حينما أرخى الليل سدوله على منطقة لكوارة، دوار أولاد ملوك، في تجمع سكني يستقر في واجهة المجازر البلدية بالدار البيضاء، لم يكن الشاب المدعو قيد حياته، عبد الفضيل معيدة، يدرك أن تلك الليلة ستكون ليلته الأخيرة، وأن الزمان كان يضرب له موعدا مع الموت الزؤام، توقف النبض يومها طويلا في هذا الحي الذي اعتاد أبناؤه أن يركنوا إلى منازلهم في وقت مبكر، خاصة وأن الحي يفتقر إلى كل وسائل العيش الكريم، ولكن الحدث الدامي فرض على أبناء الحي أن يسهروا حتى الصباح، كان الجو حزينا، لقد أقدم (ع.ق) على قتل ابن الجيران المدعو قيد حياته عبد الفضيل معيدة، الشاب الذي لم يتجاوز عمره 16 سنة، والمناسبة لم تكن ساعتها سوى لحظة للبكاء والألم.. كانت بداية النزاع مساء ليلة السبت حين أقدم الجاني على اعتراض سبيل محمد معيدة، والد الضحية، وعندما تعرف عليه تركه يمضي إلى حال سبيله، وفي البيت أخبر الرجل أسرته بالحادث، لكن تدخل والدة المتهم التي لم تكن تريد لولدها أن يدخل السجن، جعل أسرة الضحية تعدل عن فكرة وضع شكاية لدى مصالح الأمن، إكراما للجارة، وتفاديا لخلق المشاكل، وانتهى الأمر وكأن شيئا لم يكن. وفي مساء يوم الإثنين 18 يناير 2010 ، على الساعة العاشرة ليلا، كان محمد معيدة عائدا إلى بيته مرفوقا بابنيه، عادل، حلاق، يبلغ من العمر 29 سنة، والضحية المسمى قيد حياته عبد الفضيل، 16 سنة، تلميذ، كان يتابع دراسته في قسم الرابعة إعدادي، بإعدادية العقيد العلام، فحاول المتهم اعتراض سبيلهم مرة ثانية، فأخبر الوالد ابنيه أنه نفس الشخص الذي اعترض سبيله قبل يومين، ليقوما برجمه بالحجارة، وليتطور النزاع، الشيء الذي جعل المتهم يشهر في وجوههم سكينا من الحجم الكبير، تدخل معه الضحية من أجل نزعه من بين يديه، لكنه لم يفلح في ذلك إذ سدد له المتهم طعنتين على مستوى الصدر، ووجه طعنات أخرى لأخيه عادل، بعدها سمعت أختهما نادية معيدة، التي تبلغ من العمر30 سنة، بالحادث فتدخلت بدورها في الصراع لكن مصيرها لم يكن أحسن حالا من أخويها، فقد سدد لها المتهم طعنات على مستوى الرأس واليد اليسرى ولاذ بالفرار، ليتم بعدها إخبار السلطات المحلية التي حضرت إلى موقع الحادث، وتم نقل المصابين إلى المستشفى، لكن قدر الموت لم يمهل الشاب عبد الفضيل، إذ لفظ أنفاسه الأخيرة في طريقه إلى المستشفى، وهو في حين دخلت أخته قسم المستعجلات وتم نقلهما إلى مستشفى ابن رشد لتلقي الإسعافات الضرورية، لتتمكن السلطات المحلية بالمقاطعة 66 بحي للا مريم مصحوبة بعناصر الفرقة الجنائية ببن امسيك سيدي عثمان، من القبض على الجاني ساعة فقط بعد الحادث، وذلك بسوق الخشب، وتم فتح تحقيق معه بمصلحة الشرطة القضائية، واعترف أنه قام بجريمته تحت تأثير الأقراص المهلوسة، وكانت قبلها قد سجلت في حق الجاني مذكرة بحث، من أجل تهمة الضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض، إذ اعترف المتهم أيضا بشريكه المدعو (خ.ب) الذي كان يشاركه في اعتراض سبيل المارة، قرب الإقامة المجاورة لدوار اولاد ملوك، كما اعترف بشخص آخر في سوق المسيرة يشتري الهواتف المسروقة، وتم حجز أداة الجريمة وهي عبارة عن مدية، وعند اعتراف المتهم بالمنسوب إليه أحيل على الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء، من أجل تهمة الضرب والجرح العمدين المؤديين إلى الموت ومحاولة القتل وتكوين عصابة إجرامية مختصة في السرقة الموصوفة وشراء المسروق. كانت أمسية الاثنين حزينة بدوار اولاد ملوك، ليلتها انتهت حياة قاصر، ودخل أخواه إلى المستشفى، ودخل ابن الجيران إلى السجن.
