الصين تطلق قمرا اصطناعيا جديدا    استمرار الأجواء الحارة اليوم الجمعة بهذه المناطق المغربية    منصة رقمية تشرع في تلقي طلبات الحصول على "بطاقة الإعاقة"    حكم قاس على يوسف الحيرش بسنة ونصف حبسا نافذا بسبب تدوينات    بعد محاولة اغتياله.. زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي    شركات عالمية تتوجه نحو منع "النقاشات السياسية" في العمل    ما الذي قاله مدرب المنتخب المغربي النسوي عن مواجهة الجزائر؟    بركان تؤمن بالحظوظ في "كأس الكاف" .. ورئيس الزمالك يؤكد صعوبة المقابلة    منتخب فتيات الجزائر يتجنب الإعلام    حموشي يجري مباحثات ثنائية مع عدد من نظرائه الإسبان    حراس خواص يشتكون غياب الأجور    "كونفرنس ليغ".. أيوب الكعبي يقود أولمبياكوس إلى اللحاق بفيورنتينا في النهائي    تخصيص غلاف مالي بقيمة 98 مليون درهم لتأهيل المباني الآيلة للسقوط بالمدينة العتيقة لطنجة    سعار عضال.. خيال مخابرات الجزائر في مقال    صدمة أوناحي وحارث القوية في الدوري الأوروبي    العثماني يلتقي هنية في الدوحة والأخير يطلعه على مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة    هل جامعات المغرب مستعدة لتعليق تعاونها مع إسرائيل كما أعربت جامعات إسبانيا؟    مديرية الأرصاد: طقس حار وقطرات مطرية مرفوقة بالرعد بهذه المناطق    موسيقى نساء تطوان بين الماضي والحاضر (1)    المحكمة الإدارية تقضي بأداء وزارة الصحة تعويضا لمتضررة من لقاح كورونا    حيار: إصدار بطاقة "إعاقة" لحظة تاريخية فارقة انتظرتها هذه الفئة منذ 40 سنة    نصف ولاية حكومة أخنوش.. التوازن الإصلاحي كلمة السرّ في النجاحات المحقّقة    عبد اللطيف حموشي يجري مباحثات ثنائية مع عدد من نظرائه الإسبان    الإيسيسكو تنظم أكثر من 60 نشاطا بجناحها في الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    الكعبي هداف دوري المؤتمر الأوروبي    تخصيص غلاف مالي بقيمة 98 مليون درهم لتأهيل المباني الآيلة للسقوط بالمدينة العتيقة لطنجة    تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأخضر    وزارة الحج والعمرة السعودية تشدد في إجراءات دخول أداء المشاعر المقدسة    زعيم المعارضة في إسرائيل يدعو "نتنياهو" إلى إقالة "بن غفير"    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد كبير لحماس في غزة    أخنوش يرد على الشامي: تقريرك لم يأت بجديد وحلولك غير مقنعة    