أخنوش يستقبل مدير منظمة "الفاو"    ما هو تلقيح السحب وهل تسبب في فيضانات دبي؟    بطولة اتحاد شمال إفريقيا "أقل من 17 سنة" – اليوم الأول: المغرب يتعادل مع الجزائر 1-1    لماذا يصرّ الكابرانات على إهانة الكفاح الفلسطيني؟    بوركينا فاسو تطرد 3 دبلوماسيين فرنسيين    الحكومة ستستورد ازيد من 600 الف رأس من الأغنام لعيد الاضحى    طنجة: توقيف شخص وحجز 1800 قرص مخدر من نوع "زيبام"    بوريطة يشيد بمواقف ليبيريا الثابثة في قضية الصحراء المغربية    "الفو گيد" اللي نصب على گاورية ففاس قرقبو عليه البوليس (صورة)    مجلس النواب يستكمل تشكيل هياكله    مجلس الحكومة يصادق على مشاريع وتعيينات    الدكيك: المباراة ضد منتخب ليبيا تم الإعداد لها ب"دقة وانضباط"    نجوم مغاربة في المربع الذهبي لأبطال أوروبا    مطار حمد الدولي يحصد لقب "أفضل مطار في العالم"    ليبيريا تجدد الدعم للوحدة الترابية للمغرب    تيزنيت.. أساتذة يلتئمون في وقفة احتجاجية ضدا على تعنيف تلميذ لأستاذ    توقيت مباراة المغرب والجزائر هذا اليوم ضمن منافسات بطولة اتحاد شمال إفريقيا    المغرب متراجع بزاف فمؤشر "جودة الحياة"    البيجيدي يجدد الثقة في بووانو رئيسا لمجموعته النيابية    واش تنادم معهم الحال حيث شافوه محيح مع العين؟ نايضة فالأهلي المصري بسبب سفيان رحيمي    ما الذي قاله هشام الدكيك قبل المواجهة الحاسمة أمام ليبيا؟    السفينة الشراعية التدريبية للبحرية الألمانية "غورتش فوك" ترسو بميناء طنجة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    المغرب وليبيريا يجددان التأكيد على مواصلة تعزيز تعاونهما الثنائي    هل تغير أميركا موقفها بشأن عضوية فلسطين بالأمم المتحدة؟    تاجر مخدرات يوجه طعنة غادرة لشرطي خلال مزاولته لمهامه والأمن يتدخل    أصيلة.. توقيف ثلاثة أشخاص للاشتباه في ارتباطهم بالاتجار في المخدرات    فدوى طالب تكشف موعد عرض "مروكية حارة" بالقاعات السينمائية    منير بنرقي : عالم صغير يمثل الكون اللامتناهي    تفويت مستشفيات عمومية بالشمال للخواص يجر وزير الصحة للمساءلة البرلمانية    هل يتراجع "الكاف" عن تنظيم نسخة جديدة من "السوبرليغ" في 2024؟    تقرير دولي يكشف عن عدد مليونيرات طنجة.. وشخص واحد بالمدينة تفوق ثروته المليار دولار    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    عزيز حطاب يكشف ل"القناة" حقيقة عودة "بين القصور" بجزء ثانٍ في رمضان المقبل!    رونالدو يكسب يوفنتوس في ملف تحكيم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أكادير تحتضن الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ    تنظيم الدورة الثانية لمعرض كتاب التاريخ للجديدة بحضور كتاب ومثقفين مغاربة وأجانب    بينهم سوري.. عقود عمل وهمية والإتجار بالبشر يطيحان ب5 أشخاص في فاس    "نتفليكس" تعرض مسلسلا مقتبسا من رواية "مئة عام من العزلة" لغارسيا ماركيز    بعثة نهضة بركان تشد الرحال صوب الجزائر صبيحة اليوم الخميس تأهبا لملاقاة اتحاد العاصمة    استطلاع: الأسرة المغربية غير قادرة على حماية أطفالها من مخاطر "التواصل الاجتماعي"    الحكومة ‬المغربية ‬تؤكد مآل ‬تجديد ‬اتفاقية ‬الصيد ‬البحري    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب هذه الدولة    الأمم المتحدة.. بمجلس الأمن سجال محتدم بين هلال ووزير الخارجية الجزائري بشأن البحر المتوسط    تحداو ظروف الحرب وخرجو يبدلو الجو.. مئات الفلسطنيين قصدو البحر فغزة باش يستمتعو بالما والشمش (فيديو)        نشرة الأخبار: رقم قياسي في الملل    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    أرقام رسمية.. 