تداولات افتتاح بورصة الدار البيضاء    قمة أورومتوسطية مرتقبة في المغرب.. نحو شراكة متوازنة بين ضفتي المتوسط    20 قتيلا قرب مركز مساعدات في غزة    اشتباكات السويداء تحصد 248 قتيلاً    إغلاق مطار فانكوفر الكندي لفترة وجيزة بعد "خطف" طائرة    مقتل مهاجر مغربي طعنًا في اسبانيا    شراكات إقليمية قوية ورابحة تدعم التنمية المشتركة إقليميا وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي والدولي    من وجدة إلى بريتوريا.. المغرب يستعيد ذاكرة التحرر الإفريقي: زوما يدعم مغربية الصحراء ويستحضر احتضان الرباط لمانديلا    نقاش مفتوح حول إشكالية نزع الملكية والاعتداء المادي: محكمة الاستئناف الإدارية تسعى لصون الحقوق وتحقيق التوازن.    إسبانيا.. قادة الجالية المغربية في توري باتشيكو يدعون للتهدئة بعد اشتباكات مع اليمين المتطرف    باريس سان جيرمان يضم الموهبة المغربية محمد الأمين الإدريسي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    كيوسك الأربعاء | معالجة نصف مليون طلب تأشيرة إلكترونية خلال ثلاث سنوات    تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    تقرير: المغرب بين أكبر 3 مصدّري الفواكه بإفريقيا.. ويحافظ على حصته في السوق الأوروبية حتى 2034    ارتفاع أسعار النفط وسط مؤشرات على زيادة الطلب العالمي    لقجع: المداخيل الجبائية ترتفع ب25,1 مليار درهم حتى متم يونيو 2025    فضيحة دولية تهز الجزائر: البرلمان الأوروبي يحقق في "اختطاف" للمعارض أمير دي زاد    أزيد من 4 ملايين أسرة استفادت من التأمين الإجباري عن المرض وما يقرب منها استفادت من الدعم المباشر    زوما يصفع من الرباط النظام الجزائري: ندعم مغربية الصحراء ونرفض تقسيم إفريقيا تحت شعارات انفصالية    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    قراءة في التحول الجذري لموقف حزب "رمح الأمة" الجنوب إفريقي من قضية الصحراء المغربية    تعاون صحي متجدد بين المغرب والصين: لقاء رفيع المستوى يجمع وزير الصحة المغربي بعمدة شنغهاي    تعاون جوي مغربي-فرنسي: اختتام تمرين مشترك يجسد التفاهم العملياتي بين القوات الجوية    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين تنتقد الحصيلة الاقتصادية للحكومة وتدعو إلى إصلاحات جذرية    مشروع ضخم لتحلية المياه يربط الجرف الأصفر بخريبكة لضمان استدامة النشاط الفوسفاطي    الدفاع الجديدي يرفع شعار التشبيب والعطاء والإهتمام بلاعبي الأكاديمية في الموسم الجديد …    لقاء تنسيقي بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة استعداداً للدخول المدرسي 2025-2026 واستعراضاً لحصيلة الموسم الحالي    طنجة ضمن المناطق المهددة بحرائق الغابات.. وكالة المياه والغابات تدعو للحذر وتصدر خرائط تنبؤية    ميناء أصيلة يسجل تراجعاً في مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي خلال النصف الأول من 2025    مطار طنجة: إحباط محاولة تهريب أزيد من 32 كيلوغرام من الحشيش داخل حقائب سفر            إشادة فلسطينية بدور جلالة الملك في الدفاع عن القضية الفلسطينية    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"    الاتحاد صوت الدولة الاجتماعية    "طقوس الحظ" إصدار جديد للكاتب رشيد الصويلحي"    "الشرفة الأطلسية: ذاكرة مدينة تُباد باسم التنمية": فقدان شبه تام لهوية المكان وروحه الجمالية    "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    لامين جمال يثير تفاعلاً واسعاً بسبب استعانته ب"فنانين قصار القامة" في