الإنزال الجوي الخاطئ للمساعدات في غزة يودي بحياة 21 فلسطينيا    بوريطة: الأمن الغذائي، أولوية استراتيجية ضمن السياسة الإفريقية لجلالة الملك    السعودية تختار المغرب باعتباره الدولة العربية الوحيدة في مبادرة "الطريق إلى مكة المكرمة"    بايتاس… عدد الطلبات المتعلقة بالدعم المباشر للسكن تناهز 64 ألف طلب    الحكومة ترد على جدل أسترازينيكا.. اللقاحات في المغرب لا يتم العمل بها إلا بعد الترخيص    الدورة 22 للمهرجان الدولي لسينما التحريك بمكناس    الأمن يمنع ترويج آلاف "الإكستازي" بطنجة    "كارثة" في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا وتوخيل يصب غضبه على التحكيم    245 ألف ليلة مبيت سياحية بوجهة طنجة        مرضى السكتة الدماغية .. الأسباب والأعراض    تراجع أسعار السيارات الكهربائية لهذا السبب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    المغرب يدخل القطيع المستورد من الخارج الحجر الصحي قبيل عيد الأضحى    ارتفاع أسعار النفط مدعومة بتقلص مخزونات الخام الأمريكية    بعد اعترافها بآثاره الجانبية المميتة.. هيئة أوروبية تسحب ترخيص لقاح كورونا من أسترازينيكا    أفق جديد لسوسيولوجيا النخب    جوائز الدورة 13 لمهرجان مكناس للدراما التلفزية    متحف "تيم لاب بلا حدود" يحدد هذا الصيف موعداً لافتتاحه في جدة التاريخية للمرة الأولى في الشرق الأوسط    علم فرنسا يرفرف فوق كلية الطب بالبيضاء لتصوير "حرب العراق" (صور)    ريال مدريد يضرب بايرن ميونخ 2-1 ويتأهل رسميا لنهائى أبطال أوروبا    ملتقى طلبة المعهد العالي للفن المسرحي يراهن على تنشيط العاصمة الرباط    الحمل والدور الحاسم للأب    الأمثال العامية بتطوان... (593)    المؤرخ برنارد لوغان يكتب: عندما كانت تلمسان مغربية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسؤولية الدولة والجماعات الترابية عن الأضرار الناجمة عن الفيضانات.. «وجهة نظر قانونية»
نشر في المساء يوم 18 - 12 - 2014


‬عبد ‬المالك ‬زعزاع
في ‬ملف ‬إداري ‬آخر، ‬سار ‬العمل ‬القضائي ‬في ‬نفس ‬الاتجاه، ‬وهذه ‬المرة ‬بدرجة ‬أعلى ‬أمام ‬الغرفة ‬الإدارية ‬بالمجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض ‬حاليا)‬، ‬وبالضبط ‬في ‬القرار ‬عدد ‬935 ‬بتاريخ ‬04/‬12/‬2005 ‬في ‬الملف ‬الإداري ‬عدد ‬461 ‬بتاريخ ‬4/‬1/‬2002.‬
