رئيس مجلس النواب في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية    ثمان نقابات بقطاع الصحة تعلن عن إضراب جديد وتحشد لإنزال بالرباط    تحليل آليات التأثير الثقافي في عصر الرقمنة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تحقيق السيادة في مجال الذكاء الاصطناعي    من يجبر بخاطر المتقاعدين المغاربة؟!    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    تليسكوب "ليزا"...    شطيرة نقانق عملاقة تزين ساحة "تايمز سكوير" بنيويورك    مقتل 3 أشخاص وإصابة 12 آخرين في إطلاق نار خلال حفل بأمريكا    بعد الخسارة أمام بركان.. قرار عاجل من مدرب الزمالك المصري    كأس الكونفدرالية الإفريقية: نهضة بركان يفوز على الزمالك المصري في ذهاب النهائي (2-1)    أحوال طقس اليوم الاثنين في المغرب    قنصلية متنقلة لفائدة مغاربة إسبانيا    من البحر إلى المحيط.. لماذا يتحول مسار الهجرة من المغرب إلى أوروبا؟    بنموسى يكشف أسباب تسقيف سن ولوج مباريات التعليم    الأساطير التي نحيا بها    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    "المراهنة على فوضى المناخ".. تقرير يفضح تورط المصارف العالمية الكبرى في تمويل شركات الوقود الأحفوري    الاعلان عن اختفاء قاصر من بليونش بعد محاولة هجرة إلى سبتة سباحة    النفط يواصل تراجعه وسط مؤشرات على ضعف الطلب وارتفاع الدولار    الاشتراكيون يفوزون في انتخابات إقليم كتالونيا الإسباني    ليلة ثالثة من الأضواء القطبية مع استمرار عاصفة شمسية "تاريخية"    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    لماذا قرر حزب بهاراتيا جاناتا الهندي الحاكم أن لا يخوض الانتخابات في إقليم كشمير؟    ما الذي قاله مدرب نهضة بركان بعد الانتصار على الزمالك المصري؟    "إغلاق المعبر يعني أن أفقد قدمي الثانية" شهادات لبي بي سي من مرضى ومصابين في رفح    كرة اليد.. اتحاد طنجة يتأهل لربع نهائي كأس العرش    إبراهيم صلاح ينقذ "رين" من خسارة    دفاتر النقيب المحامي محمد الصديقي تكشف خبايا مغربية عقب تحقيق الاستقلال    مدرب بركان يشيد بالفوز على الزمالك    لقاء لشبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار بفاس حول الحصيلة المرحلية للعمل الحكومي    خلاف مروري بساحل أكادير يتحول إلى جريمة دهس مروعة (فيديو)    إقليم العرائش يستعد لاحتضان الدورة الثانية عشرة للمهرجان الدولي ماطا للفروسية    المنتخب المغربي للتنس يتوج بطلا لإفريقيا    مطلب ربط الحسيمة بشبكة السكة الحديدية على طاولة وزير النقل    تفاصيل محاولة فرار "هوليودية" لمغاربة بمطار روما الإيطالي    "إيقاعات تامزغا" يرفع التحدي ويعرض بالقاعات السينمائية الأسبوع المقبل        باريس سان جيرمان يودع مبابي أمام تولوز بالدوري الفرنسي الليلة    حل مجلس الأمة الكويتي: إنقاذ للبلاد أم ارتداد عن التجربة الديمقراطية؟    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    معرض الكتاب.. لقاء يحتفي بمسار الأديب أحمد المديني    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    ارتفاع في سعر صرف الدرهم مقابل الأورو خلال أسبوع (بنك المغرب)    الصين تطور أول نظام للهيدروجين السائل المركب بالسيارات من فئة 100 كيلوغرام    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية ثورة لم تكتمل.. الاستقلال الذي ناضل من أجله المغاربة لم يتحقق
