقديم تلك الأرباح من أموال المدخرين الجدد، وليس من الأرباح التي يحققها البنك. على المنوال نفسه، اقترح بونزي على شركائه المشاركة في مشروعه، مقابل اقتسام الربح الناجم عن الفرق في السعر بين ثمن اقتناء قسيمات الطوابع البريدية وسعر بيعها بالولايات المتحدة الأمريكية، ووعدهم بتحقيق أرباح مالية تصل إلى 50 في المائة مقابل استثمار أموالهم لفترة 45 يوما، وأرباح تصل إلى 100 في المائة مقابل استثمارها لمدة 100 يوم.
ورغم أن فكرة بونزي كانت جذابة من الناحية الاستثمارية إلا أنها لم تنجح بشكل كامل على أرض الواقع، نظرا لعدم توفر بونزي على البنيات الضرورية للاستثمار بالخارج، وغياب وسيلة مضمونة لنقل القسيمات وتبادل قيمتها المالية، وهو ما تسبب في ظهور مصاريف إضافية بالنسبة لبونزي، ما تسبب في تأخره في القيام بتقديم الأرباح للمستثمرين بالسرعة التي وعدهم بها. غير أن دهاء هذا الإيطالي جعله يبقي على هذه الأخبار السيئة والمعيقات الكثيرة بينه وبين نفسه من دون أن يبوح بها لباقي شركائه. وفي كل يوم كان يتزايد عدد المستثمرين المتلهفين على تحقيق الثروة الذين علموا بوجود هذه الفرصة الاستثمارية من خلال أصدقائهم ومعارفهم، الذين سبقوهم ولم يجدوا أي مانع يحول دون تقديم ما ادخروه من مال لبونزي لتحقيق الربح. أمام ذلك، اتخذ بونزي القرار بالاحتفاظ بأموال المستثمرين الجدد، وعدم الفرار رغم مساوئ الاستثمار في إعادة بيع القسيمات. واستطاع بونزي الاستمرار في ممارسة عملية الاحتيال من خلال تقديم بعض المال للمستثمرين الأوائل من المال الذي كان يؤديه المنخرطون الجدد والاحتفاظ بجزء منه لنفسه. وبما أن الأموال كانت تصل المستثمرين الأقدم، لم يستطع أي أحد اكتشاف الحيلة الماكرة التي وقعوا ضحية لها.
بيد أن السحر انقلب على الساحر، بعدما تهاوى النظام الذي أقامه بونزي بأكمله بعد بضعة أشهر قضاها في حياة من البذخ والترف من ملايين الدولارات التي استطاع تكديسها في وقت جد قصير، ليكتشف المستثمرون الجدد والقدامى الحيلة الماكرة التي انطلت عليهم وتسببت في فقدانهم لأموال طائلة. النموذج نفسه اعتمد عليه محتالون كبار في العصر الراهن، مثل رجل الأعمال بيرنارد مادوف، الذي استغل «سلسلة بونزي» في واحدة من أكبر عمليات النصب التي عرفتها الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما تمكن من السطر على ما يزيد عن 50 مليار دولار على مدى عقود من الزمن، دون أن ينتبه أي طرف
لذلك.
مخططات «بونزي» لسرقة أموال المغاربة
لدى إنجازنا هذا التحقيق تعرفنا على عدة شركات أجنبية تمارس أنشطتها في حرية تامة بعدد من مدن المغرب، وبعيدا عن أي مراقبة قانونية. البحث قادنا إلى التعرف على شركتين تمارسان نشاطهما بشكل واسع بالمغرب. الشركة الأولى تحمل اسم «وورلد جي إم إن» (World GMN) وتقدم نفسها على أنها مختصة في تكنولوجيا الاتصالات والاستثمار في الطاقة الشمسية. أما الشركة الثانية فتحمل اسم «كيونيت» (Qnet)، وتختص هذه الأخيرة في تسويق باقة كبيرة من المنتجات، تضم بعض المستلزمات اليومية كالمواد الغذائية، إلى جانب المنتجات الصحية، فضلا عن تشكيلة من الساعات والمجوهرات «الفاخرة»، ومنتجات للتحكم في الوزن، والتغذية، والعناية الشخصية والمنزلية، ومنتجات الرفاهية وخدمات الاتصال، إضافة إلى توفيرها اشتراكات سنوية لقضاء العطل بالخارج وخدمة للتعلم عن بعد. وتقدم هذه الشركة نفسها على أنها تقدم باقة من المنتجات المبتكرة للرقي بمستوى الحياة، سيما ما تدعي الشركة أنها منتجات الطاقة، كقلادة Amezcua Chi Pendant 2 التي تبيعها الشركة بثمن باهظ، وتقول إنها توفر مجال طاقة هائل يقي من تأثيرات المجالات الكهرومغناطيسية التي تنتج عن المجالات الكهرومغناطيسية الناشئة عن الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف النقالة والأفران الكهربائية والمصابيح وأجهزة التكييف. وحسب شركة «كيونيت» يكفي وضع تلك القلادة حول العنق للشعور بالانتعاش وتجدد الحيوية، ورفع مستويات الطاقة والتناغم في جسمك، وحمايتك من الغبار الإلكتروني.
