خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    مركز إيواء يستقبل مشرّدي المحمدية    "بنك المغرب" يراجع فوائد القروض ويحضّر لتغيير طريقة التحكم في الأسعار ابتداء من 2026    كأس إفريقيا 2025: بطاقة ب50 درهما وتخفيض 30% وبرنامج قطارات خاص للجماهير    سلطات الحوز ترفع حالة التأهب القصوى لمواجهة موجة البرد والثلوج    التساقطات الثلجية والأمطار تدفع وزارة التجهيز إلى استنفار فرقها لضمان سلامة حركة السير    موجة البرد القارس: مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق عملية دعم لفائدة 73 ألف أسرة في 28 إقليما    تعبئة شاملة بشيشاوة لدعم القطاع الصحي    عوامل مناخية وراء التقلبات الجوية التي يعرفها المغرب: "لانينيا" تُضعف المرتفع الأزوري والاحتباس الحراري يُكثّف التساقطات    إسبانيا تعتمد مسيّرة بحرية متطورة لتعزيز مراقبة مضيق جبل طارق    نقد مقولة "استنفاد التجربة": في تقييم حزب العدالة والتنمية ومنطق الإنهاء السياسي        بونو: "الأسود" متحمسون ل"الكان"    رصيف الصحافة: مباريات كأس إفريقيا تمدد أوقات إغلاق المقاهي والمطاعم    توقعات بأرقام قياسية في "الكان"    المغرب يفعّل لجان اليقظة لمواجهة التقلبات المناخية    تمديد تعليق الدراسة في شفشاون    الدوزي ينسحب من أغنية كأس إفريقيا    "التجاري وفا بنك" يستحوذ على 45 في المائة من الاكتتابات في "SGTM"    بنك المغرب يبقي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في 2,25 في المائة    وزارة التجهيز والماء تعبئ إمكانياتها لإزالة الثلوج وضمان حركة السير بعد اضطرابات جوية    تماثل للشفاء    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى ملك مملكة البحرين بمناسبة العيد الوطني لبلاده    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    هيئات تطالب الحكومة بإعلان مدينة آسفي منطقة منكوبة وتعويض المتضررين وإنصاف الضحايا    بنكيران: تلقيت تعويضا بقيمة 100 مليون سنتيم بعد إعفائي من تشكيل الحكومة    بنك المغرب: وقع تسجيل نمو اقتصادي بنسبة 5 في المائة سنة 2025    الحكم على نادي باريس سان جرمان بدفع 61 مليون أورو لفائدة مبابي كمكافآت ورواتب غير مدفوعة    دعوات لإعلان آسفي منطقة منكوبة    ترامب يطالب BBC ب10 مليارات دولار