تفاصيل كادو الحكومة لملايين الأسر المغربية قبل فاتح ماي: تخفيض الضريبة على الدخل غاتربحهم 400 درهم شهريا والزيادة فالصالير والرفع من السميگ والسماگ    الأنفاس مقبوطة فالحركة الشعبية...والسبب: انتظار جلسة النطق بالحكم ضد انتخاب محمد أوزين أمينا عاما    وزيرة الفلاحة: القطيع الموجه للعيد الكبير صحتو بيخير ورقمنا دبا 3 مليون راس والثمن هاد العام غاينقص    محتجون يغلقون "السوربون" بسبب غزة    وزير الشباب والرياضة السابق: "قميص رياضي مغربي أسقط دولة بكاملها في عيون العالم!"    تفاصيل حصرية على كيفاش تشد المجرم اللي قتل تلميذة بطريقة بشعة فصفرو: سبق ليه دوّز 5 سنوات نافذة ديال السجن بسبب تكوين عصابة إجرامية (صورة)    لمكافحة الجرائم الماسة بالمجال الغابوي.. البوليس والوكالة الوطنية للمياه والغابات دارو اليوم اليد فاليوم    ابتدائية فاس فرقات 4 سنين نافذة ديال الحبس فحق صحاب أغنية "شر كبي أتاي"    التنسيق الميداني للتعليم يؤجل احتجاجه    نيروبي.. وزيرة الاقتصاد والمالية تمثل جلالة الملك في قمة رؤساء دول إفريقيا للمؤسسة الدولية للتنمية    بوريطة يستقبل وزير الخارجية الغامبي    الرئاسيات الأمريكية.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن    السرعة تتسبب في حادثة سير بطنجة وتُخلف 5 مصابين    يوسف يتنحى من رئاسة حكومة اسكتلندا    بتنسيق مع "ديستي".. الحرس المدني يحجز زهاء طنين من الحشيش بسواحل إسبانيا (صور)    مجلس النواب.. انطلاق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية برسم سنة 2024    الدورة السادسة من "ربيعيات أصيلة".. مشغل فني بديع لصقل المواهب والاحتكاك بألمع رواد الريشة الثقافة والإعلام    المكتب الوطني للسياحة يضع كرة القدم في قلب إستراتيجيته الترويجية لوجهة المغرب    الحوار الاجتماعي..الحكومة ترجئ الحسم في ملفي التقاعد والإضراب إلى حين التوافق مع النقابات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية        الاتفاق رسميا على زيادة عامة في أجور العاملين بالقطاع العام بمبلغ 1000 درهم شهريا    الفنان الجزائري عبد القادر السيكتور.. لهذا نحن "خاوة" والناظور تغير بشكل جذري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وزارة الفلاحة…الدورة ال 16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب تكللت بنجاح كبير    إدارة السجن المحلي بوجدة تنفي ما نقل عن والدة سجين بخصوص وجود آثار ضرب وجرح على وجهه    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته    ارتفاع أسعار الأضاحي يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    المغرب التطواني يتعادل مع ضيفه يوسفية برشيد    فيلم أنوال…عمل سينمائي كبير نحو مصير مجهول !        غزة تسجل سقوط 34 قتيلا في يوم واحد    أسعار الذهب تتراجع اليوم الإثنين    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الإثنين بأداء إيجابي    إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    الروائي الأسير باسم خندقجي يهزم السجان الإسرائيلي بجائزة "بوكر العربية"    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    المنتخب المغربي يتأهل إلى نهائي البطولة العربية على حساب تونس    السكوري…المخاطر المهنية يمكن تفاديها بإرساء نظام فعال للسلامة وثقافة وقائية    حكيمي يتوج رفقة باريس سان جيرمان بالدوري الفرنسي    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك محمد السادس للقفز على الحواجز بالرباط    جماهير اتحاد العاصمة معلقة على الإقصاء: تم التضحية بنا في سبيل قضية لا تعنينا    200 مليون مسلم في الهند، "أقلية غير مرئية" في عهد بهاراتيا جاناتا    ماركا: المغرب يستغل الفرصة.. استعدادات متقدمة لنهائيات كأس العالم وسط فضائح الاتحاد الإسباني    إدارة أولمبيك خريبكة تحتح على الحكام    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موريسكيو أنجرة لم يتغيروا منذ مئات السنين
انعزلوا بين الجبال وحافظوا على أزيائهم وتقاليدهم ولهجتهم
نشر في المساء يوم 28 - 12 - 2009

الجبال والبحر بشمال المغرب، وبالضبط بين طنجة وتطوان، تنتشر عشرات القرى الصغيرة بمنازلها المتواضعة البيضاء بين الجبال كأنها أجرام صغيرة لامعة سقطت من السماء. وفي قمم الجبال أو سفوحها أو على الهضاب يتحرك أناس بسحناتهم البيضاء المائلة إلى الشقرة، أو هي الشقرة بعينها. أحيانا يبدو لمن يزور تلك المناطق أن سكانها هم من فصيلة مختلفة في الطباع والملامح واللهجة. إنهم فعلا مختلفون لأنهم ورثة التاريخ الأندلسي الذين ظلوا على حالهم وطبيعتهم منذ أزيد من 500 عام، وربما أكثر.