هاتان الشركتان نجحتا فعليا في استقطاب فئات عريضة من المغاربة للاشتغال لديها، والعمل على تسويق منتجاتها في هذا النوع من التسويق غير المألوف والجديد بالنسبة لفئات كبيرة من المغاربة، وذلك رغم كون إحدى تلك الشركات محظورة في عدد لا يستهان به من دول العالم. كما أن هاتين الشركتين تستغلان وجود شركات أخرى معروفة تشتغل في مجال التسويق الشبكي، تحظى بسمعة طيبة لدى المغاربة.
سبق لضحايا مغاربة لشركة «كيونيت» أن طرقوا باب يومية «المساء» شهر يونيو المنصرم، من أجل كشف الاحتيال الذي تمارسه بالمغرب. أحد هؤلاء أكد لزميلة ب «المساء» بأنها تقوم باصطياد الضحايا الباحثين عن الربح السريع، الذين التحقوا بها وأدوا لها مبالغ مالية مهمة من أجل الحصول على قلادات أو أساور يدوية «تحمي من الأمراض وتجنب خطر بعض الفيروسات القاتلة». التقرير الصحفي ذاته أوضح أن قريب ضحية، توفيت مباشرة بعد عودتها إلى المغرب من ماليزيا، «إثر إصابتها بفيروس غامض»، أكد قائلا: «إن الشركة تغري الزبون، بالإضافة إلى الوقاية والعلاج من الأمراض، بالحصول على أرباح مالية خيالية في حال استقطابه زبائن جدد، وبالتالي تتمكن من تحقيق أرباح خيالية، على حساب الزبائن الذين تستغلهم في الوقت نفسه في إشهار
منتوجاتها».
«الادكاش»
الأمر نفسه المتعلق بتقديم منتجات فريدة من نوعها واستثنائية توظفه الشركة الأولى، «وورلد جي إم إن»، التي يقول القائمون عليها إنها أقوى شركة للتسويق فى العالم، تعمل في مجال الاتصالات والتكنولوجيا. الشركة ذاتها تضيف كذلك أنها تمثل أقوى شركة للاستثمار في الطاقات المتجددة، وتمنح أرباحا يومية وأسبوعية وشهرية وسنوية لعملائها. وتنشط هذه الشركة في قطاعين رئيسيين هما حلول الطاقة البديلة وتكنولوجيا الهاتف النقال، والاتصالات، والإعلانات.
كما تبيع هذه الشركة هاتفا يحمل اسم وعلامة الشركة وكمبيوتر لوحي من الحجم الصغير، تقول إنها من إنتاجها الخاص وتقوم بتطويرها بمصانعها بالصين. وتوفر لعملائها عدة تطبيقات من أجل إجراء المكالمات الهاتفية عبر الإنترنيت «Voip» مقابل اشتراك شهري. إلا أن الخدمة التي تميز هذه الشركة، وتحرص بشكل كبير على تسخيرها بشكل فعال لجلب منخرطين جدد هي خدمة الإعلانات عبر الهاتف تحمل اسم «الادكاش»، وهو برنامج مجاني يتم تشغيله على الهواتف النقالة للمنخرطين بالشركة، وعند تلقي مكالمة أو إجراء اتصال أو بعث أو تلقي رسالة نصية قصيرة يتم عرض إشهار لأحد المنتجات، ويحصل صاحب الهاتف مقابل ذلك على تعويض مالي يصل 5 سنت (100 سنت يساوي دولارا واحدا).
كما تعرض الشركة نفسها على المنخرطين المحتملين المشاركة في مشروع استثماري، تقول إنه ضخم، من خلال اقتناء ألواح شمسية للمشاركة في مشروع «باور كلاودس» (Power clouds). وتتمثل هذه الفرصة الاستثمارية في شراء لوحة شمسية تصل طاقتها إلى 245 واط، وتأجيرها بعد ذلك لمدة تصل إلى 20 سنة، وتعد الشركة بأن يحصل المستثمرون على مداخيل مالية قارة طوال فترة الإيجار بأكملها، بناء على ربح سنوي قيمته 14 في المائة من قيمة الألواح الشمسية.
ما يجعل الشركتين متشابهتان وإن اختلفت المنتجات والخدمات هو النموذج الذي تعتمد عليه في التسويق. فكلتا الشركتين تعتمدان على ما تقولان، إنه نموذج التسويق الشبكي أو التسويق متعدد المستويات، الذي يصعب في حالات عدة التمييز بينه وبين نماذج أخرى من التسويق تجرمها قوانين جل دول العالم، وتعتمد على الطرق نفسها، ويتعلق الأمر تحديدا بالتسويق الهرمي ومخططات «بونزي». لا تشترط الشركتان أن يكون الشخص الجديد الراغب في ترويج منتجاتها خبيرا في التسويق، ولا أن يمتلك محلا تجاريا، بل تكفي معرفته لشخصين على الأقل ممن «يرغبون في كسب المزيد من المال وتحسين حياتهم». بعدها يتعين على المنخرط الجديد الشروع في بناء فريقه الخاص، يضم فريقا على اليمين وفريقا على اليسار. لكن قبل الشروع في بناء الفريق، يتعين على المنخرط اقتناء باقة للاشتراك. شركة «وورلد جي إم إن» توفر 3 أنواع من الاشتراكات، مع الإشارة إلى أن قيمة العمولات التي يتلقاها الوكيل التجاري تختلف حسب نوعية كل اشتراك. الاشتراك الأول يحمل اسم «الأفيليت» بقيمة 39 دولار، ويخول الربح فقط من خلال طريقة وحيدة، وهي الحصول على نسبة من الأرباح مقابل المنتجات التي ينجح الوكيل في بيعها. أما الاشتراك الثاني فهو اشتراك «الماستر» بقيمة 639 دولار، والاشتراك الثالث يحمل اسم «باور ماستر»، وتصل قيمته إلى 1539 دولار. تقترح هذه الشركة عشر طرق للربح، وترتفع قيمة الأرباح بناء على نوعية «الباك» الذي اختاره الممثل التجاري.