نشر في اليوم 24 يوم 24 - 07 - 2018

هو واحد من الكتب المثيرة، يصنف وثيقة تاريخية من قلب العمل المسلح لحزب الاتحاد الوطني القوات الشعبية، ويضم وثائق مهمة بعضها ينشر لأول مرة، يحمل شهادة حية من كواليس التحضير لانتفاضة 3 مارس 1973، وتنظيم «الاختيار الثوري». امحمد التوزاني راوي هذه الأحداث يصفه رفيق دربه أحمد الطالبي المسعودي، بأنه «الشهيد الحي»، غاص في لجة أحداث وتجارب وأسرار ثورة لم تكتمل، بكل انتصاراتها وخيباتها ودروسها وتضحيات جيل وجد نفسه في مواجهة مفتوحة.. من أجل الحرية والديمقراطية. مؤلف الكتاب التقى المهدي بنبركة بالمغرب، وسيحاوره فيما بعد في دمشق قبيل التحاقه بمعهد الدراسات العسكرية بسوريا، كما سيلتقيه وهو في أوج عطائه، يجوب عواصم العالم تحضيرا لمؤتمر القارات الثلاث. انخرط التوزاني مع ثلة من مناضلين فلسطينيين وعرب من مختلف البلدان العربية في التكوين العسكري، كما انخرط في النضال الفلسطيني، وقام بنضال مشترك مع رفيقه غسان كنفاني، ومع تخرجه سيكون ضمن المستخرجين لرفات الأمير عبد القادر الجزائري من قبره في دمشق، وسيكون ممن حمل نعش الأمير عبد القادر إلى ساحة المرجة، حيث سيستلمه وزير الخارجية عبد العزيز بوتفليقة، لينقله إلى مثواه بالجزائر الشقيقة.

كلف في البداية بتأطير المسجونين المغاربة الفارين من الجيش الفرنسي المكدسين في معسكر فيت مينه". لم يدخر جهدا في التفاني في عمله، واستطاع استقطاب العديد من الفارين المغاربيين من الجيش، كما شجعهم على مساندة الجيش الفيتنامي. وساهم مع هؤلاء المغاربيين في الهجوم الناجح على " دياب بيان فو"، وهو الإنجاز الذي سوف يدفع الجنرال "جياب"، مهندس انتصار الفيتناميين، إلى ترقيته برتبة "جنرال"، حسب ما حكى لي.
بعد انتهاء الحرب، عاد السيد التهامي لحرش إلى المغرب مع أبنائه وزوجته الفرنسية، التي تعرف عليها في فيتنام. وتم تعيينه في المكتب الشريف للفوسفاط، وتحسن وضعه. لكنه لم يكن راضيا عن الوضع السياسي بالبلاد رغم الإغراءات المتعددة، فقد كان مقتنعا بأن الاستقلال الذي ناضل من أجله المغاربة لم يتحقق، خصوصا مع استمرار القمع والاستغلال وتحكم القصر الملكي في كل شيء.
نضاله السابق في الحزب الشيوعي،وعلاقته بمجموعة من مناضلي وقياديي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، واطلاعه على مختلف أنشطته، كل ذلك سيجعله يتخلى عن كل شيء ليلتحق بالجزائر بعد أن اقتنع بأطروحة الحزب. وما مجيئه للجزائر إلا رغبة في إفادة الجيل الجديد من خبرات اكتسبها من تجربته الفيتنامية.
توطدت علاقتي بالسيد التهامي الحرش، وحكى لي عن مغامراته في فيتنام، وكيف تعرف على زوجته، وقد اكتشفت من خلال حديثه ضعف معلوماته العسكرية، وأن رتبة جنرال التي حصل عليها لم تكن تتناسب مع خبرته العسكرية.
حكى لي أيضا أنه لم يكن راضيا عن طريقة استقباله بالحدود.. وانتقد بشدة المرحوم عمر العطاوي المكلف من طرف الفقيه وقتها عن استقبال مناضلي حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، باعتباره المسؤول في الجزائر..