لذلك، ‬فالمسؤولية ‬قائمة ‬على ‬أساس ‬الخطإ ‬المصلحي ‬الموجب ‬للتعويض، ‬ويمكن ‬قيامه ‬أيضا ‬على ‬أساس ‬نظرية ‬المخاطر.‬
3 - ‬المسؤولية ‬على ‬أساس ‬نظرية ‬المخاطر:‬ ‬فأساس ‬مسؤولية ‬الدولة ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬هو ‬نظرية ‬المخاطر، ‬ويلزم ‬المدعي ‬بإثبات ‬خطإ ‬الدولة ‬أو ‬الجماعات، ‬والعمل ‬القضائي ‬الإداري ‬جاء ‬صريحا ‬فقال ‬بوضوح ‬في ‬هذا ‬المجال: "‬حيث ‬إن ‬الحادثة ‬التي ‬وقعت ‬للضحية، ‬والمتمثلة ‬في ‬سقوطه ‬في ‬الوادي ‬نتيجة ‬انجراف ‬التربة ‬وانقطاع ‬الطريق، ‬أودت ‬بحياته ‬حسب ‬محضر ‬الضابطة ‬القضائية ‬والشواهد ‬الطبية ‬المدلى ‬بها، ‬مما ‬ألحق ‬ضررا ‬بالجهة ‬المدعية ‬تمثل ‬في ‬هلاك ‬مورثها". ‬وعلل ‬القاضي ‬حكمه ‬بقوله: "‬حيث ‬إن ‬عدم ‬قيام ‬الإدارة ‬بوضع ‬علامات ‬وإشارات ‬تدل ‬على ‬قطع ‬الطريق ‬التي ‬تعتبر ‬من ‬الأملاك ‬العامة ‬طبقا ‬لظهير ‬01/‬07/‬1914 ‬يعتبر ‬خطأ ‬مصلحيا ‬من ‬شأنه ‬قيام ‬مسؤولية ‬الدولة ‬تجاه ‬ما ‬يصيب ‬الغير ‬من ‬أضرار ‬ناتجة ‬عن ‬ذلك، ‬وبذلك ‬تكون ‬مسؤولية ‬الدولة ‬ثابتة".‬
وفي ‬قرار ‬آخر ‬للمجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض ‬حاليا)‬، ‬وهو ‬القرار ‬عدد ‬82/‬60 ‬بتاريخ ‬07/‬05/‬1960، ‬يثبت ‬هذا ‬العمل ‬القضائي ‬مسؤولية ‬الدولة ‬عند ‬عدم ‬صيانتها ‬للمنشآت ‬العمومية، ‬مثل ‬ما ‬حصل ‬بالنسبة ‬إلى ‬القناطر ‬والطرق ‬وعموم ‬المنشآت ‬التي ‬تضررت ‬بفعل ‬الفيضانات ‬الأخيرة ‬نتيجة ‬عدم ‬الصيانة، ‬وخاصة ‬ما ‬تعلق ‬بحالة ‬الطرق ‬في ‬هذه ‬النازلة، ‬حيث ‬جاء ‬في ‬القرار ‬المذكور "‬إذا ‬أثبت ‬مستعمل ‬الطريق -‬سائق ‬السيارة- ‬أن ‬الضرر ‬الذي ‬حصل ‬له ‬كان ‬بسبب ‬عدم ‬الصيانة ‬العادية ‬لذلك ‬الطريق، ‬فلا ‬يمكن ‬إعفاء ‬الإدارة ‬من ‬مسؤوليتها ‬عن ‬سوء ‬حالة ‬المنشأة ‬المذكورة ‬إلا ‬إذا ‬أثبت ‬خطأ ‬المتضرر ‬وأنها (‬الإدارة) ‬قامت ‬بكل ‬الاحتياطات ‬لتلافي ‬كل ‬حادث، ‬سواء ‬في ‬ما ‬يخص ‬قيامها ‬بأعمال ‬الصيانة ‬أو ‬وضع ‬إشارة ‬التنبيه ‬إلى ‬سوء ‬حالة ‬الطريق".‬
ويمكن ‬لكل ‬سكان ‬المدن ‬الذين ‬تضررت ‬منازلهم، ‬نتيجة ‬عدم ‬وجود ‬قنوات ‬للصرف ‬الصحي، ‬وكذا ‬عدم ‬صيانتها، ‬أن ‬يدفعوا ‬دعاوى ‬في ‬مواجهة ‬الجهة ‬المسؤولة ‬عن ‬ذلك.‬
هذا ‬القرار ‬القضائي ‬عمل ‬قضائي ‬متميز ‬بشأن ‬قضية ‬البنية ‬التحتية ‬المهترئة ‬في ‬بلادنا ‬بفعل ‬عدم ‬الصيانة ‬وعدم ‬التتبع ‬والمراقبة.‬