بدورها، تقترح شركة «كيونيت» نموذجا مماثلا في تقديم العمولات لوكلائها. وقسمت الشركة طريقة التسجيل والانضمام إليها إلى ثلاث مراحل، الأولى تتمثل في تلقي دعوة من أحد وكلاء الشركة من أجل الانضمام، الذي يمد المشترك الجديد برقم يستطيع من خلاله الولوج ضمن قائمة الانخراط. بعدها يتعين تقديم مبلغ يصل تقريبا إلى 100 درهم كرسوم للتسجيل، وفي المرحلة الأخيرة يتعين شراء أحد منتجات الشركة، على ألا تقل قيمة المشتريات عن حوالي 6000 درهم.
وبعد شراء أي منتج من الشركة يصبح المشترك المحتمل عضوا ومندوبا لدى الشركة، ويحصل على عمولة حسب عدد الأشخاص الذين سينجح مندوب الشركة في استقطابهم للعمل ضمن فريقه. وتشترط الشركة بعد ذلك لتفعيل الاشتراك ضرورة إحضار شخصين وإقناعهما بالانخراط في الشركة وشراء منتجاتها، مقابل حصول المنخرط الأول على عمولة تصل إلى 300 درهم عن كل شخص ينجح في إقناعه بالانخراط في العمل مع الشركة.
منتجات مشبوهة
مدون نشيط على مواقع التواصل الاجتماعي، قطع على نفسه العهد بالكشف عن الاحتيال الذي تمارسه هذه الشركات الدولية بالمغرب، وافق على الكشف عن ممارسات هذه الشركات عبر مدنا بمجموعة من الوثائق التي تمكن من جمعها وتثبت تورط تلك الشركات في ممارسات مشبوهة وخارجة عن القانون. هذا الأخير وافق على مدنا بتلك الوثائق مقابل عدم الكشف عن هويته «حتى لا يجلب على نفسه سخط بعض هذه الشركات» على حد تعبيره.
هذا المدون أوضح أن الملفات التي تمكن من تجميعها طوال عدة شهور من البحث تهم عددا من الشركات المتواجدة بعدة مدن مغربية وتمارس أنشطة «التسويق المباشر» أو «التسويق متعدد المستويات، كشركتي «كيونيت» و»وورلد جي إم إن» التي أكد أنها تمارس في واقع الأمر التسويق الهرمي المحظور. «ركزت في الأبحاث التي قمت بها على أنشطة شركة «كيونيت» ليس فحسب بسبب الاحتيال الذي تمارسه على طريقة رجل الأعمال الأمريكي «بيرنارند مادوف»، ولكن بسبب المنتجات المشبوهة التي تسوقها الشركة، وتقدمها على أساس أنها منتجات ل «الطاقة»، بما في ذلك مجموعة منتجات «أميزكوا» التي تضم منتوجات « Chi-pendant» و» Bio-Disc»، والتي تبيعها الشركة بثمن باهظ (يؤدي كل شخص يريد شراء أي منتوج أو خدمة من هذه الشركة في المتوسط 7000 درهم، كثمن للحصول على المنتوج والانخراط في الشركة»، يوضح المدون.
وبخصوص مصادره في الحصول على معلومات حول أنشطة تلك الشركات، أوضح هذا الأخير أنها «في الغالب ما تكون المعلومات التي يقوم بتجميعها من المواقع الرسمية لتلك الشركات، والفروع والمكاتب التي تنضوي تحتها، فضلا عن المعطيات التي يتم الحصول عليها من خلال اختراق المعطيات المتوفرة على حسابات بعض المجموعات على فيسبوك غير المتاحة لجميع المستخدمين. وفي بعض الحالات يمكن الحصول على معطيات حول أنشطة تلك الشركات انطلاقا من المصادر الحكومية الرسمية كالسجلات التجارية أو بعض المواقع الإلكترونية المحايدة»، يقول المدون الذي تحسر على غياب كتب ومراجع علمية كثيرة تمتاز بالجدية تتناول موضوع التسويق متعدد المستويات.
صعوبة أخرى في الكشف عن ألاعيب وحيل هذه الشركات تطرق إليها المدون، وقال إنها تتمثل في «شح في المعطيات والمعلومات التي تنتقد هذه المنظومة، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام هذه الشركات لإغراق الشبكة العنكبوتية بمعطيات ومعلومات مغلوطة من أجل التستر على أنشطة الاحتيال التي تمارسها».
