المغرب يدين "الهجوم الإيراني السافر على قطر"    حموشي: المديرية العامة للأمن الوطني تولي أهمية خاصة لدعم مساعي مجابهة الجرائم الماسة بالثروة الغابوية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    العثور على رضيع متخلى عنه داخل مقبرة بطنجة    وزارة النقل تعبئ 29 باخرة و2135 رحلة جوية أسبوعياً لتأمين عملية مرحبا 2025    قطر تعلن عن إيقاف حركة الملاحة الجوية مؤقتا بسبب تطورات الأوضاع بالمنطقة    عاجل... إيران تطلق صواريخ على قواعد أمريكية في الشرق الأوسط منها قطر    الرئيس السوري: لن يفلت مرتكبو تفجير كنيسة مار إلياس من العقاب    دعاية هزيلة.. بعد انكشاف مقتل ضباط جزائريين في طهران.. نظام العسكر يُروج وثيقة مزورة تزعم مقتل مغاربة في إسرائيل    الملك محمد السادس يهنئ دوقي لوكسمبورغ الكبرى بمناسبة العيد الوطني لبلادهما    توقيع اتفاقية شراكة إطار بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات لتعزيز الإدماج السوسيو اقتصادي للشباب    بوريطة يستقبل وزير الشؤون الخارجية القمري حاملا رسالة من الرئيس أزالي أسوماني إلى الملك محمد السادس    شرطي يستعمل سلاحه الوظيفي بالقنيطرة لتوقيف شقيقين عرضا سلامة عناصر الشرطة والمواطنين لتهديد جدي    انطلاق أولى جلسات محاكمة المتهم في "حادثة الطفلة غيثة".. وهذه هي التهم الموجهة إليه    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    بوتين: لا مبررات قانونية أو أعذار للعدوان ضد إيران    ياسين بونو يتوج بجائزة رجل المباراة أمام سالزبورج    عبد النباوي: قيادة القاضيات أولوية    بنعلي: لن نتوفر على دينامية في البحث العلمي في الطاقات المتجددة بدون تمويل مستدام        كأس العالم للأندية.. "الفيفا" يحتفل بمشجعة مغربية باعتبارها المتفرج رقم مليون    19 جريحا في حادثة انقلاب سيارة لنقل العمال الزراعيين باشتوكة    إشكالية التراث عند محمد عابد الجابري بين الثقافي والابستيمي    بسمة بوسيل تُطلق ألبوم "الحلم": بداية جديدة بعد 12 سنة من الغياب    خيي كاتبا جهويا ل "مصباح الشمال" ومريمة وبلقات يحجزان معقدا عن تطوان    صديق المغرب رئيس سيراليون على رأس المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا ( CEDEAO)    الشعباني: "نهائي كأس العرش ضد أولمبيك آسفي سيكون ممتعا.. وهدفنا التتويج باللقب"    مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تنظم المعرض الفوتوغرافي "أتيت من نظرة تَعْبُرُ" للفنان المصور مصطفى البصري    نقابيو "سامير" يعودون للاحتجاج على الموقف السلبي للحكومة وضياع الحقوق    ترقب إغلاق مضيق هرمز يثير مخاوف ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب    "تالويكاند" في دورته الرابعة.. تظاهرة فنيّة تحتفي بتراث أكادير وذاكرتها    رأي اللّغة الصّامتة – إدوارد هارت    وسط ارتباك تنظيمي.. نانسي عجرم تتجاهل العلم الوطني في سهرة موازين    هذه تدابير مفيدة لتبريد المنزل بفعالية في الصيف    بنك المغرب.. الأصول الاحتياطية ترتفع إلى 400,8 مليار درهم    العدالة والتنمية يدين الهجوم الأمريكي على إيران    موازين 2025.. الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تمتع جمهورها بسهرة متميزة على منصة النهضة    إسبانيا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى "التحلي بالشجاعة" لمعاقبة إسرائيل    المغرب ‬يعيد ‬رسم ‬خريطة ‬الأمن ‬الغذائي ‬في ‬أوروبا ‬بمنتجاته ‬الفلاحية ‬        الناخب الوطني النسوي يعقد ندوة صحفية بعد غد الثلاثاء بسلا    الكركرات.. توقيف شاحنة محملة بالكوكايين القادم من الجنوب    ألونسو: من الأفضل أن تستقبل هدفًا على أن تخوض المباراة بلاعب أقل    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    معنى ‬أن ‬تصبح ‬العيون ‬نقطة ‬وصل ‬بين ‬شمال ‬أفريقيا ‬وعمقها ‬الجنوبي    كأس العالم للأندية 2025.. ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي (3-1)    طنجة.. تتويج فريق District Terrien B بلقب الدوري الدولي "طنجة الكبرى للميني باسكيط"    الأستاذ عبد الرحيم الساوي يغادر المسؤولية من الباب الكبير.. نموذج في الاستقامة والانتصار لروح القانون    إيران تتحدى الضربات الأمريكية: مخزون اليورانيوم والإرادة السياسية ما زالا في مأمن    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قهوة على رصيف العرعار |
نشر في الرأي المغربية يوم 26 - 03 - 2015

على رصيف العرعار احتست قهوتها الباردة، وأفردت كُمها المغزول من خيط الصوف فوق أطراف أصابعها، جمعت أناملها الرقيقة ونفخت في كف يدها تستجدي هواء ساخنا يدفئ قهوتها الباردة، قطراتٌ من مطر مارس تهطل على غير موعدها، لتُفسد لقاءًا كان من المرتقب أن يكون مع حبيب لا يعشق إلا القهوة الداكنة من فنجان أبيض، كمن يعطيك من ظاهره الصفاء البارد ويخفي من داخله الظلام الداكن.
