وجّه رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، انتقادات لاذعة للحكومة، معتبراً أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يكرّس نفس المقاربات التقليدية التي عجزت عن تحقيق أثر اجتماعي واقتصادي حقيقي خلال السنوات الأربع الماضية، رغم ما حظيت به البلاد من فرص وسياقات إيجابية. وقال حموني، خلال مناقشة المشروع داخل البرلمان، إن الحكومة كانت منذ سنة 2021 على علم تام ب »محدّدات الواقع الوطني » من جفافٍ وآثار الجائحة والتقلبات الجيوسياسية وارتفاع كلفة الأوراش الكبرى، لكنها مع ذلك التزمت بنسبة نمو 4%، بينما لم يتجاوز المعدل الفعلي 3% خلال الولاية الحالية. وأضاف أن التحسن المتوقع سنة 2025 إلى 4.8% لا يُعزى إلى سياسة اقتصادية فعالة، بل إلى تحسن التساقطات المطرية وارتفاع إنتاج الفوسفاط وانتعاش السياحة والخدمات. تراجع في التشغيل وتعثّر في الحماية الاجتماعية واعتبر حموني أن أبرز دليل على الفشل الاقتصادي هو عدم تحقيق وعد خلق مليون منصب شغل في خمس سنوات، إذ فقد الاقتصاد الوطني عشرات الآلاف من الوظائف في 2022 و2023، مقابل تحسن محدود في 2024. كما أشار إلى تراجع نسبة النشاط الاقتصادي للنساء إلى أقل من 20%، رغم التزام الحكومة برفعها إلى 30%. وفي ما يخص الحماية الاجتماعية، أكد رئيس الفريق أن أزيد من 8.5 ملايين مغربي ما زالوا دون تغطية صحية فعلية، في حين لم يُفعّل بعد ورش التقاعد ولا التعويض عن فقدان الشغل. كما سجل أن أربعة ملايين أسرة تعيش على الدعم المباشر، بينما أكثر من ثلاثة ملايين شخص انزلقوا نحو الفقر والهشاشة بسبب البطالة وغلاء المعيشة. تفاقم الفوارق المجالية وضعف التعليم وأضاف حموني أن الحكومة فشلت في تحقيق وعودها بخلق طبقة متوسطة فلاحية وتقليص الفوارق المجالية، مبرزاً أن ثلاثة أرباع فقراء المغرب يعيشون بالعالم القروي، وأن حوالي مليوني شخص هاجروا من القرى إلى المدن خلال السنوات الأخيرة. أما في قطاع التعليم، فقال إن التزامات الحكومة برفع تصنيف المغرب ضمن أفضل 60 دولة لم تتحقق، حيث تضع المؤشرات الدولية البلاد في ذيل الترتيب من حيث الكفايات الأساسية ومعدلات الهدر المدرسي. زلزال الحوز: مجهود معتبر لكن دون الوفاء بالالتزامات وفي ما يتعلق ببرنامج إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة من زلزال الحوز، ثمّن حموني المجهود المالي والتدبيري المبذول، لكنه أشار إلى أن الحكومة لم تعبئ بعد الموارد الموعودة بالكامل، إذ لم يتجاوز مجموع ما تم صرفه نصف الغلاف المالي المقرر. كما دعا إلى تسريع إعادة تأهيل الطرق والمدارس والمراكز الصحية، ومعالجة شكاوى الأسر المتضررة من تأخر صرف الإعانات وتعثر الإحصاء. الديمقراطية… الغائب الأكبر وانتقد رئيس الفريق النيابي لحزب « الكتاب »ابتعاد الحكومة عن القضايا السياسية والديمقراطية، معتبراً أن "الديمقراطية ليست كماليات، بل شرط أساسي لتعبئة المجتمع وإطلاق طاقات الشباب"، مستحضراً ما نص عليه النموذج التنموي الجديد. وأضاف أن الحكومة "تفتقر للحس السياسي ولا تنصت لا للمواطنين ولا للمعارضة"، مشيراً إلى تراجعها في ملفات كقانون الإضراب والمجلس الوطني للصحافة، فضلاً عن تأخر إخراج مدونة الأسرة. كما دعا إلى تفعيل التوجيهات الملكية المتعلقة بإصلاح المنظومة الانتخابية قبل 2025، والارتقاء بالجهوية واللامركزية، والنهوض باستعمال اللغة الأمازيغية في الإدارة. خلاصة موقف « الكتاب » وختم رشيد حموني مداخلته بالتأكيد على أن الحكومة، رغم ما تحقق من بعض الإيجابيات، لم تُحسن استثمار الفرص التاريخية التي أُتيحت لها، من انتعاش السياحة وتحويلات مغاربة العالم وارتفاع المداخيل الجبائية والفوسفاطية، وصولاً إلى فرصة تنظيم كأس العالم 2030. وأكد أن فريق التقدم والاشتراكية سيحرص على تقديم تعديلات جوهرية على مشروع قانون المالية 2026، بما يضمن عدالة اجتماعية ومجالية حقيقية، ويعيد الثقة في الفعل العمومي.