وعن الشركات التي يقول إنها تمارس التسويق الهرمي بالمغرب يقول المدون «استطعت أن أحدد بمدينة الدار البيضاء بعض الشركات التي تمارس الاحتيال عن طريق التسويق الهرمي، وتلك الشركات هي Qnet (المسجلة تحت اسم Iednet بالمحكمة التجارية بالبيضاء)، و SMS Network، إضافة إلى Wor(l)d GMN. وهناك شركة أخرى تتخذ من العاصمة الرباط مقرا لها، وتحمل اسم Paris Mar Bijoux»»، قبل أن يستطرد، «الملاحظ هو أن هذه الشركات تمارس نوعا من التضليل من خلال تقديم معلومات مغلوطة وخاطئة. وتستغل هذه الشركات تلك المعلومات من أجل تقديم نفسها كشركات تمارس البيع المباشر والتسويق عبر العلاقات، وتحاول جاهدة بكل السبل دفع شبهة ممارسة التسويق الهرمي عنها»، يقول المدون. «فبالنسبة لأصحاب تلك الشركات، يكفي فقط بيع بعض المنتجات الحقيقية، حتى لا يقع تصنيفها ضمن خانة الاحتيال. في حين تعتمد تلك الشركات على عمليات الاستقطاب الكثيف لمنخرطين جدد، الذين يتوجب عليهم دفع قدر معين من المال تحدده الشركة قبل الاشتراك معها».
القانون المغربي، ومثل سائر قوانين دول العالم، يجرم عمليات التسويق الهرمي. ويحظر، في هذا الصدد، القانون رقم 31.08 الذي يحدد تدابير حماية المستهلك، والصادر بالجريدة الرسمية 7 أبريل 2011، كل أشكال البيع أو تقديم الخدمات بشكل هرمي. وتنص المادة 53 منه على التالي: « يمنع ما يلي: أولا، البيع بالشكل الهرمي أو بأية طريقة أخرى مماثلة يتعلق خاصة بعرض منتوجات أو سلع أو خدمات على المستهلك، مع إغرائه بالحصول على المنتوجات أو السلع أو الخدمات المذكورة بالمجان أو بسعر يقل عن قيمتها الحقيقية وبتعليق البيع على توظيف سندات أو تذاكر للغير أو على جمع اشتراكات أو تقييدات؛ ثانيا، اقتراح قيام مستهلك بجمع اشتراكات أو تقييد نفسه في قائمة مع إغرائه بالحصول على مكاسب مالية ناتجة عن تزايد هندسي لعدد الأشخاص المشتركين أو المقيدين».
هذا الوضوح في النص القانوني المغربي يتم التحايل عليه من خلال ادعاء شركات التسويق الهرمي أنها تمارس التسويق الشبكي أو التسويق متعدد المستويات.
ألاعيب كيونيت
في أحد النشرات الدعائية لشركة «كيونيت» تدعي هذه الأخيرة أن ملايين العملاء والممثلين المستقلين يستمتعون في أكثر من 100 بلد بمنتجاتها بكل الرضا، وهو ما يتعارض مع التقديم الرسمي على الموقع الإلكتروني للشركة، الذي يقول «يقع مقر شركة QNET الرئيسي في هونج كونج، كما أنها ممثلة بأكثر من 25 مكتبا ووكالة حول العالم، وأكثر من 50 موردا، هذا أيضا إلى جانب دعم شركات محلية وشركات مرخصة حول العالم».
هذه الشركة شكلت طيلة السنوات الأخيرة محط الكثير من الشبهات، ويرتبط اسمها بممارسة الاحتيال في عدد كبير من دول العالم، خصوصا فيما يتعلق بطبيعة المنتجات التي تعمل على تسويقها. فعلى سبيل المثال، تسوق الشركة ما تقول إنه مجموعة من الساعات والمجوهرات «الفاخرة» التي تحمل علامة «Bernhard H. Mayer»، التي تقول عنها «كيونيت» إنها علامة سويسرية مرموقة ظهرت منذ سنة 1871 في مدينة فورزهايم، مدينة الذهب الألمانية. غير أن البحث داخل المنتديات التي تندد بممارسة شركة «كيونيت» للاحتيال، يقود إلى اكتشاف كون هذه العلامة غير مدرجة ضمن العلامات السويسرية المرموقة لصناعة الساعات والمجوهرات، وبأن الأمر مجرد احتيال من شركة «كيونيت» التي تقوم بجلب تلك الساعات من الهند والصين، وهو ما يفيد بأن الشركة تقوم بتسويق سلع رخيصة وسيئة وتبيعها بمبالغ مالية كبيرة من أجل تسديد عمولات المنخرطين.