تعويضاً عن تهمة التشهير    التربية في صلب أولوياتها…الصين ترسم معالم تنشئة أخلاقية جديدة للأطفال        بطولة "الفوتسال" تتوقف بالمغرب    بوساطة مغربية... الأمم المتحدة تعيد إطلاق حوار ليبيا السياسي    مسلحون يقتلون 3 أمنيين في إيران    ال"كاف" تطلق دليل "كان المغرب 2025"    أبرز أحزاب المعارضة الكولومبية يرشح مؤيدة لترامب لانتخابات 2026 الرئاسية    أبرز عشرة أحداث شهدها العالم في العام 2025    تراجع أسعار النفط في ظل توقعات بتسجيل فائض في سنة 2026    أخنوش: إصلاح الصفقات العمومية رافعة لتمكين المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز تنافسيتها    إحباط مخطط إرهابي خطير كان يستهدف لوس أنجلوس في ليلة رأس السنة    الإعلام الفرنسي يرشّح المغرب للتتويج بكأس إفريقيا 2025    الرواية المغربية "في متاهات الأستاذ ف.ن." ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2026    فاس تحتظن الدورة ال13 لأيام التواصل السينمائي    دورة ناجحة للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بمكناس    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسؤولية الدولة والجماعات الترابية عن الأضرار الناجمة عن الفيضانات.. «وجهة نظر قانونية»
نشر في المساء يوم 18 - 12 - 2014


‬عبد ‬المالك ‬زعزاع
في ‬ملف ‬إداري ‬آخر، ‬سار ‬العمل ‬القضائي ‬في ‬نفس ‬الاتجاه، ‬وهذه ‬المرة ‬بدرجة ‬أعلى ‬أمام ‬الغرفة ‬الإدارية ‬بالمجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض ‬حاليا)‬، ‬وبالضبط ‬في ‬القرار ‬عدد ‬935 ‬بتاريخ ‬04/‬12/‬2005 ‬في ‬الملف ‬الإداري ‬عدد ‬461 ‬بتاريخ ‬4/‬1/‬2002.‬
لذلك، ‬فالمسؤولية ‬قائمة ‬على ‬أساس ‬الخطإ ‬المصلحي ‬الموجب ‬للتعويض، ‬ويمكن ‬قيامه ‬أيضا ‬على ‬أساس ‬نظرية ‬المخاطر.‬
3 - ‬المسؤولية ‬على ‬أساس ‬نظرية ‬المخاطر:‬ ‬فأساس ‬مسؤولية ‬الدولة ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬هو ‬نظرية ‬المخاطر، ‬ويلزم ‬المدعي ‬بإثبات ‬خطإ ‬الدولة ‬أو ‬الجماعات، ‬والعمل ‬القضائي ‬الإداري ‬جاء ‬صريحا ‬فقال ‬بوضوح ‬في ‬هذا ‬المجال: "‬حيث ‬إن ‬الحادثة ‬التي ‬وقعت ‬للضحية، ‬والمتمثلة ‬في ‬سقوطه ‬في ‬الوادي ‬نتيجة ‬انجراف ‬التربة ‬وانقطاع ‬الطريق، ‬أودت ‬بحياته ‬حسب ‬محضر ‬الضابطة ‬القضائية ‬والشواهد ‬الطبية ‬المدلى ‬بها، ‬مما ‬ألحق ‬ضررا ‬بالجهة ‬المدعية ‬تمثل ‬في ‬هلاك ‬مورثها". ‬وعلل ‬القاضي ‬حكمه ‬بقوله: "‬حيث ‬إن ‬عدم ‬قيام ‬الإدارة ‬بوضع ‬علامات ‬وإشارات ‬تدل ‬على ‬قطع ‬الطريق ‬التي ‬تعتبر ‬من ‬الأملاك ‬العامة ‬طبقا ‬لظهير ‬01/‬07/‬1914 ‬يعتبر ‬خطأ ‬مصلحيا ‬من ‬شأنه ‬قيام ‬مسؤولية ‬الدولة ‬تجاه ‬ما ‬يصيب ‬الغير ‬من ‬أضرار ‬ناتجة ‬عن ‬ذلك، ‬وبذلك ‬تكون ‬مسؤولية ‬الدولة ‬ثابتة".‬
وفي ‬قرار ‬آخر ‬للمجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض ‬حاليا)‬، ‬وهو ‬القرار ‬عدد ‬82/‬60 ‬بتاريخ ‬07/‬05/‬1960، ‬يثبت ‬هذا ‬العمل ‬القضائي ‬مسؤولية ‬الدولة ‬عند ‬عدم ‬صيانتها ‬للمنشآت ‬العمومية، ‬مثل ‬ما ‬حصل ‬بالنسبة ‬إلى ‬القناطر ‬والطرق ‬وعموم ‬المنشآت ‬التي ‬تضررت ‬بفعل ‬الفيضانات ‬الأخيرة ‬نتيجة ‬عدم ‬الصيانة، ‬وخاصة ‬ما ‬تعلق ‬بحالة ‬الطرق ‬في ‬هذه ‬النازلة، ‬حيث ‬جاء ‬في ‬القرار ‬المذكور "‬إذا ‬أثبت ‬مستعمل ‬الطريق -‬سائق ‬السيارة- ‬أن ‬الضرر ‬الذي ‬حصل ‬له ‬كان ‬بسبب ‬عدم ‬الصيانة ‬العادية ‬لذلك ‬الطريق، ‬فلا ‬يمكن ‬إعفاء ‬الإدارة ‬من ‬مسؤوليتها ‬عن ‬سوء ‬حالة ‬المنشأة ‬المذكورة ‬إلا ‬إذا ‬أثبت ‬خطأ ‬المتضرر ‬وأنها (‬الإدارة) ‬قامت ‬بكل ‬الاحتياطات ‬لتلافي ‬كل ‬حادث، ‬سواء ‬في ‬ما ‬يخص ‬قيامها ‬بأعمال ‬الصيانة ‬أو ‬وضع ‬إشارة ‬التنبيه ‬إلى ‬سوء ‬حالة ‬الطريق".‬
ويمكن ‬لكل ‬سكان ‬المدن ‬الذين ‬تضررت ‬منازلهم، ‬نتيجة ‬عدم ‬وجود ‬قنوات ‬للصرف ‬الصحي، ‬وكذا ‬عدم ‬صيانتها، ‬أن ‬يدفعوا ‬دعاوى ‬في ‬مواجهة ‬الجهة ‬المسؤولة ‬عن ‬ذلك.‬
هذا ‬القرار ‬القضائي ‬عمل ‬قضائي ‬متميز ‬بشأن ‬قضية ‬البنية ‬التحتية ‬المهترئة ‬في ‬بلادنا ‬بفعل ‬عدم ‬الصيانة ‬وعدم ‬التتبع ‬والمراقبة.‬
وفي ‬قرار ‬آخر، ‬واضح ‬لا ‬غبار ‬عليه، ‬ذهب ‬المجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض) ‬إلى ‬تبيان ‬فكرة ‬مهمة ‬في ‬المناقشة ‬القانونية، ‬وهي ‬أن ‬مسؤولية ‬الدولة ‬ثابتة ‬عن ‬تسيير ‬إدارتها ‬حتى ‬ولو ‬عند ‬عدم ‬ثبوت ‬أي ‬خطإ ‬من ‬جانبها ‬استنادا ‬إلى ‬فكرة ‬المخاطر ‬الناتجة ‬عن ‬استعمال ‬خطير ‬كالسيارة ‬ونحوها؛ ‬وهو ‬القرار ‬عدد ‬10 ‬بتاريخ ‬14/‬01/‬1993 ‬في ‬الملف ‬الإداري ‬عدد ‬10180/‬91 ‬منشورات ‬المجلس ‬الأعلى ‬1958-‬1997 ‬الصفحة ‬229.‬