وفي ‬قرار ‬آخر، ‬واضح ‬لا ‬غبار ‬عليه، ‬ذهب ‬المجلس ‬الأعلى (‬محكمة ‬النقض) ‬إلى ‬تبيان ‬فكرة ‬مهمة ‬في ‬المناقشة ‬القانونية، ‬وهي ‬أن ‬مسؤولية ‬الدولة ‬ثابتة ‬عن ‬تسيير ‬إدارتها ‬حتى ‬ولو ‬عند ‬عدم ‬ثبوت ‬أي ‬خطإ ‬من ‬جانبها ‬استنادا ‬إلى ‬فكرة ‬المخاطر ‬الناتجة ‬عن ‬استعمال ‬خطير ‬كالسيارة ‬ونحوها؛ ‬وهو ‬القرار ‬عدد ‬10 ‬بتاريخ ‬14/‬01/‬1993 ‬في ‬الملف ‬الإداري ‬عدد ‬10180/‬91 ‬منشورات ‬المجلس ‬الأعلى ‬1958-‬1997 ‬الصفحة ‬229.‬
إذا ‬كان ‬قد ‬ثبت ‬في ‬حق ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬أنها ‬مسؤولة ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬وثبت ‬وجود ‬مواطنين ‬متضررين ‬بفعل ‬الإهمال ‬وبفعل ‬عدم ‬الصيانة ‬للطرق ‬وعدم ‬المراقبة ‬للقناطر ‬وغياب ‬التشوير ‬المتعلق ‬بالطرق ‬المقطوعة ‬التي ‬غمرتها ‬المياه، ‬فإن ‬المتضررين ‬لهم ‬الحق ‬في ‬اللجوء ‬إلى ‬المحكمة ‬المختصة ‬للمطالبة ‬بالتعويض.‬
4 - ‬ما ‬هي ‬الجهة ‬المختصة ‬لرفع ‬مثل ‬هذه ‬الدعاوى:‬ ‬إن ‬المحكمة ‬المختصة ‬في ‬رفع ‬الدعاوى ‬في ‬مواجهة ‬الإدارة ‬هي ‬المحكمة ‬الإدارية ‬التابعِ ‬لنفوذها ‬مكانُ ‬وقوع ‬الحادثة ‬بالنسبة ‬إلى ‬الجماعات ‬الترابية ‬ومقر ‬الإدارة، ‬محليا ‬أو ‬مركزيا، ‬حسب ‬الجهة ‬المدعى ‬عليها، ‬تطبيقا ‬لقواعد ‬المسطرة ‬المدنية ‬والإجراءات ‬الشكلية ‬الواردة ‬في ‬القانون ‬المحدثة ‬بموجبه ‬المحاكم ‬الإدارية، ‬وكذا ‬قواعد ‬الموضوع، ‬وخاصة ‬الفصل ‬8 ‬من ‬القانون ‬المذكور، ‬القانون ‬41.‬91، ‬الذي ‬يستشف ‬منه ‬أن ‬الأضرار ‬التي ‬تسببها ‬أعمال ‬ونشاطات ‬القانون ‬العام ‬تكون ‬مسؤولة ‬عن ‬تعويضها.‬
وقد ‬أبان ‬القضاء ‬الإداري ‬المغربي، ‬بجدارة ‬واستحقاق، ‬عن ‬كفاءته ‬وقدرته ‬على ‬الإبداع ‬والتطور ‬في ‬خلق ‬عمل ‬قضائي ‬متميز ‬يتصدى ‬لتملص ‬أشخاص ‬القانون ‬العام، ‬بمن ‬فيهم ‬الدولة، ‬من ‬التعويضات ‬عن ‬الأضرار ‬التي ‬تسببها ‬الكوارث ‬الطبيعية ‬والبيئية، ‬وكذا ‬عن ‬أحداث ‬الشغب ‬وعدم ‬توفير ‬الأمن ‬للسكان، ‬والأخطاء ‬التي ‬يرتكبها ‬موظفوها.. ‬وألزم ‬القضاء ‬الإداري ‬هذه ‬الجهات ‬بالتعويض ‬جبرا ‬لكل ‬ضرر ‬وحماية ‬للحقوق.‬
5 - ‬الأساس ‬القانوني ‬للتعويض ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات:‬ ‬يمكن ‬إجمال ‬الأدلة ‬القانونية ‬وفصول ‬مواد ‬القانون ‬التي ‬تؤطر ‬مسألة ‬التعويض ‬وتقديره ‬في ‬ما ‬يلي:‬