حاولت التخفيف من حدة غضبه، شارحا له أننا جئنا هنا من أجل إنجاز مهمة نضالية، وما علينا إلا "الصبر".
في تلك الفترة التحق بنا المسمى عبد المومن (أحمد بنجلون)، الذي أتى به عمر العطاوي، وبسرعة نشأ بيني وبينه نوع من التواصل، حيث قضى الجميع أوقاتا ممتعة استمر خلالها التعارف والنقاش. في اليوم الموالي اختلى بي أحمد بنجلون، ليسألني عن السيد التهامي الحرش، من هو؟ كيف عرفته؟ من أي بلد؟ ما هو شغله؟… أجبته: إنه عسكري برتبة جنرال حصل عليها بالفيتنام، إلا أن معلوماته العسكرية ضعيفة.
بعد يومين، التحق بنا شخص ثالث يدعى يوسف العطاوي، سأعرف فيما بعد أنه أخ عمر العطاوي. انزعجت كثيرا لالتحاقه، فتوجهت مباشرة غاضبا إلى المرحوم أحمد بنجلون وأنا أردد، ما هذا الهراء؟ كيف يعقل أن يقحموا علينا أشخاصا دون سابق إخبار ولا تهيئ؟ أجاب المرحوم بنجلون موضحا: اهدأ، هذا الأمر غير جديد، أنا أيضا أعرفه، إنه أخ عمر العطاوي، أنا أيضا لا أرتاح له. أضفت إنه قد يكون مخبرا مدسوسا من أجل جلب معلومات عن أخيه ومن له علاقة به.
رغم هذا التحذير والحذر مني ومن أحمد بنجلون، ظل يوسف بالبيت يتصرف تصرف المخبرين، ذات يوم اختفت صورة تذكارية لأحمد بنجلون، بحثنا عن الصورة لكن دون جدوى، سألناه عنها فتظاهر بالبحث عنها، ولم يظهر للصورة أثر إلا عند البوليس الإسباني الفاشي عندما ألقي القبض على أحمد بنجلون صحبة سعيد بونعيلات، كما حكى لي الرفيق أحمد بنجلون. وسأتأكد فيما بعد أن أشخاصا آخرين اخترقوا تنظيمنا غير المحكم وغير المبني على أسس تنظيمية صارمة تحميه وتحمي عناصره.
ظل هذا الشخص بيننا لعدة أيام، يدخل ويخرج متى شاء. توقفنا عن العمل الجماعي بسبب انزعاجنا من تواجده بيننا. وبصراحة كنا نظهر له هذا الإزعاج، لأن شكوكا كثيرة كانت تحوم حوله، وبعد يوم، قرر مغادرتنا وانصرف دون إخبارنا بذلك، أو توديعنا.
خلال فترة إقامتنا في المسكن، المتواجد بالجزائر العاصمة، عدنا لعملنا الذي تركناه أنا والرفيقان أحمد بنجلون والتهامي لحرش، ومع توالي الأيام وصل خبر مجيء عائلة التهامي لحرش التي تم إسكانها في إقامة المرحوم محمد البصري ب"ألجي بلاج"، وانتقل الحرش ليسكن مع عائلته.. ومن ثم بدأنا نزور العائلة بين الفينة والأخرى، وأحيانا نقضي معها أياما قد تصل إلى أسبوع، أصبحنا فيما بعد نتوفر على سيارة "رونو 4″، كنت سائقها، وكانت هذه السيارة مزودة بلوحة تحمل أرقاما خاصة، ربما أمنية، نظرا لأن الشرطة كانت تفسح لي المجال ولا توقفني لأي أمر كان. كان التهامي لحرش، يستعمل هذه السيارة في بعض الأحيان لقضاء احتياجاته. وفيما بعد تغيرت الأمور شيئا ما وبدأنا ننتقل بحرية نسبية، في فضاء لا يتجاوز ضواحي المدينة ومسكننا "بحيدرة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.