أما بخصوص مدى مصداقية ممارسة «كيونيت» لعملية التسويق الشبكي، فقد قامت كل الدول التي منعت وحظرت أنشطة هذه الشركة بالتأكيد على أنها تمارس عملية النصب المعروفة بالتسويق الهرمي. كما ذكرت العديد من الصحف العالمية والتقارير الصحفية المصورة والمنظمات الرسمية أن هذه الشركة تتبع النظام الهرمي في التسويق، كمنظمة البيع المباشر في إندونسيا، فضلا عن ذلك نشرت عدة صحف عالمية أخبار إغلاق مقرات الشركة وتجريمها، ونقلت للقارئ عمليات القبض على القائمين عليها بعد توجيه تهمة الاحتيال إليهم في العديد من الدول منها: الهند، وسيريلانكا، ونيبال، والفلبين، وإندونيسيا، ورواندا، وأفغانستان، وتركيا، وبوتان، وإيران، وسوريا. وبمصر، خرجت العديد من الأصوات للتنديد بممارسات هذه الشركة المشبوهة، مرفوقة بدعوات لإغلاق مقراتها واعتقال أصحابها، ووقف نزيف تهريب العملة الأجنبية إلى الخارج.
معلومات متضاربة
بدورها، تحيط العديد من الأمور المريبة بشركة «وورلد جي إم إن»، لصاحبها الإيطالي فابيو غالدي، حيث تقدم الشركة نفسها على أنها مسجلة ببورصات بعدة دول في العالم كنيويورك، ولندن، ولديها مكاتب بكل من إيرلندا، وروسيا، والصين، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وسنغافورة. أثناء البحث عن مدى حقيقة هذه الادعاءات وجدنا كما هائلا من المعلومات المتضاربة والمتناقضة أحيانا، فتارة تقدم المنشورات الرسمية للشركة على أنها مدرجة ببورصة لندن وتارة ببورصة نيويورك. الأمر نفسه ينطبق على مكتب الشركة بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تقدم ثلاثة عناوين مختلفة للمكتب نفسه، اثنان منها بمدينة نيويورك، والعنوان الثالث بولاية فلوريدا.
ولدى تعميق البحث وجدنا أن شركة «وورلد جي إم إن» مسجلة ببريطانيا تحت اسم «Mobile Network plc»، وبأنها متخصصة في الاتصالات وأنشطة شركات أخرى غير محددة، دون تحديد إن كانت تلك الأنشطة هي التسويق متعدد المستويات. كما سبق للشركة أن غيرت اسمها في مناسبتين، الأولى شهر أبريل من سنة 2013، والثانية في شهر شتنبر من السنة نفسها. كما تدعي الشركة نفسها أنها تلتزم بأعلى المعايير الأخلاقية. وكدليل على ذلك تقول الشركة إنها أصبحت في 22 يناير «لا تذكر السنة» عضوا في اتحاد سنغافورة للشركات «Singapore Business Federation»، إلا أن عملية التأكد من مدى حقيقة هذه العضوية ضمن قائمة الشركات ذات العضوية بهذا الاتحاد تؤدي إلى اكتشاف وجود شركة أخرى تنتمي لهذه المجموعة. هذه الشركة تحمل اسم «World Global Network» مسجلة تحت رقم 0051240.
الدليل الآخر الذي تعتمد عليه هذه الشركة في التأكيد على التزامها بأعلى المعايير الأخلاقية يتمثل في ادعائها العضوية بالجمعية الأمريكية للبيع المباشر «DSA». ولدى البحث في مدى صحة هذا الأمر، يتضح أن «وورلد جي إم إن» مازالت تنتظر موافقة الجمعية الأمريكية على انخراطها، وهو ما يمنح الشركة صفة «Pending Member» أو عضوية قيد الدراسة والمراجعة، غير أن عدم حصول هذه الشركة على العضوية ضمن هذه الجمعية المرموقة لم يمنعها من الادعاء بكونها «تراقب وتشارك كل بنود مدونة قواعد الأخلاقيات الخاصة بجمعية البيع المباشر (DSA)، في جميع نشراتها التسويقية. كما أن الشركة نفسها تدعي العضوية بهذه الجمعية من خلال التحايل على المشتركين العرب من خلال استغلال عدم فهم بعضهم لمعنى عبارة «Pending Member»، والتحايل من خلال خلط بين هذه العبارة وصفة العضوية الكاملة.
أكثر من ذلك، لدى تعميق البحث يتضح أن شركة «وورلد جي إم إن» قدمت طلب الانضمام لهذه الجمعية بصفتها شركة متخصصة في تقديم خدمات الاتصالات، وهو ما يتنافى مع النشاط الحقيقي للشركة، المتعلق أساسا بالتسويق الشبكي، حسب ما تدعي، وهو المجال الذي تنشط به الشركات ذات العضوية ضمن الجمعية الأمريكية للبيع المباشر.
كما أن البحث عن طبيعة الأنشطة التي تتخصص فيها شركة «وورلد جي إم إن» تشير إلى كون «وارلد جي إم إن» متخصصة في التكنولوجيا والاتصالات فقط. وعكس ادعاء الشركة بأنها تقوم بالاستثمار في الطاقات المتجددة، فهي لا تقوم بذلك إلا من خلال عقد شراكة يربطها بشركة أخرى تحمل اسم «باور كلاود»، المختصة فعليا في الاستثمار في الألواح الشمسية، والتي واجهت هي الأخرى صعوبات كبيرة في تسويق فكرة الاستثمار في الألواح الشمسية، وتحيط شبهات كثيرة حولها، سيما مدى مصداقية العائدات المالية بالنسبة للمستثمرين.