في ‬ما ‬يتعلق ‬بالدستور: ‬فإنه ‬وردت ‬به ‬عدة ‬فصول ‬تسير ‬في ‬اتجاه ‬إرساء ‬دعائم ‬مجتمع ‬متضامن ‬يتطلع ‬فيه ‬الجميع ‬إلى ‬الأمن ‬والحرية ‬والكرامة ‬والمساواة ‬وتكافؤ ‬الفرص ‬والعدالة ‬الاجتماعية ‬ومقومات ‬العيش ‬الكريم ‬في ‬نطاق ‬التلازم ‬بين ‬حقوق ‬وواجبات ‬المواطنة. ‬وردت ‬هذه ‬الكلمات ‬في ‬تصدير ‬الدستور، ‬وأهم ‬فصول ‬الدستور ‬المتعلق ‬بفكرة ‬التضامن ‬الوطني ‬هو ‬الفصل ‬40 ‬الذي ‬ينص ‬على ‬أن "‬على ‬الجميع ‬أن ‬يتحمل، ‬بصفة ‬تضامنية ‬وبشكل ‬يتناسب ‬مع ‬الوسائل ‬التي ‬يتوفرون ‬عليها، ‬التكاليف ‬التي ‬تتطلبها ‬تنمية ‬البلاد، ‬وكذا ‬تلك ‬الناتجة ‬عن ‬الأعباء ‬الناجمة ‬عن ‬الآفات ‬والكوارث ‬الطبيعية ‬التي ‬تصيب ‬البلاد"‬، ‬فكلمة "‬الجميع" ‬تعني ‬جميع ‬أشخاص ‬القانون ‬العام، ‬أي ‬الأحزاب ‬السياسية ‬والنقابات ‬وجمعيات ‬ومنظمات ‬المجتمع ‬المدني ‬والمحسنين ‬والمحسنات ‬وكل ‬أبناء ‬الشعب ‬الذين ‬عليهم ‬أن ‬يتضامنوا ‬مع ‬المتضررين ‬كل ‬حسب ‬قدرته ‬وطاقته ‬للمساهمة ‬في ‬إعادة ‬الإعمار ‬والتأهيل ‬للبنية ‬التحتية ‬وتعويض ‬ما ‬يمكن ‬تعويضه. ‬ولا ‬مجال ‬في ‬مثل ‬هذه ‬الكوارث ‬للمزايدات ‬السياسية ‬كما ‬نشاهد ‬في ‬البرلمان ‬وعلى ‬أعمدة ‬وصفحات ‬وسائل ‬الإعلام، ‬ولا ‬مجال ‬للرقص ‬على ‬جراحات ‬الآخرين ‬من ‬أجل ‬كسب ‬الأصوات ‬في ‬الانتخابات؛ ‬بل ‬الأمر ‬أدهى ‬وأكبر ‬من ‬السياسة ‬والسياسيين، ‬الجانب ‬الإنساني ‬يجب ‬أن ‬يحضر ‬وبقوة ‬بعيدا ‬عن ‬السياسة ‬والصراع ‬الإيديولوجي ‬والتراشقات ‬السياسية ‬بين ‬المعارضة ‬والأغلبية.‬
ويحمل ‬الفصل ‬93 ‬من ‬الدستور، ‬كذلك، ‬كافة ‬الوزراء ‬مسؤولية ‬ما ‬وقع، ‬كلٌّ ‬حسب ‬القطاع ‬المكلف ‬به ‬في ‬إطار ‬التضامن ‬الحكومي (‬التعليم، ‬الصحة، ‬التجهيز، ‬الداخلية،...)‬؛ ‬أما ‬الفصل ‬136 ‬من ‬الدستور ‬فينص ‬على ‬فكرة ‬التضامن ‬والتدبير ‬الحر ‬واعتبارهما ‬من ‬مرتكزات ‬التنظيم ‬الجهوي ‬والترابي، ‬وعلى ‬كل ‬السلطات ‬المحلية ‬تأمين ‬مشاركة ‬السكان ‬المعنيين ‬في ‬تدبير ‬شؤونهم ‬والرفع ‬من ‬مساهمتهم ‬في ‬التنمية ‬البشرية ‬المندمجة.‬
كل ‬هذه ‬النصوص ‬وغيرها ‬يمكن ‬اعتمادها ‬أساسا ‬للتضامن ‬من ‬أجل ‬تعويض ‬الضحايا ‬عما ‬أصابهم ‬من ‬أضرار ‬من ‬جراء ‬الفيضانات.‬
يضاف ‬إلى ‬تلك ‬المواد ‬الفصل ‬79 ‬من ‬قانون ‬الالتزامات ‬والعقود ‬كما ‬سبقت ‬الاشارة ‬اليه ‬والفصل ‬8 ‬من ‬القانون ‬المحدث ‬بموجبه ‬المحاكم ‬الادارية.‬