مضحك، هي بطبيعتها لا تشرب القهوة بشتى ألوانها، لكن سحر معطفه الأسود جعل للقهوة مذاقا حلوا ممزوجا ببعض المرارة، تشربها على مضض، كمن يشرب الدواء ليشفى من داء في الجسد، لكنها لا تشربها إلا ليُشفى قلبها من عشق غير مفهوم.
تَنحْنحْت قليلا وضَمّت فنجانها بكلتا يَديها، علّها تستدفئ من برودته التي تركها من تَنْتظر أن يكون لها حبيبا. نظرت إلى ساعتها، تأخر عن موعده دقيقتين، حسبتها ساعتين، غضبت في صمت، وسرت في جسدها قشعريرة، هل أخطأ الموعد أم هي زحمة سير فقط أجلت وصول عطره إلى الكرسي الذي يقابلها.
سرى نسيم عليل حرك جريد النخل، ونَفضت أوراق العرعار ما تبقى من مطر الشتاء، لتستقبل بعد أيام عليل الربيع، لكن السماء لازالت على تَلبُّدِ غيمها، فَلفّت العاشقة معطفها الأبيض الدافئ، وأخرجت هاتفها الذكي، لتُلهي قَليلا قلبها عن طرح سؤال غبي مئة مرة في الدقيقة، هل سيأتي أم أنه فضل المقهى المجاور؟.
قلبها الصغير لم يكن مؤهلا لحب كبير، وصغره لم يسع عقلها أَن يُدرك ما تُريده رُوحها، هي تبحث عن قلب يحبها بعيوبها ويَحتوي كبريائها بِحذَر، تبحث عن عالم صغير تَحكُمه هي وتُفصح فيه عن جنونها المكنون، هي امرأة يَسكنها جِنّي أحمق من الأفكار، متمرد في داخلها، لكنه خجول وضعيف عندما يستدرجه فقهاء الحياة، هي تؤمن أن الحب والصدفة لا يجتمعان، وأن جوهر الحب لا يستقيم مع النظرة الأولى، ولا الثانية ولا الثالثة، لكن ما عساها تفعل، هذا قلبها بسط سلطانه على عقلها واقتادها على الساعة العاشرة صباحا إلى مقهى على رصيف شارع العرعار!.
صباح الخير! الصوت كان من الوراء لكنها نظرت إلى الأمام.. وفضلت أن تتأكد من الصوت وهي تنظر أمامها، أعادها صباح الخير.. ! لكن السماء أفاضت ثقل مائها في تلك اللحظة، ونزل مطر غزير أتبعه ضجيج قطراته المتساقطة، لم تشأ أن تنظر إلى الوراء لأنها تأكدت أنه هو من رائحة عطره لا من نبرة صوته، أزاح الكرسي المقابل بهدوء، وقال : صباح الخير مرة أخرى ؟ فردت صباح الخير ؟ ولم تزد عليها كلمة، لكن داخلها طرح ألف سؤال في الثانية.. أين كنت؟ لماذا تأخرت؟ هل كان هذا مقصودا؟ هل توقف حبك ؟ …، لكنه قطع أسئلتها المسترسلة، وقال : المعذرة زحمة السير أخرت وصولي عن الموعد ثلاث دقائق، أجابت وهي تنظر إلى فنجانها لا عليك.
كبريائها لم يكن يسمح لها أن تُظهر فرحها في وجهه المشبوب بحمرة والمبتل بقطرات المطر، ففضلت أن تبتسم بعينيها العسليتين دون أن تحرك شفتيها الباردتين، لكن القلب من الداخل كان على غير موضعه، دقاته المتتالية كانت ستحركها من فوق كرسيها الخشبي، فصرفت هدير فؤادها إلى ملعقتها التي أخذت تحرك فنجانها بشكل دائري لتزيد قهوتها برودة وتصرف توتر عينيها عن نظر عاشقها.
ساد صمت غير مقصود، كلما طال الصمت زاد التوتر، لم يكن لأي منهما القدرة على قطعه سوى…
توقف الراوي وأمعن النظر في فارس أحلام العاشقة الذي رسم له عالما من الرجولة، ولم يجده إلا فتى ريق أمْلد، لا ترى ذكورته إلا من زُغيْبات متناثِرة على خدوده المتوردة، ابتسامته الطفولية، وطلاء "الجِلْ" من ناصيته إلى قفاه أزعجت الراوي وتركته حائرا في أن يكمل قصته أو يوقفها، نظراته الباردة ونطات جسده المراهقة، وأصوات حِلِيّهِ مع قهقهاته أفزعت الراوي وجعلته ينظر إلى امرأة كاملة الأنوثة مقابل مراهق أهْيَف، نضجت ذكورته وفرت رجولته، يحسب قلب الفتاة كتَحْلِية يَخْتار منها ما تشتهيه نفسه من عالمه الأزرق، وكل يوم يجرب النوع الذي لم يذقه جسده، هي جريمة نكراء مع سبق الإصرار والتخلف لذبح عشق ظهر من عينيها العسليتين يرسم عالما أُسَريا تلفه أوراق الياسمين وتحميه أشواك الصبار…
حزم الراوي جريدته، وترك قلب العاشقة لقدرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.