إذا ‬كان ‬قد ‬ثبت ‬في ‬حق ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬أنها ‬مسؤولة ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬وثبت ‬وجود ‬مواطنين ‬متضررين ‬بفعل ‬الإهمال ‬وبفعل ‬عدم ‬الصيانة ‬للطرق ‬وعدم ‬المراقبة ‬للقناطر ‬وغياب ‬التشوير ‬المتعلق ‬بالطرق ‬المقطوعة ‬التي ‬غمرتها ‬المياه، ‬فإن ‬المتضررين ‬لهم ‬الحق ‬في ‬اللجوء ‬إلى ‬المحكمة ‬المختصة ‬للمطالبة ‬بالتعويض.‬
4 - ‬ما ‬هي ‬الجهة ‬المختصة ‬لرفع ‬مثل ‬هذه ‬الدعاوى:‬ ‬إن ‬المحكمة ‬المختصة ‬في ‬رفع ‬الدعاوى ‬في ‬مواجهة ‬الإدارة ‬هي ‬المحكمة ‬الإدارية ‬التابعِ ‬لنفوذها ‬مكانُ ‬وقوع ‬الحادثة ‬بالنسبة ‬إلى ‬الجماعات ‬الترابية ‬ومقر ‬الإدارة، ‬محليا ‬أو ‬مركزيا، ‬حسب ‬الجهة ‬المدعى ‬عليها، ‬تطبيقا ‬لقواعد ‬المسطرة ‬المدنية ‬والإجراءات ‬الشكلية ‬الواردة ‬في ‬القانون ‬المحدثة ‬بموجبه ‬المحاكم ‬الإدارية، ‬وكذا ‬قواعد ‬الموضوع، ‬وخاصة ‬الفصل ‬8 ‬من ‬القانون ‬المذكور، ‬القانون ‬41.‬91، ‬الذي ‬يستشف ‬منه ‬أن ‬الأضرار ‬التي ‬تسببها ‬أعمال ‬ونشاطات ‬القانون ‬العام ‬تكون ‬مسؤولة ‬عن ‬تعويضها.‬
وقد ‬أبان ‬القضاء ‬الإداري ‬المغربي، ‬بجدارة ‬واستحقاق، ‬عن ‬كفاءته ‬وقدرته ‬على ‬الإبداع ‬والتطور ‬في ‬خلق ‬عمل ‬قضائي ‬متميز ‬يتصدى ‬لتملص ‬أشخاص ‬القانون ‬العام، ‬بمن ‬فيهم ‬الدولة، ‬من ‬التعويضات ‬عن ‬الأضرار ‬التي ‬تسببها ‬الكوارث ‬الطبيعية ‬والبيئية، ‬وكذا ‬عن ‬أحداث ‬الشغب ‬وعدم ‬توفير ‬الأمن ‬للسكان، ‬والأخطاء ‬التي ‬يرتكبها ‬موظفوها.. ‬وألزم ‬القضاء ‬الإداري ‬هذه ‬الجهات ‬بالتعويض ‬جبرا ‬لكل ‬ضرر ‬وحماية ‬للحقوق.‬
5 - ‬الأساس ‬القانوني ‬للتعويض ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات:‬ ‬يمكن ‬إجمال ‬الأدلة ‬القانونية ‬وفصول ‬مواد ‬القانون ‬التي ‬تؤطر ‬مسألة ‬التعويض ‬وتقديره ‬في ‬ما ‬يلي:‬