6 - ‬كيفية ‬تقدير ‬التعويض:‬
إن ‬القضاء ‬الإداري، ‬وفي ‬كل ‬نازلة ‬على ‬حدة، ‬لا ‬محالة ‬سيلجأ ‬في ‬تقدير ‬التعويض ‬إلى ‬خبرات ‬فنية ‬لتحديد ‬قيمة ‬الضرر ‬الحاصل ‬بناء ‬على ‬مقتضيات ‬المادة ‬63 ‬من ‬المسطرة ‬المدنية ‬وما ‬يليها، ‬كما ‬فعل ‬لما ‬غمرت ‬المياه ‬المنحدرة ‬من ‬وادي ‬سبو ‬إحدى ‬الضيعات ‬التي ‬تملكها ‬الفلاحون ‬عن ‬طريق ‬الكراء ‬طويل ‬الأمد ‬من ‬الدولة، ‬وتضررت ‬هذه ‬الضيعة، ‬فأمر ‬القاضي ‬الإداري ‬بانتداب ‬وتعيين ‬خبير ‬فلاحي ‬في ‬الغرس ‬والفلاحة، ‬وذلك ‬من ‬أجل ‬تقدير ‬حجم ‬الضرر ‬الذي ‬لحق ‬ضيعات ‬المدعين ‬وتحديد ‬أمده ‬وتكلفة ‬إعادة ‬تشجير ‬المساحة ‬المشجرة ‬المتضررة. ‬هذا ‬النوع ‬من ‬الخبرات ‬الفنية ‬يكون ‬أرضية ‬أساسية ‬للتعويض ‬جبرا ‬للأضرار ‬الحاصلة، ‬وللسلطة ‬القضائية ‬حق ‬التقدير ‬والحق ‬في ‬تشطير ‬المسؤولية ‬من ‬أجل ‬تحميلها ‬الدولة ‬والمتضرر ‬كل ‬حسب ‬تقصيره ‬وتفريطه ‬وإهماله.‬
فكل ‬مواطن ‬ثبت ‬تهوره ‬رغم ‬وجود ‬تشوير، ‬وما ‬يفيد -‬مثلا- ‬بأن ‬الطريق ‬مقطوعة ‬ورغم ‬ذلك ‬تجاوز ‬الحدود، ‬فقد ‬يحمله ‬القضاء ‬مسؤولية ‬إهماله ‬وتهوره. ‬وفي ‬نوازل ‬ذوي ‬الحقوق، ‬فإنه ‬يتم ‬الاستناد ‬إلى ‬وثائق ‬الملف ‬وعدد ‬أفراد ‬أسرة ‬الهالك ‬وحجم ‬المدخول ‬الذي ‬حرموا ‬منه ‬جراء ‬وفاة ‬مورثهم، ‬وحجم ‬الضرر ‬الذي ‬أصاب ‬العائلة ‬التي ‬حرمت ‬ممن ‬يعولها ‬جراء ‬وفاة ‬رب ‬الأسرة ‬نتيجة ‬الفيضانات، ‬وظروف ‬وملابسات ‬القضية..‬
خاتمة:‬
يمكن ‬إجمال ‬الحديث ‬في ‬أن ‬الكوارث ‬الحاصلة ‬مؤخرا ‬نتيجة ‬الفيضانات ‬تتحمل ‬فيها ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬مسؤوليتها، ‬وهي ‬بذلك ‬ملزمة ‬بتعويض ‬الضحايا ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عنها ‬استنادا ‬إلى ‬نظرية ‬المخاطر ‬والخطإ ‬المصلحي ‬الموجب ‬للتعويض، ‬وكذا ‬عدم ‬القيام ‬بصيانة ‬منشأة ‬عمومية، ‬وفكرة ‬التضامن ‬الوطني ‬الواردة ‬في ‬الدستور.‬
مع ‬الإشارة ‬إلى ‬أن ‬ما ‬تقوم ‬به ‬حركة ‬المجتمع ‬المدني ‬من ‬عمل ‬إنساني ‬خيري، ‬وما ‬يقدمه ‬المحسنون ‬من ‬دعم ‬مادي ‬للمتضررين، ‬وكذا ‬الهبات ‬والمساعدات ‬الملكية، ‬كل ‬ذلك ‬لا ‬يعفي ‬الدولة ‬والجماعات ‬الترابية ‬من ‬مسؤوليتها ‬عن ‬الأضرار ‬الناجمة ‬عن ‬الفيضانات ‬وتعويض ‬الضحايا ‬جبرا ‬للضرر ‬الحاصل.‬
*محام ‬بهيئة ‬الدار ‬البيضاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.