نبه مشاركون في مناظرة علمية حول "المسؤولية الطبية وحماية الطبيب"، إلى الصعوبات التي تعترض القضاء في تحديد الأخطاء الطبية، خاصة في التمييز بين المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية، وذلك بسبب ضعف الموارد البشرية التي تتوفر على الكفاءة في التشريح الطبي، وذلك على هامش اليوم الدراسي الذي نظمته رابطة أطباء التخدير والإنعاش بالشمال، أمس السبت بطنجة. في هذا السياق، تحدث أحمد بلحوس، رئيس الجمعية المغربية للتشريح الطبي عن أزمة خبراء طب التشريح في المغرب، موضحا أن جدول الأطباء الشرعيين المحلفين متقادم، لكون نسبة كبيرة منهم وافتهم المنية منذ مدة، فيما باقي الأطباء غير متخصصين، ودعا المتحدث وزارة العدل إلى تحيين جدول أطباء التشريح، وتخصيص حصص تكوينية للمؤهلين في مجال الخبرة الطبية، حتى لا تضيع حقوق المواطنين أمام صعوبة الوصول إلى الحقيقة. من جهته، تطرق أسامة النالي، عضو المكتب الجهوي للقضاة، عند غياب الضمانات في مساءلة الأطباء أمام القضاء، لأنه لا يمكن إثبات الخطأ إلا بإجراء تشريح طبي، وليس بالشهود أو بوسيلة أخرى، في حين أن المحاكم المغربية تعاني من خصاص مهول في لائحة الأطباء الخبراء، إذ أحيانا يتم إحالة إجراء خبرة طبية إلى طبيب أقل كفاءة من الطبيب المرتكب للخطأ، فكيف سيتم معرفة ما إذا كان الطبيب يمكن أن يتفادى الخطأ أم لا؟ يتسائل المتحدث. كما انتقد القاضي النالي المعايير المعتمدة لتسجيل الخبراء في جدول وزارة العدل، والمتمثلة في حسن السيرة، وشهادة الدكتوراة في مجال الطب، معتبرا أن هذه الشروط غير كافية لكي يكون طبيب التشريح خبيرا في جميع الاختصاصات، داعيا الدولة إلى تحمل مسؤوليتها في توفير المواصفات الملائمة لاشتغال الطبيب، حتى لا يجد نفسه مطالبا بالاجتهاد في علاج المرضى، وفي نفس الوقت يقدم للمحاسبة، في حالة وقوع خطأ مهني. أما المحامي اسماعيل جباري، عضو هيئة المحامين بطنجة، فدافع عن تبرئة الطبيب من تهمة المسؤولية الجنائية في الخطأ الطبي، معتبرا أن المسؤولية التي يجب أن يتحملها الطبيب تتمثل في المسؤولية المدنية، والتي يترتب عنها التعويض المادي، وليس العقوبات الحبسية السالبة للحرية، لكون الطبيب هو الحلقة الأضعف في السياسات العمومية بخصوص قطاع الصحة، والذي يعاني من وضعية متردية، على حد وصفه. من ناحيته، ربط خالد اشطيبات الإعلامي بالإذاعة الوطنية، تنامي التوتر المجتمعي اتجاه الأطباء في الآونة الأخيرة، والتي تواكبها وسائل الإعلام والمنابر الصحفية الوطنية باهتمام كبير، إلى تواتر الوقائع المتعلقة بما يمكن تصنيفه في دائرة "التقصير المهني" أو "الإهمال" أو "ضعف العناية"، وكلها مخالفات صريحة، حسب مدونة السلوك الطبي. ورسم اشطيبات صورة سلبية عن بعض المنتسبين إلى "ملائكة الرحمة"، بسبب سوء سلوكات وتصرفات مهنيي القطاع الصحي، خاصة في المستشفيات العمومية، إما بالتغيب عن العمل، أو التهاون في أداء الواجبات، مشيرا في هذا الجانب إلى غياب الأطر الطبية في مستشفى محمد الخامس بطنجة، وخاصة في قسم التوليد والنساء، حيث يحضر طبيب "جينيكولوغ" واحد من أصل خمسة، علما أن المستشفى يعرف ألف حالة ولادة شهريا، وهنا يضيف المتحدث، تقع المسؤولية على الإدارة، وليس على الأطر الصحية. وأوصى مهنيو القطاع الصحي، في ختام اليوم الدراسي بتوحيد جهود الأطباء من أجل الترافع المدني والنقابي، أمام الحكومة والبرلمان، وذلك في اتجاه سن تشريعات قانونية تضمن الحماية للطبيب، وتحفظ حقوق المواطن، مؤكدين على أن تحسين شروط العمل في المراكز الصحية والمستشفيات، شرط أساسي للارتقاء بالممارسة الطبية، وتحسين الخدمات الصحة المقدمة للمواطن، بما يحقق السلم الاجتماعي.