3000 مغربي مصاب بمرض "الهيموفيليا" الوراثي وها شنو موجدة وزارة الصحة لهاد النزيف الدموي    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فسحة رمضان على “أخبار اليوم”.. إفريقيا.. لا بديل عن القطيعة الثورية مع الاستعمار الجديد -الحلقة 10
نشر في اليوم 24 يوم 09 - 05 - 2020

“نغوغي واثيونغو”، الكيني، هو واحد من أبرز أدباء إفريقيا اليوم، إلى جانب النيجيريين وولي شوينكا وتشنوا أتشيبي، وهو مرشح دائم لجائزة نوبل للآداب. تشهد كتاباته المختلفة والمتنوعة، في الرواية والمسرح والنقد الأدبي، على انتصاره للقارة السمراء وإنسانها المستضعف وهوياتها المهمشة وثقافاتها المهملَة. في هذا الكتاب: “تفكيك استعمار العقل”، يدافع “واثيونغو”، بالتزام وشغف كبيرين، عن فكرة استعمال اللغات والأسماء الإفريقية في الفكر والأدب والسياسة وتخليص أشكال التعبير وأنماط الحياة من مخلفات الاستعمار، حتى تتفكك أنظمة الإمبريالية ويتحقق الاستقلال الكامل.

ل'أوبي والي' سلف في هذا الطرح. أجل، إن أناسا، من أمثال السنغالي ‘دافيد ديوب' يقدم حجة مقنعة ضد استعمال اللغات الاستعمارية بلهجة أشد: “قد يتحول المبدع الإفريقي، المحروم من استعمال لغته والمعزول عن شعبه، إلى مجرد ممثل لتيار أدبي (ولكن ذلك مجانيا بالضرورة) للوطن الغازي. وبلا شك، ستنال أعماله، بعدما أصبحت مثالا خالصا يجسد سياسة الاستيعاب عبر الخيال والأسلوب، الاستحسان الحار لدى جماعة معينة من النقاد. في الواقع، ستصل هذه المدائح في الغالب إلى الاستعمار الذي سيحولهم، عندما يعجز عن أن يستبقي رعاياه عبيدا، إلى مثقفين طيِّعين يتأسَّون بالأنساق الأدبية الغربية، حيث يعد هذا الأمر، فضلا عن ذلك، شكلا آخر أكثر دهاء من أشكال الإفساد.”
وقد رأى ‘دافيد ديوب' رأيا صائبا تماما يفيد أن استعمال الإنجليزية والفرنسية كان مسألة ضرورة تاريخية مؤقتة: “من الأكيد ألا يخطر ببال أي كاتب، في إفريقيا المتحررة من الاضطهاد، أن يعبر عن أحاسيسه ومشاعر شعبه بغير لغته التي يكتشفها ثانية.”
لقد تجلت أهمية تدخل ‘أوبي والي' في نبرته وتوقيته، حيث نشرت بُعيد مؤتمر ‘ماكيريري' للكتاب الأفارقة الذين يكتبون بالإنجليزية سنة 1962، وكانت سجالية ومشاكِسة، وفاضت بالسخرية والهزء باختيار الإنجليزية والفرنسية؛ في حين، لم تكن تبريرية في دعوتها إلى استعمال اللغات الإفريقية. ولا غرابة في أنها قوبلت بالعداء، ثم بالصمت. لكن هيمنة الأدب باللغات الأوروبية التي تواصلت بعد عشرين عاما، والانعطافة الرجعية التي سلكتها الأحداث السياسية والاقتصادية في إفريقيا، والبحث عن قطيعة مع واقع الأمر الاستعماري الجديد، كلها أمور ألزمت الكتاب بالبحث عن روح جديدة، لتطرح من جديد المسألة الكلية المتعلقة بلغة الأدب الإفريقي.
VIII
تكمن المسألة في أننا، نحن الكتاب الأفارقة، نشتكي دائما من الارتباط السياسي والاقتصادي الاستعماري الجديد بأوروبا وأمريكا. هذا صحيح. لكن ألسنا، على المستوى الثقافي، نُديم تلك الروحَ الخانعة المتذللة، بمواصلتنا الكتابة باللغات الأجنبية؟ وما الفرق بين سياسي يقول إن إفريقيا لن تستطيع شيئا من دون الإمبريالية والكاتب الذي يقول إن إفريقيا لن تستطيع شيئا من غير اللغات الأوروبية.