في ‬ما ‬يتعلق ‬بالدستور: ‬فإنه ‬وردت ‬به ‬عدة ‬فصول ‬تسير ‬في ‬اتجاه ‬إرساء ‬دعائم ‬مجتمع ‬متضامن ‬يتطلع ‬فيه ‬الجميع ‬إلى ‬الأمن ‬والحرية ‬والكرامة ‬والمساواة ‬وتكافؤ ‬الفرص ‬والعدالة ‬الاجتماعية ‬ومقومات ‬العيش ‬الكريم ‬في ‬نطاق ‬التلازم ‬بين ‬حقوق ‬وواجبات ‬المواطنة. ‬وردت ‬هذه ‬الكلمات ‬في ‬تصدير ‬الدستور، ‬وأهم ‬فصول ‬الدستور ‬المتعلق ‬بفكرة ‬التضامن ‬الوطني ‬هو ‬الفصل ‬40 ‬الذي ‬ينص ‬على ‬أن "‬على ‬الجميع ‬أن ‬يتحمل، ‬بصفة ‬تضامنية ‬وبشكل ‬يتناسب ‬مع ‬الوسائل ‬التي ‬يتوفرون ‬عليها، ‬التكاليف ‬التي ‬تتطلبها ‬تنمية ‬البلاد، ‬وكذا ‬تلك ‬الناتجة ‬عن ‬الأعباء ‬الناجمة ‬عن ‬الآفات ‬والكوارث ‬الطبيعية ‬التي ‬تصيب ‬البلاد"‬، ‬فكلمة "‬الجميع" ‬تعني ‬جميع ‬أشخاص ‬القانون ‬العام، ‬أي ‬الأحزاب ‬السياسية ‬والنقابات ‬وجمعيات ‬ومنظمات ‬المجتمع ‬المدني ‬والمحسنين ‬والمحسنات ‬وكل ‬أبناء ‬الشعب ‬الذين ‬عليهم ‬أن ‬يتضامنوا ‬مع ‬المتضررين ‬كل ‬حسب ‬قدرته ‬وطاقته ‬للمساهمة ‬في ‬إعادة ‬الإعمار ‬والتأهيل ‬للبنية ‬التحتية ‬وتعويض ‬ما ‬يمكن ‬تعويضه. ‬ولا ‬مجال ‬في ‬مثل ‬هذه ‬الكوارث ‬للمزايدات ‬السياسية ‬كما ‬نشاهد ‬في ‬البرلمان ‬وعلى ‬أعمدة ‬وصفحات ‬وسائل ‬الإعلام، ‬ولا ‬مجال ‬للرقص ‬على ‬جراحات ‬الآخرين ‬من ‬أجل ‬كسب ‬الأصوات ‬في ‬الانتخابات؛ ‬بل ‬الأمر ‬أدهى ‬وأكبر ‬من ‬السياسة ‬والسياسيين، ‬الجانب ‬الإنساني ‬يجب ‬أن ‬يحضر ‬وبقوة ‬بعيدا ‬عن ‬السياسة ‬والصراع ‬الإيديولوجي ‬والتراشقات ‬السياسية ‬بين ‬المعارضة ‬والأغلبية.‬
ويحمل ‬الفصل ‬93 ‬من ‬الدستور، ‬كذلك، ‬كافة ‬الوزراء ‬مسؤولية ‬ما ‬وقع، ‬كلٌّ ‬حسب ‬القطاع ‬المكلف ‬به ‬في ‬إطار ‬التضامن ‬الحكومي (‬التعليم، ‬الصحة، ‬التجهيز، ‬الداخلية،...)‬؛ ‬أما ‬الفصل ‬136 ‬من ‬الدستور ‬فينص ‬على ‬فكرة ‬التضامن ‬والتدبير ‬الحر ‬واعتبارهما ‬من ‬مرتكزات ‬التنظيم ‬الجهوي ‬والترابي، ‬وعلى ‬كل ‬السلطات ‬المحلية ‬تأمين ‬مشاركة ‬السكان ‬المعنيين ‬في ‬تدبير ‬شؤونهم ‬والرفع ‬من ‬مساهمتهم ‬في ‬التنمية ‬البشرية ‬المندمجة.‬
كل ‬هذه ‬النصوص ‬وغيرها ‬يمكن ‬اعتمادها ‬أساسا ‬للتضامن ‬من ‬أجل ‬تعويض ‬الضحايا ‬عما ‬أصابهم ‬من ‬أضرار ‬من ‬جراء ‬الفيضانات.‬
يضاف ‬إلى ‬تلك ‬المواد ‬الفصل ‬79 ‬من ‬قانون ‬الالتزامات ‬والعقود ‬كما ‬سبقت ‬الاشارة ‬اليه ‬والفصل ‬8 ‬من ‬القانون ‬المحدث ‬بموجبه ‬المحاكم ‬الادارية.‬
6 - ‬كيفية ‬تقدير ‬التعويض:‬