بحث دائم
توجد الكثير من المواقع الإلكترونية التي تسعى جاهدة إلى كشف ألاعيب وحيل الشركات التي تستغل التسويق الشبكي كذريعة من أجل ممارسة التسويق الهرمي. أحد تلك المواقع قدم تقييما شاملا لأنشطة شركة «وورلد جي إم إن» وخلص إلى كون هذه الشركة تمارس التسويق الهرمي، وتستغل سلسلة المنتجات والخدمات التي تقدمها للمشتركين لإخفاء ذلك.
وحسب موقع « behindmlm.com» فإن المنتجات والخدمات التي تعمل شركة «وورلد جي إم إن» على تسويقها لا تطرح أي مشاكل في الشق المتعلق بالبيع بالتجزئة. هذا بالنسبة للمنتجات، أما بالنسبة للاشتراك وجلب منخرطين جدد فهنا تطرح علامات استفهام كبرى، حسب القائمين على الموقع. «من الصعب جدا نفي قيام الشركة بممارسة الاحتيال الهرمي فيما يتعلق ببحثها الدائم عن منخرطين جدد»، يوضح تقرير الموقع الإلكتروني، المتاح باللغة الإنجليزية فقط. التقرير ذاته يضيف أن «العمولات التي يتلقاها الأشخاص مقابل جلب منخرطين جدد تندرج فعليا ضمن مخططات التسويق الهرمي. بعد إتمام عملية الاشتراك، يحدد المبلغ الذي قدمته كمقابل من أجل الاشتراك حجم العمولات التي أستطيع تحقيقها من خلال القيام بتوظيف أشخاص جدد، وكلما زاد حجم الأموال التي يستثمرها المنخرطون الجدد الذين أنجح في استقطابهم، فذلك سيؤدي مباشرة إلى توصلي بعمولات أكبر».
وبخصوص تطبيق «ادكاش»، أبرز الموقع نفسه أن هذا التطبيق مرتبط أساسا بالإشهار، ويظل الأمر المحير المحيط بهذا التطبيق هو الكيفية التي ستستطيع الشركة من خلالها الالتزام بتنفيذ وعودها بتقديم دولار واحد في كل شهر من خلال قيام المشترك باستخدام التطبيق على هاتفه. وحسب التقرير لا يمكن بأي حال ضمان تنفيذ هذا الوعد لأن عالم الإشهار غير قار ويمكن أن يتغير في أي لحظة.
أما بخصوص الاستثمار في الطاقات البديلة عبر اقتناء الألواح الشمسية وتأجيرها، أوضح موقع « behindmlm.com» بأن الكثير من الشكوك تحوم حول استغلال الشركة للألواح الشمسية في تنفيذ مخطط التسويق الهرمي. بداية أوضح تقرير الموقع بأن الاستثمار في هذه الألواح متاح فقط عند اقتناء باك «ماستر» أو باك «ماستر باور». كما أوضح أن شركة «وورلد جي إم إن» تحصل على 240 دولار سنويا مقابل القيام بتأجير الألواح التي اقتناها المنخرطون، علما أن الشركة تؤدي عمولات متفاوتة تختلف حسب المستوى الذي استطاع المنخرط الوصول إليه في الهرم، وتهم تلك العمولات، تقديم مقابل مادي مباشر عن كل شخص يتم استقطابه يقوم بالاستثمار بدوره في الألواح، ومقابل مادي غير مباشر ناجم عن الأرباح السنوية.
هذا الأمر بالتحديد، يجعل الاستثمار في الألواح الشمسية مخططا للتسويق الهرمي. وعن هذا الأمر يقول تقرير الموقع: «يشير هذا الأمر بوضوح تام إلى عملية القيام بتوزيع أموال المنخرطين الجدد على المنخرطين الأقدم الذين تمكنوا من استقطابهم، مع تقسيم ما تبقى على المشتركين القدامى في أعلى سلسلة الهرم الذين قاموا باقتناء الألواح الشمسية».
تحكي «سعاد.ب»، طالبة جامعية تقيم بمدينة الرباط، كيف حاولت إنهاء اشتراكها بعدما وقعت في شباك هذه الشركات العابرة للقارات. هذه الطالبة التي أكدت لنا أثناء إنجاز التحقيق بأنها تبحث عن مشتري للألواح الشمسية التي اقتنتها نددت بشكل صريح بما تقوم به الشركة قائلة: «»وورلد ج إم إن» هي شركة متخصصة في بيع الأوهام والأحلام لكي تصبح مليونيرا في أسبوع، أو في شهر على أبعد تقدير، وإن تعذر عليك ذلك ستصبح مليونيرا في سنة»، قبل أن تضيف، «فعلا نظام شركة وورلد سيء جدا جدا. نظام فريق اليمين واليسار والربح على الجهة الضعيفة. هذه خطة حقيرة من الشركة لكي تربح على ظهور المستضعفين. ثم بالنسبة للاستثمار تعطيك 14 دولارا في الشهر على استثمار قيمته 1839 دولارا».
