تنتظر الحكومة المقبلة التي تمخضت عن انتخابات الثامن من شتنبر العديد من الملفات ذات الأهمية القصوى لاسيما في ظل استمرار جائحة كورونا، حيث ستكون الآمال المعلقة على التشكيلة الحكومية المقبلة كبيرة جدا من طرف المواطنين الذين يتوقعون تغييرات ملموسة تنعكس على معيشهم اليومي. حول هذا الموضوع، طرحنا ثلاثة أسئلة على عتيق السعيد، الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي. ماهي في نظركم أبرز الملفات التي تنتظر الحكومة الجديدة بعد تنصيبها؟ الحكومة المقبلة مطالبة بالتركيز على إعادة توجيه الإنفاق العام لصالح الفئات المهمشة بغية تعزيز الإدماج الاجتماعي و لتحقيق النمو الشامل، إذ لا سبيل الى رفع التحديات إلا بتحقيق تنمية بشرية عادلة ومنصفة، كفيلة بالتصدي للعجز الحاصل في المجال القروي٬ والخصاص الذي يعيق النمو في الوسط الحضري. فالوضع الحالي يستلزم تفعيل توصيات لجنة النموذج التنموي في مقدمتها النهوض بثقافة الذكاء الاقتصادي الجهوي في إطار تعزيز التنافسية، و مواكبتها بمجموعة من الاستراتيجيات على المدى القصير، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بلادنا جراء الجائحة تمر بمنعطف مليء بالمتغيرات التي تتطلب وضع الاوراش الاجتماعية في أولويات الإصلاح الاجتماعي بغية الانخراط الحازم في عملية التحول الاقتصادي والاجتماعي القوي، و بالتالي الحكومة مطالبة في سياق الجائحة تنزيل رؤية النموذج التنموي واستكمال الأوراش الاجتماعية بفعالية و نجاعة عالية حتى يستشعر المواطن موجات التغيير الواقعي و الملموس في هاته المرحلة المرفقة بالكثير من الآمال و الانتظارات التنموية. تسببت الجائحة في تضرر العديد من القطاعات. كيف ستتحرك الحكومة لحلحلة هذا الملف؟ إن الحديث عن التدبير الحكومي المقبل و ترابطه بتحقيق العدالة المجالية و الحد من الفوارق الاجتماعية لاسيما في سياق الجائحة يستلزم تحديد الأولويات وتحصين المكتسبات سعيا إلى تفعيل واستكمال الأوراش الاجتماعية في مرحلة ما بعد انتخابات 2021، و عليه فالحكومة المقبلة مطالبة اليوم و قبل أي وقت مضى نهج استراتيجية دقيقة وشاملة الابعاد الاجتماعية لكل القطاعات المتضررة من آثار الجائحة وذلك وفق وعاء زمني محدد، والوقوف على مدى نجاعة النتائج المسطرة، بالإضافة الى تقييم حصيلة ومستوى نجاعة وفعالية هذه الاستراتيجية على أرض الواقع، فلا يمكن الاستفادة من نتائج الإصلاحات التي اعتمدتها الحكومات دون توفير بيئة تستجيب لشروط الرقابة المؤسساتية و الإرادة السياسية، خاصة و أن جل المجهودات السابقة لم تحقق النتائج المرجوة، واقع شخصته تقارير المؤسسات الدستورية الاستشارية و يعريه تفاقم الفوارق الاجتماعية و المجالية، خصوصا ما كشفته أزمة كورونا من هشاشة بعض المجالات الأساسية، و بالتالي يبقى أكبر إشكال يواجه التدبير الحكومي مرتبط بالانتقال السريع والسليم من النص إلى التطبيق، فأي استراتيجية مهما كانت قائمة لن تكون فعالة و ناجعة إلا إذا مس المواطن بمختلف جهات المملكة تجلياتها في تلبية احتياجاته اليومية و انعكاسها في تجويد حياته المعيشية. يعد تعميم الحماية الاجتماعية من بين الملفات ذات الأهمية القصوى التي تنتظر الحكومة. كيف سيتم تنزيل هذا الإصلاح؟ سيتيح تعميم التغطية الاجتماعية التي تطرق لها جلالة الملك في خطاب العرش توسيع التأمين الإجباري على الأمراض والتعويضات العائلية ليشمل جميع الأسر، و بذلك يكون هذا المشروع غير مسبوق، و من الإصلاحات الاجتماعية الكبرى التي تتطلب من الحكومة اعتماد تغييرات جذرية في تدبير نظام الحماية الاجتماعية ببلادنا، خصوصا أن تنزيل هذا الإصلاح محدد بشكل تدريجي خلال خمس سنوات 2021-2025، حيث يتعين اتخاذ عدد من التدابير القبلية والمواكبة المتمثلة في إصلاح الإطار القانوني والتنظيمي، وإعادة تأهيل الوحدات الصحية لضمان التفعيل السليم والمستدام، وهذا هو المنتظر من الحكومة في الوقت الحالي بغية تيسير عملية التفعيل و ضمان نتائج واضحة تمس بشكل مباشر نمط عيش المواطن و أن يستشعر التغيير ظروفه المعيشية بشكل عام و الصحية بشكل خاص.