المغاربة ذوو الأصول الموريسكية الذين يقطنون هذه القرى هم من أكبر المنسيين في تاريخ الهولوكوست الأندلسي الذي شرد ملايين الأندلسيين وأحرق وقتل الكثيرين منهم قبل وبعد سقوط غرناطة. ويقول المؤرخون إن هذه القبيلة، وأغلب سكانها يتحدرون من غرناطة وأحوازها الجنوبية، كانوا يشتغلون بالبحر وشؤونه، وأن كلمة «أنجرة» مشتقة من الكلمة الإسبانية «لانكْري»، وهي المخطف الذي يرمى في البحر عبر حبل لوقف السفن عند رسوها.
القرى والبوادي الممتدة من حدود طنجة شرقا إلى حدود تطوان وامتدادا حتى مدينة شفشاون، كلها تقريبا تنتمي إلى قبيلة واحدة عملاقة اسمها قبيلة «أنجرة»، وهي أكبر قبائل جْبالة على الإطلاق. ومنذ أن جاء أفراد هذه القبيلة من الأندلس إلى المغرب قبل مئات السنين فإنهم لم يختلطوا كثيرا بباقي مناطق البلاد. لقد ظلوا منغلقين على أنفسهم بين الجبال ويتزوجون فيما بينهم ويعيدون إنتاج خلاياهم الأندلسية جيلا بعد جيل ولا يزالون كذلك إلى اليوم.
الكثير من قرى هذه القبيلة ظلت كما هي رغم مرور مئات السنين على إنشائها، ومازالت الكثير من قراهم تضم منازل قديمة، أسطحها بنيت بشكل ثلاثي الأضلع مثل المنازل التي تبنى في المناطق الثلجية لأن أولئك الوافدين على المغرب جاؤوا من مناطق يتساقط فيها الثلج بكثرة مثل أحواز غرناطة.
كان أغلب النازحين أو المهاجرين من الأندلس يبحثون في المغرب عن أمكنة تشبه أو تتماثل أحيانا مع المناطق التي هجّروا منها. كانوا يريدون أن يشعروا بأنهم يمكن أن يعوضوا فردوسهم الضائع بفردوس آخر ولو أنه أقل قيمة في أشياء كثيرة، لكن منطقة شمال المغرب منحت الكثيرين من هؤلاء طبيعة خلابة جعلتهم يحسون ببعض السلوى ولا يموتون غبنا بسبب تلك الدياسبورا الرهيبة التي شردت شعبا كبيرا في كل الاتجاهات.
هكذا استقر الآلاف من الأندلسيين في سواحل وجبال وسهول قبيلة أنجرة، وهكذا توارثوا تلك المنطقة أبا عن جد معزولين عن باقي العالم، وهكذا ظلوا إلى اليوم يمثلون أحد أكثر الأعراق الأندلسية «صفاء» بالمعنى البيولوجي. ومن الغريب أن الناس يتحدثون عن الموريسكيين أو الأندلسيين في تطوان والشاون وسلا والرباط وفاس ومكناس ومراكش، وهي المدن التي اختلطت اجتماعيا وقبليا، وينسون هذه القبيلة التي يمكن اعتبارها آخر قلاع الأندلس في العالم لأنها ظلت كما هي منذ 500 عام.
كان أجداد هؤلاء الأندلسيين يعتقدون بأنهم سيستقرون في هذا المكان لفترة قصيرة ثم يعودون إلى ديارهم القريبة. كانوا ينظرون انطلاقا من نوافذ منازلهم إلى تلك الشواطئ الأندلسية التي تركوها خلفهم ويعتقدون أن عودتهم إليها ليست سوى مسألة أيام أو شهور أو سنوات على أكثر تقدير. لكن السنوات والعقود والقرون مرت ولم يعد أحد إلى هناك. ضاعت منهم مفاتيح منازلهم الأندلسية وراح جيل بعد جيل وصار الحلم الأندلسي يغيب شيئا فشيئا حتى صار نسيا منسيّا. واليوم صار من الصعب على الكثير من هؤلاء أن يتذكروا جذورهم الأندلسية أو الموريسكية البعيدة، بل إن الكثيرين منهم يصابون بالدهشة حين يكلمهم أحد عن جذورهم الأندلسية. لقد ضاع منهم التاريخ والهوية وأصبحوا يريدون فقط أن يعيشوا حياتهم يوما بيوم ويحافظوا على تقاليدهم وأزيائهم وعاداتهم ولهجتهم. لم تعد تلك الأندلس التي هجروا منها في تلك الأيام البعيدة تثير أشجان أحد. ولم يعودوا يعرفون سر عيونهم الزرقاء والخضراء وشعرهم الأشقر وملامحهم الشبيهة بملامح جيرانهم الإسبان. لم يعودوا يعرفون أن أغلبهم يتحدرون من أصول أوربية لأن الذين طردوا من الأندلس كانوا خليطا من الأجناس العربية والأوروبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.