الإلترات.. بهجة ودم

عاشت ‬الليغا ‬الإسبانية ‬يوما ‬حزينا ‬الأسبوع ‬الماضي، ‬فقد ‬لقي ‬مشجع ‬لفريق ‬ديبورتيفو ‬لاكورونيا ‬لكرة ‬القدم ‬مصرعه ‬بعد ‬أن ‬تم ‬قتله ‬عن ‬سبق ‬إصرار ‬وترصد ‬من ‬طرف ‬إلتراس ‬أتلتيكو ‬مدريد، ‬حيث ‬ألقي ‬به ‬في ‬نهر ‬لإخفاء ‬معالم ‬الجريمة ‬التي ‬تم ‬التخطيط ‬لها ‬بشكل ‬مسبق.‬
قامت ‬الدنيا ‬ولم ‬تقعد ‬في ‬إسبانيا، ‬لأن ‬أرواح ‬البشر ‬هناك ‬لا ‬ثمن ‬لها، ‬وخرج ‬كثيرون ‬ليقولوا ‬إن ‬ما ‬يحدث ‬يعد ‬اغتيالا ‬لكرة ‬القدم، ‬وهزيمة ‬لها، ‬وغيرها ‬من ‬عناوين ‬لا ‬يمكن ‬إلا ‬أن ‬تصب ‬في ‬خانة ‬الشجب ‬ودق ‬ناقوس ‬الخطر ‬والتحذير ‬من ‬القادم.‬
ما ‬حدث ‬في ‬إسبانيا، ‬حيث ‬أدى ‬التعصب ‬إلى ‬مصرع ‬مشجع ‬لفريق ‬ديبورتيفو ‬لاكورونيا ‬يبلغ ‬من ‬العمر ‬49 ‬سنة، ‬وأب ‬لطفلين، ‬يثير ‬الكثير ‬من ‬القلق، ‬لكنه ‬يدفعنا ‬بلا ‬شك ‬إلى ‬وضع ‬ظاهرة ‬الإلتراس ‬تحت ‬المجهر، ‬ووضع ‬إسقاطات ‬على ‬ما ‬يحدث ‬في ‬المغرب.‬
لقد ‬أصبح ‬للإلتراس ‬حضور ‬قوي ‬في ‬كرة ‬القدم، ‬بل ‬إنهم ‬أصبحوا ‬أحد ‬صانعي ‬الفرجة ‬بما ‬يقدمونه ‬من ‬إبداع ‬ومن ‬صور ‬رائعة، ‬عبر ‬التيفوات ‬وعبر ‬الأناشيد ‬والشعارات ‬الحماسية ‬التي ‬تدفع ‬اللاعبين ‬لتقديم ‬العطاء، ‬لكن ‬في ‬الوقت ‬نفسه ‬فإن ‬بعض ‬صانعي ‬الفرجة ‬هؤلاء ‬يمكن ‬أن ‬يتحولوا ‬إلى ‬صناع ‬للفتنة ‬والدم، ‬وقد ‬تابعنا ‬في ‬بطولتنا ‬الكثير ‬من ‬أحداث ‬الشغب ‬التي ‬ألقت ‬بظلالها ‬السوداء، ‬فأحداث ‬الخميس ‬الأسود ‬مازالت ‬عالقة ‬في ‬الأذهان، ‬ومصرع ‬مشجع ‬للمغرب ‬التطواني ‬بالقنيطرة ‬يمثل ‬نقطة ‬سواد، ‬ناهيك ‬عن ‬الكثير ‬من ‬المشجعين ‬الذين ‬فقدوا ‬أرواحهم ‬بسبب ‬الشغب ‬والاحتقان ‬والتعصب.‬
إن ‬ظاهرة ‬الإلتراس ‬كما ‬أن ‬لها ‬إيجابيتها ‬فإن ‬لها ‬سلبياتها، ‬علما ‬أن ‬التحول ‬من ‬صناعة ‬الفرجة ‬إلى ‬زرع ‬الدمار ‬يفرض ‬طرح ‬الكثير ‬من ‬الأسئلة ‬والبحث ‬عن ‬الأسباب ‬ومسببات ‬هذا ‬التناقض، ‬أما ‬الأهم ‬بالنسبة ‬لنا ‬في ‬المغرب ‬فهو ‬أن ‬نأخذ ‬من ‬الظاهرة ‬إيجابياتها ‬ويتم ‬إبعاد ‬السلبيات، ‬وهو ‬ما ‬لن ‬يتأتى ‬إلا ‬بفهم ‬عميق ‬للظاهرة، ‬التي ‬تحولت ‬إلى ‬عقيدة ‬لدى ‬بعض ‬الشباب ‬الذين ‬يؤمنون ‬بمبادئ ‬الإلتراس ‬بشكل ‬أعمى، ‬مع ‬أنه ‬من ‬الممكن ‬‮«‬مغربة‮»‬ ‬الظاهرة.‬
مؤخرا ‬لم ‬يتردد ‬أحد ‬المنتمين ‬لإحدى ‬إلترات ‬الرجاء ‬في ‬الإدلاء ‬بتصريح ‬صحفي ‬قال ‬من ‬خلاله ‬إنه ‬يرفض ‬أي ‬تقارب ‬بين ‬الرجاء ‬والوداد، ‬لأن ‬الكرة ‬بحسبه ‬قائمة ‬على ‬التنافس، ‬لكن ‬الرجل ‬نسي ‬أن ‬التقارب ‬لا ‬يمنع ‬التنافس ‬وأن ‬الاتفاق ‬على ‬أرضية ‬مشتركة ‬لنبذ ‬الشغب ‬وعنف ‬الملاعب ‬أمر ‬إيجابي، ‬وأن ‬بعض ‬قائدي ‬الإلترات ‬ممن ‬لا ‬مبادئ ‬لهم ‬يغتنون ‬من ‬خلال ‬زرع ‬التفرقة.‬
في ‬النهاية ‬الإلترات ‬إحدى ‬أدوات ‬التشجيع ‬والفرجة، ‬وإذا ‬حاذت ‬عن ‬جادة ‬الصواب، ‬فإننا ‬لسنا ‬مستعدين ‬دائما ‬لدفع ‬الثمن ‬غاليا.‬