حفل عيد ميلاده    حكيمي يختتم الموسم بتدوينة مؤثرة    المنتخب المغربي يواجه مالي في ربع نهائي "كان" السيدات    قارئ شفاه يكشف ما قاله لاعب تشيلسي عن ترامب أثناء التتويج    العيطة المرساوية تعود إلى الواجهة في مهرجان يحتفي بالذاكرة وينفتح على المستقبل    "فيفا": الخسارة في نهائي مونديال الأندية لن يحول دون زيادة شعبية سان جيرمان    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    "مهرجان الشواطئ" لاتصالات المغرب يحتفي ب21 سنة من الموسيقى والتقارب الاجتماعي        الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق حسني بين الصفقة والاعتذار
نشر في المساء يوم 01 - 06 - 2009

لا نريد أن يترأس «اليونسكو» أمين عام عربي يأتي بصفقة مع إسرائيل
يبدو أن السيد فاروق حسني وزير الثقافة المصري مستعد لفعل أي شيء يطلبه منه الإسرائيليون من أجل الفوز بمنصب الأمين العام لمنظمة «اليونسكو». فاعتذاره الذي نشره في مقال له بصحيفة «لوموند» الفرنسية عما بدر منه عام 2008 حول «استعداده للقيام بإحراق الكتب العبرية بنفسه إذا كانت موجودة في مصر» يؤكد هذه الحقيقة.
فاعتذار السيد حسني جاء بعد شن إسرائيل حملة عنيفة ضد ترشيحه لهذا المنصب، وتحريضها بعض الشخصيات والجماعات اليهودية على مساندتها في معارضتها هذه. وفعلا وجد هذا التحريض تجاوبا سريعا من الفيلسوف الفرنسي اليهودي برنار هنري ليفي، والمخرج السينمائي كلود لانزمان، وإيلي ويزل الحائز على جائزة نوبل للسلام.
لقد انتقدنا دائما الشخصيات الغربية التي ترضخ للابتزاز الإسرائيلي، وتغير مواقفها بل وقناعاتها السياسية من أجل تجنب الدخول في مواجهة مع اللوبي اليهودي الداعم لإسرائيل، سواء سعيا للفوز بمنصب، أو للحفاظ على آخر. ومن المنطلق نفسه نجد في تراجع السيد حسني، وبمثل هذه الطريقة، رضوخا لهذا الابتزاز ودون أي مبرر حقيقي.
وجود أمين عام عربي على قمة منظمة عالمية محترمة مثل اليونسكو أمر جيد لا جدال فيه، شريطة أن يأتي ذلك بطريقة طبيعية ودون تقديم تنازلات مهينة مثل تلك التي قدمها الوزير حسني.
فكيف سيتصدى السيد حسني في حال انتخابه للوبي اليهودي المعادي للعرب، ويخدم القضايا العربية إذا جاء من خلال اعتذار مهين، وعبر صفقة سرية بين الحكومة المصرية ونظيرتها الإسرائيلية؟
صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية كشفت عن هذه الصفقة عندما قالت إن الرئيس حسني مبارك طلب من ضيفه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، أثناء زيارته الأخيرة لشرم الشيخ، أن يسحب معارضة إسرائيل لترشيح الوزير حسني لرئاسة «اليونسكو»، وأن يتدخل لوقف الحملة الموجهة ضد هذا الترشيح من قبل جماعات يهودية. والأخطر من ذلك أن إسرائيل، ومن خلال التجاوب مع هذا الطلب، ستحصل على «منافع كثيرة». واللافت أن الاعتذار جاء بعد إتمام هذه الصفقة.
لا شك أن هناك مواقف مشرفة للسيد حسني تحسب له، مثل معارضته كوزير للثقافة لمشاركة أي أفلام إسرائيلية في مهرجانات السينما العالمية التي تقام في القاهرة سنويا، وكذلك معارضته الشرسة لكل أشكال التطبيع الثقافي مع إسرائيل، ورفضه زيارتها، ولكن لماذا الانتقال إلى النقيض تماما، وشطب كل هذه المواقف المشرفة مقابل منصب غير مضمون أساسا؟
لا نريد أن يترأس «اليونسكو» أمين عام عربي يأتي بصفقة مع إسرائيل، ويخضع بالكامل لإملاءاتها وإملاءات اللوبيات التابعة لها، بل وربما يذهب إلى ما هو ابعد من ذلك من حيث الترويج لبعض سياساتها العنصرية والمبالغة في التنصل من مواقفه السابقة لنفي تهمة العداء للسامية عن نفسه.