وإذ كنا منشغلين بانتقاد الدوائر الحاكمة بلغة استبعدت تلقائيا مشاركة المزارعين والطبقة العمالية في النقاش، التقت الثقافة الإمبريالية والقوى الرجعية الإفريقية في يوم مشهور، حيث كان الإنجيل متاحا، بكميات غير محدودة، حتى في أصغر لغة أفريقية. كما كانت العصب الحاكمة الوكيلة سعيدة للغاية بأن أصبح المزارعون والطبقة العمالية متروكين لأنفسهم. أما الاختلالات، والتعليمات الدكتاتورية، والمراسيم، والمستحاثات المتحفية التي تعرض باعتبارها ثقافة إفريقية، والإيديولوجيات الإقطاعية، والخرافات، والأكاذيب، كل هذه العناصر المتخلفة وغيرها تُنقل إلى الجماهير الإفريقية بلغاتها الخاصة من دون أي تحد من تحديات أولئك الذين يمتلكون رؤى بديلة إلى الغد، والذين تشرنقوا بروية في اللغات الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية. ومن سخرية القدر أن السياسي الإفريقي الأكثر رجعية، ذاك الذي يؤمن ببيع إفريقيا لأوروبا، غالبا ما يكون متمكنا من ناصية اللغات الإفريقية، وأن أشد البعثات التبشيرية الأوروبية حماسة، التي آمنت بإنقاذ إفريقيا من نفسها، وحتى من وثنية لغاتها، كانت متمكنة، مع ذلك، من اللغات الإفريقية التي اختزلتها في الكتاب. إذ كان المبشر الأوروبي ذا إيمان راسخ بمهمته الغازية على ألا يوصلها باللغات المتاحة بسهولة أكبر لدى الناس. بينما كان الكاتب الإفريقي ذا إيمان راسخ ب”الأدب الإفريقي” على أن يكتبه بلغات المزارعين، تلك الإثنية والشقاقية والمتخلفة!
وتكمن السخرية المضافة في أن ما أنتجوه ليس أدبا إفريقيا، بالرغم من أي ادعاء بخلاف ذلك. إذ كان محررو دلائل “بيليكان” للأدب الأوروبي على صواب حين أدرجوا، في مجلدهم الأخير، نقاشا حول هذا الأدب باعتباره جزءا من الأدب الإنجليزي خلال القرن العشرين، مثلما كانت الأكاديمية الفرنسية على حق حين وشحته بوسام الشرف لمساهمته الأصيلة والموهوبة في الأدب والأدب الفرنسيين. فما أبدعناه هو تراث هجين آخر، تراث انتقالي، تراث أقلية لا يمكن أن يُسمى سوى بالأدب الأفرو-أوروبي؛ أي الأدب الذي كتبه أفارقة بلغات أوروبية. إذ أفرز العديد من الكتاب والأعمال ذات الموهبة الأصيلة: “تشينوا أتشيبي”، “وول سووينكا”، “أيي كيوي أرماه”، “صنبين عثمان”، “أغوستينو نيتو”، “سيدار سنغور”، وغيرهم كثير. من يستطيع أن ينكر موهبتهم؟ لقد أضاء النور المنبعث من نتاجات خيالاتهم الخصبة بالتأكيد مظاهر مهمة من الكينونة الأفريقية في صراعها المتواصل ضد عواقب مؤتمر برلين السياسية والاقتصادية وما بعده. غير أن كعكتنا ليست بأدينا، ولا نستطيع أن نأكلها! ذلك أن عملهم ينتمي إلى تراث أدبي أفرو-أوروبي يرجح أن يدوم مادامت إفريقيا خاضعة لحكم هذا الرأسمال الأوروبي في بنيته الاستعمارية الجديدة. من هنا، يمكن أن يعرف الأدب الإفريقي باعتباره أدبا كتبه أفارقة باللغات الأوروبية في عهد الإمبريالية.
لكن البعض يحومون حول الخلاصة التي لا مندوحة عنها، والتي عبر عنها “أوبي والي” بحماسة سِجالية قبل عشرين سنة، وهي تفيد أن الأدب الإفريقي لا يمكن أن يُكتب إلا باللغات الإفريقية؛ أي بلغات المزارعين الأفارقة والطبقة العمالية الإفريقية وتحالف الطبقات الأبرز لدى كل شعب من شعوبنا والممثلة من أجل القطيعة الثورية الحتمية المقبلة مع الاستعمار الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.