لا زال الجدل يرافق ما خلفته تصريحات النائب البرلماني أحمد التويزي، رئيس فريق « البام » في مجلس النواب، سواء داخل لجنة المالية، أو التي أدلى بها إلى وسائل الإعلام، وما أعقب ذلك من فتح النيابة العامة لتحقيق قضائي في الموضوع، لتُطرح أسئلة حول إمكانية الاستماع إلى البرلماني أو حتى متابعته القضائية في ظل الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها. عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول بسطات، قال في تصريح ل »اليوم 24″، إن « نازلة تصريح النائب عن حزب الأصالة والمعاصرة، المنتمي لائتلاف الأغلبية الحكومية، وعلاقته بخبر فتح النيابة العامة لتحقيق في الموضوع، لا يمكن مقاربتها إلا بعد إفصاح هذه النيابة عن مضمون هذا البحث القضائي ». وتسائل اليونسي، « هل الأمر يتعلق بالبحث فيما قاله النائب على أساس أنه اتهام موجه لهذه المطاحن، وبالتالي التحقيق سيتجه نحوها، ويتحول فيه النائب المعني إلى شاهد إذا ثبت فعلا وجود هذه الجريمة؟ أو أن الأمر يتعلق بما صرح به النائب، أي فتح تحقيق بخصوص التصريح، وهنا دستوريا لا يمكن للنيابة العامة بسط ولايتها في العلاقة مع المؤسسة التشريعية، لأن مبدأ فصل السلط يغل يدها ». وأضاف اليونسي، « هنا لابد أن نقارب الموضوع من خلال مرجعيتين، الأولى دستورية، وبالضبط الفصل 64، الذي يحصن متابعة النائب أثناء إبداء رأيه، ما عدا إذا تم تكييف هذا الرأي على أنه نشر أخبار زائفة والإدلاء ببيانات كاذبة، وهنا لا وجود للحصانة التي تم الإنهاء معها في دستور 2011 ». المرجعية الثانية، وفق أستاذ القانون الدستوري، « هو النظام الداخلي لمجلس النواب، الذي يحدد في مدونة الأخلاقيات المبادئ العامة لها، ومنها المسؤولية والالتزام، وبالضبط تحري الدقة والمصداقية في المواقف والتدخلات ». وينص الفصل 64 من الدستور، على أن « لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان، ولا البحث عنه، ولا إلقاء القبض عليه، ولا اعتقاله ولا محاكمته، بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه، ماعدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي، أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك ». وكان مصدر قضائي، قال في وقت سابق الخميس، إن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، فتح بحثا قضائيا في موضوع تصريح النائب أحمد التويزي عن فريق الأصالة والمعاصرة بخصوص « طحن الورق مع الدقيق ». وكان التويزي قال في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، في لجنة المالية في مجلس النواب، الإثنين، إن « دعم القمح اللين والدقيق الوطني كلف الحكومة 16.8 مليار درهم »، مضيفا، « ليس هناك مراقبة، هناك من يطحن الورق، يجب أن تكون هناك إجراءات ردعية، وهذا الطحين لا يمكن أكله في بعض المناطق ». وقد فهم من كلام التويزي أن هناك من يطحن الورق مع الحبوب، قبل أن يوضح بأنه يقصد التلاعب في فواتير الدعم العمومي للحبوب. وقال أحمد التويزي رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، في توضيح نشره 12 ساعة بعد تصريحه الأول في لجنة المالية، إنه تم تحريف كلامه بخصوص طحن الورق مع الدقيق. وأوضح البرلماني أن « المقصود من هذه العبارة لم يكن أبداً المعنى الحرفي أو المادي، بل جاء على سبيل التعبير المجازي المتداول في لهجتنا المغربية، ويُقصد به التلاعب في الوثائق أو الفواتير المقدّمة إلى المصالح المختصّة بغرض الحصول على الدعم العمومي، ولا علاقة له مطلقا بمزج أو خلط مواد غير صالحة بالدقيق أو غيره من المواد الغذائية ».