أما الأسباب الحقيقية التي دفعت هذه الطالبة لمغادرة الشركة، فتتمثل حسبها في نموذج التسويق الذي تمارسه هذه الشركة «حرام بدليل جميع العلماء»، في إشارة منها إلى التسويق الهرمي، و»ثانيا، لأن ربحك ينبني على خسارة الآخرين، يعني القاعدة تخسر لتربح القمة». كما عرضت علينا زيارة موقع «يوتيوب» وإدخال جملة «حكم التسويق الشبكي»، من أجل الاطلاع أكثر.
«محمد.ح» من مدينة القنيطرة، ضحية آخر سابق للشركة نفسها، اختار الحديث بنبرة واثقة، موضحا أن الأشخاص الذين استطاعوا تحقيق مكاسب مالية كبيرة من الشركة هم أولئك الذين انخرطوا قبل ثلاث سنوات في العمل لديها. «إذا بغيتي دير لاباس خاصك تكون دخلتي في 2011 ما شي تال دابا..دابا الناس عاقو»، يقول بنبرة متفائلة.
هذا الأخير أكد لنا أن تجربته مع «وورلد جي إم إن»، لم تجعله يتوقف عن ممارسة التسويق الشبكي، بعدما اختار الانضمام لشركة عالمية أخرى، رفض الكشف عن اسمها، تمارس هذا النشاط التجاري بالمغرب. «هي منظومة تقوم على بنية مزدوجة « système binaire » وتستفيد منها فقط أقلية من الأشخاص»، في إشارة من هذا الأخير إلى مساوئ التسويق الهرمي، الذي يستفيد منه أصحاب الشركة وشبكة المنخرطين الأقدم، الذين نجحوا في البقاء في مستويات عالية من الهرم. وعن طبيعة أنشطة «وورلد جي إم إن»، أكد محمد انطلاقا من تجربته الشخصية أنه توجد «فعلا عملية نصب، ولكنها لا تتم بين الأشخاص بل تمارسها الشركة، بصفتها المستفيد الوحيد من عملية النصب».
«شركة وورلد ظهرت في العام 2011 وشرعت في ممارسة أنشطتها برأسمال ضعيف، واستطاعت من خلال الانخراطات تحقيق أرباح كثيرة. التجربة التي اكتسبتها من خلال الاشتغال مع هذه الشركة والأرباح التي تمكنت من تحقيقها من خلال الاشتغال معها تجعلني أعرف جيدا طريقة اشتغالها، وأنصح بتجنب الاشتغال معها»، يوضح محمد قبل أن يضيف: «من يتحمل المسؤولية ليس تلك الشركات، فهي لم تجبر أي أحد على الانخراط في أنشطتها. يتعين على التفكير مليا قبل الانخراط».
الاحتيال الهرمي
يعتبر مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي مخططات «بونزي» والتسويق الهرمي من بين «مخططات الاحتيال الشائعة»، ووضع شرحا مقتضبا لهذه الطرق في الاحتيال على صفحة تحذيرية خاصة تعرض بعضا من الحيل الأكثر شيوعا التي يحقق مكتب التحقيقات الفدرالي فيها، فضلا عن بعض النصائح للمساعدة في عدم الوقوع ضحية لأعمال النصب والاحتيال.
ووضع المكتب الأمريكي مخططات «بونزي» والتسويق الهرمي من بين أشكال الاحتيال المرتبطة بالفرص الاستثمارية، ويحذر من كون الأشخاص والشركات التي تعتمد على مخططات «بونزي» تعد الضحايا بعائدات مالية جد كبيرة أو أرباح غير متاحة من خلال الاستثمارات المالية المعتادة.
ولدى البحث عن الطرق التي تلجأ إليها شركات عالمية لممارسة الاحتيال الهرمي بعيدا عن المتابعة القضائية، وجدنا أنها تهم في الغالب بيع منتجات أو خدمات لا يمكن أن تلاقي النجاح في ظل ظروف التسويق المعتادة، وتقديم تعويضات مالية للأشخاص من خلال جلب منخرطين جدد عبر إقناعهم بشراء منتجات غير موجودة أو عديمة القيمة. وحسب مواقع إلكترونية سعت إلى توضيح ممارسات هذه الشركة، فإن الأشخاص الذين يسهرون على تنفيذ التسويق الهرمي يقدمون ما يقومون به على أساس أن شركتهم تشتغل وفق التسويق متعدد المستويات، الذي يمنح الفرصة لتحقيق مكاسب مالية كبيرة بدون وجود أي مخاطر لفقدان الرأسمال.
احتيال أصحاب التسويق الهرمي في الخلط بين هذا النوع من التحايل مع التسويق متعدد المستويات ينبع من التشابه الكبير بينهما. فالشركات التي تستغل التسويق متعدد المستويات لترويج منتجاتها تعتمد كذلك على مبدأ قريب من التسويق الهرمي، وهو السبب الرئيس الذي يخلق الكثير من الخلط والتشويش، غير أن ذلك لا يلغي وجود اختلافين جوهريين بينهما.