إن ‬القضاء ‬الإداري، ‬وفي ‬كل ‬نازلة ‬على ‬حدة، ‬لا ‬محالة ‬سيلجأ ‬في ‬تقدير ‬التعويض ‬إلى ‬خبرات ‬فنية ‬لتحديد ‬قيمة ‬الضرر ‬الحاصل ‬بناء ‬على ‬مقتضيات ‬المادة ‬63 ‬من ‬المسطرة ‬المدنية ‬وما ‬يليها، ‬كما ‬فعل ‬لما ‬غمرت ‬المياه ‬المنحدرة ‬من ‬وادي ‬سبو ‬إحدى ‬الضيعات ‬التي ‬تملكها ‬الفلاحون ‬عن ‬طريق ‬الكراء ‬طويل ‬الأمد ‬من ‬الدولة، ‬وتضررت ‬هذه ‬الضيعة، ‬فأمر ‬القاضي ‬الإداري ‬بانتداب ‬وتعيين ‬خبير ‬فلاحي ‬في ‬الغرس ‬والفلاحة، ‬وذلك ‬من ‬أجل ‬تقدير ‬حجم ‬الضرر ‬الذي ‬لحق ‬ضيعات ‬المدعين ‬وتحديد ‬أمده ‬وتكلفة ‬إعادة ‬تشجير ‬المساحة ‬المشجرة ‬المتضررة. ‬هذا ‬النوع ‬من ‬الخبرات ‬الفنية ‬يكون ‬أرضية ‬أساسية ‬للتعويض ‬جبرا ‬للأضرار ‬الحاصلة، ‬وللسلطة ‬القضائية ‬حق ‬التقدير ‬والحق ‬في ‬تشطير ‬المسؤولية ‬من ‬أجل ‬تحميلها ‬الدولة ‬والمتضرر ‬كل ‬حسب ‬تقصيره ‬وتفريطه ‬وإهماله.‬
فكل ‬مواطن ‬ثبت ‬تهوره ‬رغم ‬وجود ‬تشوير، ‬وما ‬يفيد -‬مثلا- ‬بأن ‬الطريق ‬مقطوعة ‬ورغم ‬ذلك ‬تجاوز ‬الحدود، ‬فقد ‬يحمله ‬القضاء ‬مسؤولية ‬إهماله ‬وتهوره. ‬وفي ‬نوازل ‬ذوي ‬الحقوق، ‬فإنه ‬يتم ‬الاستناد ‬إلى ‬وثائق ‬الملف ‬وعدد ‬أفراد ‬أسرة ‬الهالك ‬وحجم ‬المدخول ‬الذي ‬حرموا ‬منه ‬جراء ‬وفاة ‬مورثهم، ‬وحجم ‬الضرر ‬الذي ‬أصاب ‬العائلة ‬التي ‬حرمت ‬ممن ‬يعولها ‬جراء ‬وفاة ‬رب ‬الأسرة ‬نتيجة ‬الفيضانات، ‬وظروف ‬وملابسات ‬القضية..‬
خاتمة:‬
يمكن ‬إجمال ‬الحديث ‬في ‬أن ‬الكوارث ‬الحاصلة ‬مؤخرا ‬نتيجة ‬الفيضانات ‬تتحمل ‬فيها ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬مسؤوليتها، ‬وهي ‬بذلك ‬ملزمة ‬بتعويض ‬الضحايا ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عنها ‬استنادا ‬إلى ‬نظرية ‬المخاطر ‬والخطإ ‬المصلحي ‬الموجب ‬للتعويض، ‬وكذا ‬عدم ‬القيام ‬بصيانة ‬منشأة ‬عمومية، ‬وفكرة ‬التضامن ‬الوطني ‬الواردة ‬في ‬الدستور.‬
مع ‬الإشارة ‬إلى ‬أن ‬ما ‬تقوم ‬به ‬حركة ‬المجتمع ‬المدني ‬من ‬عمل ‬إنساني ‬خيري، ‬وما ‬يقدمه ‬المحسنون ‬من ‬دعم ‬مادي ‬للمتضررين، ‬وكذا ‬الهبات ‬والمساعدات ‬الملكية، ‬كل ‬ذلك ‬لا ‬يعفي ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬من ‬مسؤوليتها ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬وتعويض ‬الضحايا ‬جبرا ‬للضرر ‬الحاصل.‬
*محام ‬بهيئة ‬الدار ‬البيضاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.