الأفضل لمصر والعرب والمسلمين أن يأتي شخص آخر، أيا كانت جنسيته، غير مكبل بدين إسرائيلي حول عنقه، وقادر على اتخاذ مواقف يمليها عليه ضميره وليس اللوبي الإسرائيلي.
السيد حسني اخطأ مرتين، الأولى عندما قال إنه سيبادر بنفسه بإحراق أي كتب إسرائيلية في مكتبة الإسكندرية أو غيرها أثناء استجوابه في البرلمان، والمرة الثانية عندما تراجع عن هذه التصريحات من خلال مقالته التي نشرها في صحيفة «لوموند» وتضمنت استجداء ملفتا لرضاء اللوبي الإسرائيلي، ولهذا لم يكن غريبا أن ترحب إسرائيل رسميا بهذا التراجع، وتمتدحه علانية.
وربما يفيد التذكير بأن وزير الثقافة المصري، الذي لم يتردد في الاعتذار للإسرائيليين لنفي تهمة العداء للسامية عن نفسه، كان رفض بصلف الاعتذار للمسلمين عن تصريحاته التي أهان فيها جزءا أساسيا من عقيدتهم وثقافتهم واعتبر فيها ارتداء الحجاب «دليلا على التخلف وردة الى الوراء».
كما أنه رفض الاعتذار عن كارثة حريق مسرح بني سويف التابع لوزارته في صعيد مصر عندما قتل فيه نحو خمسين من خيرة الفنانين والمثقفين المصريين، بسبب الإهمال ونقص شروط وإجراءات السلامة في المسرح.
إن المرشح فاروق حسني لا يمثل مصر بقدر ما يمثل نظاما مدانا بقمع حرية التعبير من منظمات حقوق الإنسان داخل مصر وخارجها، وكان هو نفسه أداة لممارسة هذا القمع عندما أغلق صحيفة «الشعب» المعارضة.
ويخطئ من يظن أن المباركة الإسرائيلية كفيلة وحدها بإهداء المنصب للسيد حسني، فالاتحاد الأوروبي المستاء من السجل غير المشرف للحكومة التي يعمل فيها منذ 22 عاما، عنده مرشحه وربما يكون له رأي آخر.
لقد آن لفاروق حسني أن يقعد في بيته أو مرسمه، بعد عقدين ونيف في الحكومة، بدلا من هذا التهافت الذي لا يليق بمكانة مصر.
مصر صاحبة الحضارة العريقة التي تمتد لأكثر من سبعة آلاف عام، وتملك إرثا ثقافيا ضخما ندر مثله في أي بقعة أخرى من العالم، تستحق دون ادني شك أن يتولى أحد أبنائها منصب أمين عام اليونسكو، ولا نبالغ إذا قلنا إن منظمة «اليونسكو» ستستفيد أكثر من وجود مصري على رأسها، شريطة أن يتم الوصول إلى هذا المنصب بصورة طبيعية، وليس نتيجة صفقة مريبة مع أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا وعداء للعرب والمسلمين، ويوجد فيها وزير خارجية هدد بقصف السد العالي لإغراق مصر وأهلها، وقال عن رئيسها «فليذهب إلى الجحيم».
حكومة نتنياهو التي تدعم ترشيح السيد حسني تطالب العالم بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وتعمل على استصدار قوانين نازية تجرم أي عربي يعارضها، ويرفض تقديم فروض الطاعة والولاء لها.
كان اشرف لمصر والعرب جميعا الانتظار لدورات انتخابية قادمة، بدل الرضوخ للابتزاز الإسرائيلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.