الاختلاف الأول هو أن المشتركين في التسويق متعدد المستويات في وسعهم من الناحية النظرية، وبغض النظر عن المستوى الذي تمكنوا من الوصول إليه، تحقيق دخل مادي من خلال بيع منتجات وخدمات الشركة التي يشتغلون لفائدتها من دون اللجوء إلى جلب مشتركين جدد. أما الاختلاف الثاني فهو أن الأعضاء ضمن بنية التسويق متعدد المستويات في وسعهم تحقيق ربح مادي يفوق الربح الذي يحققه الأشخاص الذين نجحوا بإقناعهم بفكرة الانضمام...
أما بالنسبة لمخططات التسويق الهرمي فيتعين على كل منخرط جديد أن يؤدي إما رسوما للتسجيل كعميل لدى الشريك أو اقتناء منتجات الشركة، التي يتم في الغالب تقديمها كباقة شاملة. بعدها يطلب من المنخرط الجديد القيام بإقناع أصدقائه ومعارفه وأفراد عائلته بضرورة الانخراط في هذا الشكل المستجد من التسويق و»الواعد». وإذا نجح المنخرط الجديد في القيام بذلك، يحصل على عمولة مالية انطلاقا من الأموال التي أداها الأشخاص الذين نجح في استقطابهم. يأتي الدور بعد ذلك على هؤلاء المنخرطين من أجل البحث عن منخرطين آخرين من أجل استمرار وجود الهرم.
تحظر قوانين كل دول العالم عمليات التسويق الهرمي بما أنها لا تحقق أي مداخيل مالية ولا تعطي أي ضمانات لإعادة الأموال لأصحابها في حالة الإفلاس، ولأنه لا يتم استثمار الأموال التي يؤديها المنخرطون في تطوير أي منتجات، بما أنه يتم ببساطة تقديم الأموال المحصلة من الانخراطات الجديدة كعمولات للأشخاص ضمن السلسلة العليا من الهرم. كما أن بنية الهرم تجعل فئة قليلة من المحتالين في أعلى الهرم يجننون معظم الأرباح، فيما يفقد الأشخاص في أسفل قاعدة الهرم كل أموالهم بما أنهم جاءوا متأخرين.
«فاضل م» موظف في القطاع الخاص وبحكم إجادته للغة الإنجليزية وعلاقته بعدد من أصدقائه الذين استطاعوا تحقيق مداخيل مالية مهمة من خلال التسويق الشبكي، ظل دائما يفكر في الانخراط في إحدى شركات التسويق الشبكي. «أعرف صديقا لي يحقق الآن مدخولا شهريا كبير جدا بعدما اختار منذ سنة 2007 الانخراط في التسويق الشبكي مع شركة متخصصة في مستخلصات الصبار. منذ ذلك الحين وأنا تراودني فكرة الاستثمار في هذا النموذج من التسويق، بالنظر للنجاح الكبير الذي حققه صديقي». يقول فاضل. «شاءت الصدف أن ألتقي بزميل في الدراسة شهر مارس الماضي. عرض علي هذا الأخير الاشتراك في فرصة استثمارية جد واعدة، وقال لي بالحرف هل تعتقد أن أجرتك الشهرية ستكفيك طول حياتك. انضم معنا لهذه الشركة». الشركة التي يتحدث عنها فاضل هي «وورلد جي إم إن». بعد اقتناع هذا الأخير بالمزايا الكثيرة التي يتيحها الاستثمار في الشركة، أكد لنا هذا الأخير أن ما أثار انتباهه هو السعر المرتفع للهاتف والكمبيوتر اللوحي الذي تبيعه الشركة. «بعد أيام على لقائي مع زميل الدراسة، ظل سعر الهاتف والتابليت المرتفع جدا يشغل بالي ما دفعني للقيام بالبحث على الشبكة العنكبوتية عن هوية هذه الشركة وطبيعة الأنشطة التي تقوم بها. البحث قادني إلى التعرف عن قرب على مصطلحات جديدة ك «التسويق الشبكي» و»التسويق المتعدد المستويات». إلا أنني عثرت كذلك على مصطلح «التسويق الهرمي»، ووجدت كما هائلا من التحذيرات بشأن طرق الاحتيال عن طريق التسويق الهرمي. وبعد تعمق في البحث عثرت على شهادات أشخاص يحذرون من التعامل مع شركة «وورلد» لأنها تمارس التسويق الهرمي، وبالتالي توقفت عند هذا الحد، وقررت عدم تسليم مالي الخاص لهم على طبق من ذهب وبرضاي التام».
هذا الحذر هو الذي يعوز الأشخاص الذين تسعى هذه الشركات العالمية لاستقطابهم، مستغلة في ذلك ما تتيحه العولمة والتواصل من إمكانيات للإطاحة بالمغاربة في فخ النصب والاحتيال. وبالعودة إلى التحذيرات التي أطلقها ضحايا هذه الشركات والمواقع المختصة، والنشطاء، ينصح هؤلاء بتجنب السقوط ضحية للطمع لأنه في اللحظة التي تنسف فيها أسس البينة الهرمية بسبب عدم القدرة على جلب منخرطين جدد، سيكون مصير الأشخاص المتواجدين بقاعدة الهرم هو فقدان جميع أموالهم، لأن سلسلة المنخرطين الجدد الذين كان يعول عليهم في تقديم العمولات للمنخرطين الأقدم قد اختفت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.